الفصل السادس

وهكذا لم أُفِق من استغراقي في الانتباه ومحاولة التفهُّم إلا على الميتادور الأول وهو يستفز الثور الذي كان قد تبلَّد وفقد الكثير من طاقته على الحركة والمهاجمة. الثور الذي نزف كميةً هائلةً من الدم، وأنهكه الجري المجنون المتواصل، وأصبح يلهث بصوت يبلغ ارتفاعه أنه كان يصلنا ونحن في أماكننا بالمدرَّجات بعيدًا عن الساحة.

الثور الذي أصبح مهما لُوِّح أمامه بالعباءة الحمراء لا يأبه كثيرًا لها، وبرغم تعبه كان الجبَّار لا يقوى على كبت رغبته المجنونة في الاستجابة للتلويح الأحمر، فما تكاد تتكوَّن لديه أول دفعة قوة وأول قدرة على الحركة، حتى ينطلق مهاجمًا ويعاود الكرَّة بضع مرات يكون قد استنفد خلالها دفعة طاقته، فيعود يُرغَم على الوقوف. هذه الفترة عُرفت فيما بعدُ أنها أنسب وقت «لقتل» الثور وهو في وهَنه، وقبل أن يستريح بدرجةٍ تكفي ليعاود الهجوم مرةً أخرى.

وهكذا ظلَّ الميتادور الأول يستفز الثور للحركة حتى تحرَّك وأقبل ناحية العباءة بأقصى ما في قدرته من سرعة، ورغم أني رأيت كل شيءٍ إلا أني لم أدرِ ما حدث بدقة، ولا يكفي أن ترى لكي تُدرك! أقبل الثور مسرعًا وحدثت بضعة أشياء في وقتٍ واحد؛ أبعد الميتادور العباءة وتنحَّى عن طريق القرون والرأس بنصفه الأسفل، ومن سرعة الحركة وخِفَّتها لم ألمح السيف وهو يُغمد، وحين انتهت الحركة رأيت مقبضه فقط هو البادي منه إلى يسار السلسلة الفقرية.

ويا للبساطة! ما كادت تمضي ثانية واحدة حتى وجدت الثور كالحائط القديم المائل يسقط هكذا فجأةً وكأنه ممثِّل مسرح يؤدِّي دور الموت، وتحسبه لا يُجيد التمثيل للسرعة التي يُسقط بها نفسه ويموت. حقيقة وواقع يحدثان أمامك ولا تكاد تملك القدرة على تصديقها. لا يمكنك أبدًا أن تصدِّق أن نفس هذا الكائن الذي كان يُثير بحركته وجبروته الرعب حتى في الهواء وذرات الحصى، يرقد بعد أقل من عشر دقائق في نفس الساحة التي كان يُحيلها بركانًا من الحياة والحركة جثةً يعف عليها الذباب. نفس الجسد بنفس العضلات والقرون، بنفس القدرة والطاقة وقد أصبح فاقدًا كل القدرة وانتهت حركته إلى الأبد. ولماذا؟ لأن قطعة معدِن صغيرةً دخلت جوفه فاختلَّ نظام الحياة داخله وتوقَّف. أجل نظام الحياة. إنه لشيء مضحك حقًّا أن تعرف أن تلك الطاقة الحيوية الهائلة التي كانت تبدو على هيئة فوضى كاملة تريد أن تعيث فسادًا في كل شيء، وتُخل نظام كل شيء، وتُحيل كل شيء إلى مِزَق. هذه الطاقة الحيوية المتفجِّرة لتشيع الفوضى في كل ما حولها مصدرها نظام بالغ الروعة دقيق، لولاه ما استطاع أن يحرِّك ذيلًا أو ينش ذبابًا أو يأخذ شهيقًا، نظام يكفي أن تخدشه بقطعة معدِن أو دبوس لكي — من شدة إتقانه — يختَلُّ وينتهي كنظام حياة ليبدأ يعمل فيه نظام آخر. نظام الموت والتحلُّل والفناء.

ولا بد أننا نكره هذا النظام الآخر — نظام الموت — إلى درجة مقيتة، إلى درجة أننا نأسى لو حلَّ حتى بأعدائنا؛ فما تمنَّيت شيئًا وأنا أرى الثور يعصف هادرًا ممزِّقًا غارسًا قرنَيه بوحشية في كل شيء. ما تمنَّيت أكثر من أن ينجح الميتادور في الإجهاز عليه ويُريحنا ويُريح الدنيا منه، ولكن، ولكنني حين رأيت السيف مغمدًا إلى حد مقبضه في صدر الثور، ثم رأيته على أثر الطعنة المصوِّبة بخبرة ودقة وشجاعة يسقط ميتًا رافعًا ساقَيه؛ شعرت رغمًا عني — ولماذا أختار هذا الشعور لأقول رغمًا عني؟ ومشاعرنا دائمًا لا تتحرَّك بإرادتنا وإنما رغمًا عنا — شعرت بأَسًى، وأحسست أنا الواحد من الثلاثين ألفًا الذين كان يشيع في قلوبهم الرعب من دقائق، أحسست أني أُشفق عليه شفقةً حقيقيةً صادقة، وأنه صعبٌ عليَّ. وليس في قدرتي أن أجد لهذا أَوْهى تفسير، فلْيفسِّره علماء النفس إذا استطاعوا. وحتى لم أتبيَّن بالضبط مَن الميتادور الذي كان يصارعه والذي قتله؛ فكلهم يرتدون نفس الزي ولهم تقريبًا نفس القامة. لم أعرفه إلا حين تهاوى الثور وسط حلقة الميتادورات التي تلتفُّ حوله في تلك اللحظات وكأنما تُحاصره حتى تتأكَّد من خمود أنفاسه مخافة أن يُقدِم في لحظة الموت واليأس الأخيرة على قتل الميتادور الذي صرعه. من وسط هذه الحلقة وجدت واحدًا منهم يتلفَّت وينحني ردًّا على تصفيق الجماهير الذي تعالى، ثم حين تأتي الأحصنة الأربعة المخصَّصة لجر الثور الميت وتُخرجه من الحلقة مُشيَّعًا بالتصفيق الشديد والهتاف، وإخراج المناديل والتلويح بها علامة الاستحسان الكبير للطريقة والشجاعة والشرف التي تمَّت بها المصارعة، وللميتة المتقنة التي صرع بها الثورَ بغير عذابٍ أو ألم. حين حدث هذا وجدت الميتادور يدور حول الحلقة يردُّ على تحيات الجمهور، وخلفه اثنان من زملائه يجمعان الزهور والسيجار والسجائر والشيكولاتة التي تُلقى له إعجابًا وتقديرًا.

وظلَّ الميتادور يجري بضعة أمتار ويتوقَّف ليتلقى تحية الجزء المقابل من محيط الدائرة، ثم يعود يجري بضعة أمتار ليختصر الزمن ويتلقَّى تحية الجزء التالي، حتى وصل إلى ذلك الجزء من الدائرة الرملية الذي يواجه مقاعدنا. وحين رفع رأسه بعد انحناءة التحية لم أكَد أصدِّق عينَي؛ كان هو بعينه صديقي الذي منذ أن تاه عني مع الميتادورات في الساحة والقلق يجتاحني في صمت من أجله. ودون أُن أحس وجدت نفسي أصفِّق بحماس زائد وكأني ألقاه بعد غيبة طويلة في أدغال خطرة مجهولة، وأتمنَّى لو كان باستطاعتي أن أقفز إليه وأعانقه وأضمه — ذلك الابن الضال — إلى صدري، وأتأكَّد بنفسي أنه حقيقة خرج سليمًا ومعافًى، قبل أن ينفجر إحساسي بخيلاء الأب لأنه لم يخرج معافًى فقط، وإنما خرج بطلًا أيضًا.

وما كان أروعه وأنا أسمعه يُلقي إلى الميتادور خلفه بأمر هامس ولكن في لهجة حاسمة، لهجة قائد لا يزال بريق انتصاره يخطف البصر! كان وجهه القمحي قد ابيضَّ تمامًا، ولكن الأمر يختلط عليك هذه المرة، وتمنع نفسك أن تجزم إن كان هذا البياض شُحوبًا شديدًا سببه تعاظم الرهبة أم تعاظم الفرحة، أم الاثنان معًا.

وألقى جاري الإسباني إلى الساحة — خلافًا للقانون — بالمخدَّة الجلدية التي تُستأجر بقروش لتلين من صلابة الأسمنت المسلَّح، وانتزعَت جارتي عِقدًا من الفُل كان حول رقبتها وقبَّلته وألقته إلى الساحة، ومن بين مئات الأشياء التي أُلقيت إليه والتي كان يترك مهمَّة جمعها لمساعديه وجدته يلحظ صاحبة العِقد الفل، وبعد أن كان قد استدار ليُكمل الدورة وقف وانحنى والْتقط الأزهار والجزء الذي انفرط منها وقبَّلها، ورفع يده مُشيرًا بها إلى الفتاة. وهاج الجمهور في المدرَّجات وخاصةً في ذلك الجزء الذي يجاورنا، وانطلقت صفافير وصيحات هُتافٍ واستحسان، بينما الأبصار كلها مضت تُحاول أن تشق طريقها بصعوبة بين الأجساد. مئات الأجساد المتشابهة المتلاصقة لتستطيع أن تميِّز الفتاة التي اختارها الميتادور ليرد تحيَّتها.

وكنت أسعد الجميع حظًّا وليس عليَّ لكي أراها إلا أن ألتفت.

والْتفَت.

كانت الفتاة قد تجمَّدت في مكانها تمامًا حتى خُيِّل إليَّ أنها كفَّت عن التنفُّس، وبعدما أرسل قلبُها كلَّ ما استطاع إرساله من الدم إلى وجهها حتى كادت خدودها تنزف من تلقاء نفسها، توقَّف عن النبض. وكانت عيناها تنظران إلى أسفل مفتوحتَين، ولكن، وكأن غطاءً داخليًّا أغلقهما، وسدَّ أذنَيها، وقطع كل صلة بين حواسها وبين هدير البحر البشري الصاخب المحيط بها.

وكنت أعتقد أنها مفاجأة لن تلبث أن تزول، ولكن، حتى بعد أن انتهى الميتادور من تلقِّي التحيات وغادر الساحة، حتى بعد أن انتهت نظرات الاستطلاع الثانية التي تريد أن تعيد تفحُّصها، حتى بعد أن كاد الناس ينسَون الواقعة ويندمجون في المصارعة التالية التي كانت قد بدأت، ظلَّت هي بنفس وضعها ولونها وتوقَّفت حركتها كأنَّ الحادثة قد حنَّطتها على آخر وضع كانت فيه، وهبطت عليها فترينة زجاجية عزلتها عن الدنيا.

أمَّا جاري الإسباني الآخر فقد كان يُبرطم ويحادث جيرانه ويحتج، ولم أعرف ما الذي كان يُثيره، ولكني استطعت أن أخمِّن أن الطريقة التي تمَّ بها تبادل الإعجاب لم تخضع تمامًا للقواعد والأصول، وما لبث أن أخرج كتاب مصارعة الثيران وراح يقرأ، وتولَّى ترجمتَه سائح أمريكي لا أعرف ما الذي جعله يُجيد الإسبانية إلا أن يكون إسباني الجدود. راح جاري يقول بصوته الجهْوري المزعج: لا يصح للميتادور أن يُبدي إعجابه بهذه الطريقة. إن له الحق فقط في إهداء عملية قتله للثور إلى الحسناء التي يختارها، ولكن هذا لا يصح إلا بعد مرحلة الميوليتا حين تحين لحظة القتل؛ إذ له حينئذٍ — وأخذ يقرأ من الكتاب — أن يقف في مواجهة السيدة، ويرفع قبضته بالتحية، ثم يستدير إلى الثور ويبدأ عمله.

ولكن إسبانيًّا آخر تصدَّى له باعتراض، وبدأ نقاشٌ فنيٌّ على مستوًى عالٍ لم يلبث أن أُخمد، ليعود يظهر على هيئة همس متقطِّع مُصِر، حين دخل الثور الثاني إلى الحلبة.

وعجبت حين صدر من الجمهور على أثر دخوله مُواء. قطع الجار المناقشة ليفسِّر لنا سببه؛ إذ يبدو أن الجمهور استصغرَ سنَّ الثور وحجمه. إن أصول اللعبة تُحَتم أن يكون الثور — «التورو» بالإسبانية (ومنها ترى أنها قريبة جدًّا من الاسم العربي، بل إن الإسبان أنفسهم يقولون إن العرب هم الذين ابتكروا مصارعة الثيران وعنهم أخذها الإسبان، وهم أيضًا الذين وضعوا لها تقاليدها الأُول وأصولها، ولا تزال بعض التعبيرات العربية باقيةً إلى الآن مثل «أوليه»، وهي نفس كلمة الله التي نقولها دهشةً أو إعجابًا) — تحتِّم أن يكون الثور من سلالة الثيران المتوحِّشة المسمَّاة «أورو»، حيث يختار أفرادها بعناية، ويُقدَّم لها غذاء خاص وتُربَّى من أجل المصارعة فقط، ويجب ألَّا يقِل عمر الثور منها عن خمسة أعوام. وقد بدا ذلك الثور الذي دخل أقلَّ من ذلك، أو أنه ليس بالقوة المطلوبة، ومن هنا جاء مُواء الاحتجاج. ولكن الثور نفسه ما لبث أن تولَّى الرد على كل هذه الاعتراضات، فما إن رأى تلويحة «الكابا» الحمراء من بعيد حتى انقلب إلى زوبعة وحشية أسكتت كل الأصوات.

وهذه المرة حين دخل الفارس ووجَّه الطعنة إلى الثور المشغول بدفع قرونه في بطن الحصان، مَاءَ الجمهورُ مرةً أخرى اعتقادًا منه أن الطعنة طالت، وأن في هذا إضعافًا للثور أكثر من اللازم، والجمهور أبدًا لا يريد هذا. إن الجمهور في مصارعة الثيران ليس مجرَّد متفرِّج على اللعبة. إن هناك رئيسًا للفييستا أو الاحتفال يتولَّى الحكم والفصل، ولكن الجمهور دائمًا يتدخَّل، أولًا مع الثور يحتج إذا كان ضعيفًا، وأحيانًا يمضي في احتجاجه مطالبًا بتغيير الثور بأقوى منه. إنه يريد أن يظفر بأقصى متعة، وهو لا يفرِّق حينئذٍ بين الطرف الإنساني أو الحيواني في هذه اللعبة. كل ما يهمُّه أن يكون الطرفان قويَّين، وأن يكونا أيضًا متعادلي القوة بحيث لا يحظى أحدُهما بانتصارٍ سهل على الآخر، وبحيث تطول المعركة وتصعب، وبحيث يحشد كل طرف لها أقصى ما لديه من طاقة وفن. ومصارعة الثيران قد تبدو للأجنبي لعبةً يقتل فيها الرجل الثور، أو تَحدث الكارثة ويقتل الثور الرجل، ولكن الجمهور الإسباني لا يأخذها هكذا أبدًا، إنها عنده مباراة بكل ما تملكه الكلمة من معنًى. مباراة بين القوة الحيوانية الوحشية الغاشمة من ناحية، والذكاء الإنساني والرشاقة وسرعة الإدراك والفطنة وسعة الحيلة من ناحية أخرى. مباراة بين شجاعة الحيوان اللاواعية وشجاعة الإنسان الواعية. مباراة بين الحياة في بدائيتها القوية وبينها في رقيها الذي أضعف قدرتها العضلية وقوى قدراتها العقلية، باختصارٍ مباراة بين العضل والعقل.

ولهذا فعلى عكس ما نتصوَّر مصارعي الثيران هم ليسوا ضخام الأجسام أو رياضيي القوام. إن كل المطلوب من أجسادهم أن تكون سريعة الحركة سريعة الاستجابة لإشارات العقل؛ ولهذا تجد معظمهم نحيفًا هشًّا يبدو كالشاعر أو عازف البيانو، رقيقًا كالنسمة، ولكنه لا بد أن يكون شجاعًا. والشجاعة كلمة لا يمكن تحديد معناها بسهولة. إن الشجاعة لدى الثيران أن لا تتردَّد في مهاجمة كل ما يقع تحت بصرها، سواء أكانت ندًّا له أم لم تكن، سواء أقضى عليها أم قضت عليه، وتلك هي الشجاعة العمياء اللاواعية. الشجاعة الجاهلة. شجاعة الإنسان، والميتادور بالذات من نوع آخر؛ فهو يخاف الثور مثلما يخافه أي متفرِّج، بل ربما أكثر، ولكنه مطلوب منه ألَّا يجعل هذا الخوف يتحكَّم فيه! المطلوب أن يتحكَّم هو في الخوف بحيث يستغله كمولِّد للإرادة والذكاء والقدرة على التصرُّف، بحيث يستعمله ليشحذ كلَّ حواسه ويُحيل جسده إلى مركز راداري حساس باستطاعته أن يلتقط أوهى البوادر ويتصرَّف تجاهها أسلم التصرُّفات. فالخطورة في مصارعة الثيران تأتي مثلًا من تأخُّرٍ في تلقي بادرة، أو تلقيها في وقتٍ مناسب، ولكن الرد عليها رد ليس هو المطلوب. إن أيَّ خطأ تافه في هذه الحالة قد يؤدِّي إلى مصرعه. إنها امتحان خطير للانتباه والقدرة على وزن الاحتمالات بميزان دقيق، وموهبة اختيار أفضلها.

والناس لا يولدون هكذا. إن هذه الخصال لا بدَّ لها من تدريبٍ شاقٍّ طويل، ومع هذا فهو تدريب لا نهاية له ولا يمكن أن تصل فيه إلى درجةٍ تصبح بعدها في أمان مطلق؛ فالمصارعة سلسلة مواقف يدركها المصارع ويتصرَّف إزاءها، والتدريب الطويل لا يفعل أكثر من أن يُنمِّي لدى المصارع القدرة على ضبط أعصابه مثلًا أمام الموقف، وعلى إدراك نوعه، وعلى السرعة في إيجاد الحل. إن التدريب لا ينمِّي سوى القواعد العامة، أمَّا حلول كل موقف والتصرُّف إزاءه ببراعة، فصحيح أن التدريب الطويل يجعلك تُلم بالكثير منها، ولكن المواقف في المصارعة نادرًا ما تتشابه، بحيث إنك في كل جزء من الثانية تجد نفسك في موقف جديد لا بد أن تحلَّه حلًّا جديدًا نابعًا من الموقف ذاته؛ لهذا فالمصارع يظل مهما بلغت شهرته وصِيته محل اختبار في كل مرة تحتويه الساحة مع ثور. اختبار هو معرَّض فيه للفشل أو النجاح كما لو كان مبتدئًا؛ ولهذا أيضًا لا يوجد «كبير» في الميتادورات، كلهم صغار! واللحظة التي يكبر فيها أحدهم هي فقط اللحظة التي ينتصر فيها على هذا الثور أو ذاك، لحظة ينتهي كِبره بانتهائها. حتى إذا ما دخل مباراةً ثانيةً دخلها صغيرًا من جديد، احتمالات نجاحه تتساوى مع احتمالات فشله! ولا بد له — مثله مثل الداخل للمرة الأولى — أن يتوقَّف قبل أن يدخل الساحة ويرسم — مبتهلًا — علامة الصليب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤