ملحوظات

رأيت بعد التحقيق ومراقبة الحقائق مدة طبع هذا الكتاب أن أنشر للمُطالع هنا الملحوظات الآتية:
  • (١)

    حمل مراسلا التيمس والتان وغيرهما حملات شديدة على الموسيو وجنر مراسل الريشبوخت الذي اعتمدنا عليه في مواضع قليلة من هذا الكتاب، وسبب تلك الحملات أن وجنر تفوَّق على جميع المراسلين في إرسال الأخبار إلى جريدته حتى اضطر أعظم جرائد العالم إلى النقل عنها، ثم حدث لسوء طالعه أنه أخذ عن جريدة «مير» البلغارية الشبيهة بالرسمية خبر معركة غير صحيح في أواخر الحرب الأولى، فتوسع في وصف تلك المعركة الوهمية، فهبَّ المراسلون يرمونه بصواعق غضبهم من كل جهة، وكانوا على حق.

    إلا أن هذا الخطأ لا يفيد أن كل ما قاله الرجل مكذوب، فهو لا يزال ظافرًا بثقة جريدته على الرغم من هفوته، بدليل أنها أوفدته إلى بلغاريا عند نشوب الحرب البلقانية الثانية. ومعروفٌ أن الريشبوخت هي الجريدة المقربة إلى ولي عهد النمسا وإلى كبار الجيش النمساوي، فلو كان وجنر أفَّاكًا بطبعه كما قال بعض خصومه لما بقيت له منزلة عند تلك الجريدة الشهيرة.

    وهناك أمرٌ آخر معروف، هو أن وجنر كان مُقرَّبًا إلى الموسيو جيشوف الذي كان رئيسًا لوزارة البلغار أيام الحرب الأولى، وأقوى دليل على ذلك أن الموسيو جيشوف نفسه كتب رسالة بخطه إلى وجنر، فنشرها في صدر مؤلفه كما رأى مطالع هذا الكتاب، ثم إن وجنر نفسه يلمع في كتابه إلى أن أخباره مأخوذة من التقارير الرسمية التي تلقتها حكومة البلغار، ويقول: إن من يعرف فحوى تلك التقارير يمكنه أن يحيط بما يجري في كل جهة، خلافًا للمراسل الذي يقيم في جهة معينة من مواقع القتال فإنه لا يرى إلا جانبًا مما يحدث.

    ومع ذاك كله فإن القليل الذي اعتمدتُ فيه على رواية وجنر لم يدحضه مراسل بل أرى بالعكس أن الروايات الأخرى تؤيده، فلو كان مكذوبًا ملفقًا لفضحه المراسلون كما فضحوه بنقد الوصف الوهمي الذي نشره بعد معركة لوله بورغاز.

  • (٢)

    صدر هذا الكتاب قبل أن تُصدر جميع الدول البلقانية إحصاءاتٍ رسمية دقيقة لخسائرها، فاتَّبعنا في تقدير الخسائر أفضل طريقة تُقربنا من الحقيقة وهي ذكر التقدير الذي أجمع عليه معظم المراسلين الحربيين الموثوق بأقوالهم، ومما يدل على حسن تلك الطريقة أن حكومة البلغار أصدرت منذ أيام إحصاءً رسميًّا، فإذا هو لا يختلف عما نشرناه إلا قليلًا.

    وخلاصته أن قتلاها والمفقودين من جنودها بلغوا في الحربين ٥٢٧١٦ رجلًا وعدد جرحاها ١٠٤٥٣٦؛ أي ١٥٧٢٤٢ رجلًا بين قتيلٍ وجريحٍ.

  • (٣)

    قال مراسل التيمس البلقاني: إن دولة اليونان كانت أول من حرَّك السواكن لتأسيس الاتحاد البلقاني.

  • (٤)

    رأيت في الترجمة الفرنساوية لكتاب محمود مختار باشا أنه أهدى كتابه إلى الآلاي الألماني الذي تعلم تحت رايته لا إلى شكري باشا بطل أدرنه وسائر الأبطال العثمانيين، كما نقلتُ عن بعض الجرائد الأوروبية، ثم رأيت فيها أنه لم يُهدد الدولة العلية بمثل ما أصاب بولونيا كما رأى المطالع عند الكلام على آرائه في الفشل العثماني، فهل اختلقت تلك الجرائد هاتين العبارتين؟

  • (٥)

    ذكرنا في المقدمة أن المساحة الباقية للدولة العلية هي مليون و١٥٦ ألف ميل مربع، والصواب أن هذه المساحة هي مساحة الأملاك العثمانية قبل الحرب ما عدا البلاد الممتازة، فإذا حذفنا منها مساحة الولايات التي خسرناها بقيت مساحة الباقي لها في آسيا وأوروبا أكبر من مساحات فرنسا وألمانيا وإنكلترا وإيطاليا وإسبانيا مجتمعةً.

  • (٦)

    كان الجيش العثماني قُبيل الحرب ١٤ فيلقًا، فلما قامت الحرب أرادت وزارة الحربية أن تجعله ٢٤ فيلقًا، فلم تفلح لقلة الضباط والجنود ولشدة الخلل.

  • (٧)

    أسعد باشا الذي أسره اليونان في يانيه حيث كان قائدًا لحاميتها، هو غير أسعد باشا الألباني الذي كان في أشقودره، والذي يُعاكس الآن الحكومة الألبانية الوقتية.

  • (٨)

    قال السير إدوارد غراي وزير خارجية إنكلترا ما يفيد أن سلوك جيش اليونان كان مدة الحرب أفضل من سلوك بقية الجيوش البلقانية.

figure
خريطة قدمها سليل بيت الفضل جبرائيل بك نقلًا صاحب الأهرام لصديقه مؤلف هذا الكتاب، وهي توضح للمطالع مساحة كل ولاية من الولايات التي خسرتها الدولة العلية، وعدد الذين خرجوا من رعويتها وهم ٤٩٥٦٤٠٠ نسمة على التقريب، قلنا «على التقريب»؛ لأن الحديد والنار فتكا بألوفٍ كثيرةٍ، فلا يمكن الحصول على إحصاءٍ دقيقٍ إلا بعد مدة.أما أدرنه وسائر تراقيه فالهلال العثماني لا يزال طالعًا عليهما حتى الساعة، والمرجو أن يبقى هناك إلى ما شاء الله.
figure
خريطة مُفصَّلة لتراقيه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤