سبب هذه الحرب

كانت روسيا تطمح بأنظارها إلى امتلاك الآستانة في كل وقت وزمن كما يعلم ذلك الخاص والعام، وكانت في كل فرصة ولو تافهة تسنح لها وتدنيها من قصدها، وهو شن الغارة على تركيا لتقتطع منها شيئًا من ممتلكاتها وتصل بذلك إلى تحقيق بغيتها؛ لا تحجم عن انتهازها والانقضاض عليها.

وقد كان الباعث الحقيقي على هذه الحرب مطامع القيصر نقولا الأول الموجهة نحو الآستانة، فقد تذرع هذا القيصر بشجار نشب بين الرهبان على أثر انتزاع قسس الإغريق المشمولين برعايته الروحية جملة أديرة لرهبان الأراضي المقدسة، فرفع هؤلاء شكواهم إلى السلطان عبد المجيد زاعمين أنهم مستظلون بحماية دولة فرنسا.

فعين السلطان لجنة مؤلفة من فرنسيين وإغريق وكلفها تحقيق هذا النزاع، وتحت تأثير ضغط القيصر أصدر السلطان فرمانًا روعي فيه مصلحة الإغريق، فشجع هذا العمل القيصر نقولا فأرسل إلى الآستانة الأمير منتشيكوف Prince Mentchikof وأوعز إليه أن يطلب من الباب العالي الاعتراف بحماية القيصر لكافة المسيحيين الأغريق المقيمين في الإمبراطورية العثمانية، فأبى الباب العالي إجابة هذا الطلب.
وفي ٥ مايو سنة ١٨٥٣م قدم منتشيكوف إنذارًا نهائيًّا إلى الباب العالي ضمنه معنى هذا الطلب فصمم على رفضه وعلى ذلك أصدر القيصر نقولا أمرًا لجنوده بالزحف والإغارة على إمارتي الدانوب١ فاشتعلت نيران هذه الحرب.
figure
عباس باشا الأول والي مصر
١  هما ولايتا مولدافيا وفلاخيا Moldavie & Valachie اللتان تكونت منهما رومانيا فيما بعد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤