بيت الدين

دعا رئيس الجمهورية بعض الأدباء والصحافيين إلى حفلة شاي في قصر بيت الدين، فأنشد الناظم هذه الأبيات، وفيها إشارة إلى حالته النفسية في تلك الأيام.

نَارِي وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَ نَارِي
الزُّهْدُ وَالأَشْوَاقُ مِلْءُ إِزَارِي
مَا ضِقْتُ ذَرْعًا بِالحَيَاةِ، وَإِنْ دَجَا
أُفُقِي، وَلَا مَلَّ الغِنَاءَ هَزَارِي
فَإِذَا رَضِيتُ عَنِ الزَّمَانِ فَحِيلَتِي
وَإِذَا غَضِبْتُ، فَحِيلَةُ الأَقْدَارِ
أسْتَلُّ مِنْ غَسَقِ الحَوَادِثِ حِكْمَتِي
وَأَبُثُّهَا لِلنَّفْسِ خَلْفَ سِتَارِ
وَأَقُولُ لِلْقَلْبِ الخَفُوقِ بِجَانِبِي
لُبْنَانُ شِعْرُكَ، وَالوَفَاءُ شِعَارِي
أَنْشِدْ لَهُ العَهْدَ الجَدِيدَ وَصُغْ بِهِ
أُسْطُورَةَ الأَبْطَالِ وَالأَحْرَارِ
وَأَعِدْ عَلَى الدُّنْيَا مَفَاخِرَ بُقْعَةٍ
حَمَلَتْ جَلَالَ الأَرْزِ قَبْلَ الغَارِ

•••

اللَّهَ، مَا أَبْهَى جَبِينَكِ يَا رُبَى
وَأَعَزَّ مَا حُمِّلْتِ مِنْ تَذْكَارِ
فِي صَرْحِ بَيْتِ الدِّينِ مَجْدٌ خَالِدٌ
وَجَمَالُهُ سِرٌّ مِنَ الأَسْرَارِ
أَرَئِيسَنَا المَحْبُوبَ هَذِهِ وَقْفًةٌ
فِي الدَّارِ تُحْيِي ذِكْرَيَاتِ الدَّارِ
جَدَّدْتَ سُوقَ عُكَاظَ فِي عَرَصَاتِهَا
وَأَبَحْتَ لِلشُّعَرَاءِ قُدْسَ مَزَارِ
كَانُوا عَلَى عَهْدِ الأَمِيرِ ثَلَاثَةً
فَانْظُرْ لِهَذَا الجَحْفَلِ الجَرَّارِ
مِنْ كُلِّ ذِي قَلَمٍ تَضَمَّنَ حَدُّهُ
مَعْنًى مِنَ الأَزْهَارِ وَالأَطْيَارِ
وَإِذَا أُهِيبُ بِهِ لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ
أَلْفَيْتُهُ أَمْضَى مِنَ البَتَّارِ
وَمِنَ الصَّحَافِيِّينَ حَوْلَكَ عُصْبَةٌ
رَوَّضْتَهَا لِلسَّبْقِ فِي المِضْمَارِ
البَاحِثُونَ عَنِ الأَطَايِبِ لِلنُّهَى
الطَّابِخُونَ لَهَا مَعَ الأَخْبَارِ

•••

مَوْلَايَ هَذِي بِنْتُ فِكْرٍ سَانِحٍ
سَاهَرْتُهَا لَيْلِي وَبَعْضَ نَهَارِي
أَوْدَعْتُهَا أُمْنِيَّةً لَوْلَاكَ مَا
غَلَبَ اليَقِينُ بِهَا عَلَى الإِنْكَارِ
أَيَكُونُ لِلْأُدَبَاءِ فِي لُبْنَانِهِمْ
وَهْوَ المُشِعُّ بِسَاطِعِ الأَنْوَارِ
نَادٍ، فَيَرْفَعُ شَأْنَهُمْ وَيَضُمُّهُمْ
وَيَقِيهُمُ فِي العَيْشِ كُلَّ عِثَارِ؟
لَا يُكْرِمُ التَّارِيخُ شَعْبًا لَمْ يَنَلْ
أُدَبَاؤُهُ حَظًّا مِنَ الإِكْبَارِ
وَمُسَطِّرُ التَّارِيخِ خَصَّ أَدِيبَهُ
بِالذِّكْرِ قَبْلَ كَمِيِّهِ المِغْوَارِ
أُمْنِيَةٌ لَا شَكَّ فِي تَحْقِيقِهَا
مَا دُمْتَ تَرْعَى صَائِبَ الأَفْكَارِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤