البرولوج

لم آتِ الآن لكي أُضحِككم؛
إذ نعرض هذي المرة أحداثًا ذات خطر،
عبَس مُحيَّاها وتجهَّم،
ذات أسًى تدعو للفكر وإنعام النظر،
بل ذات جلال وألم،
ومشاهد ذات سمو تسكب عبراتٍ عِبر! ٥
ولمن يعرف معنى الشفقة،
واستحسن ما يشهد أن يذرف دمعة،
فالأمر حقيق بدموعه! أمَّا من دفع نقوده
أملًا في ترسيخ الإيمان بقلبه،
فسيشهد أيضًا صورة صدق حقه،
وكذا من جاء ليشهد حدثًا أو حدثَين وحسب، ١٠
لن يلبث أن يجد التمثيلية مقبولة،
فإذا صبَر وأبدى الرغبة والحب،
فأنا أتعمَّد أن أَجزيَه خير جزاءٍ عن إنفاق نقوده،
بالعرض الحافل في ساعاتٍ معدودة.
لن نخدع إلا من جاء ليشهد مهزلةً فاحشة،
أو قعقعة دروع الحرب، ١٥
أو من جاء ليشهد رجلًا في ثوبِ مُهرِّج،
كثُرتْ فيه الألوان، طويل، وموشًّى بحواشٍ صفراء!
فلتعلم يا سامعنا الأكرم أنَّا لو شئنا
أن نهبط بجلال حقائقنا المنتخبة، أو أرخصنا
هذا الأمر بمشهد تهريجٍ، أو بعض مبارزةٍ جوفاء،
سنكون تنازَلْنا عن فكر الحكماء، ٢٠
والعهد بألا نروي إلا صدق الأمناء،
بل إنا نفقد ثقة العقلاء!
إني أستحلفكم يا خير جماهير البلدة،
يا من ذاعت أذواقهمُو رقَّة،
أن تلتزموا بالجِدِّ المنشود ونبَرات الشجَن المقصود. ٢٥
ولنَتخيَّلْ أنا نشهد أشخاص القصةِ ذات الرفعة
وكأنهمُو بين يدَينا أحياء.
ولنتصوَّر أنَّا نشهد تلك النخبة من أهل العظَمة،
يتبعُهم جمهور العامَّة،
وبجهدٍ وعَرقْ، من ألف صديقٍ خلصاء.
ولننظُر كيف انقلَبتْ تلك العظمة
في لمح البصر إلى مهوى بؤسٍ وشقاء، ٣٠
فإذا أحسَستُم في ذلك بسعادة،
فبنفس المنطق قد يبكي الرجل على نفسه،
في ليلة عُرسه!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤