الحبر السري

ذهب الأصدقاء إلى الكشك الخشبي الموجود في حديقة منزل «عاطف»، حيث اعتادوا أن يجتمعوا، وكان أول المتحدثين «محب» الذي قال: ولكن يا «تختخ»، افرض أن مفتاح الغرفة لم يكن في الباب من الخارج فماذا تفعل؟

قال «تختخ»: هناك أشياء كثرة غير الصحيفة يجب على المغامر أن يحتفظ بها، وأنا شخصيًّا أحتفظ بأشياء كثيرة لا تخطر على بالكم في جيوبي.

ثم أخذ «تختخ» يخرج ما في جيوبه من قطعٍ رفيعة من الأسلاك، إلى فتَّاحةٍ للعلب، إلى مجموعةٍ من مفاتيح الأبواب وقطع من الورق الصغير، وقلم حبر، ثم أخرج ليمونة.

قالت «نوسة» عندما رأت الليمونة: إنني قد أفهم لماذا يحمل المغامر الأسلاك والمفاتيح والورق، وغيرها من الأشياء، ولكن ما أهمية الليمونة بالنسبة له؟

قال «محب» مازحًا: إما لأنه سيأكل سلطة في أثناء المغامرة أو لأنه مصاب ببردٍ شديد.

ضحك الأصدقاء على هذه النكتة إلا «تختخ» الذي نظر إليهم في شيءٍ من الاحتقار ثم قال: إنكم تفكرون مثل المغامرين الصغار، أما أنا، فإنني أعمل من أجل أن أصبح مغامرًا كبيرًا، ومخبرًا مشهورًا.

قال «محب»: لا أظن أن الليمونة ستكون طريقك إلى الشهرة يا «تختخ».

قال «تختخ» وكأنه سيلقي بقنبلة: إذن يجب أن تعلم أن هذه الليمونة من أهم أسلحة المغامر!

وعندما شاهد «تختخ» علامات الدهشة على وجه الأصدقاء مضى يقول: لأن هذه الليمونة قد تنقذه من مآزقٍ خطيرة!

سألت «لوزة» بلهفةٍ: كيف؟

وردَّ «تختخ»: ستعرفون حالًا، أعطني فنجانًا أو كوبًا من عندكم يا «عاطف»!

وأسرع «عاطف» بإحضار كوب صغير، عصر فيه تختخ الليمونة، ثم أخرج من جيبه قلمًا ليس به حبر، وأخذ يضع سن القلم في عصير الليمون، ويكتب به على الورقة البيضاء.

وزادت دهشة الأصدقاء لأن الكتابة لم تكن تظهر مطلقًا.

وقال «عاطف» ضاحكًا: إنك تبدو كمن يكتب في الهواء. وكان من الأفضل أن تصنع لنا من هذه الليمونة كوبًا من العصير.

ولم يرد «تختخ»، ولكنه طلب من «عاطف» أن يُحضر له المكواة، بعد أن يسخنها قليلًا على النار، ونفَّذ «عاطف» ما طلبه «تختخ»، وأحضر المكواة الساخنة.

أخذ «تختخ» المكواة وأخذ يمررها على الورقة التي كتب عليها بعصير الليمون، وأمام عيون الأصدقاء المندهشة، ظهرت كتابة بنية اللون، باهتة، ولكنها واضحة. وقرأ الجميع على الورقة هذه الكلمات: إنكم أغبياء للأسف الشديد، فعصير الليمون هو أحسن أنواع الحبر السري، الذي يستخدمه المغامرون في كتابة خطاباتهم السرية.

لم ينطق أحدٌ من الأصدقاء بكلمةٍ واحدة، ولكن عيونهم كانت تنطق بالدهشة والإعجاب الشديد.

ونظر إليهم «تختخ» ثم قال: والآن، سنجرب هذا الحبر السري في مغامرةٍ بسيطة، فسوف نرسل به خطابًا إلى الشاويش «فرقع»!

وأخرج «تختخ» ورقةً أخرى كتب عليها الرسالة التالية:

صديقنا العزيز الشاويش «فرقع»

أنت تظن أنك ستحلُّ اللغز القادم قبلنا، ولكنك للأسف الشديد لن تستطيع، ونحن نتحداك أن تحلَّه قبلنا، ولك قبلات المغامرين الخمسة، والكلب «زنجر».

وضحك الأصدقاء كثيرًا عندما تصوروا الشاويش، وهو يتسلم الورقة البيضاء … وسألت «لوزة»: ولكن هل سيعرف «فرقع» أن الخطاب مكتوبٌ بالحبر السري؟!

قال «محب»: إذا استخدم عقله، فقد يستطيع.

قالت «نوسة»: ولكن من الذي سيحمل الخطاب إلى الشاويش؟ إذا ذهب واحدٌ منا به، فسوف يقع في مشاكل كثيرة!

قال «تختخ» بغموض: سأتولى أنا إرسال الخطاب بطريقةٍ خاصة، وكل ما أطلبه منكم الآن أن تبيعوا الكروت التي رسمتموها بأغلى سعر ممكن، حتى نستطيع شراء أدوات التنكر المطلوبة!

وتفرَّق الأصدقاء، وعاد كل منهم إلى منزله، فأخذ «محب» يقدم «الكروت» التي رسمها هو وشقيقته «نوسة» إلى والديهما، فأُعجبا بها إعجابًا شديدًا، ودفعا جنيهًا كاملًا ثمنًا للكروت.

وكذلك استطاع «عاطف» و«لوزة» إقناع والديهما بشراء الكروت التي رسماها، مقابل جنيه أيضًا.

والتقى الأصدقاء في اليوم التالي، وتسلم «تختخ» ما جمعوه من نقود، ثم قال: سوف أسافر إلى القاهرة لشراء أدوات التنكر، وسأبقى هناك يومًا عند عمِّي، ثم أعود لكم في اليوم الثاني، فأرجوا أن تقضوا عيدًا طيبًا حتى أعود.

قالت «لوزة» وهي تسلم على «تختخ»: ستنقضي الإجازة دون أن نحل لغزًا واحدًا يا «تختخ»، وخاصة أنك ستغيب عن «المعادي» يومًا كاملًا.

قال «تختخ»، وهو يضع يده بحنانٍ على كتفها: تأكدي يا «لوزة» أننا سنحل لغزًا كبيرًا، إنني أحس بأن شيئًا هامًّا سيحدث، المهم أن تتمتعي بوقتك حتى أعود!

وترك «تختخ» الأصدقاء، الذين جلسوا يتحدثون فترة، ثم قام «محب» و«نوسة» عائدين إلى منزلهما، واتفق الجميع على أن يلتقوا في اليوم التالي، وهو أول أيام العيد ليقضوه معًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤