الاجتماع الأول

في الثانية تمامًا، اجتمع المغامرون الخمسة، ومعهم «زنجر» في حديقة منزل «عاطف»، فقال «عاطف» في بداية الاجتماع: ستكون هذه الحديقة هي مَقَرُّنا الدائم؛ حيث لا يسمعنا أحد.

محب: سأضع أمامكم كل الحقائق المتعلقة باحتراق الكشك الذي كان الأستاذ «حنبلي» يستعمله كمخزنٍ لأوراقه الهامة. أُولى الحقائق أن هناك فاعلًا قام بهذا الحريق، ثانيًا: أن الأستاذ «حنبلي» كان في القاهرة وقتها، ثالثًا: لقد قرر المغامرون الخمسة الوصول إلى المجرم، أليس هذا صحيحًا؟

ورد الجميع في صوت واحد: صحيح.

محب: ولكي نصل إلى المجرم، علينا أن نعرف من الذي كان قرب الكشك في ذلك المساء، وأمامنا المتشرد الذي رآه «تختخ»، كما يجب أن نتحدث إلى «فاطمة» الطباخة.

نوسة: إنني أعتقد أن هناك خلافًا بين الفاعل والأستاذ «حنبلي».

محب: هذه نقطةٌ هامَّةٌ يا «نوسة»، ويجب أن نعرف من الذي يحقد على الأستاذ «حنبلي».

عاطف: أعتقد أن هناك مائة شخصٍ على الأقل يحقدون عليه؛ فهو رجلٌ سيئ الطبع، سريع الغضب والانفعال.

تختخ: المهم أن نعثر على أدلَّةٍ كافيةٍ تدين الفاعل.

وقالت «لوزة» التي أعجبتها كلمة «أدلة»: ما معنى «أذلة»؟

عاطف: وبعد يا «لوزة»، إنها أدلة وليست أذلة.

لوزة، وهي تحاول نطق الكلمة بطريقةٍ صحيحة: وما معنى أدلة؟

محب: إنها الأشياء التي تدلُّنا على ما نريد معرفته. مثلًا إذا أردت أن تعرفي إذا كان والدكِ قد عاد إلى المنزل، فوجود حذائه في مكانه دليل على عودته إليه.

لوزة: فهمت، وسوف أجد لكم أكوامًا من الأذلة، أقصد الأدلة.

محب: يجب الالتفات إلى كل دليل، ومنها آثار الأقدام حول الكشك المحترق.

وضحك «تختخ» وهو يقول: ولكن حول الكوخ آلاف الأقدام يا «محب».

محب وقد احمرَّ وجهه: لا بأس؛ فقد نجد آثار أقدام متميزة.

عاطف: وينبغي أن نخفي عن الشاويش «فرقع» أننا نحاول حل اللغز.

نوسة: طبعًا؛ فهو سعيدٌ لأنه يقوم لأول مرةٍ في حياته بحلِّ لغزٍ مثير!

عاطف: من أين نبدأ؟

محب: بالبحث عن المتشرد، والحديث إلى الطبَّاخة، ومتابعة آثار الأقدام في الحديقة.

واتفق الأصدقاء على البدء بآثار الأقدام.

وصل الأصدقاء إلى الحديقة التي كانت محاطة بسور من الشجيرات الكثيفة، فوجدوا فتحة في السور تسلَّلوا منها، وكانت مفاجأة لهم أن وجدوا بالقرب من الفتحة حفرة عميقة موحلة، وكانت هناك آثار أقدام لشخص نزل إلى الحفرة من ناحيةٍ وخرج من ناحيةٍ أخرى، ولما كانت الحفرة مغطاة بالشجيرات تقريبًا، فقد كان من الممكن لشخصٍ أن يختفي فيها.

وترك الأصدقاء آثار الأقدام الكثيرة الأخرى، وركَّزوا انتباههم على الآثار التي في الحفرة.

كانت الآثار لحذاء رجل بنعل من المطاط بها نقوش متقاطعة، وتابع «محب» و«عاطف» الآثار فأوصلتهما إلى حارةٍ ضيقةٍ خلف الحديقة، ثم اختفَت.

وأطلق «تختخ» صفارة خافتة، فأسرع الجميع إليه، فوجدوه يشير إلى قطعة قماشٍ صغيرة رمادية اللون، قد اشتبكت بالسور قرب الحفرة، وأسرع «عاطف» بنزع قطعة القماش، ووضعها في علبة كبريت، قائلًا: إننا أذكى من الشاويش «فرقع»؛ فقد عثرنا على دليلَيْن هامَّيْن.

فقال «تختخ» متباهيًا: إنني أنا الذي وجدت قطعة القماش، وذلك يعود إلى حدة بصري وذكائي معًا.

فصاح «محب»: اسكت، لقد كانت مجرد مصادفة.

فقال «تختخ»: على أي حال سأقدم مساعدة أخرى؛ لأنني سأرسم لكم آثار الأقدام قبل أن تضيع.

لوزة: إنني الوحيدة التي لم تعثر على «ذليل»!

تختخ: إن «زنجر» لم يعثر على شيءٍ هو الآخر فلا تحزني، وسوف تعثرين على دليل خطير.

وقرر الأصدقاء ترك المكان، فتسلَّل «تختخ» أولًا من فتحة السور ليحضر ورقًا وقلمًا للرسم، ولم تمضِ ثوانٍ على خروجه حتى ارتفع صوت خشن من طرف الحديقة صائحًا: ماذا تفعلون هنا؟

كان الشاويش «فرقع» هو المتحدِّث، فرد «محب» في ثبات: إننا نبحث عن خمسة قروش فضية سقطَتْ مني هنا!

الشاويش: طبعًا فقدتها أمس، عندما حضرت وحشرت نفسك فيما لا يعنيك، هكذا كل الأولاد مُتعِبون، مُزعِجون، مُقرِفون … فرقع من هنا أنت وهو! هيا، فعندي عمل هام.

لوزة: هل تبحث عن «أذلة»؟

وقبل أن تُكمل جملتها، كان «عاطف» قد قرصها في ذراعها حتى كادت تصرخ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤