رسالة من عيوشة

وفي الطريق قال «محب»: يجب أن نتأكَّد من أن الست «فاطمة» لم تحرق الكشك، إنني أشعر أنها لا يمكن أن تفعل هذا، ولكن في أعمال البحث والمغامرات يجب استعمال العقل، لا العواطف.

وعندما وصل الأصدقاء إلى منزل «حنبلي»، كانت «عيوشة» تجلس وحدها على باب المطبخ، وقد بدا أنها كانت تبكي فسألها «محب» عن الطباخة فقالت إنها داخل البيت فعاد يسألها:

محب: هل كنتِ يا «عيوشة» موجودةً ساعة الحريق؟

عيوشة: نعم، وماذا يهمك أنت؟

ودهش «محب» لردِّها الجاف، وقبل أن يعاودا الحديث ظهرت الست «فاطمة» ورحبت بالأطفال، وجلسوا يتحدثون، واستطاع «محب» أن يحوِّل الحديث إلى ليلة الحريق، فتنهدت «فاطمة» قائلة: لولا مرض الروماتزم اللعين، لاستطعت عمل شيء، ولكن المرض أقعدني في ذلك اليوم، فلم أستطع الحركة إلا بعد أن دمَّر الحريق الكشك.

محب: وهل تعرفين أين يسكن «حامد»؟

وأخذت «فاطمة» تهز رأسها محاولةً تذكر العنوان، ثم قالت: إنني كثيرة النسيان، ومع هذا دعوني أتذكر «حامد» … «حامد» آه … لقد تذكرت … وحبس الأولاد أنفاسهم، ولكن قبل أن تذكر «فاطمة» العنوان، سمعوا صوت أقدام ثقيلة خارج المطبخ، ثم دخل الشاويش «فرقع»، واتجه إلى حيث تجلس «فاطمة» دون أن ينظر إلى الأطفال وقال: صباح الخير يا خالة «فاطمة»، لقد رويتِ لي كل شيء يتعلق بالحريق، لكن هناك شيئًا أحبُّ أن أسألك عنه، ما هو عنوان «حامد»؟

عادت «فاطمة» تهز رأسها متعجبةً ثم قالت: شيء غريب يا حضرة الشاويش، لقد كنت أحاول تذكر العنوان الآن؛ فهؤلاء الأولاد يريدون معرفته أيضًا!

التفت «الشاويش» إلى الأولاد غاضبًا وقال: أنتم هنا أيضًا، هيا «فرقع» أنت وهو من هنا!

وانسحب الأصدقاء وقد غلبهم اليأس، فلو استطاع الشاويش أن يعرف العنوان الآن، فسوف يسبقهم إلى «حامد».

وعندما كادوا يغادرون الحديقة، سمعوا صوت «عيوشة» تناديهم، فاتجهوا إليها، وقالت الفتاة المسكينة وهي تبكي: أرجوكم أن تذهبوا للأستاذ «حامد»، وقولوا له أن يأخذ حذره؛ فالناس كلهم يتهمونه بإشعال الحريق، والشاويش يطارده، وأنا متأكدة أنه رجل طيب القلب؛ فهو قريبي.

قال «محب» مسرعًا: نحن على استعداد لحمل الرسالة، ولكن ما هو عنوان «حامد»؟ هل تعرفينه؟

ووضحت «عيوشة» للأصدقاء عنوان «حامد»، ثم أسرعت إلى المطبخ ملبيةً نداء «فاطمة».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤