الفصل الأول

في نسبه وأوَّليته في الجاهلية

هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن عبد شمس بن أمية بن عبد مناف الأموي القرشي (رضي الله عنه)، وأمه هي أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، وأمها البيضاء أم حكيم بنت عبد المطلب عمة رسول الله ، وشقيقة أبي طالب. وُلد عثمان في السنة الخامسة لميلاد الرسول الأعظم، فعُني أبوه بتهذيبه وتثقيفه، وكان عفان من أثرياء قريش ووجوهها وعقلائها، فنشَّأه على الأخلاق الكريمة، والمزايا النبيلة، وأدَّبه بأدب شُبَّان قريش، فتعلم الكتابة، وروى الشعر، وحفظ أنساب قومه، وأخبارها وسيرها، ووعى الشعر والخطب.

قال هشام بن عروة: كان عثمان أروى الناس للبيت والبيتين والثلاثة إلى الخمسة،١ وقد وصفه مترجموه بأنه كان ربعة من الرجال، ليس بالقصير ولا الطويل، حسن الوجه، بوجنتَيه نكتات من الجدري، وأنه كان أقنى شرف الأنف، رقيق البشرة، عظيم اللحية، أسمر اللون، كثير الشعر، له جمة أسفل من أذنيه، ولكثرة شعر رأسه ولحيته كان أعداؤه يسمونه نَعثلًا — وهو الضبع الذكر — وكان ضخم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، أروح الرجلين، وكان أصلع، يصبغ لحيته، وقد وتَّدَ أسنانه بالذهب، وكان من أحسن الرجال وآنفهم وأوسمهم.

قال أسامة بن زيد: بعثني رسول الله بصحفة فيها لحم إلى عثمان، فدخلت عليه، وإذا هو جالس مع رقية ابنة رسول الله زوجته فما رأيت زوجًا أحسن منهما، فجعلت مرة أنظر إلى عثمان، ومرة أنظر إلى رقية، فلما رجعت إلى رسول الله قال: دخلت عليهما؟ قلت: نعم، قال: هل رأيت زوجًا أحسن منهما؟ قلت: لا، وقد جعلت مرة أنظر إلى رقية ومرة أنظر إلى عثمان. وكان محببًا في قريش، وفيه يقول قائلهم: «أحبك الرحمن حب قريش عثمان.» وهو من أمثالهم.

١  الطبري: ٥، ٦٤.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤