ملاحظات

الفصل الأول: دراسة الحركات الاجتماعية: أسئلةٌ متكررة وإجاباتٌ متغيِّرة (إلى حدٍّ ما)

(١) لقد تراجعت أهمية نظريات الإحباط والحرمان — التي لن نُشير إليها على مدار هذا الكتاب إلا إشارة عابرة — منذ سبعينيات القرن العشرين وما بعدها، وصارت مُهمَّشة إلى حدٍّ كبير في تحليل الحركات الاجتماعية في المجتمعات الديمقراطية. ورغم ذلك، حافظت تلك النظريات على قدرٍ مِن الأهمية في التحليلات المقارنة الواسعة النطاق، الخاصة بالصراع الاجتماعي (جور وهارف ١٩٩٤)، وفي تحليل الانضمام إلى الحركات غير الديمقراطية (أنهاير ٢٠٠٣). للاطلاع على أحدث المراجع، انظر كروسلي (٢٠٠٢) وبويتشلر (٢٠٠٤).

(٢) انظر سكوت (١٩٩٠: خاصةً الفصل الثالث) لتجميع ممتاز لأهمِّ الآراء التي قدمها هذا المنهج أثناء أكثر مراحله إبداعًا.

(٣) للاطلاع على عدة تطبيقات لهذا المنظور في الأبحاث التجريبية المعنية بالحركات المعاصرة، انظر، على سبيل المثال، تورين ودوبيه وهيجدوش وفيفيوركا (١٩٨١، ١٩٨٣) وتورين وهيجيدوس وفيفيوركا وسترالتسكي (١٩٨٣).

(٤) في أحدث طبعة من هذا الكتاب، دمج ترنر وكيليان (١٩٨٧) بعض الإسهامات الخاصة بمدرسة تعبئة الموارد في نموذجهما.

(٥) إنَّ الاهتمام بالصلة الرابطة بين السلوك الجمعي وشتى المؤشِّرات الدالة على التغير الاجتماعي (مثل الاتجاه نحو تنظيمات واسعة النطاق، والحراك السكاني، والابتكار التكنولوجي، وتزايد أهمية وسائل الإعلام، بالإضافة إلى تراجع الأشكال الثقافية التقليدية) يَربط هذه الرؤية بوجهات نظر أنصار النظرية الوظائفية، إلا أن التفسير المطروح مختلف. تُعتبر عمليات التغيير محل النظر ظروفًا مستجدة تُشجِّع الأفراد على تعبئة الجهود، ليس من أجل إعادة تحقيق التوازن الذي تزعزع، وإنما من أجل تطوير أساليب جديدة للحياة وأنماط جديدة للعلاقات الاجتماعية.

(٦) يُعلِّق بلومر قائلًا: «يهتمُّ علم الاجتماع، بوجه عام، بدراسة النظام الاجتماعي وعناصره (العادات والقواعد والأعراف … إلخ) كما هي على حالها. أما السلوك الجمعي فيُعنى بدراسة الطريقة التي يَنشأ بها النظام الاجتماعي في إطار بروز أشكال جديدة للسلوك الجمعي وتوطيدها» (بلومر ١٩٥١: ١٦٩).

(٧) انظر على سبيل المثال بحث جاسفيلد (١٩٦٣) عن حركة أنصار حظر الكحوليات باعتبارها مجالًا للنزاع بين المنظومات الاجتماعية والثقافات والجماعات على اختلاف مكانتها.

(٨) تُعرَّف كلمة «جماعة» هنا بأنها «جماعة صغيرة نسبيًّا من المفكرين النقديِّين الذين أبدوا إدراكًا لمشكلة معيَّنة، ووضعوا تحليلًا لمصدر المشكلة، ووصفًا لما ينبغي فعله إزاءها» (روتشن ١٩٩٨: ٢٢).

(٩) تحدَّث تشارلز تيلي (١٩٧٨: ٥٣)، في هذا السياق، عن الحركات باعتبارها «أشكالًا للتحدِّي»، مُظهرًا المقابلة بينها وبين الأعضاء الراسخين في كيان سياسي معين.

(١٠) تَشمل فكرة «المنافع الجمعية»، في مفهومنا، كلًّا من المنافع العامة بحسب تصور أولسن ومنافع النادي. بالنسبة إلى صامويلسون (١٩٥٤)، أهم خصائص المنافع العامة هي: (١) أنها عمومية. (٢) استهلاكها غير تنافسي؛ أي أنها لا تخضع لمبدأ الندرة متى أُنتِجت. أما منافع النادي فهي: (١) عمومية لأعضاء النادي لكنها غير عمومية بالنسبة إلى غير الأعضاء. (٢) استهلاكها قد يكون (لكن ليس بالضرورة) غير تنافسي بالنسبة إلى من لهم صلاحية الوصول إليها واستخدامها (بيوكانان ١٩٦٥).

(١١) نحن نَنظر إلى الحركات التوافُقية باعتبارها من أشكال الفعل الجمعي التي «تتمايَز عن حركات الصراع من حيث مدى إقرار كلٍّ منها بالمعارضات القائمة للمَصالح الاجتماعية الموضوعية والتصرُّف بناءً عليها، والسعي بطريقة مباشرة ومفصَّلة إلى تغيير السياسة الاجتماعية» (لوفلاند ١٩٨٩: ١٦٣). ونفضل هذا التعريف التحليلي على غيره، معتبرين أن العنصر الحاسم ببساطة هو نسبة الأشخاص الداعمين لقضية معينة (مكارثي وولفسون ١٩٩٢: ٢٧٤).

(١٢) انظر هينكلي (١٩٨١: ٤–٦)، وليميو (١٩٩٧، ١٩٩٨)، وباكولسكي (١٩٨٨)، وجونز، وهاتشينسون، وفان دايك، وجيتس (٢٠٠١). لا شك أنه لا يُوجَد ما يمنع ديناميكية ائتلافية من التطور لتصير ديناميكية لحركة اجتماعية، غير أنه مِن المُهم أيضًا إدراك الفارق التحليلي بين العمليتَين (انظر على سبيل المثال وارين ٢٠٠١).

(١٣) وهو ما يجعل من الضروري التعامل ببعض الحذر مع نتائج تلك الاستطلاعات التي تزعم قياسها لحجم عضوية الحركات (كريسي ١٩٩٢).

(١٤) من نافلة القول إنَّ التأثير الحقيقي للمُشاركين الفرديِّين سيَعتمِد إلى حدٍّ كبير على مواردهم الشخصية (الجدارة والوجاهة الاجتماعية … إلخ).

(١٥) قد يكون من الملائم أيضًا تطبيق هذا المنطق البحثي على تشكيل كثير من الأحزاب المعاصرة، وبالتأكيد على تلك الأحزاب التي انبثَقَت من تجمُّع تنظيمات كانت مُستقلَّة في السابق (بانبيانكو ١٩٨٨؛ هيدستروم وسانديل وستيرن ٢٠٠٠).

(١٦) تضمُّ هذه الأدبيات، بادئ ذي بدء، تحليلات مخصصة لأنماط شتى من السلوك الجمعي: من الحركات الدينية (ويلسون ١٩٨٢؛ روبنز ١٩٨٨) والثقافة المضادَّة (ينجر ١٩٨٢)، إلى العمل التطوعي (بيرس ١٩٩٣؛ ويلسون ٢٠٠٠)؛ ومن العنف السياسي والإرهاب (ديلا بورتا ١٩٩٠) إلى الحركات اليمينية (لو ١٩٩٠؛ إنيازي ١٩٩٤)، ناهيك عن التحليلات المتعلِّقة بحراك الطبقة العاملة نفسه (مثلًا، بيتسورنو وآخرون ١٩٧٨؛ تورين ١٩٨٥؛ كايملدورف وستيبان-نوريس ١٩٩٢؛ فرانزوسي ١٩٩٥؛ ستيبان-نوريس وزيتلن ٢٠٠٣؛ فانتيجا وفوس ٢٠٠٤). ويَنبغي أن نُضيف إلى كل ما سبق الأعمال البحثية التي أُجريت من منظور تاريخي بشأن ظواهر تتراوح من القومية (سميث ١٩٨١؛ برويلي ١٩٩٣؛ هوبزبوم ١٩٩١) إلى الثورات (سكوكبول ١٩٧٩؛ تيلي ١٩٩٣، ٢٠٠٤ب)؛ من الصراع الاجتماعي في عصر ما قبل الحداثة (جولدستون ١٩٩١؛ سومرز ١٩٩٣) إلى الحركات «غير الطبقية» في العصر الحديث (دانيري وآخرون ١٩٩٠؛ أمينتا وزايلان ١٩٩١؛ كالهون ١٩٩٣؛ دانجو ١٩٩٦). طالع أيضًا الكم المُتزايد من الأعمال المكرسة لدراسة الحركات المُعاصِرة القائمة خارج الديمقراطيات الغربية (إكشتاين ٢٠٠١؛ إسكوبار وألفاريز ١٩٩٢؛ شاه ١٩٩٠؛ أومفيت ١٩٩٣؛ يوبكي ١٩٩٤؛ فوريكر ١٩٩٥؛ زيراكزاديه ١٩٩٧؛ راي ١٩٩٩؛ أوسا ٢٠٠٣أ؛ فيري وماكلرج مولر ٢٠٠٤؛ ريفر ٢٠٠٤).

الفصل الثاني: التغيرات الاجتماعية والحركات الاجتماعية

(١) انظر ماركوف (١٩٩٦) للاطلاع على سرد تاريخي عام لنشأة الحركات الاجتماعية في المجتمعات المعاصِرة.

(٢) يبدو أن تجربة ما يعرف باسم «الأحياء الصناعية» — وهي مساحات صغيرة تتميز بأنشطة صناعية محددة قائمة على شبكات كثيفة من العلاقات الاجتماعية (بايور وسابيل ١٩٨٤؛ ستريك ١٩٩٢؛ تريليا ١٩٨٤) — تُنافي الزعم المرتبط بتحرير الاقتصاد من الاعتبارات المحلية. بالرغم من ذلك، لا تبدو الظروف اللازمة لإطلاق حراك الطبقة العاملة مُواتية في تلك السياقات، في ضوء كثافة الروابط بين مختلف المجموعات الاجتماعية وما يترتَّب عليها من تَنامي فرص الضبط الاجتماعي (أوبرشال ١٩٧٣).

(٣) فيما يخصُّ الطبقة الوسطى الجديدة — أو الطبقة الخدمية كما يُطلِق عليها البعض — انظر ضمن آخرين كثر بيل (١٩٧٣)؛ جولدنر (١٩٧٩)؛ جولدثورب (١٩٨٢)؛ لاش وأوري (١٩٨٧)؛ إيسبينج – أندرسن (١٩٩٣)؛ برينت (١٩٩٤).

(٤) انظر جيدنز (١٩٩٠) للاطِّلاع على معالجة موجزة لهذه النقطة.

(٥) انظر، على سبيل المثال، النقد الموجَّه إلى مستشفيات الأمراض النفسية التي نشَأت في عقد الستينيات؛ انظر كروسلي (١٩٩٨، ١٩٩٩).

(٦) تاريخيًّا، يشير الإقرار بدولة الرفاه إلى الانتقال من مفهوم الحقوق (المدنية والسياسية) باعتبارها، في بادئ الأمر، «ضد» الدولة إلى مفهوم الحقوق التي تفترض تعاونًا «مع» الدولة (بارباليت ١٩٨٨). غير أنه مع ظهور التعدُّدية الثقافية، وبوجهٍ أعمَّ في ظل الانتقادات الموجهة إلى استعمار ميدان الحياة الخاصة، تُصبح العلاقة مع الرفاه ومع تدخل الدولة في العموم علاقة مزدوجة، تجمع بين التعاون (بقدر ما يسع المرء تعيين العناصر الإيجابية في توسُّع فعل الرفاه) والخصومة (المتجسِّدة في الحاجة إلى الحد من آثار سياسات التوحيد والضبط) في آنٍ واحد.

(٧) لم تزل معالجة ألبرتو ميلوتشي للعلاقة بين الحركات الاجتماعية والتحولات في نطاق الحياة الخاصة هي الأكثر منهجية، ولذلك فنحن نحيل القراء للاطلاع عليها (١٩٨٩، ١٩٩٦).

(٨) انظر، ضمن آخرين، جاروفالو (١٩٩٢)؛ ريدهيد (١٩٩٣)؛ جوردان (١٩٩٤)؛ ماكاي (١٩٩٦). إنَّ الإشارة إلى الظواهر الحديثة للثقافة المضادَّة أو الثقافة الفرعية، كموسيقى الراب أو حفلات الرقص الصاخبة ينبغي ألا تَطغى على العلاقة الأوسع المُمكن إيجادها بين الأنواع الموسيقية ومختلف أشكال الاحتجاج السياسي (آيرمان وجاميسون ١٩٩٤، ١٩٩٧).

(٩) ثمة اختلاف في استعمال مفهوم الطبقة بين دارسي الحركات الاجتماعية، حتى أولئك الذين يُقرُّون بالأهمية الملحَّة للعمليات البِنيوية؛ فبَعضُهم (مثل إيدر ١٩٩٥) لم يزَلْ يَعتبرُه أداةً إرشادية مفيدة، شريطة أن يمتنع المرء عن شحن هذا المفهوم بإشارات إلى التجربة التاريخية الخاصة بالمجتمع الصناعي، في حين يرفضه آخرون (مثل ميلوتشي ١٩٩٥)، والسبب يعود بالتحديد إلى أن التجربة التاريخية قد أشبعت هذا المفهوم بدلالات تحول دون تطبيقه المجدي على سياقات مختلفة.

(١٠) طرح تورين، على مدار مسيرته الفكرية الطويلة، عددًا من الصيغ المختلفة لمنهجه (١٩٧٧، ١٩٨١، ١٩٨٤، ١٩٨٥، ١٩٩٢). ونُشير بالأساس في هذا السياق إلى الصيغة التي طرحها خلال عقد السبعينيات، والتي ألهمَت البرنامج البحثي المُسمَّى «التدخل الاجتماعي» (تورين وآخرون ١٩٨٣أ؛ تورين وآخرون ١٩٨٣ب). للاطلاع على عرض توليفي، لكنَّه لا يَفتقِر إلى المنهجية، لإسهام تورين، انظر روشت (١٩٩١ب) ورد تورين أيضًا (١٩٩١).

(١١) توجد موضوعات مشابهة في أعمال هابرماس (١٩٧٦)؛ ميلوتشي (١٩٨٩)؛ جيدنز (١٩٩٠)؛ وآخرون. للاطلاع على توليفة نَقدية انظر سكوت (١٩٩٠).

(١٢) انظر، بالأخَصِّ، ميلوتشي (١٩٨٩، ١٩٩٤، ١٩٩٦). وللاطلاع على مناقشة نقدية، لكنها مُتعاطفة في الوقت ذاته، انظر بارتولوميو وماير (١٩٩٢). من الجدير بالذكر أن التطورات اللاحقة في دراسات ميلوتشي تبدو ذات تركيز أكبر على العمليات البِنيوية — لا سيما عملية إضفاء الصبغة الفردية — التي تَحول دون إعادة إنتاج الفعل الجمعي التقليدي، بدلًا من التركيز على الشروط البِنيوية المُسبقة اللازمة لتطوير أنماط جديدة من الفعل الجمعي. وتُفسِّر تلك الشروط المسبقة في ضوء وجود شبكات تبادُلية تعمل كعناصر مُيسِّرة، غير أن علاقة تلك الشبكات بالديناميكيات البنيوية لم تنضج بالكامل إلى حدٍّ ما.

(١٣) في الوقت الذي استحوذ فيه صعود الطبقة الوسطى الجديدة على تركيز علماء الاجتماع منذ عقد السبعينيات باعتباره مبحثًا مِحوريًّا، أبدى علماء السياسة اهتمامًا كبيرًا، وإن لم يكن حصريًّا (مثل بيكهوفر وإليوت ١٩٨٥)، بالدراسة التجريبية لعلاقة هذا الصعود بالفعل السياسي. انظر، ضمن آخرين كثر، دالتون (١٩٨٨، ١٩٩٤) وكيتشيلت (١٩٨٩) وكيتشيلت وهيلمانس (١٩٩٠)، وجانينجز وآخرون (١٩٩٠)، وبوجونتكَ (١٩٩٣)، وناس (١٩٩٣)، ورورشنايدر (١٩٨٨، ١٩٩٣ب)، وإنجلهارت (١٩٩٠أ)، ووالاس وجينكينز (١٩٩٥).

(١٤) تَشمل الطبقة الوسطى الجديدة الأفراد الذين يُؤدُّون وظيفةً إشرافية، وليس المديرين بالمفهوم الضيق، كما تشمل شِبهَ المِهنيِّين والحرفيِّين المؤهَّلين تأهيلًا عاليًا (كريسي ١٩٨٩ب، ١٩٩٣).

(١٥) يشمل هذا التعريف المهنيِّين العامِلين في مجال الخدمات الإنسانية وغيرهم من المتخصِّصين في المجال الاجتماعي الثقافي الذين كانوا يُعامَلون من قبل بطريقة مختلفة (برينت ١٩٨٤). انظر أيضًا كوتجروف وداف (١٩٨٠).

(١٦) انظر كرومبتون (١٩٩٣) للاطلاع على موجز لتلك المعضلة التقليدية في التحليل الطبقي، عاقدًا موازنةً بين مفهوم الطبقات كتجمُّعات ومفهوم الطبقات كفاعلين جمعيِّين.

(١٧) قد يتوقَّف هذا التشكُّك أيضًا على شتى التعريفات الإجرائية لمفهوم الطبقة الوسطى الجديدة، والتي تتبنَّاها الدراسات المشار إليها في هذا الكتاب، ناهيك عن المُتغيِّر التابع المختار. بينما حلَّل كريسي إمكانية التعبئة في شتى أنماط الحركات الاجتماعية الجديدة، تركز دراسات أخرى، كدراسة والاس وجينكينز، على شكل من أشكال الفعل، وهو الاحتجاج السياسي، وهو فعل له انتشار واسع بين الحركات الاجتماعية، غير أنه من المؤكَّد أنه لا يقتصر عليها. ولذلك ينبغي توخِّي أقصى درجات الحذر والحرص عند مقارنة النتائج المستخلَصة من مختلف الدراسات. انظر كريسي (١٩٩٢) للاطلاع على مناقشة تتناوَل كيفية تتأثُّر نتائج التحليل بالمعايير المُختلفة لتعريف إمكانية التعبئة لدى شتى الحركات الاجتماعية تعريفًا إجرائيًّا.

(١٨) انظر، مثلًا، بيتسورنو (١٩٨١) وتارو (١٩٩٤). للاطلاع على القضية من منظور مختلف، انظر أيضًا كالهون (١٩٩٣)، ودانيري وآخرون (١٩٩٠).

الفصل الثالث: البعد الرمزي للفعل الجمعي

(١) نستخدم مصطلح «الجيل» في هذا السياق بالمعنى الذي طرحه في الأصل كارل مانهايم (١٩٤٦)، ليس كفئة عمرية محدَّدة بل كفئة سكانية شهدت وقائع تاريخية معينة وبقيت متأثِّرة بها. انظر أيضًا بشأن هذا الموضوع براونجارت وبراونجارت (١٩٩٢)، وتيرنر (١٩٩٤)، وباكولسكي (١٩٩٥)، وويتير (١٩٩٥، ١٩٩٧)، وجونستون وآراليد-تارت (٢٠٠٠).

(٢) تعرض هذا الجانب من تحليل إنجلهارت للنقد أيضًا؛ لتجاهُله التشابُهات الماثلة بين نشأة التغيُّر الثقافي في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وغيرها من الفترات التي أدَّت خلالها التوجهات التعبيرية إلى التغيير على مدار القرنين الماضيين (براند ١٩٩٠؛ إنجلهارت ١٩٩٠ب).

(٣) تتوافر بيانات بشأن التغيُّر القيمي بدايةً من عام ١٩٧٠ فصاعدًا في ستة بلدان أوروبية (فرنسا، وبريطانيا العظمى، وإيطاليا، وألمانيا الغربية، وبلجيكا، وهولندا؛ إنجلهارت ١٩٩٠ب). وقد اتَّسع نطاق الدراسات الاستقصائية تدريجيًّا لتَشمل عددًا من البلدان يزداد باستمرار، داخل العالم الغربي وخارجه (إنجلهارت ١٩٩٧؛ إنجلهارت ونوريس ٢٠٠٣، ٢٠٠٥).

(٤) وفقًا لبعض النقَّاد: «إن المؤشر [الخاص بإنجلهارت] يَفترض عدم إمكانية اعتناق الفرد للقيم المادية وما بعد المادية في وقت واحد، ومن ثمَّ فإن التساؤل الجوهري بشأن ما إذا كانت القيم المادية وما بعد المادية تُقصي بالضرورة بعضها البعض … مُفترض ببساطة» (بروكس ومانزا ١٩٩٤: ٥٤٦).

(٥) لا مفر من الإشارة في هذا السياق إلى مصطلح «اليوتوبيا» الذي استعمَلَه كارل مانهايم (١٩٤٦) للإشارة إلى التوليفة المركَّبة من التحديات الرمزية المطروحة في حقب تاريخية شتى أمام الأيديولوجية كما تشكَّلَت في حينها. تطرَّقَ رالف تيرنر (١٩٦٩، ١٩٩٤) إلى موضوعات مُشابهة في معرض إشارته الصريحة إلى «الأيديولوجية واليوتوبيا»، كما تَناولها كارل-فيرنر براند (١٩٩٠) الذي ربط دورات الثوران في الفعل الجمعي بمفهوم «روح العصر» المُميِّز للمناخ العام للعصر.

(٦) ديرلوشن وبوتر (١٩٨٢)؛ بلامب (١٩٩٣). هذا كي لا نَنسى ما يُمثله الصراع الاقتصادي والطبقي المُنطوي على إعادة توزيع الموارد من عنصر قوي قائم في حركات أمريكا الشمالية، لا سيما في حركات الأمريكيِّين الأفارقة (موريس ١٩٨٤) وحركات الفقراء بوجه عام (بيفن وكلاورد ١٩٧٧).

(٧) هذا يُفسِّر، بالمناسبة، كون استقبال الفاعِلين الافتراضيِّين — عبر المواقع الإلكترونية مثلًا — لرسائل التعبئة إشكالية ما لم تكن لمصادر تلك الرسائل هوية «مادية» أيضًا (دياني ٢٠٠٠ب؛ فان دي دونك ولودر ونيكسون وروشت ٢٠٠٤).

(٨) انظر تارو (١٩٩٨) للاطِّلاع على تحليل واسع لعمليات إنتاج المخطط التفسيري على يد حركات شتى خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.

الفصل الرابع: الفعل الجمعي والهوية

(١) لقد نقلنا مصادرَ مُختلفِ الاقتباسات كما نُشِرت في النصوص الأصلية، وهو ما يُفسِّر التعارُض القائم بين أساليب توثيق المراجع.

(٢) روزنيل (١٩٩٥)؛ انظر أيضًا جونستون (١٩٩١ب: الفصل السابع) بشأن العلاقة بين هوية القوميين وهوية الطبقة العاملة في كاتالونيا.

(٣) انظر سليجمان (١٩٩٢) بشأن دور الثقة في نشأة المجتمع المدني، وتيلي (٢٠٠٢: الفصل الرابع عشر؛ ٢٠٠٤ب) بشأن شبكات الثِّقَة في عمليات الدمقرطة.

(٤) لكن ثمَّة تفسيرات تُشير إلى أن الهوية لا يلزم بالضرورة ربطها بالأبعاد الزمنية؛ كتحليل سومرز (١٩٩٣) لعملية بناء المواطنة في إنجلترا الحديثة.

(٥) غير أن هذا يصحُّ دائمًا؛ فالمشروع البحثي الذي قاده ألبرتو ميلوتشي في ميلان مطلع الثمانينيات أظهَرَ كيف تعرَّضَ أتباع المجموعات المحلية الشرقية الجديدة في كثير من الأحيان للتحوُّل بصورٍ أخفَّ حدةً (دياني ١٩٨٤، ١٩٨٦).

(٦) أشار كالهون (١٩٩٤أ: ٢٦)، فيما يتعلَّق بتلك المسألة، إلى ما يُعرَف باسم «الجوهرية داخل الجماعة».

(٧) للاطلاع على نقد، صار الآن كلاسيكيًّا، لهذه الرؤية: تورين (١٩٨١)؛ ميلوتشي (١٩٨٢، ١٩٨٩، ١٩٩٦).

(٨) انظر ستوكر (١٩٩٥) للاطِّلاع على طرح مُشوِّق حول العلاقة بين مختلف مستويات الهوية؛ المستوى الفردي، والمستوى المجتمعي، ومستوى الحركة، والمستوى التنظيمي.

(٩) انظر ديناردو (١٩٨٥) وتشونج (١٩٩١) للاطِّلاع على مناقشات بشأن عقلانية الفعل الجمعي. انظر أيضًا هارجريفز هيب وآخرين (١٩٩٢) للاطلاع على مقدمة إلى نظريات الاختيار العقلاني.

(١٠) هذا القسم مُستوحًى جزئيًّا من تحليل جون لوفلاند (١٩٩٥: ١٩٢ وما يليها) للأنماط الثقافية للحركات.

الفصل الخامس: الأفراد والشبكات والمشاركة

(١) على نسق مشابه، فرَّقَ كيتس (٢٠٠٠) بين آليات «المعلومات» و«الهوية» و«التبادل». تُشير «المعلومات» إلى قدرةِ الشبكات على خلقِ فرصٍ للمشاركة، بينما تعني «الهوية» أن الروابط الاجتماعية مع المقرَّبين تَخلق شعورًا بالتضامن وتعيد إنتاجه، أما «التبادل» فيدلُّ على التداول غير الرسمي لأشكال الاستحسان والثواب والعقاب الاجتماعي عبر الشبكات. على نحو مماثل، عيَّن ماكادم (٢٠٠٣) أربع آليات حيوية؛ محاولات الاستقطاب، والروابط بين الهُوية والحركة، ومحاولات التأثير الإيجابي والسلبي (انظر أيضًا كلاندرمانس ١٩٨٤؛ أوب ١٩٨٩؛ أوب وجيرن ١٩٩٣؛ باسي ٢٠٠١؛ ديلا بورتا ١٩٨٨).

(٢) للاطِّلاع على رُؤًى مُتباينة بشأن ما تلعبه الطبقات من دور دائم في عالم السياسة، انظر من ضمن آخَرين إيسبينج-أندرسن (١٩٩٣)؛ باكولسكي ووترز (١٩٩٦)؛ ديفاين (١٩٩٧)؛ إيفانز (١٩٩٩).

(٣) الزُّمَر، حسب تعريف مُحلِّلي الشبكات، هي مجموعات من الفاعلين تتَّسم بعلاقات داخلية بالِغة القوة؛ تتميَّز هذه المجموعات، في أشد الحالات تطرُّفًا، بوجود تواصُل مباشر بين جميع مكوِّنات المجموعة محل الدراسة (نوك وكوكلينسكي ١٩٨٢: ٥٦).

(٤) نُفِّذ هذا المشروع بالتنسيق بين ستيفان ووالجريف بجامعة أنتويرب، وقد غطى بلجيكا وإنجلترا وألمانيا وهولندا وإيطاليا واسكتلندا وإسبانيا وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية (ووالجريف وروشت تحت الطبع؛ ديلا بورتا ودياني ٢٠٠٥).

الفصل السادس: الحركات الاجتماعية والتنظيمات

(١) مصادر التمويل وحجم العضوية من العوامل ذات الصلة أيضًا في هذا السياق.

(٢) رغم كونها مألوفةً بالنسبة إلى مجموعات المصالح الراسخة، فإن تعبئة الموارد من مجموعات صغيرة من الرعاة الأثرياء — أفرادًا أو مؤسسات — عادةً ما كانت نادرة في حالة الحركات الاجتماعية. غير أننا شهدنا في السنوات الأخيرة تزايُدًا تدريجيًّا، وإن كان بطيئًا، في أوجُه التعاون بين تنظيمات الحركات وعالم الأعمال، على سبيل المثال، وذلك في مجالاتٍ مثل حماية البيئة أو حماية المُستهلِك (دوناتي ١٩٩٦).

(٣) أجرت روث (١٩٩٤) تحليلًا لدَورِ مثلِ هذه الثقافات المضادة في الحركات الألمانية البديلة. لكن من الجدير بالإشارة أن هذه الظاهرة لا تَنفرِد بها الحركاتُ الاجتماعية الجديدة وحدها؛ ففي حالة الحركة العُمالية على سبيل المثال، «قدَّم الحزب والنقابات والجمعيات الثقافية والخدمية الحيِّزَ المادي والاجتماعي الملائم لنشأة مجتمع بديل» (نولان ١٩٨١: ٣٠١).

(٤) ميَّز مكارثي وزالد (١٩٨٧ب [١٩٧٧]) بين المُستفيدين المُحتمَلين، وهم مَن يستمدون مكاسبَ مباشِرةً من الحركات التي تحقق أهدافها، والأتباع الوجدانيِّين، ممَّن يُشكِّلون جزءًا من الحركة الاجتماعية لكنهم لا يَستفيدون من نجاحها استفادةً مباشِرة. بناءً على ذلك ميَّزَ الباحثان بين «التنظيمات التقليدية للحركات الاجتماعية»، التي يَنصبُّ تركيزها على الأتباع الوجدانيِّين لتلقِّي مواردها، و«التنظيمات المهنية للحركات الاجتماعية»، التي تستهدف بدعوتها قاعدةَ التأييد الوجدانية بصورة رئيسية ولا تُشرِك في العمل التنظيمي إلا عددًا ضئيلًا للغاية من أعضائها.

(٥) على النهج ذاته، ميَّز جيمس كيو ويلسون (١٩٧٣) بين التنظيمات الأولية، التي تتسم بقدر كبير من مشاركة الأعضاء؛ والتنظيمات التكتلية، التي تتولى فيها قاعدةٌ كبيرة، لكنها غير نَشِطة، تمويلَ طائفةٍ محدودة من القادة النَّشِطين.

(٦) لُوحِظ ذلك في تطور التنظيمات المتشدِّدة (ديلا بورتا ١٩٩٥)، وغيرها أيضًا من تنظيمات الحركات الاجتماعية، لا سيما أكثرها توجُّهًا نحو الهوية. للاطِّلاع على نموذج الحركة النسائية في الولايات المتحدة الأمريكية، مثلًا، انظر مانسبريدج (١٩٨٦: ١٩١) وكراسنيفيتش (١٩٩٢).

(٧) يدلُّ اكتساب الأحزاب السياسية للطابع المؤسسي على انتقالها من منظومة العقلانية، حيث تُملِي الأيديولوجية الأهدافَ التنظيمية وتُغلِّب الحوافزَ الجمعية وتُخضِع البيئة المحيطة للسيطرة؛ إلى منظومة المصالح، حيث يَبرز البقاء كهدفٍ رئيسي، وتُضحِي الحوافزُ انتقائيةً، ويَجري التكيُّف مع البيئة (بانيبيانكو ١٩٨٨).

(٨) للاطِّلاع على الديناميكيات التنظيمية خلال الحملات الاحتجاجية، انظر جيرهاردز (١٩٩١، ١٩٩٣)، جيرهاردز وروشت (١٩٩٢).

(٩) إنَّ القول بأنَّ الأنظمة الانتخابية القائمة على التمثيل النسبي تُعَدُّ بيئةً مُلائِمة لنموِّ الأحزاب السياسية المُرتبطة بالحركات الاجتماعية (مثل براند ١٩٨٥: ٣٢٤) قد أكَّدته الأبحاث المقارنة التي تناولت أحزابَ الخضر الأوروبية، فكما ذكر كريس روتس قائلًا: «في البلدان ذات الدساتير الفيدرالية والأنظمة الانتخابية القائمة على التمثيل النسبي، تُعَدُّ البيئةُ المؤسسية أكثرَ مُلاءَمة، بوجه عام، لنشأة أحزاب الخضر ونجاحها … مُقارَنةً بالبيئة المؤسَّسية في الدول المركزية الوحدوية ذات الأنظمة الانتخابية القائمة على صوت الأغلبية» (روتس ١٩٩٤: ٦).

الفصل السابع: أنماط الفعل وذخائره ودورات الاحتجاج

(١) لاحَظَ بارنز وآخرون (١٩٧٩) بالفعل وجودَ زيادةٍ في نسبة مَن أجابوا عن السؤال: «ماذا يسع المواطن فعلُه حيال لائحة محلية تُعَدُّ مُجحِفةً أو ذات تبعات ضارَّة؟» بالجواب التالي: «فعل سياسي غير تقليدي، كالتظاهُر مثلًا.» وذلك في بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا الغربية. في بريطانيا العظمى، ارتفعت نسبة مَن أدلَوْا بتلك الإجابة من ٠٫٢ بالمائة خلال ١٩٥٩-١٩٦٠ إلى ٧٫١ بالمائة عامَ ١٩٧٤ (٦٫٩)؛ وفي الولايات المتَّحدة الأمريكية ارتفعت النسبة من ٠٫٥ بالمائة إلى ٦٫٩ بالمائة (٦٫٤)؛ وفي ألمانيا الغربية ازدادت النسبة من ٠٫٧ بالمائة إلى ٧٫٨ بالمائة (٧٫١) (بارنز وآخرون ١٩٧٩: ١٤٣). كما لُوحِظ وجود اتجاه مُشابه في الإجابات المتعلِّقة بالتشريعات القومية المُجحفة، مع ارتفاعٍ في نسبة المُوافِقِين على وضع خيار الفعل غير التقليدي في اعتبارهم من صفر إلى ٤٫٣ بالمائة في بريطانيا العظمى، ومن ٠٫٣ إلى ٣٫٦ بالمائة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ١٫٩ إلى ٩٫٥ بالمائة في ألمانيا الغربية (١٩٧٩: ١٤٤).

(٢) يُعرِّف تيلي الخلافَ كفعل مشترك يُؤثِّر تأثيرًا مباشرًا على مصالح مجموعة فاعلة أخرى (تيلي ١٩٨٦: ٣٨٢).

(٣) من بين نماذج الذخيرة المحلية القائمة على الرعاية: ثورات الجياع، والاقتحام الجماعي للمنشآت، وتدمير بوابات تحصيل الرسوم وغيرها من الحواجز، وتحطيم الآلات، والتجمُّعات الصاخبة، وعزف المقطوعات الموسيقية، وطرد موظفي الضرائب أو العمال الأجانب أو غيرهم من الأغراب، واحتفالات الأعياد المُروِّجة لرأي معين، والمعارك بين القرى، وهدم المنازل الخاصة أو نهبها، والمُحاكمات الوهمية أو الشعبية والإضرابات (تيلي ١٩٨٦: ٣٩٢-٣٩٣).

(٤) من بين المصادر التي يُمكن الرجوع إليها: كارتي ٢٠٠٢ فيما يتعلَّق بالحركة المناهضة للمصانع المستغلَّة للعمال ومقاطعة شركة نايك؛ وروزينكراندس ٢٠٠٤ فيما يخص الأنشطة الإلكترونية المناهِضة لممارسات المؤسسات التجارية الكبرى.

(٥) في الأبحاث الخاصة بالاندماج السياسي للأقليات العِرْقية، ورد ذِكْر «التأثيرات الجانبية الراديكالية الإيجابية»: «ربما تُحقِّق المجموعات الراديكالية مستوًى أعلى من التجاوب حيال مطالب المُعتدِلين؛ وذلك إما بإظهارهم بمظهر «العقلاء» أو بخلق أزمة يمكن حلها بتقديم التنازلات الأقل التي يُطالب بها المعتدلون» (هينز ١٩٨٨: ١٦٧؛ انظر أيضًا باتون ١٩٧٨). وترتبط تلك التأثيرات الإيجابية بالفعل المباشر لا بمُمارسة الشغب وإثارة الاضطرابات (هينز ١٩٨٨: ١٧١). على صعيدٍ مشابه، لاحظ جامسون (١٩٩٠) أن الرغبة في استخدام الأساليب غير المؤسسية دون الأساليب العنيفة هي التي مهَّدت الطريقَ لما حقَّقَتْه الحركاتُ الاجتماعية من انتصارات.

(٦) في دراسته للجدل الواسع بشأن حركة الحقوق المدنية المعاصرة، لاحظ ليبسكي أن قادة الاحتجاجات غالبًا ما يكونون في مواجَهة خيارَين كلاهما محفوفٌ بالمخاطر: الراديكالية التي تُنفِّر الدعم الخارجي، والاعتدال الذي يُقوِّض التضامن بين صفوف المؤيدين. بالنسبة إلى أسلوب القيادة الراديكالية الرامي إلى اقتناص مكانة من خلال «إظهار القوة»، فإنه فعَّال في تعزيز الترابط الداخلي، أما أسلوب القيادة المُعتدلة الساعي إلى توسيع نطاق دولة الرفاه من خلال الفعل السلمي، فإنه أكثر مراعاةً للأهداف الخارجية.

(٧) في حين تزايَدَت شرعية الأفعال الأكثر اعتدالًا، فإن الأمر ذاته لا ينطبق على أشكال الفعل الأشد راديكالية؛ فقد شهدت الفترة من عام ١٩٧٤ إلى ١٩٨١ تزايدًا في دعم الجماهير لتوقيع العرائض من ٢٢ بالمائة إلى ٦٣ بالمائة في بريطانيا العُظمى، وللتظاهرات القانونية من ٦ بالمائة إلى ١٠ بالمائة. وكانت نسب الزيادة المقابلة في ألمانيا من ٣٠ بالمائة إلى ٤٦ بالمائة، ومن ٩ بالمائة إلى ١٤ بالمائة. أما الدعم الجماهيري لأنماط الفعل المباشِر، كاحتلال المواقع، فظلَّ ثابتًا عند ١ إلى ٢ بالمائة تقريبًا (دالتون ١٩٨٨: ٦٥). انظر أيضًا نوريس ٢٠٠٢، المقتبَس أعلاه.

(٨) ثمة ملاحظة أخرى يُمكن إضافتها. مِن الملاحظ في جميع المناقشات التي أُجرِيت حتى الآن حول الخيارات الاستراتيجية المتاحة للحركات الاجتماعية أنَّ الباحِثين تعاملوا مع قياداتها عمومًا باعتبارهم مجموعة موحدة. غير أن الحركات الاجتماعية في الواقع هي أطراف فاعلة مركبة من عناصر مختلفة؛ إذ تتفاعل تنظيماتها وشبكاتها وتختار في النهاية اتجاهاتٍ مختلفة ولو بصورة جزئية على الأقل. فنجد أن منظمة السلام الأخضر مُتخصِّصة، كما أشرنا سلفًا، في الفعل المباشر، بينما زمرة الخضر الناشطة في البرلمان الأوروبي تتبع منطق الديمقراطية البرلمانية؛ كذلك دعت بعض التنظيمات إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية، في حين رأى البعض الآخَر أن ذلك الفعل له مردود عكسي. قد يكون هذا التنوع في الاستراتيجية إيجابيًّا؛ نظرًا لأن التنظيمات المُختلفة ستَتمكَّن من مخاطبةِ مختلفِ قطاعات الرأي العام. لكن يَجدُر بنا أن نتذكَّر أن التنظيمات المُنفرِدة داخل الحركة الواحدة تَتنافس فيما بينها مثلما تَتعاوَن؛ ولذلك فإن اختيار تنظيم معين لاستراتيجيةٍ ما تدفعه أيضًا الحاجة إلى انتزاع مكانة لائقة له في «سوق» الحركات الأوسع (مكارثي وزالد ١٩٨٧ب [١٩٧٧]). لا تُفيد تلك الخيارات الحركة ككل دائمًا، وهو ما أثبتَتْه للأسف الآثارُ المدمِّرة التي خلَّفَتْها التنظيمات الإرهابية على الجماعات الأقل راديكالية التي انبثقَت منها تلك التنظيمات (ديلا بورتا ١٩٩٥).

(٩) للاطلاع على نموذجٍ لمثل هذا التصعيد، انظر ما طرحه ماكس هيريك (١٩٧١) من وصفٍ غاية في التفصيل للاحتِجاجات الطلابية في بيركلي عام ١٩٦٤.

(١٠) انتقل مفهوم «الانتشار» إلى العلوم الاجتماعية من الفيزياء، وتحديدًا من الدراسات المعنِيَّة بانتشار أنواع معينة من الموجات من نظامٍ إلى آخَر؛ أما في العلوم الاجتماعية فقد استُخدِم هذا المفهوم لتفسير انتقال سمات أو معلومات أو أفكار ثقافية معيَّنة عبر الزمان والمكان.

(١١) رُصِدت الأنماط الدورية في النشاط الإضرابي، على سبيل المثال، كما خضَعَت علاقةُ تلك الأنماط بدورات كوندراتيف الاقتصادية للدراسة. بالمِثل، ربط الباحثون بين دورات الثورة وزيادة السكان وتناقُصهم (فرانك وفوينتيس ١٩٩٤).

الفصل الثامن: التنظيم الأمني للاحتجاجات والفرص السياسية السانحة للحركات الاجتماعية

(١) استندت إعادةُ تصوُّر الأحداث إلى رؤية أندريتا وديلا بورتا وموسكا ورايتر ٢٠٠٢: الفصل الأول.

(٢) عيَّن ماكادم (١٩٨٢) ثلاثة عوامل حيوية وراء نشأة الحركات وتطوُّرها: تحالفاتها داخل السياق السياسي الأوسع (بنية الفُرَص السياسية)، ومُستوى تنظيم المُتضرِّرين (الإمكانية التنظيمية)، وتقييمها لاحتمالات النجاح (الوعي الثائر).

(٣) في إطار مقارنته بين الحركات المناهضة للطاقة النووية في فرنسا وألمانيا والسويد والولايات المتَّحدة الأمريكية، ميَّز هربرت كيتشيلت (١٩٨٦: ٦١–٦٤) بين الظروفِ المؤثِّرة على المطالب الواردة إلى المنظومة السياسية، والظروفِ المؤثِّرة على الناتج الصادر عن تلك المنظومة مُتمثِّلًا في السياسة العامة. بالنظر إلى جانب المدخلات، نجد أن كثرة الأحزاب السياسية، وقدرة السلطة التشريعية على وضع السياسات ومُراقبتها على نحوٍ مستقل عن السلطة التنفيذية، والأنماط التعدُّدية للوساطة بين مجموعات المصالح والفرع التنفيذي من المنظومة، وإمكانية بناء ائتلافات سياساتية (أي آليات لتجميع المطالب)؛ كلها مُؤشِّرات على الانفتاح. أما على جانب المُخرجات، نلاحظ أن الطابع المركزي لأجهزة الدولة، وسيطرة الحكومة على السوق، وانخفاض مستوى استقلالية القضاء عن بقية أذرُعِ الدولة؛ تُعَدُّ جميعًا مؤشراتٍ على قدرة المنظومة السياسية على تنفيذ السياسات.

(٤) في الواقع، لاحظ آيزنجر (١٩٧٣) قدرًا أكبر من الانفتاح في الأنظمة الحكومية المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية، أينما حظيَ الناخبون بمزيد من الرقابة على المسئولين الإداريِّين.

(٥) لاحَظَ كريسي أنه، بالنظر إلى جانب المُدخَلات، تزداد درجة المشاركة الرسمية في الدولة مع تطبيق اللامركزية الإقليمية، والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتَدنِّي مستويات التماسك والتنسيق الداخلي والمهنية في الإدارة العامة، ووجود إجراءات الديمقراطية المباشرة. بيد أنه بالانتقال إلى جانب المُخرَجات، تفرز العوامل ذاتها آثارًا عكسية: «إنَّ الولايات الفيدرالية المفكَّكة غير المُتماسكة التي يوجد بها مؤسسات الديمقراطية المباشرة تجد صعوبةً بالغةً في التوصُّل إلى قراراتٍ وفرضها على المجتمع» (كريسي ١٩٩٥: ١٧٢).

(٦) على سبيل المثال، اتخذت السلطات المحلية قرارًا خلال احتلال أحد المراكز المجتمعية في زيورخ بتَرْكِ إدارةِ المُنشآت تحت تصرُّف الشباب المُشاركين في فعاليات الاحتلال، غير أنَّ هذا القرار أُبطِل مرتَين باستفتاء شعبي (كريسي ١٩٨٤).

(٧) اعتنَقَ كلٌّ من هولندا وسويسرا، وكلاهما بلد صغير مُنفتِح أمام الأسواق الدولية، نظامَ الديمقراطية التوافُقية الذي يتميز بتوفيره حمايةً خاصة لحقوق الأقليات، وهو ما حالَ دون تفكُّك الدولة تحت وطأة الاختلافات العِرْقية (ذات البُعْد الديني في هولندا، واللُّغوي في سويسرا). للاطِّلاع على المزيد فيما يخص الديمقراطية التوافُقية، انظر ليبهارت (١٩٨٤)؛ وفيما يخص الديمقراطيات «الصغيرة» انظر كاتسنستاين (١٩٨٥).

(٨) حسبما أظهَرَ استطلاعٌ للرأي أُجريَ عام ١٩٨١ قارن بين فرنسا وبريطانيا العظمى، شارك ٢٦ بالمائة في فرنسا في تظاهُرات قانونية في مقابل ١٠ بالمائة فقط في بريطانيا العظمى. كما سجَّلت فرنسا قدرًا أكبر من التسامح حيال الأنشطة السلمية غير القانونية كالإضرابات غير الرسمية مثلًا (١٠ بالمائة و٧ بالمائة) واحتلال المنشآت (٧ بالمائة و٢ بالمائة) (دالتون ١٩٨٨: ٦٥).

(٩) كان عدد الأيام المُهدَرة أثناء الإضرابات لكل ١٠٠٠ عامل في الفترة بين ١٩٦٥ و١٩٧٤ في البلدان ذات النظام التعدُّدي (بواقع ١٦٦٠ يومًا في إيطاليا، و١٣٣٠ في الولايات المتحدة الأمريكية، و٧٤٠ في بريطانيا العظمى، و٨١٠ في فنلندا)؛ أكبر من عددها في البلدان ذات الهيمنة الجديدة لمجموعات المصالح (٢٧٠ يومًا في جمهورية ألمانيا الاتحادية، و٧٠ في هولندا، و٤٠ في سويسرا، و٢٠ في النمسا) (واليس وجينكينز ١٩٩٥: ١٠٦).

(١٠) لكن فرانك إل ويلسون (١٩٩٠) ذهب إلى أن مُستوى الهيمنة الجديدة لمجموعات المصالح لا تأثيرَ له على مؤشِّرات التعبئة، كالمواقف العامة تجاه حركةٍ اجتماعيةٍ ما، أو الميل لدعم قضية معيَّنة، أو الاستعداد لاستخدام أساليب الاحتجاج غير التقليدية.

(١١) علاوةً على ذلك، فإن التغيُّرات في مواقف الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية لا تقترن دائمًا بالمشاركة في الحكومة أو مغادرتها، بل يُمكِن توقُّعها أينما أتاح إدراك انعدام الاستقرار الانتخابي أو الصراع بين النُّخَب «فرصةً سانحة» للحركات الاجتماعية. في المقابل، قد تَتأخَّر التغيُّراتُ في المَواقِف عقِبَ مغادَرةِ التشكيل الحكومي، لا سيما حين تُعَدُّ المبالغةُ في الانفتاح نحو الحركات الجديدة مسئولةً عن المشكلات الانتخابية.

(١٢) يرى ديناردو أن فاعلية العنف تتأثَّر باستجابة النظام وتوزيع التفضيلات فيما يخصُّ مطالب المعارضين: «غير أنه مع دنوِّ الجزء الأكبر من الدعم المحتمل للحركة من مطالبها، تخفُّ القيود المسلَّطة على التصعيد بدرجة كبيرة» (ديناردو ١٩٨٥: ٢٢٣).

الفصل التاسع: الحركات الاجتماعية والديمقراطية

(١) بالرغم من الحديث عن «نجاحات» أحرَزَها حزبٌ اشتراكي مُشارِك في حكومة أو نقابة عُمَّالية ما، فمن المرجَّح أن المشكلات ذاتها التي أورَدناها بشأن الحركات الاجتماعية سوف تقع في تلك الحالات أيضًا.

(٢) على سبيل المثال لا الحصر، استطاعت منظمة العفو الدولية — التي كثيرًا ما أيَّدت الاحتجاجات المناهِضة للعولَمة — في عام ٢٠٠٠ الاعتمادَ على الدعم، ومن صوره التمويل، الذي قدَّمَه أعضاؤها البالغ عددهم أكثر من مليون عضو مُنتظِمين في فروعٍ وطنية رسمية داخل ٥٦ بلدًا (شنايدر ٢٠٠٠؛ أنهاير وتيمودو ٢٠٠٢: ١٩٣).

(٣) ثمَّة مفاهيم، مثل ديمقراطية الروابط (هيرست ١٩٩٤)، أو الديمقراطية الراديكالية (موف ١٩٩٦)، تُشدِّدُ على نحوٍ مُماثِلٍ على الحاجة إلى تكملة الديمقراطية التمثيلية بنماذج بديلة من الديمقراطية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤