الفصل الحادي عشر

السلطة

حذارِ من عميلٍ أخطأتَ بحقه!
إذا كنت واحدًا من نسبة الأمريكيين البالغة ٥٨ في المائة الذين يقطعون مسافة طويلة في رحلتهم من مسكنهم إلى عملهم — ٨٨ في المائة منهم يستقلون سيارات1 — فلعلك لمست ما حدث عندما ارتفعت أسعار الوقود عقب إعصار كاترينا لتتجاوز ٣ دولارات للجالون. غضبتَ بلا شك لأنك اعتقدت أن شركات النفط كانت تستغل الموقف، ولست وحدك من يعتقد ذلك. في استطلاع رأي أجرته شبكة إيه بي سي، وُجد أن «٧٢ في المائة من المشاركين قالوا إنهم يعتقدون أن الزيادة في أسعار الوقود ناجمة عن شركات النفط وتجار الوقود الذين استغلوا الموقف استغلالًا جائرًا عقب الإعصار.»2
ساندت الصحف احتجاج المسافرين يوميًّا إلى عملهم، وانتقد الصحافيون المغالاة في الأسعار.3 أدلى أعضاء مجلس الشيوخ بِدَلْوِهم بقولهم بوجود «شك متنامٍ في أن شركات النفط تستغل السوق على نحو جائر.»4 حتى الرئيس نفسه شارك برأيه؛ إذ قال الرئيس بوش إنه من المهم «التأكد من أن المستهلكين يلقون معاملة عادلة» من قبل أسواق النفط.5

استاءت الجماهير ليس بسبب سيطرة شركات النفط، وإنما بسبب انتهاكها معيارًا اجتماعيًّا: ينبغي ألا تستغل الشركات القوية المستهلك، فهذا جائر! وهو المنصوص عليه في قانون شيرمان، والذي لا يحظر الشركات الاحتكارية في حد ذاتها، وإنما إساءة استخدام الشركات الاحتكارية لسلطتها فحسب.

الشركات المسيطرة، مثل ميركس وإكسون موبيلز والشركات العالمية الضخمة على غرار ميكروسوفت، كثيرًا ما تتصدر الأخبار التي تورد إساءة استخدامها للسيطرة. تشير المقالات الافتتاحية إلى «شركات النفط والمصافي والموزعين وتجار التجزئة الذين يستغلُّون الظروف على نحو جائر لزيادة السعر بشكل غير معقول، أو الذين يفرضون زيادات سعرية باهظة تتجاوز الحدود.»6 هذه المغالاة في الأسعار جائرة على المستوى الشخصي. إنها استغلال للسيطرة بهدف الاحتيال على المستهلك (مثلما احتال الوكيل على سالي وأضاف على أقساطها ٣٠ دولارًا شهريًّا). ومعرفة المستهلك بإمكانية حدوث ذلك تجعله في غاية الحساسية لقضايا العدالة عندما يكون البائع متمتعًا بالسلطة.

السلطة المخوَّلة إلى البائع

إن التعريف العتيق للسلطة هو «للطرف «أ» سيطرة على الطرف «ب» لدرجة أن بإمكانه إرغام «ب» على إتيان شيء ما كان «ب» ليأتيه في وضع آخر.»7 بإمكان البائع المتمتع بالسلطة إرغام المشترين على دفع مبلغ نقدي أكبر مما يتوقعون دفعه، وأكبر مما يريدون دفعه.

يطلعنا علماء الاقتصاد على أنه توجد عوامل معيَّنة تمنح البائع السلطة لتحديد السعر. أحدها هو عندما يقوى الطلب ويزداد بحيث تقل المعروضات وتتصاعد الضغوط على الصناعة بما يفوق قدراتها. كان هذا هو الموقف لدى شركات الخطوط الجوية إبان النصف الأول من عام ٢٠٠٦. كان الطيران بالجو يزداد، لكن سعة خطوط الطيران كانت منخفضة. أعطت هذه العوامل شركات الطيران سلطة تسعيرية، فبدأت أسعار التذاكر ترتفع، وبدأ الركاب يشككون في عدالة الأسعار.

يمتلك البائع سلطة التسعير إن كان الطلب على أحد المنتجات لا يتأثر بالسعر؛ ففي تلك الحالة يشتري المرءُ المنتَجَ عندما يرتفع سعره، بالكثافة نفسها التي يشتريه بها إن ظل السعر كما هو. أحد الأمثلة على ذلك عقار طبي منقذ للحياة ليس له مثيل؛ ومن ثم أيما كان السعر الذي تحصِّله الشركة مقابله، سيحاول من هم على أعتاب الموت دفعه؛ لكنهم لن يعتبروا السعر عادلًا.

تزداد أيضًا سلطة التسعير إذا كانت شركة من الشركات تحتكر سلعةً بعينها، كما فعلت شركة بيل تيل العتيقة. وكذا يمكن اكتساب سلطة الاحتكار بالتواطؤ بين الشركات، ولهذا السبب يُعتبر الاتفاق بين الشركات على تحديد السعر غير قانوني. مَثلت شركة أرتشر دانيالز لسنوات أمام المحكمة على إثر سلسلة من قضايا رُفعت بشأن التواطؤ على تحديد السعر، والتي قدَّر الاقتصاديون أنها يمكن أن تكلفها نحو ٥ مليارات دولار من أجل تسويتها.8 إن تثبيت الأسعار يمنح الشركات سلطةً على المستهلك، وهذا جائر!
وأخيرًا، تمتلك الشركة سلطة تسعيرية عندما يفتقر المستهلك إلى أي معلومات عن السوق، وهذا مماثل لما يحدث عندما يشتري سائح أمريكي قميصًا من الهند؛ يعلم السائح أنه قد يتعرض للاحتيال، لكنه لا يملك أي معلومات عن سعر السوق الطبيعي للقميص في الهند. كذلك عملاء النوادي الصحية لا تتوافر لديهم أي معلومات عن استخدامهم المستقبلي الفعلي للمنشأة، ولا يعلم عملاء شركات الهواتف المحمولة شيئًا عن مكالماتهم المستقبلية.9 في كل هذه الحالات، المشتري في موقف ضعف، وللبائع السلطة لاستغلاله بطريقة جائرة.

في المقابل، تقلِّص إتاحة البدائل من السلطة؛ فالرغبة في إيجاد بديل للنفط تدفع استحداث بدائل للوقود. إن أُتيحت البدائل، فلن نعوِّل إلى هذا الحد على شركات النفط، وستُتاح للجميع فرص متكافئة، وهو وضع أكثر إنصافًا وعدلًا.

جرت العادة على أن يكون البائعون أصحابَ السلطة الأكبر في السوق؛ فالمعروضات كانت محدودة، ومعلومات المستهلكين شحيحة ومتحيزة. كان البائع هو الوحيد الذي يعرف كلفة إنتاج المنتج، والمعلومات الوحيدة التي عرفها المستهلك كانت المعلومات التي أراد البائع أن يعرفها؛ ومن ثَمَّ كان المستهلك في غفلة تامة، وكان منعدم السلطة. لقد كانت تلك السوق «سوقًا للبائعين»10 فإن تصرَّف البائع بنحو جائر، لم يكن أمام المستهلك سوى دفع السعر المطلوب.
ذلك لا يعني أن المستهلك لم يكن يمتلك أي قدر من السيطرة قط، فلطالما امتلك المستهلكون سلطة اقتصادية؛ فالمستهلك هو من يضخ النقود، وهو ما له زخم كبير لأن «من يملك المال يملك القرار». لكن اليوم يمتلك المستهلك سلطة أكبر كثيرًا من الماضي؛ لأن المعروض تجاوز الطلب، واليوم أصبحت أسواقُ كثيرٍ من الصناعات «سوق المشتري».11

بالطبع لا يزال بعض الصناعات يتمتع بسلطة تسعيرية قوية؛ على سبيل المثال: صناعة النفط والمستحضرات الدوائية المسجلة ببراءة. عادةً ما تكون مسألة العدالة قضية ملحَّة في هذه الصناعات، لكن غيرها من الصناعات كصناعات الملابس وصناعة السيارات ضعيفة؛ حيث يتمتع المستهلك برفاهية انتقاء ما يود شراءه من بين عدد من البدائل، فلا تسبب مسألة العدالة القدر ذاته من القلق.

السلطة المخوَّلة إلى المستهلك

بفضل شبكة الإنترنت، يتمتع المستهلكون اليوم بسلطة لم تتأتَّ لهم من قبل. إنهم يمتلكون قوة المعلومات، وكما قال فرانسيس بيكون في القرن السابع عشر: «المعرفة قوة في حد ذاتها!»12
بإمكان المستهلك اليوم البحث على الإنترنت لإيجاد محطة الوقود القريبة التي تقدِّم أرخص سعر للوقود، وعندما يتوجه لشراء سيارة، بوسعه الاستعانة بالمعلومات التعريفية الشاملة، فأكثر من ٨٠ في المائة من عملاء شركة فورد يتوجهون إلى معرض السيارات، بعد أن بحثوا عما يريدون شراءه، والمبلغ الذي ينبغي لهم دفعه.13
حلَّلت مجموعة من خبراء التسويق الألمان سلطة المستهلك في بيئة التسويق الجديدة.14 بدءوا من عناصر السلطة الاجتماعية الكلاسيكية الخمسة التي حددها عالما النفس جون فرنش وبرترام رافن،15 وقد قلَّصوا العناصر الخمسة إلى ثلاثة تتعلق بأسعار المستهلك:
  • (١)

    سلطة العقوبة: النابعة من قدرة المستهلك على ضبط أسعار البائع من خلال المكافآت والعقوبات.

  • (٢)

    السلطة الشرعية: الصادرة من قدرة المستهلك على التأثير على الأسعار في السوق.

  • (٣)

    سلطة الخبرة: المستمدة من معرفة المستهلك بالجودة والأسعار بالسوق.

عززت شبكة الإنترنت من مصادر السلطة الثلاثة كافة؛ ففي إطار ما يطلق عليه الباحثون الألمان «الاقتصاد القديم»، لم تتأتَّ للمستهلك سلطة الجزاء بالقدر نفسه الذي كان يمكن أن يحوزها بسبب التكلفة الكبيرة لعقاب البائعين العصاة: الوقت والمشقة اللازمان لإجراء المكالمات الهاتفية، وكتابة الخطابات وتنظيم حملات المقاطعة. إلا أن العقوبات في الاقتصاد الجديد أسهل كثيرًا؛ لأنه يمكن تدبر أمرها كلها عبر الإنترنت. يتمتع المستهلك الآن بسلطة جزاء أكبر.

لم يكن بوسع المستهلك في الاقتصاد القديم سوى الإسهام بقدر بسيط في الأسعار، فلم يكن يتمتع بالنفوذ اللازم للتأثير على الأسعار. أما اليوم فبإمكانه تحديد السعر الذي يريده بمزاد على موقع إيباي أو على موقع برايسلاين؛ وكذلك بإمكانه التعبير عن آرائه السعرية بالمدونات ومواقع الشركات. لقد اكتسب المستهلك سلطة شرعية؛ لأنه يستطيع الآن التأثير على سعر البائع.

لم يكن يتاح للمستهلك في الاقتصاد القديم الوصول إلى قدر كبير من المعلومات حول المُنتَج، وكانت المعلومات المتاحة هي في الأساس الدعاية المتحيزة التي ينظمها البائع. أما اليوم فيوفر الإنترنت قدرًا هائلًا من المعلومات، ليس من البائع وحده وإنما كذلك من العملاء الراضين أو غير الراضين عن المنتج. بإمكان المشتري مراجعة الأسعار، وعقد مقارنات بينها عبر الإنترنت. يتمتع المستهلك الآن بسلطة الخبرة.

لكن رغم أن الإنترنت يوفر ثروة لا يتسع لها العقل من المعلومات، فإنه لا يمكِّن المستهلك بالقدر الذي يمكنه فعل ذلك به. بدايةً، الإنترنت ليس بالشفافية التي يبدو عليها، فقد تعلمت الشركات أن تستغل وسائل الإعلام بفاعلية، فبإمكانها — على سبيل المثال — عرض نماذج على الإنترنت مختلفة بعض الشيء عن تلك المعروضة بمتاجرها، ما يصعِّب عقد المقارنات بين الأسعار.

ثانيًا، شفافية الإنترنت تقل بسبب كم البيانات الضخم المتاح، ورغم أنه ربما توجد معلومات مسهبة حول عمليات التسعير، فقد يكون من الصعب العثور عليها. علاوة على ذلك، فقد تكون غير دقيقة، فقد يكون أحد تقارير الشفافية المفترض أنه جدير بالثقة والمنشور على الإنترنت ومصدره مستهلك ساخط، ناجمًا عن توقعات ذلك الشخص المفتقرة تمامًا إلى الواقعية.

المشكلة الثالثة أن تغطية شبكة الإنترنت متفاوتة، فثمة قدر ضخم من المعلومات حول السيارات، لكن قدر المعلومات المتداولة عن الخدمات المحلية أقل كثيرًا: موثوقية محل التنظيف الجاف عند ناصية الشارع، أسعار المتجر الكبير بالمنطقة، مهارة طبيب الأسنان بالمربع السكني المجاور.

نتيجةً لهذه المشاكل — وبلا شك نتيجة للكسل الطبيعي وفقدان الاهتمام — لا يستخدم المستهلك الإنترنت للبحث عن معلومات الأسعار بالقدر المتاح له. من علامات ذلك أن التنبؤ المبكر بالتقارب السعري لم ينجح. ورغم التكهن بأن الإنترنت سيجعل جميع الأسعار تتقارب، فلا يزال تشتت الأسعار على الإنترنت كبيرًا كما هو الحال في الأسواق الواقعية التقليدية.16 ومن ثَمَّ، كما خلص فريق البحث الألماني، توفر شبكة الإنترنت سلطة مُمَكنَّة للمستهلك لكنها ليست سلطة فعلية.
مع ذلك، فحتى مع الاستخدام غير المثالي للإنترنت، يفضِّل السوق بوجه العام المستهلكين، فقد أكدت مجلة إيكونوميست أن: «الزعم بأن «العميل دائمًا على حق!» لطالما بدا أجوف، لكن السوق الرقمي الآن جعله حقيقة.»17

قيود السلطة

ثمة جدل دائر حول ما إذا كانت المعايير الاجتماعية تكبح السيطرة أم أن المعايير الاجتماعية يفرضها الطرف الأقوى.18 حُلَّ الجدل باستدعاء الأنواع المختلفة للمعايير (راجع الفصل الرابع). خارج سوق المستهلك، المعايير القسرية يفرضها الفاعلون أصحاب السلطة، أما معايير العلاقات فيضعها الأطراف المتعاونون. لكن في سوق المستهلك، تنشأ المعايير اللامركزية لحماية المستهلك من البائعين الأقوى سلطة.
من المهم تذكُّر أن المعايير اللامركزية للأسعار نشأت على مدار مئات السنين، إبان تلك الفترة تمتع البائعون بأفضلية السلطة. وحديثًا في ثمانينيات القرن العشرين، كان الباحثون لا يزالون يعلِّقون على «أفضلية السلطة التي يمتلكها التجار مقابل المستهلكين.»19 وقد تطورت المعايير الاجتماعية لكبح السلطة المتغطرسة لهؤلاء البائعين.
كانت المعايير الاجتماعية سببًا في عدم استغلال البائعين الذين يتمتعون بسلطة التسعير لهذه السلطة بالقدر الذي يمكنهم إياه.20 يتَّبع البائعون أصحاب السلطة مثل جونسون آند جونسون المعايير لحماية سمعتهم. إنهم لا يرغبون في أن يُعرَف عنهم أنهم جائرون، كما أنهم محترزون من رد فعل العميل القوي. وحسبما يزعم الاقتصادي روبرت فرانك في كتابه «عواطف في نطاق المنطق»،21 فإن احتمال تولُّد انفعالات الظلم اللاعقلانية لدى العميل هو ما يكبح البائع. يضطر البائعون إلى الحذر من الإساءة إلى العميل. إنهم مجبرون على الامتثال للمعايير الاجتماعية.
رغم أن المعايير تكبح جماح البائعين الأقوى سلطة، إلا أن البائعين الذين يفتقرون إلى السلطة يمثِّلون اليوم مشكلةً. عندما يكون البائعون ضعفاء، فإنهم يتواطئون من أجل إيجاد سبل للالتفاف حول المعايير. وطبقًا لاقتصاديات تكلفة المعاملات، يؤدي الاعتماد (وهو المقابل المباشر للتمتع بالسلطة) إلى سلوك انتهازي،22 فالبائعون المعتمدون على المستهلكين يجربون كثيرًا من التكتيكات الملتوية.

بسبب عدم قدرة البائعين الضعفاء على السيطرة على السعر، فإنهم يقحمون خلسة زيادات سعرية تفوق قدرة المشتري، ويحتالون على المشتري لدفع رسوم خفية وأقساط شهرية مضخمة وأعباء إضافية مختلقة، ويخفضون كمية المنتج في العبوات، ويضيفون رسوم «شحن وتفريغ» و«معالجة»، ويزيدون نفقات الوقود بغير وجه حق.

بعض البائعين الضعفاء يفرضون رسومًا إضافية على قسط السيارة الشهري دون الرجوع للمشتري أو رسمًا مقابل ضريبة مختلقة أو عقدًا معقدًا دون وجود ضرورة لذلك. تخالف كل هذه الممارسات المعايير الاجتماعية التي يتبناها مجتمعنا. بخرق البائعين الضعفاء المعايير الاجتماعية للأسعار، فإنهم يتصرفون بظلم صارخ، والمشتري الذي بات اليوم أقوى سلطة، سيردُّ له الصاع بالصاع.

للإنصاف، تجدر الإشارة إلى أنه رغم اتهام البائعين باستمرار بخرق المعايير، فنادرًا ما يُوجه الاتهام إلى المستهلك، ولأن معايير التسعير الاجتماعية نشأت لتحجيم البائعين الأقوى سلطة، فثمة معايير قليلة تُحَجِّم المستهلك. من المؤكَّد أن اقتراف المشتري للسرقة مخالف للقانون؛ فالمنتظر من المستهلك أن يدفع مقابل ما يشتري. يخالف المستهلك القانون باستخدامه إيصالات تحصَّل عليها لإعادة سلع مشابهة إلى المتجر، بدلًا من السلع التي اشتراها فعليًّا؛ فالأمر لا يقتصر على البائع وحده.

رغم أن المستهلك يسارع بالغضب عندما لا يتصرف البائع بأسلوب عادل، فإنه لا يشعر بتأنيب الضمير حيال تصرفه هو نفسه بأسلوب جائر. على سبيل المثال: المستهلكون الذين يشكلون مجموعات شرائية يشعرون بتبرير موقفهم عندما يطالبون البائعين بأسعار زهيدة للغاية أو يهددونهم بالتعامل مع غيرهم. عندما تقوم الشركات بذلك، مثل وول مارت، يتم اتهامها باحتكار الشراء؛ أي إساءة استخدام سلطة المشتري بشكل مخالف للقانون. لكن يتضح أن المستهلكين يشعرون بتبرير موقفهم عندما يسيئون استخدام سلطتهم، فيستخدمون الغوغائية عن طيب خاطر للمساومة على أسعار أرخص.23 في الواقع يبدو أنهم يجدون متعةً شريرة في تقلد زمام السلطة.

موجز الفصل

كان من المعتاد أن يتمتع البائعون بسلطة أكبر من سلطة المستهلكين، ولا يزال بعض البائعين، مثل شركات النفط، يتمتعون بها. عندما يتمتع البائعون بالسلطة، فإن بإمكانهم استغلالها لمصلحتهم، ولهم أن يتصرفوا على نحو جائر، لكن المعايير الاجتماعية تكبح جماحهم إلى حد ما.

أما الآن فقد انتقلت السلطة إلى يد المستهلك؛ فهو يتمتع بقوة المعلومات. يعيش المستهلك في سوق المشتري، حيث العرض يفوق الطلب. واليوم «العميل دائمًا على حق!»

يبدو أن المستهلك يستمتع بسلطته المكتسبة حديثًا، فإنها تمنحه شعورًا بالتحكم. تُظهر الأبحاث التي أُجريَت بالمؤسسات أن تنامي الشعور بالسيطرة يعزز الحكم بالعدالة،24 وهذا يشير إلى أن المستهلكين سيشعرون بأن السوق التي يتمتعون فيها بقدر أكبر من السلطة سوق عادلة؛ وعلى هذا، قد يؤدي شعور المرء بقدر أكبر من العدالة إلى مزيدٍ من الثقة في البائع، وهو موضوع الفصل المقبل.

تعريفات

مرونة السعر: مدى استجابة الكمية المباعة للسعر المفروض؛ فالافتراض هنا أنه مع زيادة السعر تقل المبيعات.
سوق البائع: ذلك الموقف الذي يتمتع فيه البائع بسلطة أقوى من المشتري لأن الطلب يفوق العرض.
سوق المشتري: ذلك الموقف الذي يتمتع فيه المشتري بسيطرة أقوى من البائع لأن العرض يفوق الطلب.
سلطة الجزاء: القدرة على التحكم في أفعال شخص آخر من خلال الثواب والعقاب.
السلطة الشرعية: القدرة على التأثير على أفعال شخص آخر مثل تحديد الأسعار.
سلطة الخبرة: القدرة على التلاعب بالأسعار نظرًا لتفوق المعرفة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤