الفصل الثالث

النموذج

لقد تجاوزت مرحلة الضيق إلى الاستشاطة غضبًا!

تأتي سائحة أوروبية لزيارة مدينة نيويورك، وتشتري فستانًا مقابل ١٠٠ دولار، لكنها تُطَالَب بمبلغ ١٠٨٫٦٣ دولارات. تُفاجأ بالمبلغ وتشعر بالاستياء، وتطلب معرفة سبب مطالبتها بأكثر من المكتوب على بطاقة السعر، فهذا — كما تقول — جائر! فيخبرها العاملون في المتجر أن الزيادة بسبب ضريبة المبيعات. يستمر شعورها بالضيق لكن ثورتها تهدأ.

قارن هذه التجربة بتجربة الشاب الذي يشترك بإحدى خدمات المحمول. السعر المعلن عنه ٣٩٫٩٥ دولارًا في الشهر مقابل خدمة محلية وإقليمية غير محدودة، لكن عندما وصلته الفاتورة وجد المقابل ٥٦٫٧٠ دولارًا. وكما حدث مع السائحة الأوروبية، تفاجأ بالسعر وشعر بالاستياء، ورأى أن السعر الذي تجاوز توقعاته جائر.

اتصل الشاب بالشركة ليعرف سبب زيادة قيمة الفاتورة عما توقعه. أخبرته الشركة أن السعر البالغ ٣٩٫٩٥ دولارًا لا يشمل مبلغ ٣٫٥٠ دولارات مقابل تكلفة الخط الفيدرالي، أو ٠٫٢٥ دولار مقابل خدمة نقل الرقم المحلي من شبكة إلى أخرى، أو ٦٫٠٠ دولارات مقابل خدمة المكالمات بعيدة المدى، أو ٢٫٥٠ دولار مقابل الوصول إلى الشركة الموفرة لخدمة المكالمات بعيدة المدى، أو ٤٫٠٠ دولارات مقابل الخدمة للعملاء محدودي الدخل، أو ٠٫٥٠ دولار مقابل خدمة الطوارئ ٩١١. على عكس السائحة الأوروبية التي زارت نيويورك، لم يشعر الشاب بالاستياء فحسب بل استشاط غضبًا لأنه خُدِع، فكتب إلى الصحافة، وتواصل مع مكتب تحسين الأعمال التجارية، وفضح شركة المحمول أمام أصدقائه.

في كلتا الحالتين السابقتين، واجه المستهلكان أسعارًا أعلى مما توقَّعا أن يدفعا؛ وعليه، رأى كلاهما أن السعر مبدئيًّا جائر. ومع ذلك، قبِلت صديقتنا الأوروبية السعر الأعلى لكن مستهلك خدمة المحمول لم يتقبل السعر. يرجع الفارق في رَدِّ فعل كلا المستهلكَين إلى التبرير؛ السبب وراء ارتفاع السعر عن المتوقع. قيل للمتسوقة الأوروبية سببٌ مشروع للسعر فقبلَتْ به على مضض، وقيل لمشتري خدمة المحمول مبررٌ ضاعَفَ من شعوره المبدئي بالظلم؛ ونتيجة لذلك اقتصَّ من الشركة. الفارق بين رَدَّيِ الفعل على السعر الأعلى من المتوقع يفسره نموذج العدالة الذي وضعه ديفيد ميسيك، أستاذ الأخلاقيات وصنع القرار، بالتعاون مع كريستل روت.1

تقوم فكرة نموذج روت وميسيك على أن عدالة النتائج تُقيَّم أولًا كتفضيل. وما دام الناس يشعرون بالرضا عن النتيجة — إذا كانت كما توقعوا — فإنهم يعتبرونها عادلة، ولا تحدث أي معالجة إضافية للمعلومات.

أما إذا كانت النتيجة مفاجئة — ولا سيما إذا كانت مفاجأة غير سارة — فإن الناس يشعرون بالضيق الشديد، ويتطلَّعون إلى تقليل شعورهم بالضيق بإيجاد تبرير لما حدث، فإذا وجدوا سببًا مشروعًا، فإنهم يعتبرون النتيجة عادلة. أما إذا لم يكن السبب مقبولًا، فإن الأفراد يتخذون مواقف انفعالية، ويبحثون عن سُبلٍ للاقتصاص.

النموذج المقترح هنا يطبِّق نموذج روت وميسيك على الأسعار، مع وضع عملية اتخاذ قرار السعر المنصف في إطار المعايير الاجتماعية، وإضافة تأثير الثقة والسلطة. ويبدأ نموذج السعر العادل (انظر الشكل ٣-١) بتصور المستهلك للعدالة الشخصية للسعر.

إذا ارتأى المستهلك أن السعر عادل على المستوى الشخصي، فسينتقل إلى عملية شراء السلعة. أما إذا كان السعر جائرًا على المستوى الشخصي، فسيشعر المستهلك بالضيق، ويتجه إلى التفكير في العدالة الاجتماعية للسعر. إذا كان حكمه عليها إيجابيًّا، فسيعيد التفكير في العدالة الشخصية، لكن إذا كان حكمه على العدالة الاجتماعية سلبيًّا، فسيشعر المستهلك بالغضب، ويتجه إلى عقاب الشخص المسئول. وتتأثر حدَّة ردة فعله ﺑ «سلطة» البائع، وكذلك «ثقته» في البائع.

fig1
شكل ٣-١: نموذج السعر العادل.

العدالة الشخصية

إن الباعث المبدئي لاعتبارات العدالة لدى المستهلك هو التقييم الإدراكي للسعر، وحسب منظور المعيار الاجتماعي، يعتقد المستهلكون أن السعر ينبغي أن يكون مثلما يتوقعون، وأن كيفية تحديد السعر وكيفية عرضه ينبغي أن تكونا مثلما يتوقعون. عندما يتفق السعر والمعايير الاجتماعية، يراه المستهلك عادلًا على المستوى الشخصي، ولا توجد حاجة إلى إصداره حكمًا على العدالة الاجتماعية للسعر، لكن إن لم تكن النتيجة عادلة على المستوى الشخصي فسيشعر المستهلك بالضيق الشديد.

أطلق ليون فستنجر على الضيق الشديد المتسببة فيه النتائج غير المتوقعة «التنافر المعرفي».2 إنه الشعور المزعج التي يأتيك عندما لا يتوافق الواقع مع اعتقاداتك السابقة، بما فيها المعايير. (انظر «لو كانت شركات الطيران تبيع الطلاء» في نهاية هذا الفصل) وهذا الإزعاج يدفع الناس إلى إيجاد حل، وقوة هذا الحافز تتناسب طرديًّا مع حجم التنافر.

هَبْ مثلًا أنك تشتري قطعة حلوى، وثمنها ١٫٥٠ دولار، وهو ثمن مُبالَغ فيه كما هو واضح، فتقول في نفسك: «هذا جائر بشكل صارخ!» لكن ترجع وتفكر مرة أخرى: إن الزيادة لا تتعدى ٠٫٢٥ دولار عما توقعت، وبإمكانك تذكُّر أنك طالعت أسعارًا مشابهة في الماضي؛ ومن ثَمَّ فليس هذا السعر مفاجأة كبيرة لك؛ فهو لا يسبب لك سوى قليل من الضيق؛ ولذا، فإن التنافر المعرفي الناجم عن السعر ليس قويًّا، وتقول في نفسك: «لا يهم إذا كان السعر جائرًا أو لا! لِمَ لا أشتري الحلوى وأستمتع بها؟»

وفي المقابل، تأمَّل سيدة — لنطلق عليها سالي — تريد شراء سيارة رياضية جديدة. طالعت سالي إعلانات مغرية تطرح أسعارًا تبلغ ٣٥٠٠٠ دولار، لكن عندما توجهت للتاجر، أثار حنقها أن السعر الفعلي كان ٤٥٠٠٠ دولار، وهو ما يزيد كثيرًا على ما توقعت! ويؤدي هذا البون الشاسع إلى تنافر معرفي وضيق شديد؛ وينجم مقدار شعورها بالضيق الشديد عن توقعاتها السابقة.

ولأن مقدار الضغوط التي يتعرض لها المستهلك يعتمد على ما يتوقعه، فيمكن أن تكون لعميلين استجابات مختلفة تمام الاختلاف إزاء السعر نفسه، فبينما رأت سالي أن السعر البالغ ٤٥٠٠٠ دولار جائر، فإن شخصًا آخر توقع أن يكون السعر ٥٠٠٠٠ دولار سيعتقد أن ٤٥٠٠٠ سعر عظيم.

في حالة سالي، مشترية السيارة المُحبَطة، فإن بإمكانها تقليل الضغوط التي ألمَّت بها، بتغيير أفكارها التي أفضت لشعورها.3 باستطاعتها أن تقرر أن «٤٥٠٠٠ سعر غير باهظ في الواقع.» (تصادف أن هذه الفكرة هي تحديدًا ما كان يخبرها بها مسئول المبيعات).

أو يمكنها تغيير الإجراء الذي تنوي اتخاذه، فتقول: «لا حاجة لي لسيارة رياضية، ستكون السيارة الهجينة عملية أكثر.» أو يمكنها التفكير فيما إذا كان السعر المرتفع يتفق ومقياس المجتمع للعدالة الاجتماعية.

العدالة الاجتماعية

يمثل تحديد العدالة الاجتماعية عملية من خطوتين: تتضمن الأولى عدالة النتيجة، وإن غابت هذه النتيجة فإن الخطوة الثانية تتضمن عدالة العملية التي أفضت إلى النتيجة.4 يُطلق على هذين الجانبين من العدالة الاجتماعية: «العدالة التوزيعية»5 و«العدالة الإجرائية».6 ويعتمد هذان النوعان من العدالة على المعايير الاجتماعية.
المعيار الأوليُّ للعدالة التوزيعية هو «معيار الإنصاف»، والذي ينص على أن المنافع الاقتصادية ينبغي أن تتناسب مع التكاليف (أو الجهد). والفكرة واضحة في القول المأثور: «الغالي ثمنه فيه.» لكن المعيار الاجتماعي يضفي معنًى آخر على القول المأثور؛ حيث تعتقد أنك ينبغي أن تحصل على مكافئ لقاء ما تدفع، وهذا الاعتقاد هو المعيار الاجتماعي الجامع المعروف باسم المعاملة بالمثل:7 «الشيء بالشيء»، «الصاع بالصاع.»

نعود إلى سالي، لقد فكرت في البداية إنْ كانت المقايضة تستند إلى مبدأ الإنصاف. فلقاء مبلغ ٤٥٠٠٠ دولار هل تحصل على سيارة تكافئ قيمتها النقود التي ستدفعها؟ إذا كانت الإجابة بالإيجاب، فسيكون حكمها على السعر أنه عادل وسترتضي عملية الشراء.

لكن أغلب الظن أنها وجدت الموقف غامضًا؛ فعلى قدر ما تعجبها السيارة لا يمكنها التأكد مما إذا كانت الصفقة رابحة؛ ونتيجة لذلك، فمن المرجح أنها ستسعى لمعرفة كيف تحدد السعر، فتطلب مقابلة المدير.

يشرح لها المدير أنهم اضطروا إلى زيادة السعر بسبب حدوث تغيُّر في سعر الصرف: فالدولار أُضعِف أمام العملات الأجنبية؛ ومن ثَمَّ تكلِّف الواردات أكثر، فتستنتج سالي أن هذا عادل اجتماعيًّا لأنه سبب مشروع. ثمة معيار اجتماعي يقول إنه ينبغي للشركات أن تحدد أسعارها بناءً على التكاليف التي تتحملها؛ وعليه، قد تقبل السيدة السعر المرتفع كسعر عادل وتُتم عملية الشراء … على افتراض أنها تستطيع تحمُّل المبلغ.

لكن هَبْ أنها اكتشفت أن السيارة تم استيرادها قبل انخفاض سعر الدولار بوقت طويل، فتستنتج حينها أن المدير يكذب، وهذا سيعني أن الشركة لم تكتفِ بخرق المعيار الاجتماعي الذي يقضي بالتسعير العادل، بل المعيار الاجتماعي الذي يحظر الكذب. ستُصدر سالي حكمًا بأن السعر جائر شخصيًّا وكذا اجتماعيًّا، وستستشيط غضبًا.

لم يكن رد فعل سالي المبدئي حيال السعر المرتفع سوى تبرُّم طفيف: («لست راضية عن هذا السعر!») لكن بعد أن اكتشفت كذب المدير ثارت ثائرتُها: («الآن أنا لست متضايقة فحسب، بل أستشيط غضبًا!»)

من المرجح أنها ستفترض بما أن المدير خرق معيارين اجتماعيين، فأغلب الظن أنه خرق معايير أخرى. وتفكر قائلةً: «هؤلاء المخادعون لا يعبَئون إلا بأرباحهم القذرة. وليكن! سأنتقم منهم!»8 لم تستشط غضبًا فحسب بل هي تشعر بأن ثمة مبررًا أخلاقيًّا لغضبتها. تشعر سالي أن غضبتها مدعومة بمعايير اجتماعية يقبلها كل الأخيار والعاقلين، وسيكون لغضبها عواقبه.
يؤدي الغضب الناجم عن حكم بالتعرض للظلم في نموذج السعر العادل إلى العقاب. ربما يكون العقاب سلبيًّا فحسب، ويتمثل في عدم شراء سالي السيارة، واتخاذ موقفٍ عدائي مستشيط من البائع.9 لكن ربما يكون العقاب نشطًا أيضًا، ويتمثل في تقديم شكوى إلى الشركة أو إلى أصدقائها، أو التعامل مع شركة أخرى،10 وربما اتخاذ إجراء قانوني.

الثقة والسلطة

يعتمد رد فعل المستهلك إزاء الظلم الشخصي والاجتماعي على ما إذا كان قد كوَّن بالفعل علاقة ثقة مع البائع أم لا. يمكن للغضب والثقة أن يتفاعلا أحدهما مع الآخر في حلقة مفرغة: فالغضب الناجم عن الظلم الاجتماعي يمكن أن ينتقص من الثقة المستقبلية؛ الأمر الذي بدوره يجعل العدالة أمرًا مشكوكًا فيه. لكن الحلقة يمكن أن تكون أيضًا فعَّالة؛ فالثقة السابقة لها أن تخفض من مفعول الغضب. إذا كان للبائع سمعة قوامها النزاهة في المعاملات، فسيفترض فيه المستهلك حسن النية،11 وستخفُّ غضبته الناتجة عن حكم الظلم الاجتماعي الذي أصدره.

وإذا كان المستهلكون يثقون في النظام، وكذا في البائع، فسيكونون أكثر استعدادًا لقبول السعر كسعر مشروع. وحتى إذا وجدوه جائرًا بعض الشيء على المستويين الشخصي والاجتماعي، فمن المرجح أن شعورهم بالغضب سيقل. ولكن إذا اعتبر السعر جائرًا إلى حد فادح، فقد يشعرون أن البائع قد خان ثقتهم خيانة كبرى، وسيزدادون غضبًا على غضب.

السلطة، كالثقة، تؤثِّر على الاستجابة إزاء العدالة الشخصية والاجتماعية؛ إذ تؤثِّر على العدالة الاجتماعية بتوعية المستهلك إزاء الشواغل المتعلقة بالعدالة. إن المستهلكين الذين يشعرون بقلة حيلتهم يتحفزون للحذر من البائعين الذين قد يستغلُّون موقفهم الضعيف، لكن عندما يحين وقت اتخاذ موقف إزاء ما اعتُبِر ظلمًا من منظور المستهلكين الضعفاء؛ فربما يضطرون للإذعان؛ فالمرضى الذين لا يتمتعون بتأمين صحي يضطرون إلى دفع تكاليف علاجهم مهما بلغت. لا يهم مدى شعورهم بالظلم إزاء السعر، فهم مجبرون على شراء العلاج؛ لأنهم لا يملكون بديلًا، لكنهم سيكرهون الشركة المتسلطة التي تصرفت بمثل هذا الظلم.

موجز الفصل

عندما يقيِّم المستهلكون السعر ويعتبرونه جائرًا على المستوى الشخصي، فإنهم يشعرون بالضيق الشديد. يشير نموذج السعر العادل إلى أنهم سيتحركون لتحري العدالة الاجتماعية للسعر. فإن كان حكمهم على السعر أنه جائر، والعملية التي تحدَّد بها السعر أنها مجحفة، أو كلاهما، فستزداد غضبتهم. لن يشعروا بالانزعاج فحسب، بل سيستشيطون غضبًا، وسيبذلون جهدًا للانتقام. ستشرح الفصول التسعة القادمة كل خطوة من خطوات النموذج بتفصيل أكبر، بدءًا بإطار المعايير الاجتماعية.

تعريفات

النموذج: تمثيل مبسط لكيفية ارتباط الأفكار، وغالبًا ما يتخذ شكلًا بيانيًّا.
الضيق الشديد: حالة انفعالية سلبية تتشكل من مشاعر الإحباط أو الانزعاج أو الحنق الطفيف.
الغضب: حالة انفعالية سلبية بالغة العدائية، تتكون من مشاعر الثورة والاتقاد والاستياء والتحفز للآخرين.
السلطة: القدرة على جعل الآخرين يقومون بما تريدهم أن يفعلوه، حتى عندما لا يريدون ذلك.
الثقة: الاعتقاد بأن شخصًا آخر سيتصرف لتحقيق مصلحتك حتى عندما تكون لديهم السلطة لاستغلالك.
التنافر المعرفي: الانزعاج الناجم عن اصطدام الواقع بالتوقعات السابقة.
العدالة التوزيعية: عندما تتفق النتيجة مع المعايير الاجتماعية التي تُملي الكيفية التي ينبغي بها تخصيص السلع أو تعيين الأسعار.
العدالة الإجرائية: عندما تتفق عملية ما مع المعايير الاجتماعية التي تُملي الكيفية التي ينبغي أن يتصرف بها الناس في مختلف المواقف.
معيار الإنصاف: القاعدة القائلة بأن ما تدفعه ينبغي أن يكافئ قيمة ما تحصل عليه.

لو كانت شركات الطيران تبيع الطلاء

يصل العميل إلى متجر يونايتد بينت للطلاء.

العميل : مساء الخير! بِكَم الطلاء لديكم؟
الموظف : لدينا أكثر من سعر يا سيدي.
العميل : علامَ يتوقف السعر؟
الموظف : على كثير من العوامل في الواقع.
العميل : حسنًا، أطلعني على متوسط الأسعار!
الموظف : هذا سؤال تصعب إجابته! أدنى سعر ٩ دولارات للجالون الواحد، ولدينا ١٥٠ سعرًا مختلفًا أقصاها ٢٠٠ دولار للجالون.
العميل : ما الفارق بينها من حيث الطلاء؟
الموظف : لا يوجد أي فارق، كلها الطلاء ذاته.
العميل : حسنًا، أريد بعضًا من الطلاء الذي يبلغ ثمنه ٩ دولارات.
الموظف : وهو كذلك، لكن أولًا أريد طرح بضعة أسئلة عليك. متى تنوي استخدام الطلاء؟
العميل : أود طلاء منزلي غدًا، إنه يوم عطلتي.
الموظف : سعر الطلاء المخصص للاستخدام غدًا ٢٠٠ دولار يا سيدي!
العميل : متى سيتسنَّى لي استخدام الطلاء لكي أحصل على الذي تبلغ قيمته ٩ دولارات؟
الموظف : هذا سيكون بعد ثلاثة أسابيع، لكن سيكون عليك الموافقة على بدء الطلاء قبل يوم الجمعة من ذاك الأسبوع، وتستمر في الطلاء حتى يوم الأحد على الأقل.
العميل : ماذا؟ لا بد أنك تمازحني!
الموظف : لا مجال للمزاح في عملنا يا سيدي! سيتعين عليَّ التأكد من وجود الطلاء قبل أن أتمكن من بيعه لك.
العميل : ماذا تعني بالتأكد من إمكانية بيعي إياه؟ خلفك رفوف حافلة بالطلاء! يمكنني رؤيتها من هنا!
الموظف : رؤيتك الطلاء يا سيدي لا تعني إتاحته لنا. ربما يكون الطلاء الذي تريد، لكننا لا نبيع سوى عدد معين من الجالونات في عطلات نهاية الأسبوع. أوه! لقد ارتفع سعر الجالون إلى ١٢ دولارًا للتوِّ. لم يعد لدينا من الطلاء ذي التسعة دولارات.
العميل : هل تعني أن السعر ارتفع بينما نتحدث؟
الموظف : نعم يا سيدي! إننا نغير الأسعار والقواعد آلاف المرات يوميًّا؛ وبما أنك لم تغادر متجرنا بالطلاء، فقد قررنا تغيير السعر. أقترح عليك يا سيدي أن تباشر عملية الشراء. كم جالونًا تريد؟
العميل : لا أعرف تحديدًا، ربما خمسة جالونات. ربما ينبغي أن أشتري ستة جالونات حتى أتأكد من وجود ما يكفي.
الموظف : لا يا سيدي، لا يمكنك ذلك. إذا اشتريت طلاءً ولم تستخدمه فستكون عرضةً لجزاءات وإمكانية مصادرة الطلاء الذي في حوزتك.
العميل : ماذا؟!
الموظف : كما أطلعتك يا سيدي! يمكننا أن نبيع لك ما يكفي من الطلاء لدهان مطبخك وحمامك وردهتك وغرفة نومك الشمالية، لكن إذا توقفت عن الدهان قبل أن تدهن غرفة نومك، فستنتهك سياسة التعريفات لدينا.
العميل : ما أهمية استخدامي للطلاء كله؟ لقد دفعت لكم ثمنه!
الموظف : لا فائدة من عصبيتك يا سيدي! هذا هو النحو الذي تسير عليه الأمور. نحن نُعدُّ خططنا بناءً على أنك ستستخدم الطلاء كله، وعندما لا تستخدمه، ستسبب لنا مشاكل جمة.
العميل : هذا جنون! أفترض أن عقابًا شديدًا سينزل بي إذا لم أواصل الطلاء إلى ما بعد ليلة السبت!
الموظف : نعم يا سيدي! هذا ما سيحدث!
العميل : هكذا إذن! سأذهب إلى متجر آخر لشراء الطلاء.
الموظف : لا ينفعك هذا بشيء يا سيدي! نعمل جميعًا وفق القواعد ذاتها. شكرًا على الطيران — أقصد الطلاء — على خطوطنا الجوية.
أعيدت طباعته بتصريح من آل هيس

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤