الباب السادس

في الكلام على مملكة البروسية

(١) في تاريخها

اعلم أن أصل نشأة الدولة البروسيانية كان بإيالة براندبورغ، وأول من استوطنها في زمن تاسيت الروماني — المؤرخ الشهير المولود سنة أربع وخمسين مسيحية — أمةُ اللومبارد، وجماعة البورغوند، وجماعة السمنون التي كانت تزعم أنها أعز وأشجع أمم السواف، وهم قسم كبير من الأمم الجرمانية، ثم أمة الغوتون التي هي قسم من الفاندال. ثم في حدود القرن الخامس من الميلاد المسيحي طردتْ أمةُ الفاناد تلك الأمم، واستقرت مكانها بتلك الإيالة، وأغارت تلك الأمم المطرودة على عدة إيالات للرومان فمكثت بها، ولم تلبث أمة الفاناد مدة يسيرة حتى انقسمت إلى عدة أقسام صغيرة. ثم في القرن الثامن دخلت تحت سلطة شارلمان فجعلها إيالة في تخوم مملكته، ثم استولى عليها الكونت سيجفريد صاحب الساكس بلقب مارغراف البراندبورغ في سنة سبع وعشرين وتسعمائة، ثم دخلت بالإرث ليد ألبرت الملقب بالدب من بيت أنهالت، وقد ترقى في ذلك الوقت إلى خطة أليكتور واستقام به حال تلك الإيالة، وتهذبت أخلاق أهلها وانتقلوا به من حالة الوثنية إلى النصرانية.

وفي ذلك الوقت كانت تلك الإيالة منقسمة على ثلاثة أقسام، وهي: المارش القديمة الكائنة غربي وادي الألب، والمارش المتوسطة بين وادي الألب والأودر، والمارش الجديدة بشرقي الأودر. ثم في ابتداء القرن الخامس عشر دخلت تلك الإيالة بطريق الإرث في حوز عائلة لوكسامبورغ، ولما صار ملك بوهيميا سيجزموند إمبراطورًا جعل فردريك السادس من عائلة هوهنزولرن الذي كان بورغرافًا في نورمبرغ واليًا عليها. ثم إن أحد كونتات هوهنزولرن اسمه كونراد وهو جد عائلة براندبورغ كان حائزًا بورغرافية نورمبورغ من سنة أربع وستين ومائة وألف، وبقيت في حوز ذريته إلى عام واحد وثمانمائة وألف، واستولى ذريته من سنة ثمانٍ وأربعين ومائتين وألف إلى سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف على عدة بلدان منها آنسباخ وكولمباخ، ولم يبقَ خارجًا عن ملكهم من فرنكونيا إلَّا جانب يسير. ثم انقسم ملكهم بعد ذلك بين ابني فردريك الخامس؛ وهما: جان الثالث الابن البِكر وفردريك السادس الابن الثاني، وهذا الأخير اشترى في أوائل القرن الخامس عشر من الإمبراطور مارغرافية براندبورغ بثلاثمائة ألف فيورين وأخذ لقب أليكور الذي كان يتلقب به حاكم تلك الإيالة، وتسمى بفردريك الأول من براندبورغ، وذرية هذا الأمير هم الذين يتداولون رئاسة تلك المملكة اليوم باسم ملوك بروسيا.

ولم تكن إيالة براندبورغ محتوية في ذلك الوقت إلَّا على المارشين القديمة والمتوسطة، ثم أضاف إليهما فردريك الثاني الملقب بسن الحديد المارش الجديدة التي افتكها من الكفالييرات التوتونيك المتقدم ذكرهم في سنة خمس وأربعين وأربعمائة وألف، ولم تزل هاته الإيالات بأيدي آل بيته إلى ابتداء القرن السابع عشر.

ثم بمقتضى الشرط المنعقد في سانتن سنة أربع عشرة وستمائة وألف بواسطة دَوْلَتَي فرنسا وإنكلترة وبعض دول ألمانيا وشرط دوسلدورف المنعقد سنة أربع وعشرين وستمائة وألف أضاف الأليكتور جان سيجزموند إلى إيالاته دوكاتو كليف وكونتي المارك والرافنسبرغ. ثم إن جان المذكور المتزوج بابنته ألبرت الثاني الذي كان آخر دوك ببروسية ورث سنة ثمان عشرة وستمائة وألف الدوكاتو المذكورة التي كانت راجعة لسلطة بولونيا، فسكان بروسية كانوا في القديم أُمَّتَيِ الغوتون والفاندال وغيرهم، وكانت معدودة من المملكة الغوتية، ثم بعد خروجهم منها أغار عليها أمم من السلاف كانت فيهم جماعة الليتوانيين والبروس الذين كانوا يسكنون شاطئ وادي الفيستول، وتسمَّت مملكة بروسية باسمهم. وقد كان هؤلاء القوم من عَبَدة الأوثان المتوحشين إلى أواخر القرن الثاني عشر من التاريخ المسيحي.

وفي مبادئ القرن الثالث عشر رام دوك مازوفيا واسمه كونراد إدخالهم في دين النصرانية، فدافعوه وخربوا ممالكه سنة سبع ومائتين وألف، فاستغاث أولًا بجماعة الكفالييرات الملقبين في اللاتينية بأنسيفري؛ أي حاملي السيوف في سنة خمس عشرة ومائتين وألف، ثم بالكفالييرات التوتونيك في سنة ست وعشرين فانتصرت الجماعة الأخيرة تحت رئاسة كبيرهم هرمان من سالزا في سنة سبع وثلاثين والتي بعدها، وكان ذلك مبدأ افتتاح تلك البلدان المتبربرة، وتم فتحها في سنة ثلاث وثمانين. ثم إن الجماعة الأخيرة استقروا في بروسية وجعلوا رئيس إدارتهم الكبير في ماريانبورغ سنة تسع وثلاثمائة وألف، وكان مستقرهم قبل ذلك بأرض الشام حين كانوا ممن يحارب المسلمين لأخذ بيت المقدس، فخرجوا منها وتركوها لهم في حدود سنة تسعين ومائتين وألف. وحين استقروا بأرض بروسية قام بختها بهم ووفدت عليهم طوائف من الألمان فبنوا مدنًا جليلة اختصت بمزايا كمزايا الجمهورية، إلى أن تكوَّن من أهاليها الطبقات الثلاث الذين كانوا بمجلس الديانات، إلَّا أن رئاسة المملكة بقيت بيد جماعة التوتونيك الذين بلغوا نهاية القوة والغنى شيئًا فشيئًا ثم تنازل أمرهم واختل نظامهم؛ حيث تحكمت فيهم دواعي الرفاهية والإسراف فآلَ أمرهم إلى التخاذل والتكاسل حتى تضعضع إيوانهم وذهب عنفوانهم بعد أن اشتدت وطأتهم على رعاياهم، وبلغ نهبهم وإفسادهم إلى حيث لا يطاق، حتى صارت الأهالي تستعين عليهم بأهل بولونيا، ولم تزل الحروب متقدة بينهم إلى أن فقدوا شوكتهم واستقلالهم بالكلية، وأول حرب قطعت أوداج شوكتهم حرب جماعة البولونيين لهم في تاننبرغ سنة عشر وأربعمائة وألف، ثم ما كان في سنة أربعين وأربعمائة وألف من تعصب طوائف عديدة عليهم كأهل دانتسيك والبينغ وطورن وغيرهم مع أعيان من عدة إيالات. وفي سنة أربع وخمسين وأربعمائة وألف دخلوا تحت حماية كازيمير الرابع ملك بولونيا. ثم بمصالحة طورن في سنة ست وستين وأربعمائة وألف وضعت الحرب أوزارها بانقسام بروسية قسمين؛ غربي وشرقي، فالأول صار جزءًا لمملكة بولونيا باسم بروس ويدعى بروس بولونيا، والثاني بقي بأيدي ولاتها باسم بروس توتونيك تحت رعاية بولونيا.

وفي سنة إحدى عشرة وخمسمائة وألف استولى على جماعة التوتونيك المذكورة المارغراف ألبرت، وهو من بيت براندبورغ من الفرع الثاني من تلك العائلة، واتبع المذكور مذهب لوتير وحل أحباس التوتون وأدخلها في بيت مال الدولة، وذلك في سنة خمس وعشرين وخمسمائة وألف، وجعل ممالكه المشار إليها وراثة في ذريته مع بقائها تحت رعاية بولونيا، ومن ذلك الوقت صارت هاته المملكة تدعى باسم بروس دوكال.

ثم إن تاج الملك انتقل إلى زوج ابنة فردريك ألبرت الثاني، وهو جان سيجزموند أليكتور براندبورغ المتقدم ذكره في سنة ثمان عشرة وستمائة وألف، غير أنه لم يتيسر لأمراء براندبورغ تطويع تلك الممالك الداخلة في حوزهم بالإرث لاشتغالهم بحروب الثلاثين سنة. ثم إن فردريك غليوم الملقب بالأليكتور الكبير استخلص البلاد من ورطة الاضمحلال بعد أن أسلم للسويد إيالة البومرانيا السيتاريور في معاهدة وستفاليا سنة ثمانٍ وأربعين وستمائة وألف وفتح البومرانيا الشرقية، مع إيالات أخرى كان بعضها في حكم أساقفة وبعض في حكم رؤساء أساقفة، ثم بمعاهدة والهاو في سنة سبع وخمسين وستمائة وألف تحررت إيالته من حماية بولونيا وحصل لهذا الأمير شهرة عظيمة في الناحية الجنوبية باستخلاص بولونيا ودنيمرك من سلطة السويد بمشارطة أوليغا في حدود سنة ستين وستمائة وألف. ثم دخل الأمير المذكور في التحالف مع أعداء فرنسا سنة أربع وسبعين وستمائة وألف، وكان له مزيد اعتناءٍ في محاربتها. وفي سنة ست وسبعين وستمائة وألف آوى إلى مملكته عشرين ألفًا من البروتستانت الذين طُردوا من فرنسا حين رجع ملكها عن معاهدة نانت، وكان أولئك المطرودون هم الذين عمَّروا براندبورغ بالحراثة ومهدوا بها طرق التمدن. ثم إن فردريك الثالث وارث الأمير المذكور أعان الإمبراطور ليوبولد على التُّرك سنة ثلاث وثمانين وستمائة وألف ودخل في محالفة أوغزبورغ ضدًّا للوزير الرابع عشر سنة أربع وثمانين وستمائة وألف، ثم دخل في المحالفة ضد لويز المذكور في حروب وراثة إسبانيا سنة سبعمائة وألف، لكن كان دخوله في هذه المحالفة غاليًا على إمبراطور ألمانيا؛ لأنه طلب منه أن يلقبه باسم ملك فصارت إيالته مملكة. وفي أوائل سنة إحدى وسبعمائة وألف تُوِّج بالفعل في مدينة كانغزبرغ، وسمي بفردريك الأول واعترفت أوروبا بتلك المملكة الجديدة في مصالحة أوترخت سنة ثلاث عشرة وسبعمائة وألف، وأضاف بعد ولايته إلى مملكته إمارة مورس في سنة اثنتين وسبعمائة وألف وأرض تكلنبورغ وفالنغن وإمارة نوشتيل في سنة سبع وسبعمائة وألف. ثم في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة وألف أضاف لمملكته أيضًا قسمًا من الغلدر. ثم في مصالحة سطوكهولم الواقعة بعد حروب الشمال الكبرى سنة عشرين وسبعمائة وألف أخذ ابنه فردريك غليوم الأول إيالات فولن وأوسدوم وستتين والنصف من بومرانيا القبلية وجيَّش جيوشًا معتبرة مع خزانة عامرة.

وبالجملة فقد ترك مملكة خصبة عامرة لابنه فردريك الملقب بالكبير سنة أربعين وسبعمائة وألف الذي تسمى به أسلافه، وبقي في الملك أربعين سنة نافذ الكلمة في سائر ممالك أوروبا. وفي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وألف والتي بعدها اغتنم من عائلة أوستريا جميع السيلازيا إلَّا قليلًا منها وكونتية غلاتس، وبقيت هذه على ملكه بعد صلح آكس لاشاييل الواقع في سنة ثمانٍ وأربعين وسبعمائة وألف وصلح هوبرتسبورغ الواقع في سنة ثلاث وستين وسبعمائة وألف، وقاوم التعصب القوي الواقع من فرنسا وأوستريا والروسية والساكس والسويد في الحروب المسماة بحروب السبع سنين المتقدم ذكرها من سنة ست وخمسين وسبعمائة وألف إلى سنة ثلاث وستين وسبعمائة وألف. وبالجملة فقد آل أمر هذا الملك إلى أن وضع مملكته في الصف الأول من ممالك أوروبا الحربية. وفي سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة وألف التي اقتسمت فيها بولونيا أخذ في حصته البروس البولونيز عدا دانتسيك وطورون.

ومما يحكى عن هذا الملك أنه بعد انتهاء تلك الحروب المذكورة أسس إدارة مملكته على قوانين مرعية بين الراعي والرعية، وشرع في إنشاء قصر جليل الشأن رفيع البنيان في بستان يناسب ظرفه فخامةَ المظروف؛ للدلالة على ما له من القوة والسلطان، فاعترض لإحدى زوايا القصر طاحون تدور بالريح كانت لرجل من العامة فاستباعها منه المكلف بالبناء، فأبى من بيعها فضاعف له الثمَن فامتنع فلم يجد المكلف بدًّا من عرض النازلة على الملك، فاستدعى الملك الرجل وقال له: لماذا امتنعت من البيع وقد ضوعف لك الثمن؟ فأجابه بقوله: مولاي إني لا أبيعها أبدًا وهي عندي بمنزلة بوستدام. (يعني قصر الملك بالمدينة المسمى بذلك الاسم) فقال له الملك: ألم تعلم أني قادر على افتكاكها غصبًا وأخذها مجانًا؟ فأجابه الرجل بتهكم: نعم، أنت قادر على افتكاكها مني إن لم يكن عندنا قضاة ببرلين (أي تخت المملكة وهذه العبارة صارت اليوم مثلًا عندهم)، فضحك الملك والْتفتَ إلى أصحابه قائلًا: لعمري لقد صدق الرجل وما لنا إلَّا تبديل صورة قصرنا. فبقيت الطاحون على حالها إلى اليوم بجانب القصر، وسمَّى الملك ذلك القصر باسم صاحب الطاحون. انتهت الحكاية. أقول: قد علم الرجل أن الملك لا يقدر على افتكاك الطاحون بدعوى أنها للمصلحة العامة؛ إذ القصر والبستان إنما هما لمصلحة الملك الخاصة، ولذلك لم يتزحزح بالتهديد قاصدًا بامتناعه معرفة هل كان الملك يفي بما وعد من العدل أو يحيد عنه لشهوة نفسه، فلما رأى احترامه لشريعة البلاد وأحكامها أوقف الطاحون على الملك وذريته، وهي باقية شاهدة على عدل ذلك الملك يقصدها المسافرون إلى يومنا هذا، وقد شاهدناها.

وعند الاقتسام الثاني لبولونيا الواقع سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة وألف دخلت دانتسيك وطورن مع جميع بولونيا الكبرى في حوز فردريك غليوم الثاني. هذا، ولدخول الملك المذكور في المحالفة المضادة لفرنسا اضطر في مصالحة بال الواقعة في سنة خمس وتسعين وسبعمائة وألف إلى تسليم ما كان في حوزه بالناحية الشمالية من شاطئ الرين، لكن في الاقتسام الثالث الواقع في هذه السنة أيضًا اعتاض ما خرج من يده بإضافة إيالة بياليستوك وبلوك وغيرهما إلى مملكته، وكان قبل ذلك بخمس سنين اشترى إمارة آنسباخ وبايروت، ثم لما حارب فردريك غليوم الثالث نابوليون وكانت دائرة الحرب عليه في يانه ضيع بمصالحة تيلسيت سنة سبع وثمانمائة وألف جميع ما كانت تملكه البروسية في وستفاليا وفرنكونيا ثم بولونيا الكبرى التي صارت في ذلك الوقت دوكاتو كبرى لفرسوفيا، وتحددت بروسيا بوادي الأودر وسقط اعتبارها، بيد أن سقوط نابوليون رفعها دفعة واحدة وأن مجمع ويني أرجع لها في سنة أربع عشر وثمانمائة وألف مقدار ربع بولونيا الكبرى تقريبًا وجميع الممالك التي كانت بيدها عدا آنسباخ وبايروت، كما التحق بها بومرانيا السويدية والنصف من مملكة الساكس تقريبًا وعدة آراضٍ على حافتي الرين الشرقية والغربية تكونت منها بروسية الرين، ويقال لها الدوكاتو الكبرى بالرين الواطي، كما التحق بها سنة خمس عشرة وثمانمائة وألف سعارلوي وهي قلعة في حدود فرنسا القديمة، ثم استولت سنة خمسين وثمانمائة وألف على إمارتي هوهنزولرن، وبعد محاربة الدنيمرك أضافت إلى ممالكها دوكاتو لونبورغ بالاتفاق مع النمسة في مدينة غاستين سنة خمس وستين وثمانمائة وألف، ثم بانتصارها على النمسة في سنة ست وستين وثمانمائة وألف أضافت إلى مملكتها أيضًا عدة ممالك من الكونفدراسيون؛ أي عصبة جرمانيا القديمة، وهي: مملكة الهانوفر والهاس أليكتورال؛ أي الانتخابية ودوكاتو ناسو ومدينة فرنكفورت الحرة التي كانت تخت العصبة.

(٢) في أسماء ملوك بروسية وبيان ولاية كل منهم على الترتيب منذ ابتدائهم بأليكتور براندبورغ

سنة جماعة المارغرافات أليكتورات ببراندبورغ
۱٤۱٥ فردريك الأول
۱٤٤۰ فردريك الثاني الملقب بسن الحديد
۱٤۷۱ ألبيرت الملقب بآشيل وأوليس؛ أي الشجاع والعاقل
۱٤۸٦ جان الملقب بالششرون أي الفصيح
۱٤۹۹ يواكيم الأول الملقب بنسطور؛ أي طويل العمر
۱٥۳٤ يواكيم الثاني الملقب بهكتور؛ أي المحارب
۱٥۷۱ جان جورج
۱٥۹۸ يواكيم فردريك
۱٦۰۸ جان سيجزموند
۱٦۱۹ جورج غليوم
۱٦٤۰ فردريك غليوم الملقب بالأليكتور الكبير
۱٦۸۸ فردريك الثالث وفي ۱۸ يناير سنة ۱٨۰۱ تلقب بملك بروسية باسم فردريك الأول، وبه ابتدأت مدة ملوك بروسيا
۱۷۱۳ فردريك غليوم الأول ابن فردريك الأول المذكور
۱۷٤۰ فردريك الثاني الكبير وهو ثالث أولاد فردريك غليوم لا بِكرهم، وكان يتعاطى العلم وينظم الشعر بالفرنساوية
۱۷۸٦ فردريك غليوم الثاني ابن أخي الكبير
۱۷۹۷ فردريك غليوم الثالث
۱۸٤۰ فردريك غليوم الرابع
۱۸٦۱ غليوم الأول انتقل الملك إليه من أخيه

(٣) في وصف مملكة بروسية

اعلم أن موقع المملكة البروسيانية بين ثلاث درجات وخمس وثلاثين دقيقة وعشرين درجة وإحدى وثلاثين دقيقة من الطول الشرقي، وبين تسع وأربعين درجة وثمان دقائق وخمس وخمسين درجة واثنتين وخمسين دقيقة من العرض الشمالي، وامتدادها طولًا من حدود الروسية إلى حدود فرنسا — أي من وادي نيامن إلى وادي موزيل — يتجاوز ألفًا ومائتي كيلومتر، وعرضها يبلغ في أطول جهاته خمسمائة كيلومتر وفي متوسطها مائة وخمسين كيلومترًا ومبلغ تسطيحها مائتان واثنان وعشرون ألف كيلومتر وستمائة وستون كيلومترًا مربعًا. وقبل هذا التاريخ كانت المملكة منقسمة إلى قسمين منفصلين بست ممالك صغار، يحتوي مجموعها على سطحٍ أقصر جهات عرضه يبلغ خمسة وخمسين كيلومترًا وأطولها تسعون كيلومترًا.

وكان امتداد خط حدود المملكة البروسيانية ثمانية آلاف كيلومتر تقريبًا، منها خمسمائة وسبعون على شاطئ بحر البلتيك، وكان مبلغ عدد سكانها في ثالث دجمبر سنة ألف وثمانمائة وأربع وستين تسعة عشر مليونًا وثلاثمائة وأربعة آلاف وثمانمائة وثلاثًا وأربعين نفسًا، وبالإضافات الأخيرة اتحدت أقسام المملكة وانتظمت صورتها وحدودها وازداد اتساعها بقدر ثلاثة وخمسين ألف كيلومتر مربعًا على سبيل التقريب، كما ازداد في سكانها أكثر من ثلاثة ملايين ما عدا أهل شلزويغ وهولستين؛ المملكتين اللتين لهما من سطح الأرض سبعة عشر ألف كيلومتر وخمسمائة وخمسة وأربعون كيلومترًا مربعًا، ومن النفوس تسعمائة وثمانية وخمسون ألفًا وخمسمائة وتسع وسبعون نفسًا، وهاتان المملكتان لم يتحقق مرجعهما إلى الآن، لكن بحسب الظاهر تستقل بهما الدولة البروسيانية، فيبلغ حينئذٍ سطح أرضها تقريبًا ثلاثمائة وثلاثة وستين ألف كيلومتر مربعًا، ويبغ عدد سكانها ثلاثة وعشرين مليونًا وستمائة ألف تقريبًا أيضًا.

وأما حدود المملكة المذكورة فيحدها في ناحية الشمال بحر البلتيك ومملكة الدنيمرك وبحر الشمال وهولاندة، وشرقًا بولونيا والروسية وقِبلة مملكة النمسة ودوكاتوات ساكس وقسم باواريا الذي على الرين والهيس ودارمستاد وفرنسا، وغربًا البلجيك والدوكاتو الكبرى من لوكسامبورغ وفرنسا، وأما جبالها فكثيرها بساكس وسيليزيا وناحية وادي الرين مثل جبل سوديت وكاربات وهارن، وما عدا تلك الجهات أراضٍ بسيطة ممتدة، وأما أوديتها فكثيرها في الناحية الشرقية منها البريغل والويزر والفيستول والأودر والألب، والأنهار المتصلة بتلك الأودية تسهل المواصلة في سائر جهات المملكة وحمل نتائج الأرض والصناعات من بلدٍ إلى آخر، وبوادي الرين الذي يشق الجانب الغربي من المملكة انفتح طريق بحر الشمال للإيالات المتوسطة، وكثير من الأنهر أنشئت خُلجًا وأُوصل بقنوات كبيرة بين الألب والأودر والفيستول تسير فيها السفن التجارية، وبالناحية الشرقية من المملكة يوجد كثير من البِرَك ومستنقعات المياه وبحيرتان عظيمتان متصلتان بالبحر تسمى إحداهما كوريشحاف والأخرى بروسيشحاف. وبها طرق كثيرة حسنة كالتي في إيالة الرين وإيالة الألب، وبها من الطرق الحديدية ما يتواصل به غالب بلدان المملكة مع التخوت الكبيرة من ممالك أوروبا.

وإقليم المملكة يختلف حرُّه وبرده باختلاف المواضع، وعلى الجملة فهي أقرب إلى البرد منها إلى الحَرِّ، وفي الناحية الشمالية تكثر الرطوبات جدًّا. وإيالة سيليزيا والإيالة الكائنة على غربي وادي الويزر كثيرة الخصب، بخلاف أرض براندبورغ فإنها ضعيفة مجدبة.

وأما نتائج المملكة فمنها القمح الجيد على اختلاف أنواعه والحبوب الدقيقية واللفت الأحمر والبطاطة والحمص والكتان والقنب وخشب السفن والهبلون والزعفران والدخان. وبشاطئ الرين تكثر الكروم، ويوجد بها العسل وقصب السكر والحرير وجياد الخيل والأنعام. كما أن بها معادن الحديد والنحاس والقصدير والرصاص والشب وملح البارود والملح والزاج والفحم الحجري والجير والرخام والمتشفف وتراب الصيني والحجر اليماني والجزع ونحوها من الأحجار الثمينة، ويوجد بشاطئ بحر البلتيك الكهرباءُ، وفي آكس لاشابال المياه المعدنية وكذا في فارنبرون وهيرشبرغ وغيرهما. وأما صناعات اليد فهي عندهم في غاية التقدم تضاهي صناعات إنكلترة وفرنسا، ومن نتائجها أقمشة الكتان والقطن والحرير والأقمشة المطبوعة والسروج والكراريس وأنواع السلاح وآلات الحديد والنحاس والبرانيط والكاغد والساعات والزرابي وصناعة الدبغ والدهن الأزرق الشهير بدهن بروسية. وبها من الأشربة البيرة وسائر المقطرات، ويصنع بها البلور والفرفوري والقِطر، وتجاراتها رائجة خصوصًا في غربي الويزر لسهولة المواصلات بوادي الرين، والطرق الجليلة المتصلة بمملكة البلجيك وألمانيا وهولاندة والسويسرة مع وجود شركة الكمارك المسماة بشركة زولفرين المحتوية على غالب ممالك شمال ألمانيا. وأما قوتها المتجرية فهي مجهولة لدخولها في الشركة المذكورة، وعدد مراكب المتجر الداخلة والخارجة بهذه المملكة بلغ في سنة ثمانمائة واثنتين وستين وألف أربعةً وعشرين ألفًا ومائة مركب ومركب محمول جميعها ثلاثة ملايين وثمانمائة وثلاثة وتسعون ألفًا ومائة وأربع وخمسون طونلاتة، الداخل منها أحد عشر ألفًا وتسعمائة وثلاثة وستون، والخارج اثنا عشر ألفًا ومائة وثمانية وثلاثون.

هذا، وإنها من الممالك الأوروباوية المتسعة بها دوائر المعارف، ولم يزل اتساعها يتزايد، حيث إن قوانين البلاد تلجئ الأهالي إلى إرسال أولادهم للمكاتب عند بلوغهم ست سنين، وقد بلغ عددهم سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف ثلاثة ملايين، ومن مكاتبهم ما هو مخصوص بتعليم الفِلاحة والصناعات، وبها عدة مدارس لتدريس الفنون العويصة. وبالجملة فبالمملكة البروسيانية سائر أنواع المعارف اللازمة لتقدم الدول في ميدان التمدن والتهذب.

(٤) في قوانين المملكة البروسيانية وكيفية إدارتها

اعلم أن الملك فردريك غليوم الرابع أعطى الكونستيتوسيون لأهل المملكة في خامس دجنبر سنة ثمانٍ وأربعين وثمانمائة وألف مع قانون انتخاب وكلاء العامة، وتُعرف به أهل القمرتين المتكونتين بمقتضاه في السادس والعشرين من فراير سنة تسعٍ وأربعين وثمانمائة وألف، وتحرر في سلخ ماية من السنة المذكورة بإعانة مجلس البارلمان الذي اجتمع في سابع أغشت من تلك السنة أيضًا فأرَّخ الكونستيتوسيون بعد التحرير بسلخ يناير سنة خمسين وثمانمائة وألف، وهذه أصوله: أن يتساوى جميع البروسيانيين أمام الحكم بحيث لا تعتبر مزايا الأعيان، وأن لا يتقدم أحد لنيل الوظائف إلَّا بالمعرفة والأهلية، وأن تحفظ الحرية الشخصية ولا يحرم منها أحد من السكان إلَّا في الحالات المقررة في القانون، وأن لا تنتهك حرمات المساكن بحيث لا يُبحث فيها عن الكواغد وسائر الخبايا إلَّا على الوجه المبين في القانون أيضًا، وأن لا يُحرَم أحد من حاكمه الوطني ولا يحكم عليه مجلس غير معتاد، وأن لا يُحكم على المذنب إلَّا بحكم متقرر معلوم في القانون، وأن تُحترم الأملاك ولا يؤخذ منها شيء للمصلحة العامة إلَّا بالقيمة، ولا يعاقَب أحد بالموت مطلقًا ولا بأخذ المال بدون سبب يوجب ذلك قانونًا، وأن لا يُمنع أحد من إشاعة آرائه بالقول أو بالكتابة أو بالطبع أو بالتصوير، ومن تاريخ هذا الكونستيتوسيون نسخت مراقبة الدولة في هذا الشأن. ولا تُضيَّق دائرة حرية المطابع إلَّا بقانون.

وللأهالي أن يجتمعوا بدون استئذان في ذلك بشرط أن لا يكون معهم سلاح، وأن يكونوا بمحلٍّ منحصر سواء كان اجتماعهم للمشاركة أو لغيرها من الأغراض التي يريدونها إلا أن يكون لأمر يمنعه القانون. ولا يُمنَع أحد من عرض حاله أو شكواه الخاصة به دون ما هي راجعة للعامة، فإن الكلام فيها من وظيفة الجمعيات المعروفة، وأسرار المكاتيب مكتتمة واحترامها واجب إلَّا في أحوال عيَّنها القانون كحالة الحرب والبحث عن الجناية. وقد محا القانون رسوم مزايا الأعيان التابعة لمقاماتهم والخصوصيات المتعلقة بآراضهم محوًا لا يكاد يُتوقع معه رجوع شيء منها في المستقبل في جميع بلدان المملكة.

وجناب الملك واجب الاحترام ومكاتيبه الرسمية مختومة بعلامة إمضاء الوزير المسئول عن تصرفاته. وللملك قوة التنفيذ، وهو الذي يسمي الوزراء ويؤخرهم ويعلن القوانين ويصدر الأوامر اللازمة في إمضائها، ويحكم على الجيوش ويشهر الحرب ويعقد الصلح ويشترط الشروط، إلَّا أنه يجب عرض سائر شروط المصالحة وغيرها على موافقة القمرة إذا كان في الشروط ما تتحمل به المملكة، وله أن يعفو عن الجاني من غير توقف على موافقة القمرة إلَّا إذا كان الجاني وزيرًا وصدرت الشكاية به من القمرة، وله أن يجمع البارلمان ويفرقهم عند انتهاء الخدمة، وله نقض مجلس النواب بشرط انتخاب الأهالي وكلاء في ظرف ستين يومًا، وبعد ذلك بثلاثين يومًا يجمع المجلس. ومن حقوق الوزراء حضور القمرتين، ويجب عليهما الإصغاءُ لما يلقونه، لكن لا صوت في الترجيح إلَّا لمن يكون منهم عضوًا في القمرة. ولكل من المجلسين إقامة الدعوى على الوزراء إذا رأَوا منهم خروجًا عن حدود الكونستيتوسيون أو أحذ مال المملكة أو شائبة خيانة، والحاكم في أمثال هاته النوازل التريبونالُ الأعلى عند اجتماع جميع أقسامه.

والبارلمان الذي هو مجموع قمرتي الأعيان والنواب يشارك الملك في القوة التشريعية، وما يكون من التراتيب متعلقًا بتوظيف الأداء يعرض أولًا على قمرة النواب التي لها التصرف فيه بالزيادة أو النقص، ثم يعرض على قمرة الأعيان فإما أن تقبله على ما هو عليه أو ترده بدون تصرف فيه. وللملك وكل من القمرتين استنباط الأحكام والتراتيب ثم عرضها على الأنظار لتصير قانونًا بالموافقة عليها. والملك يأمر باجتماع البارلمان في صدر كل سنة للخدمة المعتادة ويجمعه كلما اقتضى الحال جمعه، ولكل من القمرتين تسمية رئيسها وعمل تراتيب إدارتها الداخلية، ومفاوضة القمرة تكون علنًا، ولا يتم الرأي في شيء إذا لم يكن غالب أعضاء القمرة حاضرًا، وكل من الأعضاء يعطي رأيه في القرعة بما يؤديه إليه اجتهاده وأمانته ولا يقال له لماذا قلت كذا أو اخترت هذا عن ذلك، ولا يجلب أحد من الأعضاء إلى الحكم في مدة فتح القمرة إلا أن يُظفر به وقت صدور الجناية منه أو بأثر ذلك، وفي هاتين الحالتين تستأذن القمرة في جلبه ثم تتبع نازلته.

هذا، وإن قمرة الأعيان تتركَّب من الأصناف الآتية؛ أولها: أمراءُ العائلة الملكية الرشداء الذين يسوغ لهم الملك حضور القمرة. ثانيها: الأعيان الذين يستحقون حضور القمرة بطريق الإرث، وهم رؤساء عائلات هوهنزولرن هكينغن وهوهنزولرن سيغمرينغن ورؤساء أربع عشرة عائلة ملكية قديمة وتسعة وأربعون شخصًا من الأعيان بين أمراء وكونتات. وثالثها: متوظفو الخطط الأربع الكبار ببروسية وخمسة وأربعون شخصًا ينتخبهم الملك، ومَن يُعرض على الملك بطلب جمعية الأعيان وجمعيات العلوم والصناعات وأرباب الأملاك القديمة ووكلاء أربع وثلاثين مدينة أعطى لها حق العضوية، فعدد أعضاء هاته القمرة والحالة هذه غير محصور ولا يستحقون مرتبًا ولا مصروفًا، وخطتهم في القمرة عمرية.

وأما قمرة النواب فتشتمل على ثلاثمائة واثنين وخمسين عضوًا منتخبين من مائة وست وسبعين قسمة بمقتضى قانون السابع والعشرين من يونيو سنة ستين وثمانمائة وألف، والانتخاب يستدعي مُنتخِبًا ومُنتخَبًا، فأما المنتخِب (بالكسر) فيُشترط فيه أن يكون بروسيانيًّا ممن بلغ عمرة أربعًا وعشرين سنة ولم يحرم الحقوق المدنية والسياسية ولم يأخذ الصدقة، وأن يسكن بالمشيخة (أي مكان تصرف الشيخ) ستة أشهر في الأقل، وكل مائتين وخمسين رجلًا ينتخبون رجلًا ينوب عنهم في الانتخاب، فإذا اجتمع المنتخِبون أولًا الذين يبلغ عددهم ثلاثة وسبعين ألفًا ينتخبون النواب، ولا بدَّ أن يكون الانتخاب أولًا وثانيًا على رءوس الأشهاد. وأما المنتخَب (بالفتح) للنيابة بالقمرة فيشترط فيه أيضًا أن يكون بروسيانيًّا بلغ عمره ثلاثين سنة، ولم يحرم الحقوق المدنية والسياسية وأن يكون ساكنًا ببروسية منذ عام في الأقل قبل الانتخاب (لأن الذي يغيب عن بلاده مدة قد يتناسى بعض أحكامها، وقد يحدث بعده منها ما لا يعلم به، وقد ينقص بالمغيب حبه لوطنه الأصلي؛ ولذلك جرت العادة الإنكليزية بأن نواب دولهم في الممالك الأجنبية يرجعون لوطنهم بعد كل خمس سنين ويقيمون به ولو شهرين). ومدة نيابة وكلاء العامة بالقمرة ثلاث سنين ولا يأخذون في مقابلة الخدمة إلَّا مصروف الطريق والسكنى لا غير.

(٥) في كيفية الإدارة الوطنية بالمملكة البروسيانية

مرجع هذه الإدارة إلى ثلاث إدارات؛ إدارة المركز وإدارة الإيالات وإدارة المشيخات. فأما الإدارة المركزية فتشتمل على وزارة العمالة، ويقال لها: الإدارة العليا ومجلس الوزراء، وأركانها ثمانية وزراء غير داخل فيهم وزير قصر الملك. وأما إدارة الإيالات؛ أي من جهة عموم سياستها، فهي بيد ثمانية رؤساء كبار بقدر عدد الإيالات مقدمين من طرف الدولة حسبما اقتضاه المنشور المؤرخ بخامس يونيو سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة وألف، وبهذا المنشور ترتب ديوان في كل إيالة يحتوي على جماعة من الأعيان أعطى الملك لكل واحد منهم صوتًا شخصيًّا، وعلى وكلاء ملاكة الآراض المسماة أكواستر، وهي مختصة بصنف من الكفالييرات، نشأ في عهد الرومان وعلى نواب المدن والقرى، وفي كل سنة تجتمع هذه الدواوين وتعرض الدولة عليهم جميع القوانين المتعلقة بمصالح العامة، كما تعرض من تلك الدواوين القوانين المتعلقة بإيالاتها، وكل ديوان يسمى رئيسه الملقب بالماريشال.

والإيالات تنقسم إلى ولايات مجموعها ست وعشرون، وإدارة كل ولاية بيد جمعية من المتوظفين كل فرد منهم يطالب بأمر معين، وتلك الجمعية تنقسم أقسامًا ثلاثة؛ قسم يتكفل بأحوال الضبطية وأعمال المشيخة، وقسم يتكلَّف بأمر الديانة والتعليم، وقسم يتكلف بالأمور المالية، وتجتمع الأقسام عدة مرات في الأسبوع. ثم تنقسم الولايات إلى دوائر، الموجود منها بالمملكة ثلاثمائة وست وعشرون دائرة يحكم في كل دائرة منها لاندرات، وهو بمنزلة خليفة القائد، وولايته من تلقاء الملك يختاره من أشخاص يعينها نواب الدائرة في مكتوب، ويشترط فيه أن يكون من ملَّاك الأراضي، وهو بمثابة نائب الدائرة عند الدولة ونائب الدولة عند الدائرة، ويكون في إعانته أعيان الدائرة ونواب البلدان والقرى.

وأما إدارة المشيخة فإنها بيد جمعية تشتمل على شيخ المدينة وعدة مستشارين له، ويجلسون بالمجلس البلدي، وأعضاء تلك الجمعية يسميهم المجلس البلدي، لكن في البلدان التي يبلغ سكانها عشرة آلاف نفس يلزم إمضاء الملك، وفيما هو دون ذلك يمضي على تسميتهم ولاة الإيالات، ثم تسمية أعضاء المجلس البلدي تكون من كل بروسياني يملك دارًا بالمشيخة أو يدفع أداءً أقله خمسة عشر فرنكًا في السنة. والجمعيتان المذكورتان — أي حكام المشيخة وأعضاء المجلس البلدي — تنتهي خدمتهم بست سنين، يتجدد في كل عامين ثُلُثهم، وإذا اقتضى الحال تعطيل خدمة المجلس البلدي بمقتضى أمر من الملك فينبغي أن يجمع غيرهم في ظرف ستة أشهر، وتصرفاته على منوال تصرفات المجلس البلدي بفرنسا، ومشيخة القرى في إدارة الشيخ ومعينيه وجماعة الملاكة، أما الأراضي المحتوية على مشيخة فإن مالكها — بمعنى صاحب الجريد مثلًا — هو الذي يتولى الحكم في ذلك المكان من جهة الدولة، وإذا كانت الأرض لأحد الأعيان فهو الذي يعين حاكم المحل للدولة من الفِلاحة المكترين منه، وفي غير ذلك يختار الشيخ نائب الحاكم الذي يشمل حكمه تلك الأرض.

وفي إيالة وستفاليا اتحدت المشيخات المتحدات الفوائد وصارت كانتونًا مع بقاء كل مشيخة منفردة بإدارتها الخصوصية، وإنما اجتماعها فيما يرجع للإدارة العمومية وأرباب الأملاك الذين يدفعون الأداء على الأرض هم الذين يتعاطون إدارة الكانتون مع رئيسهم. وفي إيالة الرين يتولى ذلك شيخ البورغ مع معينين له أو ثلاثة، ومن مشايخ البورغ مَن له مرتب لرئاسة الكانتون إذا كان يحتوي على عدة مشيخات كبيرة وكان لهم مجلس بلدي، وكل قرية لها رئيس خاص يجمع أهلها للمفاوضة فيما يخصهم.

(٦) في ترتيب الأحكام

اعلم أن بمملكة بروسية قانونين:
  • أحدهما: القانون الفرنساوي، وهو المعمول به في إيالة الرين.
  • والثاني: القانون البروسياني، وهو المحكوم به في بقية بلدان المملكة؛ ولذلك قد يقع تفاوت في ترتيب الأحكام.

فالجنايات الخفيفة يحكم فيها تريبونالات الضبطية تارة بحاكم واحد ولا يتجاوز حكمه سجن شهر ونصف، وتغريم مائة وسبعة وثمانين فرنكًا ونصف، وتارة بثلاثة حكام، ويشمل حكمهم سائر الجنايات الخفيفة، وأما الجنايات الثقيلة فإنها تعرض على أمناء الحكم المتنوعين إلى تريبونالات معتادة وتريبونالات مخصوصة بأمور، فالأولى هي المعبر عنها بالتريبونالات الأولية وحكمها يمتد إلى نهاية الدائرة من تقاسيم المملكة، والتريبونالات الأخرى تكون في البلدان التي يبلغ سكانها خمسين ألف نفس، وفي إيالة الرين يمتد حكمها في جميع أرضها. هذا، ويجعل من التريبونالات الأولية اثنان وعشرون مجلسًا لتحقيق نوازل المملكة، وبمدينة برلين التي هي تخت المملكة مجلس عالٍ مركَّب من ستة رؤساء وتسعة وأربعين عضوًا، ومن أعمال هذا المجلس تحقيق أحكام مجالس التحقيق بجميع المملكة، فأحكام المملكة لها ثلاث درجات إلَّا في إيالة الرين فليس لها إلَّا درجتان لكن لا يمنع أحد من رفع نازلته من مجلس التحقيق بتلك الإيالة إلى المجلس الأعلى بمدينة برلين. والمجلس المشار إليه هو الذي يفصل أيضًا المنازعات الواقعة أحيانًا بين المجالس فيما يتعلق بحقوقها، وأما المنازعات التي تحدث بين أهل الإدارة الملكية والمجالس فيركَّب لفصلها مجلس خصوصي من رئيس الوزراء ومن بعض أعضاء المجلس المنازع وبعض متوظفي الإدارة، وهناك مجلس كبير يُعقد وقت الحاجة للحكم في أمور مخصوصة، وتركيبه من قمرة الحكم التي ببرلين ومن مجلس الحكم الذي به أعضاء من عائلة الملك وعائلتي هوهنزولرن.

ثم إن مجلس الحكم يتركَّب من اثني عشر عضوًا مأخوذين من قمرة الحكم، خمسة منهم يحكمون حكمًا أوليًّا والباقون يحققون عليهم، وتعيينهم يكون من وزير الحكم، ومن مشمولات نظر قمرة الحكم البحث والحكم في المخالفات التي تقع ضد الدولة، وفي هذه الحالة تنقسم القمرة قسمين أحدهما يحكم على المدعى عليه، والثاني يحقق عليه بأن ينظر في حال المدعى عليه وفي تنزيل الحكم على جنايته. والقسم الأول يتركب من سبعة أعضاء والثاني من عشرة.

هذا، وإن هناك مجالس خصوصية منها مجالس التجارة التي تنتخب أعضاؤها من أعيان التجار وثقاة أهل المعرفة بتسمية المعلمين وأرباب الحِرف، وقد يحقق هذا المجلس ما يحكم به أهل العرف على أرباب الصناعات، ومنها مجالس المدارس التي تحكم على التلاميذ فيما يتعلق بالتربية بالسجن لمدة أقصاها شهر، ومنها مجالس مذهب الكاثوليك التي تحكم في التعازير وفي متعلقات النكاح ونحوه مما يرجع للكنيسة، ومنها مجالس الكمارك والمجالس العسكرية ومجالس القيم الحاكمة بتعيين قيمة ما يؤخذ للمصلحة العمومية.

واعلم أن التريبونالات كلها مستقلة ولا تَسلُّط لوزارة الحكم عليها إلَّا بتحسين الإدارة الحكمية، وتسمية الحكام بيد الملك وليس له عزلهم، وإذا أعفى أحد الأعضاء فلا يسقط مرتبه. وهذا تلخيص المجالس الأولية والأحكام الخفيفة بمملكة بروسية على ما بينه صاحب الجدول السنوي الباريسي: تسعة مجالس مدنية — أي عرفية — بإيالة الرين، ثلاثة مجالس للمدن، مجلسان للمدن والدوائر، وهذه الخمسة تحكم أيضًا مثل مجلس الجنايات إذا انضاف إليها الجوري؛ أي أمناء الحكم، مائتان وسبعة وثَلاثَون مجلسًا للدوائر الأولية منها ستة وسبعون هي مجالس جنايات أيضًا بإضافة الجوري إليها، ست وأربعون جمعية مؤبدة معينة للحكم، خمسمائة كومسيون للحكم أيضًا، مائة وخمسة وعشرون حاكمَ صلحٍ بإيالة الرين، ثلاثة وثمانون مجلسًا خصوصيًّا، منها مجلسان للمتجر والبحر، وثمانية لخصوص المتجر في إيالة الرين، وستة للمدارس، واثنان وعشرون للكمارك بشاطئ الرين والألب والويزر، وثلاثة وثلاثون للمشيخات في إيالة الرين من الناحية الجنوبية، واثنتا عشرة جمعية من أهل العرف في ولاية كولونيا.

(٧) في بيان قوة بروسية المالية والعسكرية البرية والبحرية في سنة ۱۲٦٥

۱٥۰۷۱٤۰۳۱ جملة الدخل طالر تساوي ٥٦٥۱۷۷٦۱٦ فرنكًا
۱٥۰٥۹۹۱٦٤ جملة الخرج طالر تساوي ٥٦٤۷٤٦۸٦٥ فرنكًا
۱۱٤۸٦۷ زيادة الدخل على الخرج ٤۳۰۷٥۱ فرنكًا

وكان دخل الدولة في سنة إحدى وستين ومائتين وألف ۱۳٥۳٤۱۷۰۱ طالر بمقتضى المضبطة الرسمية المقدمة لمجلس النواب، والخرج: ۱۳۹۳۲۷۳۳۷ طالر، فزاد إذ ذاك الخرج على الدخل: ۳۹۸٥٦۳٦ طالر. واعلم أن الطالر يساوي ثلاثة فرنكات وخمسة وسبعين صنتيمًا؛ أي ثلاثة فرنكات وثلاثة أرباع الفرنك.

۲٦۸٦۷۱۲۰٤ جملة الدين طالر تساوي ۱۰۰۷٥۱۷۰۱٥ فرنكًا

هذا، وبعد التاريخ المذكور — أي عام خمسة وستين — اقترضت الدولة البروسيانية مبالغ وافرة لحرب جرمانيا، ثم بعد الحرب اقترضت أيضًا مبلغًا لتبديل المكاحل والمدافع ولإنشاء سفن حربية، فتكون جملة الدين الذي عليها الآن أكثر مما ذُكر.

بيان القوة العسكرية البرية في سنة ۱۸٦٥.
وقت الحرب وقت الصلح أصناف العساكر
۱ ۱ ماريشال
۱ ۱ نائبه
۳٥ ۳٥ جنرالات كبار
٥۸ ٥۸ ليوتنان جنرال
۹۷ ۹۷ ماجور جنرال
۱۹۰ ۱۹۰ أمراءُ الإيالات
۳۰۸۳۷۳ ۱٦٥۹٦۳ عسكر تريس
٤۲۰۱۳ ٤۱۲۰۳ خيالة
۳۰۱۲۰ ۱۷٦۱۱ طوبجية
۷۰۷۲ ٥٤۲۷ بلطاجية وغيرهم للطرقات
۳۳۷٥۰ ۲۲۲۰ المكلفون برفع الأثقال
۱٤٤٥۹۷ عسكر يداك
۱٥۳٥۱٦ ۸۰۱٥ عسكر الحراسة
۷۱۹۸۲۳ ۲٤۰۸۲۱ الجملة
القوة البحرية بدولة البروسية سنة ۱۸٦٥.
جملة العسكر أمراءُ وضباط أصناف البحرية
۱ أميرال
۱ كنتر أميرال
۲
٤ قبطانات أجفان
۸ قبطانات فراقط
۱۲
٦۷ يوزباشية وملازمية
۱۰٤ فسيالات صغار
۱۷۱
۲٤٥٤ شواش وأونباشية وبحرية وصناع
۳۰۰ بحرية صغار
عسكر تريس مُعد للبحر
۳ ۳ أمراءُ الإيالات
۱ ۱ قائمو مقامات
۲ ۲ ألاي أمينية
۸ ۸ يوزباشية وملازمية
٦٦٦ شواش وأونباشية وعسكر
طوبجية
٦ ٦ يوزباشية وملازمية
۳۲ ۳۲ فسيالات مكلفون بأحوال المراسي
٤٤٤ شواش وأونباشية وعسكر
٤۱۰۱ ۲۳۷ الجامعة نقلت إلى محولة
تابع القوة البحرية بدولة البروسية.
جملة المراكب ومدافعها ٤٦۲ مراكب قلاع فابورات بها قوة خيل ۳۹۰۰ جملة العسكر أمراءُ وقبطانات وفسيالات أصناف العساكر والسفن
      أليس بالعجلة         
٤۱۰۱ ۲۳۷ نقلة جامعة محولة
۲ ۲ أجفان مدرعة بالحديد
۸ ۸ قرابط
٦ ٦ شالوب كانونيير كبار
۱٥ ۱٥ شالوب كانونيير صغار
۱ ۱ ياكت
۱ ۱ قرابط
۲ ۲ أفيزو
۲ ۲ فابورات لجر السفن
۳ ۳ فراقط قلاع
۳ ۳ أبركة
۲ ۲ مراكب صغار
۳٦ ۳٦ شالوب كنونيير
٤ ٤ يول
۸٥ ٤۸ ۳٤ ۳ ٤۱۰۱ ۲۳۷ الجملة

هذا ودولة بروسية مجتهدة الآن في تكثير أسطولها اقتداءً بالدول الكبار الأخرى، فإنها بعد التاريخ المتقدم ذكره خصصت تسعة وأربعين مليون طالر لإنشاء سفن جديدة منها عشر فراقط مدرعة وعشرة من النوع المسمى مونيتور، وهي مراكب مدرعة ذات منطح حاملة لمدافع ضخمة، وعَشر قرابط من لوح وحديد وعدة مراكب لحمل الأثقال وأكثر هذه المراكب يكون أنشاؤها في بلاد الإنكليز.

بيان عدد مراكب بروسية المتجرية في سنة ۱۸٦٥

كان للبروسيانيين في سنة ۱۸٥٥ ثمانمائة وتسعة وعشرون مركبًا لا غير محمولها من الطونلاتات ۲٦۷۰۸۸، ولكن مع ازدياد حظوظ البلاد ازداد أيضًا عدد مراكب المتجر لما يوجد في أجزاء العمران والحضارة من تعلُّق بعضها ببعض، فبلغ عددها في سنة ۱۸٥۸ تسعمائة وثلاثة وثلاثين مركبًا محمولها ۳۲٦۲۱٦ طونلاتة، وصار في سنة ۱۸٦۱ ألف مركب وثلاثة وأربعين مركبًا، منها خمسة وأربعون فابورًا محمولها من الطونلاتات ۳۳٦۸۳۲ ومن البحرية ۱۰۲٥۱، وبلغ في سنة ۱۸٦٥ ما يأتي:

عدد البحرية عدد المراكب أصناف المراكب
۱۰۲٥۱ ۹٦۱ مراكب قلاع كبار
۲۷ فابورات كبار
۱۷٤۹ ۳۹۰ مراكب قلاع صغار
۸٦ فابورات صغار
۱۲۰۰۰ ۱٤٦٤ الجملة

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤