الباب الثامن

في الكلام على مملكة إيطاليا

(١) في تاريخها

اعلم أن إيطاليا بمقتضى الأخبار المنقولة عن الرومانيين كانت تسمى في الزمن القديم ساتورنيا، وفي سنة سبعمائة وألف تقريبًا قبل الميلاد وفدت جماعة من سكان أركاديا (وهي قطعة من المورة) إلى إيطاليا تحت رئاسة كبيرهم المسمى أنوتروس، فتسمَّت البلاد المذكورة أنوتريا نسبة إلى الرئيس المذكور، ثم سمَّاها إيطالوس أحد خلفائه إيطاليا نسبة إليه.

وقبل حرب تروية بمدة وجيزة، أعني في سنة ثلاثمائة وألف تقريبًا قبل الميلاد، اضطُرَّ إيفاندروس حفيد ملك أركاديا إلى الرحيل من عمل البيلوبونيز (وهو اسم عمل المورة القديم)، وتوجه لإيطاليا مع جماعة من الأركاديين وأنشأ المدينة الصغيرة المسماة بالَّانْتيُوم على الجبل الذي سمي فيها بعدُ بلاتين، وبعد ذلك بمدة يسيرة وفد أنياس صهر ملك تروية على مصب وادي التيبر مع فِرقة من عسكره الذين سلموا من شر الإغريق، وعقد على بنت الملك لاتينوس المسماة لافينيا، وأنشأ مدينة لافينيوم سنة خمسين ومائتين وألف تقريبًا قبل الميلاد. وعلى كل حال فإن في الأزمان القديمة كانت إيطاليا مسكونة بأمم يقال لهم أبوريجان؛ أي أصليون، ثم أتاها البيلاج والليبورن والأوسك، ثم أتاها جماعة من طائفة الإغريق الجديدة، ودخلها مرتين غزاة من أهل البر الذي هو الآن فرنسا وألمانيا، وهم السمبر والسنون وغيرهم، ويقال لهم أيضًا سلت أصحاب بلوفيز، وتخلل بين الدخولين جماعة من جبال الراسية يقال لهم أتروسك، والمذكورون كانوا دولة جمهورية قوية بإيطاليا حتى قدم بلوفيز إليهم في سنة سبع وثمانين وخمسمائة قبل الميلاد، فمن ذلك العهد ابتدأ انحطاطهم وانتهزت رومية الفرصة في تطويع الدولة المذكورة لها.

ورومية هذه التي كانت محلًّا للفوز على سائر إيطاليا، وتكوين سلطنة عجيبة لا مثيل لها في الدنيا ذلك الوقت، اختُطَّت في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة قبل الميلاد، فحكم فيها أولًا سبعة ملوك من السنة المذكورة إلى سنة تسع وخمسمائة قبل الميلاد، وفي عهد الملك الثالث والرابع منهم صار لها شأن معتبر، وفي عهد الثلاثة الباقين صارت قوية وذات ثروة وعمارة كثيرة، واستولت على بعض جيرانها من الأمم، وظلم الملك تركويننيوس أحدهم أوجب خلع الولاية عنهم وصيرورتها دولة جمهورية في السنة المذكورة. وصاحب الأمر والنهي في الدولة المذكورة كان يقال له قنصل، أعني مستشارًا. وبهذا الانقلاب وقفت رومية عن التقدم والانتشار مدة مائة وستين سنة، وكانت الأمم القوية بإيطاليا في ذلك الوقت الرومان والغوليين في شمالها والسمنيت في جنوبها، ولكن من سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة إلى سنة خمسين وثلاثمائة قبل الميلاد ضيع الغوليون قوتهم من غير نفع. ثم من سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة إلى سنة سبع وستين ومائتين قبل الميلاد عظمت شجاعة الرومان حتى إنهم انتصروا على السمنيت، وحازوا جميع وسط إيطاليا وجنوبها، وفي المدة المذكورة تظاهر الرومان بأوصاف فخرهم الحربية والبلدية التي بنوا عليها قوة بلادهم، وتغلبوا على جانب من بلاد الغوليين من سنة إحدى وعشرين ومائتين إلى سنة ثلاث وسبعين ومائة. وفي سنة اثنتين وأربعين للميلاد انضمت القطعة المذكورة إلى إيطاليا وصارت عمالة من عمالات الرومان، وبعد ذلك العهد اختلط تاريخ إيطاليا بتاريخ رومية وصارت تابعة لها في أحوالها، ثم مدت رومية أخيرًا خُطا قوتها خارج إيطاليا وتسلطت شيئًا فشيئًا على جانب كبير من الدنيا المعروفة عند الأقدمين. وفي سنة ثلاثين قبل الميلاد أبطل أوكتافيوس أحد ولاتها الدولة الجمهورية واستبد في الملك بلقب أغسطوس وإمبراطور أي سلطان، فمن ذلك العهد ابتدأت السلطنة الرومانية التي يقال لسلاطينها قياصرة.

وفي سنة خمس وتسعين وثلاثمائة مسيحية بعد موت الإمبراطور تيودوز انقسمت السلطنة المذكورة إلى سلطنتين؛ سلطنة الشرق وسلطنة الغرب، وبقيت مدينة رومية قاعدة سلطنة الغرب. ولما خربت السلطنة المذكورة في سنة ست وسبعين وأربعمائة مسيحية أغار على إيطاليا أمة يقال لها هيرول، وملكتها من السنة المذكورة إلى سنة إحدى وتسعين وأربعمائة مسيحية، ثم أمة يقال لها أوستروغوت من السنة المذكورة إلى سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة مسيحية، ثم دخلت في ملك السلطنة الشرقية من هذه السنة إلى سنة ثمانٍ وستين وخمسمائة. ثم أتى إليها في السنة المذكورة قوم اللونغوبارد ويقال لهم أيضًا لومبارد واستولوا على أقاليمها الشمالية، فانقسمت حينئذٍ قسمين؛ قسم للومبارد سُمِّيَ إيطاليا اللومباردية أو البربرية وفيما بعد لومبارديا، وقسم للسلطنة الشرقية سُمي إيطاليا الإغريقية أو الرومانية، وهذه القطعة الثانية منها كان يقال لواليها إيكزارخوس (وهي لفظة يونانية معناها حاكم في الخارج)، وكان مقره بمدينة رافينا.

وفي سنة ست وعشرين وسبعمائة وقعت هناك ثورة بسبب ظلم الإمبراطور الإغريقي ليون الثالث، واستقلَّت إمارة رومية وترتَّبت دولة جمهورية تحت رئاسة البابا. ولكن بعد مدة قليلة صار الوالي الإغريقي يجور على البابوات من جهة وملوك اللومبارديا من جهة أخرى، حتى إن البابا أسطافان الثالث اضطر إلى طلب إعانة شارل مارتل ملك فرنسا. وبينما الأمر كذلك إذ امتد اللومبارد إلى جهة الجنوب حتى أخذوا من الإغريق في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة قطعةً وسمَّوها عمالة بنفانتو، ولكن خربت مملكتهم الأصلية أيضًا بفعل الإمبراطور شارلمان في سنة أربع وسبعين وسبعمائة. وصارت إيطاليا حينئذٍ منقسمة إلى ثلاثة أقسام وهي إيطاليا الإفرنجية وإيطاليا اللومباردية وإيطاليا الإغريقية، وفي الانقسام المذكور لم يكن البابوات ملوكًا مستقلين، بل كانوا تحت سلطة الإمبراطور، وبعد وفاة شارلمان بقليل صارت إيطاليا مملكة مستقلة. وفي سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة مسيحية أضيف إليها تاج السلطنة، والتاج المذكور كان لبسه من حقوق ملوك الإفرنج المعروفين بالكارلونجيان، ولكن بعد تأخير السلطان شارل الضخم منهم في سنة ثمانٍ وثمانين وثمانمائة اجتهد بعض أمراء الطليان، وهم برانجي وغي وغيرهما أن يحصلوا على تاج الإمبراطورية وتاج إيطاليا أو أحدهما. وبعد زوال السلالة الكارلونجيانية من ألمانيا في سنة إحدى عشرة وتسعمائة بقي الأمراء المذكورون مستقلين.

وفي سنة اثنتين وستين وتسعمائة أرجع أوتون الأول إمبراطور ألمانيا شمال إيطاليا تحت حكمه، وأراد مَن بعده الاستيلاء أيضًا على إيطاليا الإغريقية وخصوصًا هنري الثالث منهم، فإنه جعل البابوات تابعين لسلطنته وذلك من سنة تسع وثلاثين وألف إلى سنة ست وخمسين وألف مسيحية. ولكن في سنة ثلاث وسبعين وألف استقل البابا غريغوريوس السابع من التبعية المذكورة وسعى في رفع الرتبة البابوية على رتبة السلاطين بواسطة إثارته لنازلة الخلعة التي دام نزاعها إلى سنة اثنتين وعشرين ومائة وألف مسيحية، وفي ذلك الوقت دخل النورمنديون (نسبة إلى عمالة نورمنديا من أعمال فرنسا) إلى إيطاليا الإغريقية وافتكُّوها من سلاطين الشرق ومن اللومبارد، وأحدثوا مملكة الصقليتين سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف بولاية روجير الأول ملكًا عليهما وتابعًا للبابا، وفي أثناء ذلك اشتعلت الحرب بين حزب الغوالف وحزب الجيبلين الطليان، ودامت من سنة إحدى وستين ومائة وألف إلى سنة ثمانٍ وستين ومائتين وألف، ففاز الغوالف وطُرد الألمانيون من إيطاليا، واستقلت بلدان اللومبارديا والطوسكانة ونادت بالحكم الجمهوري، ولم يبقَ بها خوف من تسلط سلاطين ألمانيا عليها. ولكن جُلَّ ولاة البلدان المذكورة كانوا ظلَّامًا، وطالما طرد البابا من رومية وانتصب الحكم الجمهوري بها.

وشيئًا فشيئًا تمكن حال إيطاليا في التأسيس بعد ثورات شديدة وانقسمت مملكة الصقليتين بعد الثورة المشهورة بفابر سيسيليان سنة اثنتين وثمانين ومائتين وألف إلى مملكتين؛ مملكة نابلي ومملكة صقلية، واستولى على المملكتين المذكورتين بيتان متعاديان ودام هذا الحال إلى سنة أربع وخمسمائة وألف، وصارت ميلانو تخت عمالة معتبرة في عهد الأمراء من بيت فيسكونتي الذين دامت العمالة المذكورة بأيديهم من سنة سبع وسبعين ومائتين وألف إلى سنة سبع وأربعين وأربعمائة وألف، ومن بيت سفورتسة الذين دامت ولايتهم عليها من السنة المذكورة إلى سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وألف. ورفع الكونت أمدي السادس الملقب بالأخضر شأنًا كبيرًا لعمالة سافويا من سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة وألف إلى سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة وألف.

ومنذ القرن الرابع عشر صارت البندقية تمتد في بَرِّ إيطاليا وكان بيت آست في عمالة فرارة وبيت غونزاغة بمانتوة، واشتُهرت مدينة فلورانسة من بين بلدان طوسكانة، وابتُدئ تأسيس بيت ميدشي فيها ورجع البابوات لإيطاليا بعد أن كانوا منفيين مدة سبعين سنة ببلد أفينيون من فرنسا، أعني من سنة تسعٍ وثلاثمائة وألف إلى سنة ثمانٍ وسبعين وثلاثمائة وألف. وأرجع الكردينال البورنوس حكم البابا أينوسان السادس، ونشره في جل بلدان العمالات الكنائسية سنة ستين وثلاثمائة وألف.

ومع ذلك لم يتيسر لإيطاليا أن تحتمي بالتمام من جور الأجنبي، وطالما سعى البابا جول الثاني من سنة ثلاث وخمسمائة وألف إلى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة وألف في طرد البربر من إيطاليا، فإن فرنسا وإسبانيا كانوا يتقاتلون على أخذِ هذه البلاد الجميلة، لكن خاب سعي ملوك فرنسا وهم: شارل الثامن ولويز الثاني عشر وفرنسوي الأول، وفازت إسبانيا باستيلائها على مملكة الصقليتين سنة خمس وخمسمائة وألف، ثم استتبعت عمالة ميلانو لها في سنة أربعين وخمسمائة وألف، بحيث إنها حصرت إيطاليا شمالًا وجنوبًا ورتبت باقيها كما شاءت، ولم تبقَ إلَّا البندقية مستقلة. وفي القرن السابع عشر نقصت سلطة إسبانيا بإيطاليا، وفي الثامن عشر كادت تزول بالكلية بدخول عمالة ميلانو ومملكة الصقليتين تحت حكم النمسة من سنة ست وسبعمائة وألف إلى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وألف، ولكن من سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وألف إلى سنة خمس وثلاثين وثمانٍ وثلاثين وسبعمائة وألف استولى في عمالة بارمة ومملكة الصقليتين فرعان من بيت البوربون الإسبنيوليين، بشرط أن لا تضم العمالاتان المذكورتان إلى مملكة إسبانيا أبدًا.

ثم تبدلت أحوال إيطاليا مدةً بسبب حروب الثورة الفرنساوية في عهد نابوليون الأول، فإنه وقع انضمام عمالتي سافويا والبييمونت لفرنسا في سنة إحدى وثمانمائة وألف ووقع افتكاك عمالة ميلانو من النمسة وجعلها دولة جمهورية، وأخذت دولة النمسة بدلًا عن ذلك البندقية وما تبعها، واستولى على الطوسكانة أمير من آل بيت إسبانيا. وفي سنة خمس وثمانمائة وألف بعد حرب أوسترليتس وشروط برزبورغ أضيفت البندقية مع ما تبعها إلى عمالة ميلانو، وسميت مملكة إيطاليا وضُمَّت جنوة إلى فرنسا، وفتحت العساكر الفرنساوية مملكة نابلي، ولم يبقَ منها بيد ملكها فرديناند الرابع سوى جزيرة صقلية، وأولى نابوليون في المملكة المذكورة أخاه جوزاف سنة سبع وثمانمائة وألف، ثم صِهرَه مرات سنة ثمانٍ وثمانمائة وألف، وسلمت ملكة طوسكانة في ملكها سنة سبع وثمانمائة وألف، وأضيفت المملكة المذكورة إلى فرنسا، وأضيف جانب من عمالة البابا لمملكة إيطاليا، وكذلك التيرول الجنوبي في سنة تسع وثمانمائة وألف. وأضيفت رومية مع ما بقي من عمالة البابا لفرنسا، بحيث إن إيطاليا بتمامها كانت تابعة لنابوليون بأربع كيفيات ما عدا جزيرة صقلية فإنها بقيت بيد بوربون نابلي. ومملكة سردانية بقيت بيد بيت سافويا؛ وذلك أن سائر الجهة الكائنة بين الشمال والغرب كانت معدودة قطعة من فرنسا ما عدا عمالة لوكة وبيومبينو التي أعطاها لأخته أليزة. وسائر الجهة الشرقية مع جانب من عمالة البابا كانت معروفة باسم مملكة إيطاليا، وكانت تحت إدارة البرنس أوجان ابن زوجته الأولى بالنيابة عنه برتبة كاهية الملك، ومملكة نابلي كانت تحت حكم صهره مرات وكان وقع تأخير البابا كبقية أمراء الطليان، ولكن بعد وقائع سنة أربع عشرة وثمانمائة وألف رجعت عمالة رومية بتمامها للبابا بمقتضى شروط وِينَّي الشهيرة، ورجع لبيت سافويا عمالة سافويا والبييمونت ونيسة وجنوة، واستولت دولة النمسة على ميلانو والبندقية ولقِّبتا بمملكة اللومبارديا والبندقية، واستولى بطوسكانة ومودنة أميران من آل بيت النمسة، وأُعطيت عمالة بارمة لماريا لويزة زوجة نابوليون الثانية. وبقيت مملكة نابلي بيد مرات، ولكن وقع افتكاكها منه في مدة نابوليون الثانية المعبر عنها بمدة المائة يوم وترجيعها لفرديناند الرابع ملكها الأول.

وفي سنة ثمانٍ وأربعين وثمانمائة وألف ثارت مملكة اللومبادريا والبندقية على دولة النمسة وانفصلت صقلية من نابلي، وتأسس بنابلي وسردانية الحكم القانوني المعبر عنه بالكونستيتوسيون، ونادت رومية وطوسكانة بالحكم الجمهوري. ولكن في سنة تسع وأربعين وثمانمائة وألف رجع كل شيء لحاله. وفي سنة تسع وخمسين وثمانمائة وألف وقعت الحرب بين فرنسا وسردانية وبين النمسة فافتكت العساكر الفرنساوية والسردانية عمالة اللومبارديا من النمسة، وبمقتضى أصول شروط الصلح المنعقدة في حادي عشر يوليو سنة تسع وخمسين وثمانمائة وألف ببلد فيلافرانكة بوادي المينشيو، أحال إمبراطور النمسة عمالة اللومبارديا المذكورة لإمبراطور الفرنسيس، وهو نقل الإحالة المذكورة لملك سردانية، وأصول الشروط المذكورة وقع تصحيحها بمدينة زوريك، ولقِّبت شروط الصلح باسم المدينة المذكورة مؤرخة في الحادي عشر من نُوَمْبِر سنة تسع وخمسين وثمانمائة وألف، وبينما كانت الحرب واقعة باللومبارديا قامت عمالات الطوسكانة وبارمة ومودنة والرومانية.

وفي شهر أشتنبر سنة تسع وخمسين وثمانمائة وألف اجتمع أربع جمعيات منتخبة بالاقتراع العمومي بفلورانسة وبارمة ومودنة وبولونيا، وحكموا بتأخير ملوكهم السابقة، وانضمام ممالكهم لمملكة سردانية تحت ولاية الملك فيكتور إمانويل الثاني من بيت سافويا القانونية، ووقع عرض الرأي المذكور على الأهلين فوافقوا عليه من غير تعرض، وقبِلَ ملك سردانية حُكم الانضمام المذكور وأمر بانضمام بارمة ومودنة والرومانية بمنشوره المؤرخ في الثامن عشر من مارس سنة ستين وثمانمائة وألف، وأمر بانضمام الطوسكانة بمنشوره المؤرخ في الثاني والعشرين من الشهر المذكور. وبسبب الوقائع الحربية التي تمت في السنة المذكورة نادى أهل عمالة المارش والأومبريا من مملكة رومية وأهل نابلي وصقلية بالانضمام أيضًا. وفي سلخ أكتوبر واثنين في دجمبر سنة ستين وثمانمائة وألف قَبِلَ الملك المناداة المذكورة ووافق على اجتماع العمالات المذكورة مملكة واحدة بأوامره المؤرخة في السابع عشر من دجمبر.

ثم في السابع عشر من مارس سنة إحدى وستين وثلاثمائة وألف وقع نشر القانون الذي بمقتضاه سمَّي الملك فيكتور أمانويل الثاني نفسه ملك إيطاليا مع تسلسل هذا الاسم في ذريته، وفي سنة ست وستين وثمانمائة وألف انضمت عمالة البندقية لهذه المملكة الجديدة.

(٢) في أسماء ملوك إيطاليا وترتيبهم في الولاية

اعلم أن بيت سافويا متأصل من العائلة المعروفة بالعائلة الساكسونية (وهي عائلة كبيرة منقسمة إلى ستة فروع، منها فرع إمبراطورات جرمانيا)، وكبير البيت المذكور هومبرت الأول الذي أقامه رودولف الثالث ملك بورغونيا واليًا على سافويا وموريان بلقب كونت، وكان يقال له ذا الأيادي البيض. واختلف المؤرخون في اسم أبيه؛ فمنهم من قال: هو ابن رجلٍ يقال له برتولد أو بارولد كونت موريان، ومنهم من زعم أنه ابن رودولف المذكور، ومنهم مَن زعم أنه ابن هوغ مركيز إيطاليا. ولقِّب هومبرت هذا بكونت سافويا في سنة سبع وعشرين بعد الألف، ونال من إمبراطور جرمانيا كونراد الملقَّب بالساليك عماليتي الفوسينيي والشابلي الأسفل، والعمالة المسماة وال داوستة (أي وادي أوستة، وهم اسم مدينة) كلها أربع وثلاثين بعد الألف.

من سنة إلى سنة أسماء الملوك ونسبهم
عائلة كونتات سافويا
۱۰۲۷ ۱۰٤۸ هومبرت الأول المذكور
۱۰٤۸ ۱۰٦۰ أمدي الأول قيل ابن هومبرت وقيل حفيده
۱۰٦۰ ۱۰۸۰ أمدي الثاني ابن أخي الأول
۱۰۸۰ ۱۱۰۳ هومبرت الثاني الملقب بالمتقوي
۱۱۰۳ ۱۱٤۸ أمدي الثالث تَسلَّط الإمبراطور هنري الخامس على بلاده وجعلها كونتية السلطنة الجرمانية
۱۱٤۸ ۱۱۸۸ هومبرت الثالث
۱۱۸۸ ۱۲۳۳ توماس الأول
۱۲۳۳ ۱۲٥۳ أمدي الرابع
۱۲٥۳ ۱۲٦۳ بونيفاس عرف رولاند مات مسجونًا
۱۲٦۳ ۱۲٦۸ بطرس أخو أمدي الرابع، ويقال له شارلمان الصغير
۱۲٦۸ ۱۲۸٥ فيليب الأول أخو بطرس
۱۲۸٥ ۱۳۲۳ أمدي الخامس الملقب بالكبير
۱۳۲۳ ۱۳۲۹ إدوارد الملقب بالسخي
۱۳۲۹ ۱۳٤۳ أيمون الملقب بالسليم أخو إدوارد
۱۳٤۳ ۱۳۸۳ أمدي السادس ويقال له الكونت الأخضر
۱۳۸۳ ۱۳۹۱ أمدي السابع ويقال له الكونت الأحمر
عائلة دوكات سافويا
۱٤۱٦ ۱٤٥۱ أمدي الثامن ولاه الإمبراطور سبجزموند خطة دوك في ۱٤۱٦ وسلم الملك لابنه لويز في ۱٤۳٤ ثم انخلع له في ۱٤٤۰ لأنه انتخب بابا
۱٤٤۰ ۱٤٦٥ لويز الأول المذكور
۱٤٦٥ ۱٤۷۲ أمدي التاسع
۱٤۷۲ ۱٤۸۲ فيلبرت الأول المسمى الصياد
۱٤۸۲ ۱٤۸۹ شارل الأول المسمى الحربي أخو فيلبرت
۱٤۸۹ ۱٤۹٦ شارل الثاني ولد في ۱٤۸۸ وكانت الإدارة بيد أمه
۱٤۹٦ ۱٤۹۷ فيليب الثاني ابن لويز الأول ولد في ۱٤۳۸
۱٤۹۷ ۱٥۰٤ فيلبرت الثاني المسمى الجميل
۱٥۰٤ ۱٥۳۳ شارل الثالث المسمى الطبيب أخو فيلبرت
۱٥۳۳ ۱٥۸۰ إمانويل فيلبرت المسمى رأس الحديد
۱٥۸۰ ۱٦۳۰ شارل إمانويل الأول الملقب بالكبير
۱٦۳۰ ۱٦۳۷ فيكتور أمدي الأول
۱٦۳۷ ۱٦۳۸ فرنسوي ياسينت مات في سن السبع سنين
۱٦۳۸ ۱٦۷٥ شارل إمانويل الثاني
۱٦۷٥ ۱۷۱۳ فيكتور أمدي الثاني
عائلة ملوك سردانية
۱۷۱۳ ۱۷۳۰ فيكتور المذكور تولى ملكًا على سردانية وغيرها بلقب فيكتور أمدي الأول
۱۷۳۰ ۱۷۷۳ شارل إمانويل الأول
۱۷۷۳ ۱۷۹٦ فيكتور أمدي الثاني
۱۷۹٦ ۱۸۰۲ شارل إمانويل الثاني
۱۸۰۲ ۱۸۲۰ فيكتور إمانويل الأول
۱۸۲۰ ۱۸۳۱ شارل فليكس
۱۸۳۱ ۱۸٤۹ شارل ألبرت من فرع سافويا كارينيان، تولى الملك لأن شارل فليكس لم يخلف عقبًا، ثم انخلع لولده فيكتور إمانويل الثاني في ۲۳ من مارس سنة ۱۸٤۹ عند تغلب جيوش أوستريا عليه في واقعة نفارة، وتوفي مهاجرًا لبلاده في مدينة أوبورتو من أعمال مملكة البورتوغال في أواخر السنة المذكورة
ملوك إيطاليا
۱۸٦۱ فيكتور إمانويل المذكور المالك الآن

(٣) في وصف إيطاليا

إيطاليا قطعة من جنوب أوروبا كائنة بين سبع وثلاثين درجة وخمسين دقيقة وست وأربعين درجة وأربعين دقيقة من العرض الشمالي، وبين ثلاث درجات وخمس وأربعين دقيقة وست عشرة درجة وخمس دقائق من الطول الشرقي، وهي شبه جزيرة وشكلها شكل جزمة ذات مهماز، وحدُّها من جهة الشمال سويسرة والنمسة، وبين الشمال والغرب فرنسا، ومن الغرب وبينه وبين الجنوب البحر الرومي المسمى مديتراني ومضيق مسينا الفاصل بينها وبين صقلية، وبين الجنوب والشرق البحر الرومي أيضًا، ومن جهة الشرق بحر الأدرياتيك، وطولها ألف وثلاثمائة كيلومتر وذلك من الجبل المسمى مون بلان إلى رأس سبارتيفينتو، وعرضها يختلف جدًّا فإنه من جهة الشمال يبلغ قدره خمسمائة وخمسين كيلومترًا، وفي الوسط ومن جهة الجنوب لا يزيد على مائتين وعشرين كيلومترًا، مع أنه في بعض الأماكن يضيق حتى إنه لا يتجاوز ستين كيلومترًا، ومساحتها مع جزرها مائتان وأربعة وثمانون ألفًا وأربعمائة وخمسة وستون كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها على ما تحرر سنة اثنتين وستين وثمانمائة وألف أربعة وعشرون مليونًا ومائتان وثلاثة وستون ألفًا وثلاثمائة وعشرون نفسًا كلهم على المذهب الكاثوليكي إلَّا النادر منهم. وجزرها المعتبرة الخاصة بها جزيرة صقلية وجزيرة سردانية، وفي جنوب جزيرة صقيلة جزيرة بنتلارية، وبين صقلية والبرِّ جزر ليباري، وفي مدخل جون نابلي جزر إيسكيا وكابري، وبين طوسكانة وكورسكة جزيرة آلبا، قال نابوليون: إنه لا توجد قطعة من أوروبا أحسن من إيطاليا وضعًا لصيرورتها دولة بحرية عظيمة. فإن طول شطوطها في البر يبلغ ألفين وثلاثمائة كيلومتر تقريبًا، وجزيرة سردانية مع جزيرة صقلية لهما ألف وأربعمائة كيلومتر من الشطوط، بحيث إن إيطاليا مع سائر جزرها كبارًا وصغارًا تحتوي على ثلاثة آلاف وتسعمائة كيلومتر من الشطوط. وقبل سنة تسع وخمسين وثمانمائة وألف كانت إيطاليا منقسمة إلى إحدى عشرة عمالة وهي مملكة سردانية، وإمارة مونكو ومملكة اللومبارديا والبندقية ودوكات مودنة ودوكات بارمة ودوكات لوكة ودوكات ماسة وكرارة وغران دوكات الطوسكانة، وعمالة البابا وجمهورية صان مرينو ومملكة نابلي وجميع الممالك المذكورة اجتمعت الآن وصارت مملكة إيطاليا، ما عدا قطعتين صغيرتين وهما: مونكو وصان مرينوا ومدينة رومية والبر المجاور لها الذي بقي لدولة البابا.

وفي جهتي الشمال والغرب من إيطاليا تمتد جبال الألب وتتصل بها جبال الأبنين التي تشق إيطاليا طولًا، وتتفرق منها عدة جبال صغار منها الجبل الناري المسمى فيزوف، وفي صقلية توجد أيضًا سلسلة جبال أعظمها الجبل الناري المسمى آتنة. ويجري في شمال إيطاليا نهر عظيم يسمى بو تنصبُّ فيه جُلُّ أنهار تلك الجهة كالتيشينو والآدَّا والأوليو والمينشيو والترابِّيا والطارو وغيرها، ما عدا نهر الأيزونصو والتليامينتو والبيافي والبرينتة والأديجي فإنها تنصبُّ في بحر الأدرياتيك. وفي جهة الوسط والجنوب تجري أنهار صغيرة عديدة تنصبُّ في البحر، ويوجد في إيطاليا الشمالية عدة بحيرات منها البحيرة المسماة لاغو ماجوري؛ أي البحيرة الكبرى، وبحيرات كومو وغاردا ولوغانو وليكو وإيزيو. وفيها طرق معتادة للمواصلة كثيرة، وأما طرق الحديد فإن المنجَز منها في سنة خمس وستين وثمانمائة وألف أربعة آلاف وأربعمائة واثنا عشر كيلومترًا، والتي أشرفت على التمام أربعة آلاف وثمانمائة واثنان وثمانون كيلومترًا.

وإيطاليا مشهورة بطيب الهواء وحُسنه ما عدا الجهة الوسطى منها فإنه يوجد فيها مستنقعات تسمى بونتين يحدث منها في كل سنة أمراض عامة. وأرضها تختلف لكنها في الغالب خصبة وخصوصًا عمل اللومبارديا الذي ينتج فيه الأرز بكثرة وسائر أنواع الحبوب، وعمل نابلي الذي زيته وخمره وبردقانه لها صيت عظيم في أوروبا. وفي الأماكن الجنوبية المتطرفة يزرع القطن والقصب الحلو، ودود الحرير والنحل يعطيان من ثمرهما مقدارًا وافرًا، وحيوانها كحيوان سائر أوروبا ما عدا الجاموس الذي صار متأنسًا، ونوع خروف يوجد بجزيرة سردانية، وتوجد بها الحيوانات ذوات السموم بكثرة، وفي شطوطها حوت كثير لذيذ.

وغنى إيطاليا الأرضي من أنواع الأحجار الثمينة أكثر من المعادن، وهو ركن مهم فإنه يوجد بها أنواع البرفير والرخام والمرمر بجبال الألب والأبنين وبكرارة وفلتيرة، والرخام المركَّب من ألوان كثيرة في ستاتسيمة، والرخام الأسود في بيستويا والرخام الأخضر في براتو، وحجر فلورانسة الذي بعد صقل بلاطه تظهر فيه أشكال ديار خربة وأشجار، والحجر الذي بعد حرقه يتكوَّن منه ما يعرف بفسفور بولونيا الذي يلمع في الظلام، واليماني ببارمة وغيرها من أعمال الطوسكانة وفيشنسة وسيينة والبييمونت وجبل الفيزوف. وأما مقاطع صقلية وسردانية فإنها تعطي جانبًا يسيرًا من الذهب وقناطير قليلة من الفضة وألوف قناطير من الرَّصاص وخمسمائة أو ستمائة ألف قنطار من الحديد. وتوجد أيضًا بإيطاليا مقاطع زئبق ونحاس وتوتيا وكبريت وشب وملح وبعض عيون معدنية مشهورة كشهرة عيون ألمانيا، ويصنع بها الأقمشة الحريرية والصوف والبرنجق والدويدة وغيرها من أنواع العجين والمرايا والبرانيط وغير ذلك. ولها صنائع خاصة بها تتقنها كالفرفوري والفخار الفائق وآلات الطرب وأوتارها وأمور السعف والتبن المنسوبة لها.

وقد قلَّ كثيرًا متجر إيطاليا البحري منذ كشفت أميركا ورأس الرجاء الصالح، ومدنها المشهورة بالتجارة البندقية وآنكونة وغرنة وجنوة. والتجارة الداخلية غير نامية أيضًا لكن باجتماع إيطاليا في مملكة واحدة ستزول جميع الموانع التي كانت معطلة للمتجر المذكور. وقد بلغت قيمة متجرها في سنة أربع وستين وثمانمائة وألف ألفًا ومائتين وأربعين مليونًا وتسعمائة وسبعين ألفًا وتسعمائة وتسعة وعشرين فرنكًا، الخارج منها أربعمائة وخمسة ملايين وثمانية وخمسون ألفًا وثمانمائة وسبعة وثمانون فرنكًا، وعدد المراكب الداخلة لمراسيها والخارجة منها سنة أربع وستين وثمانمائة وألف مائتان وواحد وثلاثون ألفًا وتسعمائة وسبعة، الخارج منها مائة وخمسة عشر ألفًا وأربعمائة وخمسة وأربعون محمول جميعها من الطونلاتات ستة عشر مليونًا وسبعمائة وستة وستون ألفًا ومائتان وأربعة وستون. والسبب في كثرة مراكب هذه الدولة مع أن متجرها أقل بكثير من متجر فرنسا التي لا يدخلها من المراكب ما يدخل إيطاليا هو أن غالب هذه شطوط، فيدخلها قاصدها وغير قاصدها من المراكب الجائلة في البحر الرومي وبحر البنادقة، بل يمكن دخول المركب الواحد عدة مراسٍ من مراسيها، ونظير هذا السبب يوجد في بعض الممالك كالدنيمرك. وعمل الطريق الحديدية ابتدئ تسهيله.

ويوجد في جميع أعمال إيطاليا قمرات متجرية، والبانكات أخذت الآن في التكاثر. وبقيت إيطاليا مدة من الزمان مقرًّا للصنائع المستظرفة (أعني التصوير والنقش) ويرغب في انتيابها كثيرًا السواحون لكثرة الأبنية الهائلة بها، وخرج منها رجال معتبرون في جميع الأمور لا يتيسر تسمية جميعهم لكثرة عددهم، فلنكتفِ من الشعراء الأقدمين بدانتي وبتراركا وأريوستو وتاسو ومتستازيو والفياري، ومن المؤلفين المهرة ببوكاتشو وغويتشرديني ودافيلا، ومن أهل السياسة بمكيافلي وفيكو وبَكَّارِيَّا وفيلخجياري، ومن المصورين برفاييل وليوناردو دا فينشي وتيتسيانو وتينتورلي وكوريجيو وكاراتشو وسالفتور روزا، ومن النقاشين الحذَّاق بميكيلانجلو وكانوفا، ومن المؤلفين في الموسيقى ببوربرة وبرغوليزي، ومن الفلكيين بغليلاو وتوريشلي وفولطة، ومن البابوات بغريغوريوس السابع وسيستو الخامس وليون العاشر. والقرن السادس عشر الذي وجد فيه كثير من هؤلاء المهرة يسمى قرن ليون العاشر، وهو معدود من الأربعة القرون المشهورة بالعلوم.

(٤) في الكلام على قوانين دولة إيطاليا

اعلم أن الملك شارل ألبرت صاحب مملكة الصاردو هو الذي أعطى القانون الجاري به عملهم اليوم بمنشوره المؤرخ بالرابع من مارس سنة ثمانٍ وأربعين وثمانمائة وألف، المتضمن أن مِن حقوق الملك تنفيذ القوانين والإمرة على العساكر البرية والبحرية وعقد الحرب والصلح وشروط المعاهدة والتجارة، ولكن إذا كان في ذلك ما يوجب زيادة مصاريف أو نقصًا من حدود المملكة فلا بدَّ من عرضه على موافقة مجلس نواب العامة، ومن حقوقه نصب الوزراء وتعيين جميع الوظائف وتأخير من لم تكن وظيفته عمرية متى شاءَ، وتعيين وقت اجتماع المجلس الأعلى ومجلس النواب، وتعطيل الثاني إن اقتضى الحال ذلك بشرط أن يطلب من الأهالي انتخاب مجلس جديد في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وعرض ما يستحدثه من القوانين على المجالس المشار إليها ثم إمضاؤها بعد موافقتهم عليها، وإصدار الأوامر بتنفيذ القوانين والعفو عمن شاء من أهل الجرائم. وهذه الأمور وإن كانت كلها من حقوق الملك فإنها متوقفة على إجازة الوزراء؛ لما عليهم من المسئولية للمجلسين المذكورين عن تصرفات الدولة، حتى إنه لا يسعهم البقاء في الوزارة إذا لم يكن رأي الغالب من المجلسين موافقًا لسياستهم كما تقدم في الدولة الإنكليزية.

(٥) في بيان حقوق الأهالي

فمنها المساواة في الحقوق المدنية والسياسية والمساواة لدى الحكم والحرية الشخصية، واحترام الأملاك وحرية المطابع والاجتماعات العمومية للمفاوضة في مصالح الأهالي، وعرض كل أحد ما يظهر له من الشكايات على المجلسين المذكورين.

(٦) في بيان مجالس المملكة

المجلس الأعلى المسمى بالسناتو يتركَّب من أعضاء ينتخبهم الملك من أعيان المتوظفين ومن كبراء الكنيسة ومن نجباء أهل المملكة، ومن حقوق أمراء العائلة الملكية أنَّ مَن بلغ منهم سنه إحدى وعشرين سنة يدخل في زمرة هذا المجلس، ولكن لا يكون له صوت فيه إلَّا إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة. وعضوية هذا المجلس عمرية وعدده غير محصور إلا أن به اليوم مائتين وثلاثة وثمانين عضوًا، ومن أعماله التأمل في سيرة الدولة والمفاوضة فيها علنًا ثم الاقتراع على القوانين التي تُعرض عليه من الأعضاء أو من الملك، ومنها: التأمل والحكم فيما يصدر من الوزراء من المخالفات التي يدَّعى بها عليهم من مجلس نواب العامة، وفيما يصدر من الجنايات السياسية المتعلقة بالدولة أو بخصوص ذات الملك.

(٧) في بيان مجلس نواب العامة

مجلس نواب العامة يتركب من أعضاء عددهم اليوم أربعمائة واثنان وأربعون ممن لا يكون عمره أقل من ثلاثين سنة، بمراعاة أن على كل خمسة وثلاثين نفسًا وكيلًا واحدًا لمدة خمسة أعوام، ولا يكون في هذا المجلس من متوظفي السياسة والعسكر مَن له مرتب من الدولة إلَّا إذا كان ذلك في مقدار خُمس الأعضاء فلا يضر وجوده. وأعضاءُ هذا المجلس ينتخبهم الأهالي، لكن يشترط في المنتخَب (بالفتح) أن يكون من أهل المملكة وممن يتصرف في حقوقه الشخصية والسياسية وأن يبلغ عمره ثلاثين سنة، كما يشترط في المنتخِب (بالكسر) أن يكون من أهل المملكة منشأً أو دخولًا في الجنسية وأن يبلغ عمره خمسًا وعشرين سنة، وأن يعرف القراءة والكتابة، وأن يؤدي على أملاكه أربعين فرنكًا في السنة أو يدفعها كراءً عن محل خدمة صناعته، إلَّا إذا كان من أعضاء مجالس العلوم أو المتجر أو المدرسين للعلوم والمعارف وأرباب الوظائف السياسية والعسكرية ونياشين الافتخار وسماسرة المتجر والتلامذة المشهود لهم بالمعرفة، فجميع هؤلاء لا يعتبر في تأهلهم للانتخاب ذلك الأداء السنوي.

ومن أعمال مجلس النواب المفاوضة والاقتراع علنًا على جميع القوانين المعروضة من الدولة أو الأعضاء، ومن حقوقه الخاصة تعيين مصاريف الدولة ومقدار الأداء الذي يوظف على الأهالي والتأمل في سيرة الدولة في الأمور الداخلية والخارجية، وسؤال الوزراء عنها وإقامة الدعوى على أحدهم أو جميعهم بالخيانة، وتنشر النازلة لدى المجلس الأعلى. أما رئيس مجلس النواب فينتخبه أعضاؤه. ثم إن للدولة مجلسًا مركَّبًا من أعضاء ينتخبهم الملك من أعيان المتوظفين، مأموريته إعطاءُ الرأي في النوازل التي تعرض عليه من الوزراء وفصل النوازل التي تقع بين المتوظفين فيما يتعلق بالمأمورية، وله تهذيب القوانين ونحو ذلك من المصالح المشار إليها في الكلام على الدول المتقدمة.

(٨) في أحوال الوزراء

إدارة هاته المملكة تحت نظارة تسعة وزراء يتصرفون عن أمر الملك بمقتضى القانون ويسألون في تصرفاتهم للأمة، ويجتمعون للنظر في المصالح تحت رئاسة الملك أو نائبه، ويُسمَّى محل اجتماعهم مجلس الوزراء.

(٩) في حكام الإيالات

تنقسم هذه المملكة إلى تسع وخمسين إيالة، وتنقسم الإيالات إلى أوطان كبار، ثم هذه إلى أوطان صغار، ففي كل إيالة والٍ من طرف الدولة في صحبته مجلس مركَّب من أعضاء ينتخبهم الملك مكلَّف بإمضاء أوامر الدولة والنظر في عموم مصالح الإيالات وغير ذلك مما لسائر الولاة. كما أن في كل إيالة مجلسًا مركَّبًا من أعضاء ينتخبهم أهل الإيالة لمدة خمسة أعوام يكون عددهم ستين عضوًا في الإيالة التي سكانها أكثر من ستمائة ألف نفس، وخمسين فيما دون ذلك إلى أربعمائة ألف، وأربعين فيما دون ذلك إلى مائتي ألف، وعشرين في بقية الإيالات المسكونة بأقل من مائتي ألف، وفي كل سنة يبدل الخُمس من المجالس المذكورة بالقرعة في الخمسة الأعوام الأولى، ثم يصير التبديل بالأقدمية، وتجتمع هاته المجالس أول يوم إثنين من شهر أشتمبر من كل سنة إلى تمام المدة اللازمة، وخدمتهم تعيين المبالغ اللازمة لمصالح إيالتهم كتمهيد الطرقات وبناء القناطر والمارستانات والمكاتب ونحو ذلك، وتؤخذ المبالغ المشار إليها من دخل الأملاك الموقوفة على مصالح الإيالة، وإذا لم يفِ الدخل المذكور يوزعون المقدار الناقص على الأهالي بزيادة جزءٍ على الأداء المطلوب من كل شخص، وإدارة صرف ما ذكر في المصالح المشار إليها في عهدة وكلاء الإيالة المنتخبين لمجلس النواب، ومن مأمورية هاته المجالس النظارة العامة على إدارة المكلفين بديار الصدقات المعينة للفقراء، وإعطاء الرأي في تغيير حدود الإيالات؛ حيث يقتضي الحال إضافة شيء من بعضها لبعض، وفيما يجب إحداثه من القناطر التي يدفع المارون عليها شيئًا معينًا، وفي تعيين الأماكن المناسبة لترسيم الأسواق ومجامع الدواب والسلع المعروضة للبيع، وفي تحرير التراتيب المحترمة وغير ذلك من مصالح إيالتهم.

(١٠) في نواب حكام الإيالات

في كلٍّ من أوطان الإيالة الكبار نائبٌ مأموريته التأمل في تصرف المجلس البلدي هل هو موافق للقوانين أم لا، وله في غير الحالة الضرورية تعطيل نفوذ رأيهم، ويبادر بعرضه على والي الإيالة الذي له إبطاله بموجب القانون. كما يوجد في كلٍّ من الأوطان المذكورة مأمور من طرف الدولة مكلَّف بحفظ راحة السكان ومأمور آخر مكلَّف بالنظر في أخذ العسكر.

(١١) في حكام المراكز الصغار

في كل مركز من مراكز الأوطان الصغار مأمور مكلَّف من طرف الدولة بالنظر في بقاء راحة السكان الذي هو من واجبات حاكم البلد.

(١٢) في المجالس البلدية

في كل بلد مجلس بلدي يركَّب من ستين عضوًا في البلدان التي يبلغ سكانها ستين ألف نفس، ومن أربعين في المسكونة بما دون ذلك إلى الثلاثين ألفًا، ومن ثلاثين عضوًا فيما دون ذلك إلى عشرة آلاف، ومن عشرين عضوًا فيما دون ذلك لمدة خمسة أعوام، ويبدل الخُمس في كل سنة كما تقدم، وكلهم تحت رئاسة مشايخ البلدان. وشروط انتخابهم كشروط انتخاب مجلس النواب، غير أنه في اعتبار السن فيمَن لهم الكلمة في الانتخاب يبدأ بمَن بلغ عمره إحدى وعشرين سنة، وفي اعتبار الأداء يبدأ بمَن يؤدي خمسة وعشرين فرنكًا في البلدان الكبار، وفي التي دونها يبدأ بمَن يؤدي عشرين فرنكًا، وهكذا إلى مَن يؤدي خمسة.

وتجتمع هاته المجالس مرتين في السنة؛ ربيعًا وخريفًا لتمام الخدمة، وقد يجتمعون لنصب المتوظفين وتأخيرهم عن المباشرة، ولهم التفاوض والانفصال في إدارة مصالح بلدهم والصدقات ومكاتب التعليم والتنظيف والنظارة على الضبطية، وترتيب قبض المبالغ المعينة للبلد، وتعيين ما يكفي منها لمصالحها وغير ذلك مما لمثلها في الممالك الأخرى.

(١٣) في إدارة مصالح البلدان

في كل بلد جمعية مركَّبة من أعضاء يعينهم المجلس البلدي تحت رئاسة مشايخ بلدهم، مكلفون بمباشرة إدارة ما يعينه المجلس لمصالح البلد. وأعضاء هاته الجمعية ستة في البلد المسكون بثلاثين ألف نفس وأربعة في المسكون بما دون ذلك.

(١٤) في تعطيل المجالس

للملك تعطيل خدمة مجالس الإيالات والمجالس البلدية لأسباب سياسية بشرط أن يطلب من الأهالي أن ينتخبوا مجالس جديدة في مدة غايتها ثلاثة أشهر، وفي تلك المدة يكلِّف بعض مأموري الدولة بإجراء المصالح المكلفة بها المجالس المذكورة. وإذا رفع للملك شكاية من سيرة الولاة أو بعض أعضاء مجلس النواب المكلفين بإدارة مصالح الإيالة فعلى الملك عرض ذلك على مجلس الدولة.

(١٥) في بيان مجالس الحكم

اعلم أن الدولة الطليانية هي اليوم عبارة عن مجموع دول إيطاليا ودولة الصاردو كما تقدم، ولقرب مدة اتحاد الدول المذكورة لم تجد الدولة فسحة لترتيب مجالس الحكم على نمط واحد، ولذلك لم يتيسر لنا بيان عدد المجالس، لكن نقول على الإجمال: إن الأحكام بإيطاليا منسوجة على منوال أحكام الممالك الأوروباوية ذوات الكونستيتوسيون كفرنسا وإنكلترة، بحيث إن بها مجالس جنايات تفصل نوازلها بمحضر الجوري ومجالس عرفية ومجالس صلح ومجالس تحقيق وأربعة مجالس عُليا.

(١٦) في بيان مكاتب العلوم

اعتمادًا على ما تقدم عند الكلام على التراتيب الفرنساوية من انقسام المكاتب إلى ثلاث مراتب، ينبغي أن نقتصر هنا على بيان عدة المكاتب وما بها من التلامذة بمقتضى ما حُرر في سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف، فمكاتب المرتبة الأولى أحد وثلاثون ألفًا وثمانمائة، بها من التلاميذ مليون ومائة وثمانية وسبعون ألفًا وسبعمائة وثلاثة وأربعون، ومكاتب المرتبة الثانية ألف وستة وتسعون بها من التلاميذ تسعة وأربعون ألفًا ومائة وخمسة وثمانون، ومكاتب المرتبة الثالثة وهي العليا تسعة عشر بها تسعة آلاف وخمسمائة وستة وثمانون. وأما البندقية ففيها من المرتبة الأولى ألفان ومائة وستة وعشرون مكتبًا بها من التلامذة مائة وسبعة وعشرون ألفًا ومائة وسبعة عشر، ومن الثانية أربعة وثلاثون بها من التلامذة أربعة آلاف وستمائة وسبعة عشر، ومن الثالثة مكتب واحد به من التلاميذ ألف وثلاثمائة وواحد وثمانون. وفوق المراتب الثلاث مكتبٌ أعلى لتحرير العلوم.

وللمملكة مكاتب مخصوصة بالعلوم العسكرية والصنائع والفِلاحة، وإدارتها تحت نظر وزير العلوم ومجلسٍ معه، ومصاريف المرتبة الثالثة ومائة وثلاثة وعشرين من الثانية وسائر المكاتب العسكرية على الدولة، وباقيها على الإيالات والبلدان.

(١٧) في قوة إيطاليا المالية والعسكرية البرية والبحرية

القوة المالية.
جملة دخل الدولة السنوي ٦۱٤۸۱۱٦٥۲ فرنكًا تقريبًا
جملة خرجها السنوي ۹۳٥۳۸٦٤۲٥ فرنكًا تقريبًا أيضًا
جملة الدَّين الذي كان عليها في سنة ۱۸٦۳ ۳۱۰۳۱٥۰۹۷۹ فرنكًا
القوة العسكرية البرية في سنة ۱۸٦٦.
وقت الحرب وقت الصلح أصناف العساكر
۱٥۳ ۱٥۳ أمراءُ الجيش من أمير لواء فما فوق
۲۱۰ ۲۱۰ أتاماجور؛ أي أركان الحرب
۲۷۲۱۷٥ ۱۳۸۷۳٥ تريس بالضباط إلى الأمير ألاي
۱۸۳۷۳ ۱۷۸۹٥ خيالة
۲۱۷۹۲ ۲۱۷۹۲ جاندارم وهم ضبطية خيالة
۳۰۰۳۲ ۱۸۹۲٦ طوبجية
۱٦۹۹۰ ۷٤۲٤ مهندسون وعسكر لرفع الأثقال
٦۱۷٥ ۳۱۸۳ المكلفون بإدارة الجيش
۱۳۹۰۰ ۱۳۹۰۰ ضباط وعسكر مقيمون بالحصون
۱۱٥۰۰۰ عسكر يداك
٤۹٤۸۰۰ ۲۲۲۲۱۸ الجملة
القوة البحرية بدولة إيطاليا سنة ۱۸٦٦.
جملة المراكب ومدافعها ۱۳۲۱ مراكب قلاع بها قوة خيل ۳۰۲۱۰ بحرية أصناف البحرية والمراكب
      فابورات فابورات مدرعة      
۲ أميرالات
۳ فيش أميرال في مقام أمير أمراءَ
۱۰ كنترا أميرال في مقام أمير لواء
۲۲ قبطانات أجفان
۳٦ قبطانات فراقط
۱٥۰ فسيالات من الرتبة الأولى والثانية
۱٥۰ فسيالات صغار
۱۱۱۹۳ بحرية
٦٦۰ صنائعية
٥۸٥۰ عسكر معد للبحر
۱٤ ۱٤ فراقط منها واحدة بالشبور
۲ ۲ قرابط
٦ ٦ كوننيار
۲ ۲ بطرية عوامة
۲ ۲ أجفان
۹ ۹ فراقط
۲۲ ۲ ۲۰ قرابط
٥ ٥ كوننيار
۱۱ ۱۱ أبركة
۳۱ ۸ ۲۳ لحمل الأثقال
۱۰٤ ۱۰ ۷۰ ۲٤ ۱۸۰۷٦ الجملة
قوة إيطاليا البحرية المتجرية.
طونلاتة مراكب أنواع المراكب
٦٦۹٥۱٦ ۱٦۳۹۸ مراكب قلاع
۱٦۸۸۷ ٥۰ فابورات
٦۸٦٤۰۳ ۱٦٤٤۸ الجملة

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤