ليلة الخطر

خرج الجميع إلى الحديقة وأضاءوا أنوارها وأخذوا يبحثون عن «زنجر» وهم ينادونه … ولكن «زنجر» اختفى … وفي الظلام الذي هبط بقوة … ولون «زنجر» الأسود … أصبح مستحيلًا رؤية الكلب وهكذا أخذوا ينادون عليه.

وقال «سامي»: إنَّ باب الحديقة مفتوح، وقد أغلقته بنفسي عند عودتنا.

عاطف: معنى هذا أنَّ «زنجر» فتح الباب وخرج.

لوزة: وماذا سنفعل؟

سامي: دعونا ننتظر عودته.

لوزة: لا أستطيع الانتظار.

محب: سنخرج جميعًا للبحث عنه.

نوسة: أين؟

محب: في المنطقة المحيطة بالفيلَّا.

كان «تختخ» صامتًا طول الوقت … ولاحظ المغامرون هذا، فقالت «نوسة»: لماذا أنت صامت يا «تختخ»؟

تختخ: أعتقد أنَّ «زنجر» قد ذهب بعيدًا.

نوسة: أين؟

تختخ: لا أدري … ولكن في الأغلب أنه يسير خلف رائحة اللفَّة السوداء.

عاطف: أو وراء من سرقوا اللفَّة السوداء.

تختخ: فعلًا … وهذا يعني أنه مُعرَّض لخطر شديد.

محب: لنحضر البطاريات ونخرج للبحث عنه.

سامي: أين؟

تختخ: سيعطي لنا «زنجر» إشارة … فهو يعرف الآن أننا سنبحث عنه.

سامي: أي إشارة؟

تختخ: سوف ترى.

أحضروا البطاريَّات الصغيرة التي يحتفظون بها لاستخدامها حسب الظروف، وخرجوا جميعًا إلَّا «عاطف» و«سامي» … فقد رأى «تختخ» أن يبقيَهما؛ فقد يعود «زنجر» أو يعود اللصوص لسبب أو لآخر … وأخذ «تختخ» معه «الموبايل» وقال ﻟ «عاطف»: إذا ظهر «زنجر» أو حدث شيء فاتصل بي.

وخرج «تختخ» و«محب» و«نوسة» و«لوزة» … قال «تختخ»: اذهب يا «محب» مع «نوسة» في اتجاه البحر … وسنذهب أنا «ولوزة» في الاتجاه الآخر.

تكاثف الظلام، وازدادت سرعة الرياح الباردة … كان الجميع يعرفون أنَّ المهمة ليست سهلة … ولكنَّ «تختخ» كان يدرك أنَّ كلبه الذكي سيجد وسيلة للاتصال بهم … وقد صَدَقَ ظنُّه، فبعد نحو ساعة من السير في اتجاه «البحر الميت» سمع «تختخ» و«لوزة» صوت كلبه العزيز بين الأصوات النابحة، وهكذا أسرعا جريًا في اتجاه النباح وهما ينيران أضواء كشافَيْهما لتبديد الظلمة المتكاثفة.

أخيرًا وصلوا إلى مصدر النباح … كان هناك سور من السلك الشائك تقف خلفه مجموعة من الكلاب المتوحِّشة تنبح بشدة، وكان «زنجر» يقف خارج السلك يبادلهم النباح … وأسرع «زنجر» إلى «تختخ» يلفُّ حوله ثم يعود للنباح في مواجهة الكلاب المتوحِّشة.

أخذ «تختخ» يربت على ظهر «زنجر» الذي كان يرتعد بشدة … ثم قال: تعالَ يا «زنجر» … ماذا تفعل هنا؟

كانت «لوزة» تقف وقد انتابتها رعشة قوية من البرد ومن نباح الكلاب المتوحشة، فقالت وهي ترتجف: هيَّا بنا يا «تختخ»؛ فهذا المكان غير آمن.

ولم تكد تنتهي من جملتها حتى سمعا صوت موتوسيكل يقترب، فأسرعا بالاختباء خلف شجرة ضخمة، وأخذ «تختخ» يُهدِّئ «زنجر» حتى لا ينبح.

ظهر الموتوسيكل الضخم تسبقه أنواره القوية، واتجه إلى حيث الكلاب النابحة وأخذ ينهرها ويُطالبها بالسكوت، ثم دار دورةً واسعةً وأضواءُ الموتوسيكل القوية تكشف كلَّ ما حولها.

انكمش «تختخ» و«لوزة» خلف الشجرة، وكان «تختخ» يضع يده على رأس «زنجر» الذي كان يرتعد حتى لا ينبح فيكشف وجودهم في هذا المكان الموحش.

دار الموتوسيكل مرة أخرى ثم اتجه إلى مكان في السور، وانفتح باب من الحديد أصدر صريرًا عاليًا، ودخل الموتوسيكل وأضاءت أنوارُه عدَّةَ أكواخٍ متناثرةٍ بينها كوخ كبير، وظهرت أشباح سيارات واقفة وأشخاص يتحركون هنا وهناك.

ساد الصمت إلَّا من صوت الرياح … وتسلَّل «تختخ» و«لوزة» و«زنجر» عائدين إلى الفيلَّا، ودقَّ جرس المحمول في يد «تختخ»، وكان المتحدث هو «عاطف» … سأل «تختخ» عن الأحوال، فقال «تختخ»: لقد عثرنا على «زنجر».

عاطف: الحمد لله!

تختخ: المهم، هل عاد «محب» و«نوسة»؟

عاطف: لا.

تختخ: هذه مشكلة … بعد أن عثرنا على «زنجر» أصبحنا مُضطرِّين للبحث عن «محب» و«نوسة»!

أغلق «تختخ» «الموبايل»، وقال موجِّهًا حديثه إلى «زنجر»: الآن بعد أن عثرنا عليك … أنت مطالب بأن تجدَ لنا «محب» و«نوسة».

قالت «لوزة» في الظلام: ما الذي جعل «زنجر» يأتي إلى هذا المكان المخيف؟

تختخ: الرائحة … لقد تتبَّع رائحة اللفَّة السوداء التي سرقها اللصوص وجاءوا بها إلى هذا المكان.

لوزة: ولكنهم ليسوا لصوصًا.

تختخ: كيف؟

لوزة: إنهم أصحاب اللفَّة السوداء … وقد استعادوها.

تختخ: لقد أصبحتِ من فُقهاء القانون يا «لوزة»!

لوزة: ليس لنا عندهم شيء.

تختخ: لقد اقتحموا الفيلَّا!

لوزة: ليستردوا ما يخصُّهم.

تختخ: كان عليهم إبلاغ الشرطة وليس كسر النافذة والدخول منها.

سكتت «لوزة» عن الكلام، ولكنها بدأت في العطس … لقد عصفت الريح بجسدها الضئيل … وأحسَّ «تختخ» أنه مسئول عما حدث؛ فخلع «الجاكيت» الخفيف الذي يلبسه ووضعه على كتفيها، وأمسك بيدها، وأسرعا وخلفهما «زنجر» إلى الفيلَّا.

عندما وصل الثلاثة إلى الفيلَّا كانت «نوسة» و«محب» قد عادا أيضًا بعد أن فشِلا في العثور على «زنجر» الذي كان في الاتجاه المعاكس للاتجاه الذي سارا فيه.

وما كاد «تختخ» و«لوزة» و«زنجر» يدخلون حتى انهالت الأسئلة من كل جانب … ولكن «تختخ» قال ﻟ «نوسة»: من فضلك يا «نوسة» خذي «لوزة» إلى الفراش، وعليها أن تستبدلَ ملابسها وتدخل تحت الأغطية فورًا … ثم التفت إلى «سامي» وقال: أعتقد أننا جميعًا في حاجة إلى أكواب من الشاي.

كان المطر قد بدأ يهطل بشدة، وقال «تختخ»: الجو متقلِّب هذه الأيام.

محب: كيف وجدتما «زنجر»؟

روى «تختخ» ما حدث وكيف وجدا الكلب الأسود الشجاع عند الأسلاك الشائكة والمباني التي وجدوها في المنطقة الجرداء عند ساحل «البحر الميت» … وهنا قفزت أسئلة كانت على ألسنتهم جميعًا: كيف عرف اللصوص بوجود اللفَّة السوداء في الفيلَّا؟ وهل هناك عَلاقةٌ بين هؤلاء اللصوص ورجل الموتوسيكل؟ وهل لهم عَلاقةٌ بمعسكر الأسلاك الشائكة؟

هزَّ «تختخ» رأسه وقال: دعونا نُفكِّر بهدوء … ونطمئن على «لوزة» أولًا.

دخلوا جميعًا إلى الغرفة التي تنام فيها «لوزة» و«نوسة» … وحملوا إليهما الشاي، وكانت «لوزة» تحت البطاطين السميكة تبدو مثل فراشة صغيرة تحت ورق الشجر.

وقبل أن ينطق أحد قالت «لوزة»: سمعتكم تتحدثون في الخارج … أريد أن أعرف عَمَّ كنتم تتحدثون.

وقبل أن يردَّ أحد استمرَّت «لوزة» في الحديث: أريد أن أعرف كيف وصل اللصوص إلى الفيلَّا.

ابتسم الجميع وقال «محب»: أنتِ مريضة … وليس من حقِّ المرضَى أن يسألوا.

ضحك المغامرون وقالت «لوزة»: هل المرض يمنع السؤال؟

تختخ: على مَهْلِك يا «لوزة» … فعلًا هذا هو السؤال المهم في هذا الموضوع … ونريد أن نسمع آراءكم جميعًا.

صمت الجميع ثم قال «تختخ»: اسمحوا لي أن أبدأ بالإجابة، وإذا لم تقتنعوا بإجابتي فليقدِّم كلٌّ منكم اقتراحاته.

هزُّوا جميعًا رءوسهم وقال «سامي»: هذه أول مرة أحضُر فيها اجتماعًا للمغامرين، وهي متعة حقيقية لي حتى أعرف كيف تفكِّرون.

أغمض «تختخ» عينيه قليلًا ثم قال: لقد عرف اللصوص مكان اللفَّة السوداء من «أم شلبي».

ارتفعت أصوات المغامرين وهم يقولون: كيف؟!

تختخ: أتصوَّر أنه عندما فقد رجل الموتوسيكل اللفَّة السوداء وأخبر زملاءه، فإن الحلَّ هو سؤال الجيران الساكنين قرب الشاطئ عنها … وبالطبع قال الجميع إنهم لم يروا هذه اللفَّة حتى وصلوا إلى منزل «أم شلبي» باعتبار أنهم يعرفونها جيدًا لأنها زوجة الرجل الذي خرج ولم يَعُدْ.

نوسة: وأنَّ اسمه كان موجودًا في النوتة التي كانت في اللفَّة!

تختخ: هذا صحيح … ولعلَّهم سألوا أهل جميع الأشخاص الموجودة أسماؤهم في النوتة.

محب: إذن فهؤلاء اللصوص يعرفون أننا نعرف عنهم الكثير.

تختخ: إنهم ليسوا لصوصًا فقط … إنهم أخطر من هذا بكثير.

لوزة: هذا يعني بداية لغز جديد.

نوسة: لغز ماذا يا «لوزة»، نحن في خطر شديد!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤