نابليون في متحف الشمع

أمضى المخبرون الخمسة الأيام السابقة على يوم الثلاثاء، في زيارة متحف الشمع، كان «تختخ» يريد أن يدرس كل شيء عن تمثال «نابليون» ومكانه، حتى يتمكن من أن يتنكر دون أن يكشفه أحد.

وفي يوم الإثنين، ذهب مع «لوزة» في الصباح لزيارة المتحف، ووقف بين الزوار يتأمل التمثال ثم قال ﻟ «لوزة»: ولكن أخشى يا «لوزة» أن تكون ثياب التمثال ملتصقة به، فلا نستطيع خلعها لألبسها.

ومدت «لوزة» يدها إلى ملابس الإمبراطور نابليون، وتأكدت أن الثياب ليست ملتصقة به، ثم قالت ﻟ «تختخ»: هل تستطيع الوقوف كالتمثال مدة طويلة؟

ردَّ «تختخ» بثقة: بالطبع، لقد تمرنت خلال الأيام الماضية على وقفة نابليون حتى إن «زنجر» كان ينظر لي بدهشة، وينبح ويجذبني من ثيابي لأتحرك، ولكن كنت أظل ثابتًا.

وأخيرًا قال «تختخ»: هيَّا بنا، لقد درست كل شيء، وغدًا سأكون تمثالًا حقيقيًّا.

وبينما كان «تختخ» و«لوزة» يغادران المتحف، فوجئا بالشاويش «فرقع» يدخل، ويقف بين التماثيل يتأمل، دُهش «تختخ» لرؤية الشاويش في هذا المكان؛ فلم يكن من عادته أن يدخل إلى الملاهي أو غيرها، وعندما شاهدهما الشاويش، شعر هو الآخر بالدهشة، وقال في نفسه: ماذا يفعل «تختخ» و«لوزة» في هذا المكان؟

وحيَّا «تختخ» الشاويش، ثم انصرف مسرعًا مع «لوزة» ليستعد للمغامرة.

وجاء يوم الثلاثاء، وانهمك «تختخ» في إعداد نفسه، وكان قد أعدَّ قناعًا من الشمع لوجه «نابليون»، وعندما وضعه على وجهه صاح الأصدقاء في إعجاب: إنك تشبهه بالضبط، لا يمكن لأي إنسان أن يكتشفك يا «تختخ»!

واتفق الأصدقاء على أن يذهب «مُحب» مع «تختخ» إلى المتحف، ليطمئن على أن كل شيء يسير على ما يرام.

ووصل الصديقان إلى حديقة الملاهي بعد أن أغلقت أبوابها، ومن نافذة صغيرة في المتحف تسلَّل «تختخ» و«مُحب» إلى الداخل، ثم أغلقا النافذة خلفهما، لم تكن قاعة التماثيل الشمعية مظلمة تمامًا، ولكن الضوء القادم من مصباح النور في الشارع كان خافتًا، فأحسَّ «مُحب» برعشة قوية، عندما نظر إلى وجوه التماثيل في الضوء الخافت، وخُيِّل إليه أنها ستنطق وأنها تراقبه.

وقال «مُحب»: «تختخ»، يُخيَّل لي أن التماثيل تنظر إلينا. انظر إلى وجه رمسيس، إنه يراقبنا.

قال «تختخ»: كلام فارغ، تعال وساعدني على خلع الملابس عن «نابليون»، وأخذ الصديقان يخلعان ملابس «نابليون» بسرعة، ثم حملا التمثال ووضعاه في دولاب بالحائط، وأغلقا عليه الباب، ثم قام «تختخ» بمساعدة «مُحب» بارتداء ملابس «نابليون»، وعندما وضع القناع على وجهه بدا كالتمثال بالضبط، وأحدثت الميداليات المعدنية على صدره صوتًا موسيقيًّا.

قال «مُحب» بإعجاب: «تختخ»، إنك رائع في هذه الملابس. ثم أعطاه المرآة التي أخذها من «نوسة»، فنظر «تختخ» فيها، ثم مدَّ يده فوضع خصلة من شعره على جبينه، وهكذا بدا مثل نابليون تمامًا.

اتَّخذ «تختخ» وضع «نابليون» فوق القاعدة، ثم وضع يده في فتحة المعطف كما كان يفعل نابليون بالضبط، وقال ﻟ «مُحب»: والآن تستطيع أن تخرج فقد قاربت الساعة الثامنة والنصف، وقد يحضر أفراد العصابة.

ولم يكد «تختخ» ينتهي من كلامه، حتى سمعا صوتًا كأنَّ شخصًا يحاول فتح الباب، فأسرع «مُحب» يقفز من النافذة، واختفى بين بعض الأخشاب، وتخيَّل العصابة وهي تدخل على «تختخ» فأحسَّ برعدة تسري في جسده.

كان «تختخ» في منتهى اللهفة يريد أن يعرف من الذي سيفتح الباب، ومن سيدخل، هل هو رئيس العصابة، أم العصابة كلها؟ وهل يعرف أحدًا منهم.

وفُتح الباب ودخل شخص، ثم أغلق الباب مرة أخرى، وأخذ يسير بين التماثيل حتى اقترب من «تختخ»، وكم كانت دهشة «تختخ» عندما وجد أمامه الشاويش «فرقع».

وحدَّث «تختخ» نفسه قائلًا: الشاويش ما الذي أحضره إلى هنا؟ هل يا ترى هو أحد أفراد العصابة؟ غير معقول!

وأخذ «تختخ» يراقب الشاويش، وقد كتم أنفاسه، ودهش عندما وجد الشاويش يقف عند تمثال رجل الشرطة، ثم يخلع ملابسه سريعًا، ويحمل التمثال ويضعه في الدولاب، ثم يرتدي ملابسه، ويقف مكانه.

وفهم «تختخ» كل شيء، لقد استطاع الشاويش أن يقرأ الرسالة السرية، ثم حضر ليقبض على العصابة، وها هو ذا يقلد فكرة «تختخ» ويقف مكان أحد التماثيل، ولقد ثبت أن الشاويش أذكى مما يتصور «تختخ»، وسوف يقبض على العصابة كلها.

أخذ الشاويش يسعل؛ فقد كان يتصور أنه وحده، ثم بدأت بعض الأصوات التي تأتي من الخارج، فحبس الشاويش أنفاسه حتى لا يسمعه أحد، ودار المفتاح في قفل الباب، ودخل أربعة رجال، وجلسوا في مقاعدهم صامتين، ثم قال أحدهم: أين رقم «٣»؟ كان يجب أن يكون هنا الآن، ألم تخبره يا رقم «٥»؟

رقم «٥»: لقد أرسلت له رسالة في سيجارة عن طريق الرجل العجوز، ولا بد أنه سيحضر قريبًا.

ومرَّ الوقت بطيئًا، ثم أشعل أحد الرجال ولَّاعته، ونظر في ساعته وقال: لقد تأخرنا، وأعتقد أننا يجب أن نقوم بالمهمة وحدنا، دون حضور رقم «٣».

أحد الرجال: أي مهمة تقصد؟

الرجل: أقصد السطو على فيلا السيدة العجوز وسرقة مجوهراتها.

أحد الرجال: ولكنها مهمة صعبة!

الرجل: ليست صعبة إذا نفذتم الخطة بالضبط.

وأخذ الرجل يصف مكان الفيلا، وطريقة الدخول، وأخذ «تختخ» والشاويش يستمعان بانتباه إلى خطة العصابة، ثم حدث الشيء الذي كان يجب ألا يحدث أبدًا … فقد أحسَّ الشاويش أنه يريد أن يعطس، حاول منع نفسه … ابتلع ريقه، وأغلق أنفه … ولكن لا … غير معقول … غير ممكن … إنها العطسة … «تش».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤