في متحف الشمع

بعد ساعة من التجول في مدينة الملاهي، لم يصل الأصدقاء إلى اكتشاف شخصية «تختخ»، وأخيرًا قرروا دخول متحف الشمع للتفرج على الشخصيات الشهيرة هناك، بعد أن دفعوا ثمن تذاكر الدخول.

كان متحف الشمع عبارة عن قاعة كبيرة إلى حد ما، وقد وُضعت التماثيل في صفوف، وكانت متقنة الصنع إلى حد يثير الدهشة، تماثيل من الشمع تلبس الثياب التاريخية لكل شخصية، رمسيس الثاني، الكاتب المصري، كليوباترا، صلاح الدين الأيوبي، نابليون، وغيرهم من مشاهير الشخصيات التاريخية.

وأعجبت «لوزة» و«نوسة» بتمثال الملكة كليوباترا، وبملابسها الجميلة ومجوهراتها اللامعة، وسألت «نوسة» الحارس: هل هذه المجوهرات حقيقية؟ فضحك الرجل قائلًا: بالطبع لا؛ فلو كانت حقيقية لزاد ثمنها على عشرات الألوف من الجنيهات. إنها مجوهرات زائفة لا تساوي سوى بضعة قروش.

تعب الأصدقاء من التجول، فذهبوا إلى «البوفيه» ليشربوا بعض المثلجات، ولكن «لوزة» اقترحت الخروج إلى شاطئ النيل حيث الهواء الطلق، فوافق الأصدقاء بعد أن يئسوا من العثور على «تختخ». وجلس الأصدقاء على الكورنيش، ورأت «لوزة» سيدة عجوزًا تبيع البالونات، فقالت ﻟ «عاطف»: إني أريد بالونة يا «عاطف»!

وعندما ذهبت «لوزة» لشراء البالونة، شعرت بالعطف الشديد على السيدة العجوز؛ فقد كانت محنيَّة الظهر، يتناثر شعرها الأشيب على وجهها، وقد وضعت على رأسها طرحة سوداء. فنادت بقية الأصدقاء، ليشتري كل منهم بالونةً رحمةً بالسيدة العجوز.

وقالت «لوزة» وهي تعطي النقود للسيدة، لو كان «تختخ» معنا لأعطاك قرشًا زيادة، إنه كريم جدًّا.

قالت العجوز بصوت ضعيف: وهل تحبين «تختخ» هذا؟

قالت «لوزة»: طبعًا إنني أحبه جدًّا، ليته كان معنا.

ومدت العجوز يدها بالبالونة، فلاحظت «لوزة» أن أظفارها نظيفة جدًّا لا تلائم ملابسها القذرة.

فكرت «لوزة» لحظةً، ثم نظرت في عيني العجوز، كانت عيناها لامعتين لا تناسبان وجهها المجعد، ولا شعرها الأبيض، وعرفت فيهما فورًا عينَي «تختخ». قربت «لوزة» رأسها من العجوز وهمست: «تختخ» … أنت … أليس كذلك! ونظرت العجوز حولها لتتأكد أن بقية الأصدقاء مشغولون ببالوناتهم ثم همست: نعم يا «لوزة»، أنا «تختخ»، ولكن كيف عرفت هذا؟

قالت «لوزة»: لا ترفع صوتك حتى لا يسمعوا، إنني سعيدة جدًّا لأنك خدعتهم جميعًا. متى ستعود؟

تختخ: سأعود في السادسة مساء، وسأقابلكم في الحديقة.

ثم رفع صوته قائلًا: بالونات … بقرش واحد … أحمر … أصفر … أخضر.

عادت «لوزة» إلى الأصدقاء وعيناها تلمعان بالسعادة؛ لقد عرفت «تختخ» وحدها، وستحصل على القلم، وقالت لهم بفخر: هناك رسالة من «تختخ» لكم، إنه سيقابلنا في السادسة تمامًا.

وصاح الأصدقاء في نفس واحد: هل تحدثتِ إلى «تختخ»؟ هل عرفتِه؟ من هو؟ هل هو الكناس، أم بائع التذاكر، أم حارس متحف الشمع! تحدَّثي يا «لوزة» قولي لنا.

ولكن «لوزة» لم تكشف السر، وظلت تضحك سعيدة؛ لأنها وحدها التي تعرف الحقيقة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤