الرجل ذو الأذن المثقوبة

تنكَّر «تختخ» في ثياب الرجل العجوز، وجلس مكانه على الكورنيش، وجلس «مُحب» في الكازينو لمراقبة الشاويش «فرقع» حتى لا يضايق «تختخ»، وفي هذه الأثناء ذهب «عاطف» و«نوسة» و«لوزة» إلى محل بيع أدوات الدراجات، حيث عرفوا بعد أسئلة كثيرة أسماء الأشخاص الذين اشتروا لدراجاتهم نفيرًا بدلًا من الجرس. وأسرع الأصدقاء الثلاثة إلى العناوين التي حصلوا عليها عن طريق دفتر التليفونات وغيره، لعلهم يعثرون على منزل عضو العصابة، ولكن انقضى أكثر اليوم دون أن يعثروا على شخص واحد، يمكن أن يرتابوا فيه.

وبينما كان الأصدقاء الثلاثة يسيرون وقد يئسوا من العثور على دليل واحد، قالت «لوزة»: تعالوا نذهب إلى الكورنيش لنشاهد «تختخ» وهو متنكر في ثياب الرجل العجوز، لعله يكون قد عثر على شيء، أو اتَّصل به أحد أفراد العصابة.

وأسرع الثلاثة يجرون في اتجاه الكورنيش، وفجأة خرجت دراجة مسرعة من إحدى الحارات وصدمت «لوزة» فسقطت على الأرض، كما سقط راكب الدراجة، وهو ثائر غاضب، وأسرع «عاطف» و«نوسة» إلى «لوزة»، ولم تكن قد أصيبت بأذى، وإن كانت ملابسها قد اتسخت فقط. أما الراكب فقد وقف وهو ينفض التراب عن بذلته، ثم نظر إلى الأصدقاء في حدة قائلًا: ألا تنظرون أمامكم هل أنتم عميان؟!

وقبل أن يرد أحد، كان قد ركب دراجته وسار وهو يدقُّ نفيرها.

قال «عاطف»: هل لاحظتم؟ إن الدراجة لها نفير، وهذا الرجل لم نقابله ضمن الذين بحثنا عنهم، إنه غالبًا أحد أعضاء العصابة.

لوزة: فعلًا!

نوسة: إن هناك شيئًا غير عادي في وجهه، هل لاحظتم أن له أذنًا مثقوبة!

وردَّ «عاطف» و«لوزة» في صوت واحد: فعلًا، لقد لاحظنا أذنه المثقوبة! وأضافت «لوزة»: لا بد من الإسراع إلى الكورنيش لإخبار «تختخ» بكل ما حدث، وبأوصاف هذا الرجل.

عندما وصل الأصدقاء الثلاثة إلى الكورنيش كان «تختخ»، وهو متنكر في ثياب الرجل العجوز جالسًا مكانه، بينما الشاويش «فرقع» يراقبه من الكازينو وهو يظنُّ أنه العجوز الحقيقي، وكان «مُحب» يراقب الشاويش.

وأخذ الأصدقاء يفكرون في طريقة لإبعاد الشاويش عن المكان؟ ولكن قبل أن ينفذوا خطتهم حدث شيء مفاجئ؛ فقد أقبل راكب الدراجة ذات النفير، واتجه فورًا إلى حيث يجلس «تختخ» وجلس بجواره ثم أعطاه سيجارة وانصرف.

أدرك «تختخ» أن في السيجارة سرًّا، فوضعها في جيبه، وقام، وفي الوقت نفسه كان الشاويش قد ترك مقعده في الكازينو، ليعبر الشارع ويمسك به، وبينما وقف الأصدقاء مذهولين لأن «تختخ» سيقع في يد الشاويش، حدثت معجزة؛ فقد أقبلت سيارة كبيرة تعبر الطريق، واضطر الشاويش إلى الانتظار حتى تمر.

مرت السيارة، ونظر الشاويش إلى حيث يجلس «تختخ» وكاد يجنُّ عندما وجده يسرع بالهرب؛ فقد انتهز «تختخ» فرصة مرور السيارة، وأسرع بكل ما يملك من قوة، واختفى في أقرب حارة صادفته.

ولكن سلسلة المفاجآت لم تكن قد انتهت، فعندما اندفع «تختخ» في الحارة هاربًا، فوجئ بالعجوز الحقيقي قادمًا في اتجاه الكورنيش ليشتري طعامًا، وتصرف «تختخ» بسرعة ودخل أول منزل بجواره.

مرَّ العجوز ﺑ «تختخ» دون أن يراه متجهًا إلى الكورنيش، وفي هذه اللحظة كان الشاويش يندفع في الحارة خلف «تختخ»، فوجد نفسه وجهًا لوجه مع العجوز الحقيقي، فأسرع يلقي القبض عليه صائحًا: أخيرًا أمسكتك متلبسًا، هات السيجارة التي أعطاها لك الرجل، نظر العجوز بدهشة إلى الشاويش، وقال: واه.

أخذ الشاويش يصرخ في غضب: قلت لك هات السيجارة، هاتها وإلا وضعتك في السجن.

ومرة أخرى أخذ العجوز ينظر إليه في دهشة قائلًا: واه.

وفي هذه اللحظة وصل «مُحب» ليرى إذا كان الشاويش قد أمسك «تختخ»، فرأى كل شيء، وظن أن «تختخ» وقع في يد الشاويش، وشاهدهما يسيران معًا في اتجاه قسم الشرطة.

أحسَّ «مُحب» بالحزن والألم على مصير صديقه، ولم يدرِ ماذا يفعل، وقرر أن يعود إلى الأصدقاء ليخبرهم، وعندما استدار ليمضي كانت في انتظاره مفاجأة أخرى، لقد شاهد رجلًا عجوزًا يخرج من أحد المنازل، ويتجه إليه رأسًا قائلًا: «مُحب» هل انصرف الشاويش؟ وقفز «مُحب» مسرورًا وقال: «تختخ»، إنني سعيد لأن الشاويش لم يقبض عليك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤