غزل ومناجاة

ارتجال المُنى

منِّني أطيب المنى يا حبيبي
فالمنى وحدَهُنَّ منك نصيبي
إن يَفُتنا منالُها لم تفتنا
نظرةٌ من خيالها المرقوب

•••

منِّني، بل دعِ المنى يا حبيبي
فشقائي في الموعد المكذوب
هان فقد المنى التي لم تَعِدنا
وافتقاد الموعود جِدُّ صعيب

•••

أعطني! أعطني إذن يا حبيبي
غيرَ ما ناكثٍ ولا مستجيب
أعطني صفوك ارتجالًا ودعنا
من مطالٍ بالوعد أو تقريب
فارتجال المنى أحبُّ لنفس
شبعت من رويَّة التجريب

متى!١

متى يا عيون يعود الضياء؟
متى يا رياض يعود الربيع؟
متى تأمرين؟ متى تأذنين؟
متى تَقبلين دعاء الشفيع؟

•••

متى يرجع الغائب المرتجى
إلى صدر أمٍّ براها السقام؟
متى يهبط النوم تحت الدجى
لعينيك يا ساهرًا لا ينام؟

•••

متى يطلع النجم للتائهين؟
وقد غرقوا في ليالي الخطوب
متى يجمع الشط تلك السفين؟
وقد عاث فيها الخِضَّمُ الغضوب

•••

متى يأذن الجائعون الظما
ء في الماء يطفئ حر الصدى؟
وفي الزاد يبقى ذماء الحيا
ة، وفي الخمر يعلو بها مُصعدا؟

•••

متى؟ إي وربك قل لي: متى؟!
وسلهم عن اليوم والموعد
فقد يُقبل الزائر المرتجى
ولا من مُلاقٍ له في غد؟!

•••

إليك مثال السؤال العجيب
وأنت بأحلى مثال تجود
عشيةَ تبسم عند الودا
ع وتسأل: في أي يوم أعود!

جمال يتجدد

كلما قلتَ لي: الربيع جميل
قلت: حقًّا. وزاد عندي جمالا
عجبًا لي، بل العجيبة عندي
صور الكون كم يَسعْن كمالا
خلتُني قد وعيتهن عيانًا
وتتبعت من وَعوها خيالا
شاعرًا عاشقًا وقارئ كتْب
قرأ الكتب دارسًا، فأطالا
فإذا نظرةٌ بلحظك تبدي
صورًا ما طرقن عنديَ بالا
بعداد الأنوار في أعين الحِبـْ
ـبِ نعدُّ الأكوان والأجيالا

النبض

رأوا فما عرفوا، كلا ولا عجبوا
ولا دروا بالذي أرجو وأرتقب
كأنما أنا من أمسي ومن غده
لم يختلف قط لي شجو ولا طرب
في مهجتي أمل فاضت بشائره
فما لهم حُجبوا عنه، وما حُجبوا!
فلو تشيم ضياء القلب أعينهم
لأبصروا فيه عين الشمس تقترب
كالفجر تسري على مهل طلائعه
أو موكب النصر يدنو وهو يصطخب
الحمد لله! لا شاموا ولا نظروا
ولا درى جاهل منهم ولا أرِب
لو أبصروا الموعد الموموق مقتربًا
لجفَّلته إذن من لؤمهم رِيَب
وهبَّ للشر منهم عسكر لجب
إن يطلبوه لخير عزَّهم طلب
يا أيها الناس قرُّوا في مضاجعكم
إني وحقكم أسوان مكتئب!
أسوان مكتئب لا الحسن يفرحني
ولا الحبيب له في فرحتي أرب
وهاكم النبض جسوه، أعندكم
تحت الأضالع قلب خافق يثب
كلا وحقكم! لا كان حقكم
إلا اليمين التي يحلو بها الكذب!

اليوم الموعود

يا يوم موعدها البعيد ألا ترى
شوقي إليك، وما أشاق لمغنم؟
شوقي إليك يكاد يجذب لي غدًا
من وكره، ويكاد يَطْفِر من دمي
أسرعْ بأجنحة السماء جميعها
إن لم يطعك جناح هذي الأنجم
ودع الشموس تسير في داراتها
وتخطَّها قبل الأوان المبرم
ما ضر دهرك إن تقدم واحد
يا يوم من جيش لديه عرمرم

•••

لي جنة يا يوم أجمع في يدي
ما شئتُ من زهر بها متبسم
وأذوق من ثمراتها ما أشتهي
لا تحتمي مني ولا أنا أحتمي
وتطوف من حولي نوافر عُصْمها
ليست بمحجمة ولستُ بمحجم
وتلذ لي منها الوهاد لذاذتي
بتصعدٍ في نجدها وتَسنُّم
لم آس بين كرومها وظلالها
إلا على ثمر هناك محرم
فكأنما هي جنة في طيها
ركن تسلل من صميم جهنم
أبدًا يذكرني النعيم بقربها
حرمان مزءودٍ٢ وعسرة معدم
وأبيت في الفردوس أنعم بالمنى
وكأنني من حسرة لم أنعم

•••

يا يوم موعدها ستبلغني المنى
وتُتمُّ لي الفردوس خير مُتمِّم
لا غصن رابية تقصر راحتي
عنه، ولا ثمر يعز على فمي
سأظل أخطر كالغريب بجنَّتي
حتى أثوب على قدومك، فاقدم!
فأبيت ثم إذا احتواني أفقها
لم أُنْهَ عن أمل ولم أتندَّم
فرحى بصبحك حين تشرق شمسه
فرح الضياء سرى لطرف مظلم

•••

أمعيرتي خلد السماء سماحةً
صونيه عن ولهٍ صيانةَ مكرم
رفقًا بخلدك أن تشوبي صفوه
إن لم تريْ رفقًا بمهجة مغرم

ضياء على ضياء

على وجنتيه ضياء القمر
نظيران يستبقان النظر
جمعتهما أنا في لثمة
أو البدر قبَّله فابتدر؟
فما زال يلحظه جهرةً
ويغمزه من وراء الشجر
ويزعمها قبلةً من أخٍ
ففيمَ إذن قطفها في حذر؟!
ولو شئتُ ظللت وجه الحبيـ
ـب ولو شئت كللته بالزهر
ولكن كرمتُ فَخُذْ يا قمر
من الزاد ما تشتهي في السفر

•••

سها الليل عنا وعن بدره
وهز الحبيب حنين السهر
فقال، وقد فاض منه الرضى
وسُرَّ بفيض رضاه وسَر:
على مثل هذا تطيب الحيا
ة، وفي مثل هذا يروق السمر
فقلت: أجل ما أحبَّ الحيا
ة، وأنت شفيع لها مُدَّخر
لأجلك يصفو لها من صفا
وباسمك يعذرها من عذر

شعر وشعر

أَمِنْ شعرٍ؟ نعم! شعرٌ وشعرُ
وخفقٌ في الجوانح لا يقرُّ
فمنِّي الوزنُ في خفقات قلبي
ومنك الوحيُّ والحسن الأغرُّ
وتسألني، كأنَّك لستَ تدري!
وما لي غير ما أوحيتَ سرُّ
وأحرى بي سؤالك عن قصيدي
فما لي فيه — بل لك أنت — أمر:
أأنظم في غدٍ أم لاتَ نظم
على ما ترتضيه ولات نثر؟
وعن شفتيك لا شفتيَّ أروي
عشيةَ يلتقي ثغرٌ وثغرٌ
فلقِّنِّي أُجبْك ولا تسلني
سؤال الشمس: هل سيلوحُ فجر؟٣

الثوب الأزرق

الأزرق الساحر بالصفاء
تجربةٌ في البحر والسماء
جربها «مفصِّل» الأشياء
لِتَلْبَسِيهِ بعدُ في الأزياء
مُجوَّدَ الإتقان والرواء
ما ازدان بالأنجم والضياء
ولا بمحض الزَّبَد الوضَّاء
زيَّنتِه بالطلعة الغرَّاء
ونضرة الخدين والسيماء
ولمعة العينين في استحياء
إن فاتني تقبيله في الماء
وفي جمال القبة الزرقاء
فلي من الأزرق ذي البهاء
يخطر فيه زينة الأحياء
مُقبَّلٌ مبتسم الأضواء
مردد الأنغام والأصداء
وقبلةٌ منه على رضاء
غنَّى عن الأجواء والأرجاء
وعن شآبيب من الدأماء٤
وعنك يا دنيا بلا استثناء
figure

يوم

ذهب الليل ودار المَلَوان٥
وشدا قبل الصباح الكروان
وتحدَّاه الغُدافيُّ٦ الذي
تبسط الرفق عليه والحنان
ومشى الصبح على مهلٍ كمن
يطرق الدار على غير أمان
وتلمستُ هنا تغريدةً
في فمي تصدح في هذا الأوان
قُبلة منك هي الفجر، وفي
طيها تبدو ثناياه الحسان
عن شمالي كلَّما ولَّى دُجى
وسرى فجر، وحنت شفتان
وتراءت نظرة ناعسة
عند أخرى، فتلاقت نظرتان

•••

بان ليلي! لا تسلني: كيف بان؟
أنت تدري، فاغتفر عيَّ البيان
كلَّما يممتُ داري قلتَ لي:
أجناحان لنا أم قدمان؟!
فأتيت الدار لا أحسبها
قربت قطُّ، ودوني خطوتان
لم أكن أطلبها، ويحي! ولا
أطلب المهرب منها حيث كان
أين أمضي؟ أين تحدوني الخُطا؟
ضاقت الدار، وضاق المشرقان
راعني نقص بعيني ويدي
وفمي الصادي، وقلبي، واللسان
خلتُني بُدِّلت منها غيرها
ولو استبدلها الخطب لهان
أهزيع منك يا ليل مضى؟
أمضى نصف؟ أما ينشطران؟
بان ليلي! لا تسلني: كيف بان؟
حاطك الله من الليل وصان
إي وربي بان لكن بعدما
نفدت ساعات عمري في ثمان
لا زمانٌ حيثما لاقيتني
فإذا فارقتني كان الزمان

•••

طلع الصبح حزينًا عاطلًا
أتُراه كان بالقرب يُزان؟
وسرتْ أنفاسه يا حسرتا!
أين أنفاسك يا زين الحسان؟
نسمات الصبح أورت٧ كبدي
فحجبت الأنف عنها والعيان
وتمشَّيت إلى كتبي على
مضض منِّي، وللكتب أوان
يا أبا الطيب لا تهرف! ويا
صاحبي الروميَّ ما هذا الرطان؟!
شعراء الشرق والغرب أما
تملكون الصمت يومًا في عنان؟!
أو فهاتوا الشعر لي صِرفًا بلا
أحرفٍ في الطِّرْس منه أو معان
أفرغوه جملةً في خاطري
ليس لي بالطِّرس والدرس يدان
ربَّ شعرٍ شاقني لمَّا تكدْ
شفتا قائله تنفرجان

•••

وتجلَّى الباب لي عن زائر
من أودَّائي كأنَّا أخوان
فتعلَّمت ولبي شارد
كيف يُكسى الود ثوب الشنآن٨
قال لي: «الأفق جميل» قلت: لا
بل دميم. قال: زاهٍ. قلت: قان!
قال: زيدٌ. قلت: حاشا. فانثنى
نحو عمرٍو. قلت: كلا، بل فلان!
فمضى يعجب مني سائلًا:
أسلامٌ؟ قلت: بل حرب عوان

•••

ذهب اليوم وما أحلكَه
كان من يومٍ نماه النَّيِّران
لم يكن في صبحه أو ليله
حظ عين، أو لسان، أو جنان
ذاك يومٌ يا حبيبي واحد
وغدٌ منه غنيٌ عن بيان

الحب المثال

كأنَّيَ مثَّال وحسنك تمثالي
عجائبُ حبٍّ ما خطرن على بالِ
فما أتمنَّى فيك معنًى أريده
من الحسن إلَّا وافق الحسن آمالي
وأحلام قلبٍ فيك تسري كأنَّها
خوالق أيدي الفنِّ في الذهب الغالي
تجول بأشكال الخيال وتنثني
وقد أُسعدت منك العيانُ بأشكال
إذا ما تمشَّت فيك معنى لمستها
محاسنَ أعطافٍ ورقَّة أوصال
إذا اقترحتْ عيني فأنت مجيبها
فهل منك أو منِّي صياغة تمثالي؟
وما اقترحتْ إلَّا كما اقترح المنى
غنيٌّ على وفر من الوقت والمال٩
فما فيك من نقصٍ ولكنَّما الهوى
نوازع شتى لا تقرُّ على حال
فيا قدرة الحبِّ المبارك أبدعي
لكلِّ حبيبٍ في الصبا ألف سربال
وأجمل من صوغ الدُّمى صوغ دميةٍ
لها زينتاها من حياة وإقبال

ساعي البريد

هل ثَمَّ من جديد
يا ساعيَ البريد؟

•••

لو لم يكن خطابي
في ذلك الوطاب
لم تطوِ كلَّ باب
يا ساعيَ البريد

•••

ما ذلك التنسيقُ
والجمع والتفريقُ
والقفز والتعويقُ
يا ساعيَ البريد؟!

•••

كسوتك الصفراءُ
والخطوة العرجاء
يمشي بها الرجاء
يا محنة الجليد!

•••

لو لم تكن جمالا
في مِشية العجالى
صغنا لك التمثالا
من جوهر فريد

•••

لا أحسب الساعات
في حاضر وآتِ
إلا على الميقات
ميقاتك الوئيد

•••

في شرفتي أبتكر
غيرك لا أنتظر
وإن سعى لي القمر
يا ساعي البريد

•••

كم لهفة نسيتها
أماتني مميتها
لقيتها! لقيتها
يا ساعي البريد

•••

جددتَ لي انتظاري
وقلةَ اصطباري
عن طلعة القطار
وطلعه النضيد

•••

أكرم به من ثمر
منتظر مدَّخر
في كل يوم مزهر
مبتدئٍ معيد

•••

يا طائفًا بالدور
كالقدر المقدور
بالخير والثبور
في ساعة البريد

•••

في لمحة تنتشر
منك المنى والعبر
وأنت ماضٍ تعبر
كالكوكب البعيد

•••

كن أبدًا مريدي
بالخبر السعيد
وبابتسام العيد
يا ساعي البريد

عجب الساعي

عجب «الساعي» الذي كنتُ له
أبدًا في شرفتي منتظرا
إنَّ من تُحضر لي أخباره
أيها الساعي، بخير حضرا
ألقِ إن شئت وِطابًا حافلًا
لا أبالي لحظةً إن صفرا
الطريق الآن لا أرقبه
لأرى وجهك، لكن لأرى …
ولك الشكر، ولي العذر، فلا
تظهر الآن، فها قد ظهرا
لا تذكِّرني نواه بعدما
كنت تروي عنه ذكرًا عطرا

الليلة الفطيم

بكت الليلة الفطيم شجاها
ما بكاءُ الفطيم بين الثديِّ
الثديُّ الحسان تبغي رضاها
ما لثغر الفطيم غير رضيِّ؟
لو أرادت لكان عند مناها
كلُّ صدرٍ، وكلُّ نهدٍ شهيِّ
أمها! أمها! وليس سواها
ذات صدر على الشفاه نديِّ

•••

ليلتي، ليلتي الحزينة صبرًا
ليس هذا الفطام بالأبديِّ
سوف تُروَين من أُمَيمك ثغرًا
فارضعي الآن من دموع الشجيِّ
واذرفي هذه المدامع غزرًا …
هل يضير البكاء عينَ الصبيِّ؟
من أذاب الشقاء عينيه شهرًا
في ارتقاب النعيم غير شقيِّ

قبلة بغير تقبيل

بعد شهر، أنلتقي بعد شهر،
بين جيشٍ من النواظر مَجرِ؟١٠
لم يحولوا — وحقهم — بين روحيـ
ـنا، وإن ألزموهما طول صبر
تمَّت القُبلة التي نشتهيها
كلُّها، غير ضم ثغر لثغر
تمَّ منها شوقٌ، ورفُّ شفاه
وهوى نيةٍ، وخفقة صدر

الحلم السالب

سبق الكرى يومَ اللقاء فنلته
في غفوةٍ تُغفي العيون لكي ترى
حلم على اليقظات جارَ فليته
في جوره أبدًا يعود مكررا
لم يظلم اليقظاتِ فهْيَ إذا وفت
بلقائه، سلبته من حلم الكرى
ما وعده إلَّا سعادة حالم
فالنوم كان به أحق وأجدرا

والحلم المنتقم

لمَّا تملَّيتُ في الرؤيا محاسنه
هتفت لليل والظلماء والحلم
هذا انتقام الكرى من بطء موعده
وللكرى ربَّةٌ مشكورة النِّقم
يغار من طيفه الساري فيمطلني
كأنما قال لي بالمطل: لا تنم!

في البعد والقرب

لن يطيب البعدُ يومًا لن يطيبا
هنْ عليَّ اليوم إن كنت حبيبا
لا تكن نارًا من الشوق ولا
دمعةً حرَّى، ولا قلبًا كئيبا
لا تكن صحراء في البعد وقد
كنت لي في القرب بستانًا رطيبا
إن تُغب شمسًا فأوصِ النوم بي
قبل أن تُعرض عني أو تغيبا

•••

يا حبيبي، بل فكن ما كنت لي
صانك الله بعيدًا وقريبا
واجعل الأنسَ نصيبي فإذا
غبت عنِّي فاجعل السهد نصيبا
كن نعيمًا وعذابًا، ومُنى
تملأ النفس، وحرمانًا مذيبا
هكذا الحب دَوالَيْكَ فمن
لم يكنه، لم يكن قطُّ حبيبا

قراءة

على كتفي تمشي بعينيك في الطِرس
عجولًا إلى شعري حريصًا على لمسي
كأنَّك لم تَحمَد مدى الصوت وحدَه
فسابقته بالعين حينًا وبالحسِّ
وعانقتني تستوعب الشعر حيثما
سرى في ثنيَّات الجوانح والنفس
هنالك أدري أن للشعر مجلسًا
إلى جانب العرش السماويِّ والكرسي

تسلَّم

تسلَّم هذه الدنيا
كما خلَّفتها عندي
وحاسبها على قرب
بما تجني على البعد

•••

تسلَّم هذه الشمـ
ـس التي تؤنس أو تَهدي
لقد كانت هَداها الله
مِكسالًا من المهد
تجوب الأفق في جهد
وما تسرع بالجهد
وكانت تحجب الأنوا
ر أو تبدي فلا تجدي
وكانت شعلة حرَّى
من اللوعة والوجد

•••

تسلَّم هذه الأطيا
ر واسألها عن العهد
تُغنِّي الآن فاسألها
أغنَّت قطُّ لي وحدي؟
وإن غنَّت فهل كا
ن سوى نوح لها مُعْد؟
وإن أعدَت فهل تُعدي
بغير الشجو والسهد؟
نعم سلها جزاها الله:
أين تحيةُ الورد؟
وأين تحية الإلف؟
وأين تحية الفرد؟
لقد كانت لحاها الله
تطويها على عمد
فسلها: فيم تطويها
وفيم تضنُّ أو تُسدي؟

•••

تسلَّم أنجم الليل
بلا عدٍّ ولا حدِّ
تسلَّمْها وكاشِفْها
بما تُخفي وما تُبدي
وسلها: كيف ضلَّتني
وما ضلت عن القصد؟
وفيمَ تغامزٌ منها
إذا حيَّرني قيدي؟
نعم قيدي الذي في النفـ
ـس لا في صفحة الجلد
أهزلًا تهمس الأنجـ
ـم أم تهمس عن جِدِّ؟!

•••

تسلَّم زهرك المحبو
ب في السهل وفي النجد
تراه ضاحك العين
تراه ناضر الخد
فسله: ما عراه أمـ
ـس حتى لاذ بالرشد
فلا يلهو ولا يُوصي
بغير الهمِّ والزهد
فما عن لومه في ذا
ك يا مولاه من بُدِّ!

•••

تسلَّم هذه الدنيا
كما خلَّفتها عندي
بحمد الله تلقاها
كما تلقاك بالحمد
فخذها راضيًا عنها
وعني وعن الوُدِّ
وعلِّمْها إذا ما عدت
لا عدت إلى البعد
أمانًا في مغيب منـ
ـك أو في محضر رغد
فما تسمع لي قولًا
إذا ناجيتها وحدي!

الفنجان

أتؤمن بالفنجان! لا يا صديقتي
بثغرك لا الفنجان أصدق إيماني
إذا هو أعطاني السعادة فلتكن
نبوءتها في الكأس أو سؤر١١ فنجان
وإن يكن المغزى هناك خرافةً
فثغرك صِدقٌ في ابتسامٍ وتبيان
في كوثريٍّ من رضاب معطر
وفي جوهريٍّ من ثناياه فتَّان

قُرْبَى

تقربي لله بالدعاء
وأنت قُربَى الأرض للسماء
ليس مكانٌ في السماء كلِّها
عن شاعرٍ أو عاشقٍ بِنَاء
ربَّ صلاةٍ علَّمت مصليًا
إجابةَ الصلاة والرجاء
ورفعت من طينة الأرض إلى
عرش الضياء سلَّم ارتقاء

كأسُ وُضوءٍ

هنا — ويا حسن ما ضمَّت هنا — قدحٌ
تُغوي قلوب العطاشى أيَّ إغواء
في كلِّ قطرة ماءٍ ههنا أثر
من قالب الحسن في روح وأعضاء
مرَّت بقدِّك تحكيه، وربَّما
حكى الوضوءُ جمالَ الروح في الماء
فلو تعود كما لامستها رسمت
مثالك المفتدى في مهجة الرائي
تطهَّرتْ بك لمَّا أنْ طَهُرت بها
عند المُصلَّى، وزادت حسن إيماء
وصافحت منك تقوى الروح في جسد
يغزو التقاة بأشواق وأهواء
هذي خلاصةُ إنسان مقدسةٌ
ليست خلاصةَ أعنابٍ وصهباء
أمخطئٌ أنا إن أحسستُ في كبدي
شوقين من نشوةٍ فيها وإرواء؟
فكم أغالب من إغراء سكرتها
ما لا يغالبه ظمآنُ صحراءِ
تنازع الدينُ والغَيُّ الهُيامَ بها
وقربت بين إسعاد وإشقاء
فليت شاربها يدري أحصته
عند الخضيراء أم عند الحميراء؟١٢
خوفي — ويا طول خوفي — أن تمزقني
كلتاهما يوم إحيائي وإحصائي!

رقية السهر

تجلَّت آية الكرسيـْ
ـيِ، ما أعلاه كرسيَّا!
أظلَّ سباتها عينيـْ
ـيَ حين لمست عينيا
أترقين من السهد
وما أبغي له رقيا؟
سرورًا بك هجراني الـ
ـكرى المحبوب والرؤيا
دعي الرقية للسهد الـْ
ـلَذي يدعونه نأيا
وللنوم الذي ألقا
ك فيه حين لا لقيا

المنديل

تعاشق لُحْمَةً١٣ وَسَدى
ورفرف خافقًا غردا
وآختْ طُرَّتاه١٤ يدًا
على عهد الهوى ويدا
وقبل النسج كم ساغ الصـْ
ـصَفاء سحابة وندى
وناغى الطيرُ صاحبَه
على شجراته، وشدا
وعاشت في الرضى شجرا
ته مخضرةً أبدا
فيا منديل لا تبرح
بعهد الحب منعقدا
عريقٌ أنت يا منديـ
ـل روحًا فيه أو جسدا
إذا صنت الوديعة لي
فلا بدعًا ولا فندا
وإن تحفظ أمانتَها
حفظتُك أنت مجتهدا
سنسأل عن شذاك غدًا
وبعد غدٍ، وإن بعدا
فصنْ سرَّ السؤال لنا
ولا تخبر به أحدا

•••

من الكتان يا نسَّا
ج، فانسج كل ما خلدا
وعَى خُلْدَ الفراعين
وزان عروشهم أمدا
ومن يرضَ الحريرَ به
بديلًا ساء ما اعتقدا
فماذا تَنسج الديدا
ن من ذكرى لمن سعدا؟
وما الديدان والذكرى؟
ومن ذكَر اسمَها جمدا!١٥
هو الكتَّان يا نسَّا
ج، فانسج منه منفردا

•••

بيومٍ كان للمنديـ
ـل قدِّس لُحْمةً وسَدى
وقدِّس قبله من أنـ
ـبت الكتان أو حصدا
وقدِّس مثله من قا
م عند النَّول أو قعدا
وقدِّس كل من نادى
به في السوق، أو شهدا

حلم اليقظة

أين مضى الحلم الذي
كنت أراه ههنا
إذا صحوت والتفتـْ
ـتُ عن شمالي مَوْهنا١٦

•••

كنتُ إذا ما قطَّعتْ
نومي صحواتُ السهر
غبطتُ عينيَّ وأغـْ
ـضيتُ عن النوم النظر

•••

وكان عندي حلمًا
في يقظة الليل المديد
أسمعُ من أنفاسه
نسمةَ فردوس بعيد

•••

أسعد ممَّا في الكرى
من راحة ومن أمل
ومن خيال لا يحدْ
دُ ومعانٍ لا تمل

•••

فالآن أبشر يا كرى!
كلُّ جفوني الآن لك
حتى أعود فأرى
في جانبي ذاك الملك

ليلة

بيني وبينك ليلة
يا ليلة القرب الأمين
يا حبذا لو تسرعيـ
ـن، وحبذا لو تطفرين!
وإذا أتيت فحبذا
لو تَلْبَثِينَ فتَخْلُدِين!

عروس الليالي

عروس الليالي تهبط اليوم من علِ
وتدنو على طول النوى والتدلُّل
سَرَت بين شرقٍ من ضياء ومغربٍ
وبين جنوب من ضياء وشمأل
كأني أراها من دُهور بعيدة
لطول اشتياق وجهها وتأملي
فيا ليلةَ القدر المؤمَّل أقبلي!
تعالَيْ أُقبِّلْ منك كلَّ مُقبَّل
خذي لك جثمانًا يضمُّك عاشق
قليلٌ لديه صورة المتخيل
وتيهي بوجهٍ من صباحك مشرقٍ
وميلي بفرعٍ من مسائك مُسْبَلِ
سأبديك شعرًا يملأ السمعَ شدوُه
إذا ضنَّت الدنيا بجسمٍ ممثَّل

ثَرْثَارَة

أراكِ ثَرْثَارَةً في غير سابقةٍ
فهاتِ ما شئت قالًا منك أو قيلا
ما أحسنَ اللغوَ من ثَغرٍ نقبِّله
إن زاد لغوًا لنا زدناه تقبيلا

ثروة النصيب

منَّيتني بالثروة الجلل
وبنيت لي دارًا على عجل
وإذا «النصيب» أصابني احتفلت
داري بحسنك كلَّ محتفل
حسبي إذا عز البناء غدًا
في ساحة بالسهل والجبل
دور تؤسسها وتعمرها
في ساحتين: الحب والأمل

قرنفلك

قرنفلك الذي يحكيك حسنًا
أتعلم أنه يحكيك سمتًا؟١٧
تَعدَّدَ لونُه فتجنبوه
على حذرٍ، ولم تحذره أنتا
له عطر شبيهُ هواك فردٌ
وألوان من الإحساس شتَّى

النجوم السواغب

أرى أعينًا قد وصوصت في سمائها
أتلك النجوم الناظرات سواغب؟
موائد حب تشتهيها ودونها
مصاعب لا تجتازها وغياهب
نعمت بها في ليلتي، وهي فوقنا
تمد لها ألحاظها وتراقب
ومسكينة هذي الكواكب في الدُّجى
ومسكينة تلك الورود الشواحب
فهاك خذي من سؤر ما أنا شارب
ثمالةَ كأسي كلَّها يا كواكب
وخذ يا نسيمَ الليل عشرين قبلةً
وخذ مثلها يا روضُ إنك غاضب
غنيٌّ أنا بالحبِّ، عاش الذي به
غنيت، وإنِّي إنْ غنيت لواهب!

النيل الغاضب

أساهمٌ١٨ يا نيل؟ لست أدري
أم ناقمٌ يا نيل طولَ هجري؟
فربَّ شهرٍ مرَّ بعد شهر
وعامِ سوءٍ بعدَ عامِ شرِّ
ولا بشفعٍ زرتُ أو بوترِ

•••

لاقيتني يا نيل والحبيبا
كما تلاقي طارقًا غريبا
وزدتنا كيدًا لنا مُريبا،
أغريت يا نيلُ بنا الرقيبا
يكاد يحصي سرَّه وسري

•••

وكيف يا نيلً إليك حجِّي
ولم أكن أخاف أو أرجِّي؟
بل كيف يَهديني إليك نهجي
وقد هوى نجمي وضلَّ برجي؟!
وعزَّ قرباني ولاح عذري؟

•••

ذاك الذي كنتَ معي تراه
غيري إليك ربَّما دعاه
فقد هداني كاهن سواه
إليك يرعاني كما أرعاه
بعد ضلال في الهوى وخسر

•••

يا نيل أما الآن فالمزار
عندي له المنسك١٩ والشعار
فلا يغيب في الدجى نهار
أو ينجلي عن بدرنا السرار
إلَّا سرينا لك حين يسري

•••

يا نيل فاشغل حولنا العيونا
إذا وردناك مسبحينا
تلك عيون تكره السكونا
ومن يحبون ويسعدونا
لا رضيتْ عني ولا عن بدري

نجوى النجوم

بحسبي الأنجمُ الزُّهر
فلا شمسٌ ولا بدرُ
ترينا عزلة النجوى
ففيها للهوى سر
وفي لمحتها همس
كما يبتسم الثغر
كهمس الشيخ قد سُرَّ
بأحفاد له سُرُّوا:
خذوا الدنيا خذوا الدنيا
وغِرُّوا العيش واغترُّوا
دريت الحكمة الكبرى
فأدراكم هو الغرُّ

•••

بحسبي الأنجمُ الزهر
فلا صبحٌ ولا فجرُ
سواحر تنبئ الأحبا
ب، والليل لها سفر
رصينٌ صوت نجواها
وديعٌ حولها الدهر
لها ستر وما للشمـ
ـس أو بدر الدجى ستر
لها الشكر فقد سرَّت
حبيبي، ولها الفخر!

كلماتي

كلماتي! كلماتي!
صدق الوعد فهاتي
هل معيني وحيُك الصا
دقُ أو وحيُّ اللغات؟
أنا أستأديك٢٠ ما لم
تبلغيه بأداة
من معانٍ تتعالى
عن لسان ولَهاة٢١
فاسألي الأرباب عن تلـ
ـك المعاني الخالدات
أو سلي الصمت فكم صمـ
ـتٍ له علمُ ثِقاتِ
ينتهي شأو الأحاديـ
ـث إليه والرواة
وبه لاذ هداة
عرفوا وحي النجاة

•••

انظري يا كلماتي
وأصيخي في أناة
ما ضياءٌ ثَمَّ في الأفـ
ـق، وفي كلِّ الجهات
لا من الأرض ولا من
دارة الأفلاك آت
لا تراه غيرُ عيني
وهو ملء الكائنات
هل يرى الدنيا امرؤ لم
يَرَ منه قبساتِ؟
كلماتي أنت في وا
دٍ من التيه شتات٢٢
اسألي الأرباب عنه
أو سلي الصمت وهاتي

•••

كلماتي ما تقوليـ
ـن إذن يا كلماتي
ما نعيمٌ يمنح الكفـْ
ـفَ غذاء المهجات؟
تقصر الألباب عنه
وهو بعض اللمسات
في يدي أدعوه خصرًا
تارة أو زهرات
في فمي أدعوه ثغرًا
تارة أو قبلات
وفؤادي؟ ما اسم ما فيـ
ـه إذن يا كلماتي
اسألي الأربابَ عنه
أو سلي الصمت وهاتي

•••

نشوات تلك؟ لا بل
تلك فوق النشوات
يقظات تلك؟ لا بل
تلك غير اليقظات
بلغت منها مداها
وارتقت مرتفعات
تسلس اليقظة للوصـ
ـف وتُصغي وتؤاتي
فإذا جازت مداها
لزمت صمت السبات
كلماتي! ما تقولـ
ـين إذن يا كلماتي؟
اسألي الأرباب عنها
أو سلي الصمت وهاتي

•••

لحظة تمنح قلبي
كلَّ هاتيك الهبات؟
لحظة ترفع عمري
حقبًا متصلات؟
ربَّ عمرٍ طال بالرفـ
ـعة لا بالسنوات
لحظة؟ لا بل خلود
لاح بين اللحظات
كالسماوات تراها
من شباك الحلَقات
ربَّ آبادٍ تجلَّت
من كوى٢٣ مختلفات
وقُطيرات زمان
ملأت كأس حياة
وإذا ما طغت الكأ
س فقل في السكرات!
سكرة تُغشى وأخرى
تغتلي بالصحوات
هكذا بتنا رفيقيـ
ـن لزيمَيْ لثمات
غائب غافٍ، وصاحٍ
لحفيف الهمسات
كلماتي! ما تقوليـ
ـن إذن يا كلماتي
اسألي الأرباب عنَّا
أو سلي الصمت وهاتي

•••

أين أملاكٌ على أبـ
ـراجها المطَّلعات؟
تصقل الآفاق في الليـ
ـل وتجلو النيِّرات
لا أرى الدنيا على نو
ر الليالي الغابرات
أين؟ لا بل ندع الدنـ
ـيا وراء الحجرات
نورنا الليلة مصبا
ح وليد اللمحات
غضَّ جفنيه حياءً
من غضيض النظرات
شفقيًّا أو فقل إن
شئت فجريَّ السمات
عَسْجَدًا بارك حسنًا
عَسجديَّ البركات
سبَّحت عيني ونفسي
ويدي في غمرات
في كنوز منهما أيِّ
كنوز مغنيات
ثروة أنفق منها
لحياتي ومماتي
ولبعثي يوم أن تبـ
ـعث في الطِرس وصاتي
كلماتي! ما أراك الـ
ـيوم إلا خاذلاتي
عنك أغنتني كنوزي
وكنوزي مهلماتي

•••

سمعتْني كلماتي
واستعادت دعواتي
ثم قالت في حياء
كالعذارى الخَفِرَات:
باح لي الصمت ولكن
فاتني أيَّ فوات
قال: ساموكِ عسيرًا
في التمنِّي يا بناتي
ارجعي، ثم أعيدي
ثم عودي صاغيات
مرة أو عشرات
وإذا اسْطَعتِ مئات
ما بدرسٍ واحد تو
فين هاتيك الصفات
هكذا يا شاعري ألـ
ـهمني الصمت فهات
هاتها وافرح بإحسا
ني وراقب حسناتي
لا يبوح الصمت إلَّا
درجاتٍ درجات

•••

كلماتي! صدق الصمـ
ـت، أجل يا كلماتي
غير أنِّي لا أعيد الـ
أمس إلا بصلاة
مرجع الأمر لمن ضمـْ
ـمَت رجائي وشكاتي
يملك العودة من أحـ
ـيا من الأرض الموات
فابعثي الصمت إليها
في خشوع وتقاة
ربما أعطتْ وإن لم
تسألي يا كلماتي

يوم يبحث عن ذكراه

يومٌ بحثنا عن تاريخه لنحتفل بذكراه، فإذا اليومُ الذي خطر فيه هذا الخاطر هو يوم الذكرى بعينه، فكانت مصادفةً من أعجب المصادفات:

لم يطوِهِ الزمن الماضي ولا احتجبت
في ذمة العام بعد العام سيماه
خلناه في الغيب منسيًّا فذكَّرنا
بنفسه اليومُ في إلهام نجواه
قمنا لنبحث عنه في صحائفنا
فكان ميلاده ميعاد ذكراه
يا يومَ أوَّلِ لقيا بيننا عرضت
ثم انطوى عهدها حتَّى بعثناه
نعم بعثناه في حبِّ إذا ذهبت
مزية العمر لم تذهب مزاياه
مباركٌ يومُ عيدٍ في عواقبه
لم يسْهُ عنَّا وما كنَّا لننساه
لما بحثنا لنلقاه ونذكره
إذا به باحثًا عنَّا لنلقاه!
سرٌّ من الله في رُوحيْن ما برحا
من قبل لقياهما يرعاهما الله

هبوط النفس

إذا هبطت نفسي فلم تبلغ الذُّرى
من الحب فارفعها، وكن أنت عاذرا
فللحبِّ أوجٌ في العلا قلَّما ارتقى
بنو الأرض إلَّا مرتقى منه نادرا
وددت لو اني لا أفارق أوْجَهُ
ولا أستوي في الأرض، لو كنت قادرا
ولكنَّها حربٌ مع الدهر لم يزلْ
بها القلب مقهورًا هناك وقاهرا
فلا تحسبِ القلب المشرَّد غاضبًا
ولا عاتبًا، واحسبه أَسْوانَ حائرا
وإن تكُ يومًا في الصعود مؤازري
أكن لك يومًا في الصعود مؤازرا
ولست على مثواي في الأرض نادمًا
إذا كنت لي نجمًا على الأفق سافرا

سحر السراب

هذا سرابكَ جنةٌ تُغري
يا فاتني بالقرب والذكر
صحراء بُعدك ما خلت أبدًا
من كوثر في أفقها يجري
لكنه يُغري وليس به
رِيٌّ، وعندك لُجَّة النهر
وإذا السراب خَلَت كواثره
من مائها لم تخلُ من سحر
فافتن بذاك وذاك يصفُ لنا
أمن المقيم، ولهفة السَّفْر٢٤

عالمنا

في الحبِّ والشعر والإخلاص عالمنا
دعنا من العالم الموبوء بالدنس
إذا نظرت حوالينا فلست ترى
إلَّا السموات في مرأى وملتَمس

هجو

هجوتك في بيتين جهدي فلا تخف
وسلني، فإني قائل لك بيتين
أقول: رعاك الله إنك محنة
وطول عناء حين تَغرُب عن عيني
وقلت — وما أتممت بيتين: إنني
شقيٌّ بما ألقاه منك على البين

هجو آخر

هذا الدلال علاما؟
أكان حتمًا لزاما؟!
تغيب عنِّي فيمسي
يومي من الدهر عاما
وإن سمحت بقربي
قصَّرت لي الأياما
تُزهى بهذا، فهلَّا
خشيت فيه الملاما؟

الوساوس

أنا ساهرٌ والليل دامس
ويل المحبِّ من الوساوس
ومن الغد الخافي وما
من زحفه المأمون حارس
ومن الذي بالأمس كا
ن، وريبه في الصدر هامس
ومن الذي تخفيه تلـ
ـك الأعين السود النواعس
ترنو إليك وخلفها
في القلب سرٌّ عنك خانس
ودع الغياب ومن يجا
لس في الغياب ومن يؤانس
ودع الحفول ومن يرا
قص في الحفول ومن يلامس
يا لهفتا إن قيل لا
هٍ بينهم أو قيل عابس!
هذا وذاك كلاهما
راضٍ به قلبي وبائس

•••

لا تنأ عنِّي إنَّ لي
في كلِّ نَأْيٍّ ألفَ هاجس
هي من شياطين الظلا
م وأنت مثل الصبح شامس
أشرق عليها ينصرف
منها المسالم والمشاكس
لا ضير عندي أن تعيـ
ـش إذا انجلى ليل الوساوس

رجاء اللقاء

رجائي بأن ألقاك بدد وحشتي
فكيف إذا أمسيت أنت مؤانسي؟!
أراك فتنجاب الوساوس كلُّها
وأنت إذا ما غبت كلُّ وساوسي

شكوك العاشق

رأى ابنًا في الكرى زهقا
فهبَّ مروعًا قلقا
يضم وليده ثقة
وينسى أنه وثقا
ويخفق قلبه فزعًا
ويفزع كلما خفقا
إذا ما خاف ذو شغف
فذاك المارد انطلقا

•••

كذاك الشَّكُّ في قلبي
إذا ما طاف أو طرقا
أكذِّبه، ويحزنني
كأنَّ نذيره صدقا
فديتك لا تعدِّي الحز
ن من ذنبي ولا الفرقا
فما لي بالخيال يدٌ
إذا ما خال أو خلقا
يوسوس لي فأسمعه
كذلك كُلُّ من عشقا!

صفقة مغبونة

أُراني في غرامك لا أُجازَى
وإن جازيتني حبًّا بحبِّ
ألم يسع الزمانَ الرحبَ قلبٌ
وَهْبتَكَهُ، وقلبك غير رحبِ؟
فكيف وعند قربك لي شريك
وما لك من شريك عند قربي؟
جهلت الحب إن أعطيتُ قلبًا
يقيم على الوفاء، بنصف قلبِ

بلدي

أَمْحَلَ الدَّهرُ واطَّردْ
لا خميسٌ ولا أحد
لا انتظارٌ لموعدٍ
أو هُيَامٌ بمن وعد
كُلُّ أيامنا تسا
وين في الوسم والعدد
صبحها مثل ليلها
والتقى أمسها بغد
تُنقِص العمرَ كلُّها
وبها العمرُ لم يُزد٢٥
لم تزد ماضيًا وقد
نقصت مقبل الأمد
قد رجعنا كما بدأ
نا فما الخوف والكمد؟
كان لي الحزن موطنًا
فتباعدتُ، فابتعد
ثم عدنا فهل ترى
واجدًا خاف ما وجد
بلدي أنت بي أبـ
ـرُّ، فلا بنتَ ولا بلد

ميناء قلب

نَمْ قرير العين والنفس فما
لك في قلبي سوى الحب الطهور
أنا إن لم أكرم الصاحب في
غيبةٍ، إني إذن جِدُّ كفور

•••

أنت مينائي إذا البحر طغى
واكفهرَّ الليل، واستعصى العبور
هب به بعض صخور أتُرى
أنقض الأسوار حولي والجسور؟!
لا وحبي! بل قصاراي إذن
أنني أعرف هاتيك الصخور
فإذا جاورتها جاوزتها
غافرًا ما شئت، والحب غفور
بل أُراني شاكرًا لا غافرًا
وشبيهان غفورٌ وشكور

•••

نم قرير العين والخاطر يا
أكرم الأحباب في الدنيا الغرور
لا تخف في الغد شرًّا من أخ
ودَّ لو ينجيك من ماضي الشرور
في أمانٍ أنت منِّي وأنا
في أمانٍ منك، والدَّهر يدور
أنا أدرى بك من نفسك يا
طاهر النية في كلِّ الأمور
إنما تخطئ من حب إذا
أخطأ الإنسان من غشٍّ وزور
ويح قلبي أنا إن أحزنت مَن
هو في الحب على الحزن صبور
كم قسا منِّي وكم جار الهوى
والهوى منك رحيم لا يجور
لك من عطفٍ شفيع دائم
وشفيعي عندك الوجد الثئور
نمْ قرير العين والخاطر لا
قرَّ ذو ضغنٍ ولا نامَ غيور
خلِّ جهلَ الناس في ظلمائه
واجلُ لي حبَّك نورًا فوق نور

فوق الحب

صاحبي مَن سرورُه وسروري
في صفاء الزمان يلتقيانِ
وصديقي مَنِ استجدَّ سرورًا
من سروري، وإنْ تناءى مكاني
وحبيبي مَن قلبه كيفما كا
ن، وقلبي في الشجو يستويان
فالذي يرتضي العذاب لأرضَى
كيف أدعوه؟ ما اسمه في البيان؟
ذاك فوق الحبيب إن كان فوق الـ
ـحبِّ شيء يرجى من الإنسان
ذاك فيه من صبغة الله سرٌّ
جلَّ عن صبغة الوجود الفاني

سريان روح

لا تسلني متعبٌ أنت فما
تتعب الأرواح في عُليا السماء
بجناحين من الحبِّ ومِن
حسنك الخافق، ينقاد الفضاء
طرت لا أشكو المدى من تعبٍ
حين صاحبتك في ذاك المساء
لم أكن ألمس أرضًا إنما
كنت أسري حين أمشي في ضياء

توكيد

أحدِّث نفسي بالفراق وأخشاه
كما تقذف الأمُّ الوليدَ لتلقاه٢٦
هو الشيء لا تدري بفرط وجوده
ولا حبه إلا إذا غاب مرآه

جواز الحياة

قالت: جوازك؟ قلت: هاكِ!
حبٌّ أنالُ به رضاكِ
فدخلت في خدر الحيا
ة وراء ألفاف الشباك
أبرزْ جوازك تقتسم
دار الحياة على اشتراك
أو لا فأنت ببابها
أبدًا تحوم بلا فكاك

الخرافة الصادقة

دعني أثوب إلى العرَّاف أسأله
فالحب علَّمني صدق الأساطير
جلا عجائب دنيا لا نظير لها
في زعم مُختلِقٍ أو وهم مسحور
فإن أبِتْ مؤمنًا بالسحر لا عجبٌ
هذا هو السحر في حسِّي وتفكيري

علم الحب

إذا ساءت الدنيا ففي الحبِّ مهرب
وتَحسُن دنيا من أحاط به الحب
فبالحب تدري الحسن والقبح عندها
وفي الحب علم لا تعلِّمه الكتب

الثوب الرشيد

فرحات قلبك بالجديد
من فرحة الطفل السعيد
أخجِلتَ بالثوب الرشيـ
ـق وأنت صاحبه الفريد؟
هو لا يعاد فما لقدِّ
ك من معيد في القدود
خلِّ الحياء لمن يلو
مك واحلُ أنت كما تريد
أولى بالاستحياء من
عذل الجمال على المزيد
كلُّ الثياب لمن يزيـ
ـن ثيابه عفٌّ حميد
فافرح بحلتك الجميـ
ـلة فالجميل هو الرشيد
لو ترتدي ثوب الوقا
ر وهيبة العمر المديد
للبستها فرحًا بها
كالطِّفل في الزِّيِّ الجديد

عمر شعر

شعري القديم عشقته وحفظته
وحَيَيْتُ فيه حقيقةً وخيالا
وجديد شعري إن نظمتُ فإنَّما
لك بِتُّ أنظمه، وفيك توالَى
فكأنَّ حبِّي كان عندي كله
رهنًا بحسنك مبدأ ومآلا
فاحرص على قلب أباحك ماضيًا
منه وحاضره والاستقبالا

الحياء في الحب

صنْ من حيائك ما يذكِّرنا على
طول التآلف أنَّنا جسمان
واخلع حياءَك يوم يُنسى أنَّنا
قلبٌ تفرَّد ما له من ثان
الحبُّ أجمع حين تعلم سرَّه
في ذلك التِّذكار والنسيان
قلبٌ يرفرف في جوار قرينه
لا القلب مبتعد، ولا هو فان
متفرقَيْن ليعطيا، فإذا التقى
حظَّاهما فسروره ضعفان
ويلذُّ بالثمر الجديد كلاهما
كالحور تحت عرائش الرضوان

عتاب

أيها المانع الرسائلَ عنِّي
هل يكون الوفاء كُتبًا بكتب؟
هَبْ ردودي أبطأن عنك، فقل لي:
مَن أقالَ البريدَ مِن كلِّ ذنب؟!
لا التحدي ولا التشاغلُ يُرضَى
من حبيبٍ مُعاتب، أو مُحبِّ
ضامنٌ أنت إن تسلَّفت عذري
حسن ظن بالود، أو حسن عتب

لقاء شَجِي

هل عجبٌ في الحب برح الأسى
بعد ابتهاجي بلقاء الحبيب؟
هاتيك نفسي استجمعت نفسها
فابسط لها عذر اللبيب الأريب
لا تجمع الأنفس أجزاءها
ما بين نابٍ حولها أو مجيب
إلا أطالت نظراتٍ لها
فيما بدا منها وفيما يغيب
يا رحمةً للقلب من نشوة
يشابه النشوان فيها الكئيب

مولد أو نشوء وارتقاء

زانَك الله بصفو
وسلامٍ يا شتاءُ
طالَ بي فكر الليالي
أوَما فيك عزاء؟
قال لي: هاكَ فخذها
زهرةً منِّي إليكَ
ذات حسن وحياء
ولها فضل لديك
وُسِمَتْ بالفكر٢٧ فاقبسْ
فكرةً في راحتيك
قلت: حقًّا يا شتاء
هي حسن وحياء
غير أني، وهي صمت،
ليس لي فيها عزاء

•••

قال: يرضيك إذن شا
دٍ من الطير مُجيد
هو للجنة٢٨ يُدعى
وله منها نشيد
يعشق النيل وإن لم
يك فيه بوليد
قلت: حقًّا يا شتاء
هو حسن وغناء
غير أني، وهو صوتٌ،
ليس لي فيه عزاء

•••

قال: يرضيك إذن سا
رٍ من البرق بشير
يصدع الظلماء، يُزجي
عارض الغيث، ينير
فيه من قلبك نبض
ومن اللمح سمير
قلت: دعني يا شتاء
من شعاعٍ في فضاء
أَئِذا جاد بغيث
كان لي فيه عزاء

•••

قال: والشمس؟ فما ظنـْ
ـنُك بالشمس ذكاء٢٩
كلما عدتُ بها سبـْ
ـبَح عشَّاق السماء
فيك منها لمحة حرْ
رَى وطهر وضياء
قلت: حقًّا يا شتاء
هي نور ورجاء
غير أَنِّي، وهي صبح،
ما عزائي في المساء؟

•••

قال لي: أنفدتُ كنزي
كلَّه بين يديك
غيرَ ذُخْرٍ من بني الإنـ
ـسان أُبقيه عليك
فيه من صبح ومن ليـ
ـل قُصارى غايتيك
أتَراه؟ قلت: حقًّا
هو في الدنيا العزاء
هو حبٌ وحياة
وربيع يا شتاء

•••

من بني الإنسان في ذا
تِ شتاءٍ وُلدا
زينةً للعين واللبـْ
ـبِ وللقلب بدا
طاهر كالمزنة البيـ
ـضاء صافٍ كالندى
كبنات الروض مفتنـْ
ـنُ الحلى جمُّ الحياء
وارفٌ كالظل مُحيٍ
في شذاه كالهواء

•••

يا شتائي فيم إخفا
ؤك ذاك السرَّ عنِّي؟
أي روض؟ أي برق
أي شمس فيك أعني؟
أنا مستغنٍ به عنـ
ـها فماذا عنه يُغني؟
قد تعلمتَ وأتقنـ
ـتَ أفانين السخاء
منذ عشرين وخمس
من سِنِي الدهر سواء

•••

ثمَّ عندي كل ما تعـ
ـطي إذا تم العطاء
وجميلٌ كلُّ بدءٍ
ينتهي خيرَ انتهاء
وجميل زهرك النا
مي على هذا النماء
صدَّقَ العلمُ وقال الـ
ـحبُّ: حقًّا يا شتاء
سُنَّةُ الزهر نشوء
في المعاني وارتقاء

إساءة مشكورة

إليك مني الشكر حتَّى على
إساءة اللقيا غداةَ السفر
أغضبني منك فأنجيتني
من لوعة الهجر وطول السهر
إذا التوى الصبر على عاشق
تعرَّض العتب له فاصطبَر
ما ذاكر اللجة ريًّا له
كذاكر اللجة فيها الخطر
ولهفة الظامئ ترياقها
أن ينظر الغُصَّةَ فيما انتظر

عروس الشعر – في البعد

عروس شعري أجيدي
في البعد نظم القصيد
فيمَ السكوت؟ أما من
وحيٍ؟ أما من نشيد؟
أوحْيُ ثغرٍ لثغر
أو لا صدى من بعيد؟!
أما سمعت ببرق
مُستحدَثٍ أو بريد؟
وناقلٍ من أثير
وسكةٍ من حديد
بشرى إذن ألف بشرى
بيوم قرب سعيد
إلى المزاهر هزِّي
أوتارها من جديد
ورنِّمي واستعدي
ورتِّلي واستعيدي

صنوفُ حبٍ

عرفتُ من الحبِّ أشكالَه
وصاحبتُ بعدَ الجمالِ الجمالَ
فحبَّ المصوِّرِ تمثالَه
عرفتُ! وحبَّ الشبابِ الخيالَ

•••

وحب القداسة لم أَعدُه
وحب التصوف لم يَعدُني
وفي كلِّ حبِّ وَرَى زندُه
سماتٌ من المؤمن الدَّيِّن

•••

وحب المزخرَف والمنتَقى
وحب المجرَّد والعاطل
وحب الجِماح، وحب التُّقَى
وحب المجدِّد والناقل

•••

وحب الثِّقات وحب الصحا
ب، وحب الطبيعة في حسنها
وحب الرجاء وحب العذا
ب، على يأس نفسي من حزنها

•••

وحب التي علَّمتني الهوى
وحب التي أنا علَّمتها
ومن أستمدُّ لديها القُوى
ومن بالقوى أنا أمددتُها

•••

وحب الجياع صحاف الطعام
وحب الظماء كئوس الشراب
وحب الكفاح وحب السلام
وحب الضلال وحب الصواب

•••

صنوف من الحب لا تلتقي
وفيك الْتَقى لبُّها المحتوى
فلولا هدى نورها الأسبق
لما كنت كُفْئًا لهذا الهوى
١  إذا سأل الحبيب محبه وهو يودعه: متى يعود إليه؟ فذاك سؤال غريب كالأسئلة الغريبة التي تتردد في هذه القصيدة.
٢  المزءود: المفزع المدفوع.
٣  ليس للشمس أن تسألنا: هل يلوح الفجر؟ لأن الفجر يطلع حين تطلع هي، وكذلك الحبيب، لا ينبغي أن يسأل الشاعرَ: هل ينظم شعرًا؛ لأنه ينظمه بوحيه.
٤  الشآبيب: أول ما يظهر من الحسن، وشدة اندفاع كل شيء. والدأماء: البحر.
٥  الليل والنهار.
٦  الغراب. راجع ما تقدم.
٧  أورى الزند: أخرج ناره.
٨  البغض.
٩  إذا كملت نعمة الإنسان تمنَّى الأمانيَّ التي لا حاجة به إليها، إنِّما تغريه بها وفرة النعمة وطبيعة الأمل في الإنسان.
١٠  الجيش المجر: العظيم.
١١  السؤر: ما يبقى في الإناء.
١٢  الخضيراء: كناية عن الجنة الخضراء، والحميراء: كناية عن جهنم الحمراء.
١٣  لُحْمَةُ الثوب: ما نسج عرضًا، وسَداه: ما امتد من خيوطه.
١٤  الطُرَّة: طرف كل شيء وحرفه.
١٥  الحرير من نسج الديدان، وهي تذكِّر الإنسان بالموت والقبر؛ فيجمد من يذكرها خلافًا لمن يذكر الكتان، فإنه يذكر الخضرة والطير والشدو والحياة.
١٦  الوهن والموهن من الليل: بعد منتصفه أو بعد ساعة منه.
١٧  السمت: الطريق، وهيئة أهل الخير.
١٨  سهم وجهه: عبس وتغير.
١٩  مناسك الحج: عباداته. وشعائره: علاماته ومناسكه أيضًا.
٢٠  استأداه الشيء: طلب منه أداءه.
٢١  اللَّهاة: لحمة مشرفة على الحلق.
٢٢  الشتات: المتفرق.
٢٣  جمع كوة، وهي فتحة في الحائط.
٢٤  السفْر: المسافرون، والمعنى: إن في البعد سحرًا كسحر السراب الذي يفتن بالشوق والأمل ولكنه لا يَروي، وإن للقرب فتنةَ الرِّيِّ ولكنَّه لا لهفة فيه، ومن عرف الفتنة بالسحرين جمع بين أمن الإقامة ولذة السفر.
٢٥  يوم السعادة الذي يمر بالإنسان هو يوم ينقص من العمر، ولكنه يزيد في ثروة الماضي، أما يوم الشقاء فإنه ينقص العمر ولا يزيده في ماضٍ أو حاضر.
٢٦  الأم إذا قذفت ابنها في الهواء ثم تلقَّفته شعرت بالخطر عليه ثم شعرت به بين يديها، فكان في ذلك توكيد وجوده ومضاعفة السرور بالأمن عليه.
٢٧  المقصود — كما يظهر من هذا الوصف — زهرة الثالوث المشهورة بزهرة البنسية، وهي كلمة ترادف بالفرنسية كلمة «فكرة»، وتظهر هذه الزهرة في الشتاء.
٢٨  عصفور الجنة.
٢٩  في أساطير الأقدمين أن الشمس تولد مرة في أوائل الشتاء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤