وطَوَى الزمانُ كِتابَه

أَيَعِيشُ فِي لُبْنَانَ حُرٌّ
وَمَعِيشَةُ الْأَحْرَارِ قَهْرُ
نَفَدَ اصْطِبَارِي فِي الْحَيَا
ةِ وَلَمْ يَعُدْ فِي الصَّدْرِ صَبْرُ
مَا لِي مَقَرٌّ ثَابِتٌ
فِي مَوْطِنِي مَا لِي مَقَرُّ
كُلٌّ يُطَارِحُنِي الْفِرَا
رَ وَلَيْسَ لِي مِنْهُ مَفَرُّ
لُبْنَانُ وَالْمَاءُ الزُّلَا
لُ مُرَقْرَقٌ لَا يَسْتَقِرُّ
وَالْمَرْجُ أَخْضَرُ بَاسِمٌ
لِلْفَجْرِ وَالْآكَامُ خُضْرُ
وَالْبَحْرُ مِرْآةٌ لَهُ
وَلَهُ مِنَ الْأَزْهَارِ ثَغْرُ
وَمِنَ الْجِبَالِ الشَّاهِقَا
تِ لَهُ بِنَاءٌ مُشْمَخِرُّ
لُبْنَانُ كَانَ بِبَأْسِهِ
أَسْدًا لَهُ الْأَجْيَالُ ظِفْرُ
فَإِذَا دَهَتْهُ صَوَاعِقُ الْـ
أَيَّامِ رُعْبًا تَقْشَعِرُّ
فَعَلَيْهِ مَرَّ الْأَنْبِيَا
وَالْأَقْدَمُونَ عَلَيْهِ مَرُّوا
فَسَمَاؤُهُ الْوَحْيُ الصَّحِيـ
ـحُ وَتُرْبُهُ مَجْدٌ وَفَخْرُ
إِنْ فَاتَهُ بَأْسٌ قَدِيـ
ـمٌ لَمْ يَفُتْهُ سَنًا وَقَدْرُ
فَعَلَى مَفَاخِرِهِ اسْتَمَرَّ
وَلَيْسَ يَبْرَحُ يَسْتَمِرُّ
وَالْيَوْمَ قَدْ عَبِثَتْ بِهِ
نُوَبٌ وَجَارَ عَلَيْهِ دَهْرُ
وَطَوَى الزَّمَانُ كِتَابُهُ
هَلْ بَعْدَ ذَاكَ الطَّيِّ نَشْرُ
قَالُوا وَقَدْ بَصَرُوا بِخَدِّ
يَ مِنْ دُمُوعِي يَسْتَدِرُّ
ارْحَلْ لِمِصْرَ فَقُلْتُ فِي
نَفْسِي لَهُمْ، للهِ مِصْرُ
سَأُبِينُ عَنْ وَطَنِي فَفِي
وَطَنِي ثَعَالِبُ وَهْيَ كُثْرُ
وَالثَّعْلَبُ الْمُحْتَالُ مَا
بَطَلَتْ لَهُ حِيَلٌ وَمَكْرُ
أَنَا لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ
فَمَحَبَّةُ الْأَوْطَانِ نَذْرُ
لَكِنَّ لِي عُذْرًا بِهَجْـ
ـرِي وَالضَّغَائِنُ فِيهِ عُذْرُ
في ١٥ أيلول سنة ١٩٢٣

خاطرة

أَرِحْ قَلْبَكَ الْخَفَّاقَ مِنْ شِقْوَةِ الْهَوَى
فَكُلُّ هَوًى بُؤْسُ الْحَيَاةِ يُرَاوِحُهْ
إِذَا النِّسْرُ لَمْ يَجْثُمْ وَقَدْ ظَلَّ صَاعِدًا
يُحَلِّقُ فِي الْأَجْوَاءِ تَبْرَى جَوَانِحُهْ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤