فوق المقبرة

الْعُمْرُ قَصْرٌ نَحْنُ بَيْنَ رِحَابِهِ
وَالْمَوْتُ مُنْتَصِبٌ عَلَى أَبْوَابِهِ
وَالْمَرْءُ إِنْ يَفْخَرْ بِأَنْسَابٍ لَهُ
فَالتُّرْبُ وَالدِّيدَانُ مِنْ أَنْسَابِهِ
مَا الْجِسْمُ فِي هَذَا الْوُجُودِ سِوَى بِلًى
تَمْشِي الْعُصُورُ عَلَى أَدِيمِ تُرَابِهِ
مِنْ عَهْدِ آدَمَ وَالضَّرِيحُ مُهَيَّأٌ
وَجَمِيعُ هَذَا الْخَلْقِ رَهْنُ طِلَابِهِ
كُلٌّ يُغَيِّبُهُ الزَّمَانُ إِلَى الْهَبَا
وَكَذَا الزَّمَانُ يَحِينُ يَوْمَ غِيَابِهِ
وَالْكَائِنَاتُ لَدَى الرَّدَى أُلْعُوبَةٌ
حَتَّى الْخُلُودَ يَصِيرُ مِنْ أَلْعَابِهِ
مَا مَذْهَبُ الدَّهْرِيِّ ذَا لَكِنَّمَا
هُوَ مَذْهَبُ الْعَقْلِ الْحَكِيمِ النَّابِهِ
كَمْ مِنْ عُصُورٍ قَبْلَ آدَمَ أَدْبَرَتْ
وَمَضَى بِهَا النِّسْيَانُ عِنْدَ إِيَابِهِ
وَعَقِيدَةُ الْإِنْسَانِ رَاسِخَةٌ بِهِ
حَتَّى يُحَجِّبَهُ الرَّدَى بِحِجَابِهِ
لَوْ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأَثِيرِ كِتَابَهُ
لَرَأَى الْحَقِيقَةَ فِي سُطُورِ كِتَابِهِ
كَمْ مِنْ دِيَانَاتٍ تَمَشَّتْ فِي الْوَرَى
ذَهَبَ الزَّمَانُ بِهَا قُبَيْلَ ذَهَابِهِ!
وَلَسَوْفَ أَدْيَانٌ تُخَرِّبُ دِينَنَا
وَتَقُومُ لِلْأَيَّامِ فَوْقَ خَرَابِهِ
مَا هَذِهِ الدُّنْيَا سِوَى بَحْرٍ طَمَى
صَدَفُ الْحَيَاةِ تَعُومُ فَوْقَ عُبَابِهِ
هَذَا يَحُفُّ بِهِ الْغِنَى فِي رَاحَةٍ
وَيَعُمُّ ذَا فَقْرٌ جَزَا أَتْعَابِهِ
إِنْ كَانَ جَبَّارُ الطَّبِيعَةِ عَادِلًا
أَيْنَ الْمُسَاوَاةُ الَّتِي بِحِسَابِهِ؟
أَتُرَاهُ قَدْ خَلَقَ الْعَوَالِمَ وَاكْتَفَى
بِصَنِيعِهِ فَارْتَاحَ فَوْقَ وِثَابِهِ؟
في ٢٠ أيار سنة ١٩٢٣

خاطرة

لَا أَرَى فِي الْهَوَى عَلَيْكِ رَقِيبَا
فَاخْدَعِي الْحُبَّ وَاسْتَرِقِّي الْقُلُوبَا
سَيَبِينُ الْخِدَاعُ فِي الْحُبِّ يَوْمًا
إِنَّ فِي مُقْلَتَيْكِ سِرًّا رَهِيبَا
مُنْذُ عَهْدٍ مَضَى بِقُرْبِكِ عَذْبًا
كُنْتُ فِي شَرْعِكِ الْغَزَالَ الرَّبِيبَا
صِرْتُ أَخْشَى مِنْكِ انْقِلَابًا وَأَخْشَى
أَنْ يَصِيرَ الْغَزَالُ يَا مَيُّ ذِيبَا
في ١٥ تشرين١ سنة ١٩٢٣

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤