معارضة قصيدة شوقي

أَمِيرَ الشِّعْرِ لَا نُورٌ وَحَقٌّ
وَلَكِنْ سُوءُ مُنْقَلَبٍ وَخُرْقُ
إِذَا أَيَّدْتَهَمُ أَيَّدْتَ حَقًّا
أَبَى تَأْيِيدَهُ شَرَفٌ وَخُلْقُ

•••

أَمِيرَ الشِّعْرِ وَالثَّوَرَاتُ تَرْقَى
عَلَى نُظُمٍ يُمَهِّدُهَا الْمُحِقُّ
وَلَا تَرْقَى عَلَى مُهَجِ الْأَيَامَى
فَإِنَّ دَمَ الْأَيَامَى لَا يَحِقُّ
أَبَاحُوا فِي الْقِتَالِ دَمَ النَّصَارَى
وَفِي أَجْفَانِهِمْ لِلْبُغْضِ وَدْقُ
وَمَا رَفَقُوا بِأَيْتَامٍ صِغَارٍ
فَجَازَوهُمْ بِمَا لَمْ يَسْتَحِقُّوا
وَقَالُوا نَهْضَةُ الْأَوْطَانِ تَقْضِي
وَعَاثُوا فِي بِلَادِهِمِ وَشَقُّوا
وَقِدْرُ الدِّينِ فِي الْجُهَّالِ تَغْلِي
وَلَمْ يُسْمَعْ لِطَبْلِ الدِّينِ طَرْقُ
أَتُحْتَرَمُ الْحُقُوقُ وَفِي فَضَاهَا
مِنَ الْأَحْقَادِ زَوْبَعَةٌ وَبَرْقُ
وَفِي رَايَاتِهَا لَهْفُ الْيَتَامَى
لَهُ فِي كُلِّ ثَانِيَتَيْنِ خَفْقُ
الِاسْتِقْلَالُ يَنْمُو بِالتَّآخِي
وَيَضْمُرُ بِالشِّقَاقِ وَيَسْتَدِقُّ
وَبِالْحُبِّ الصَّحِيحِ يُشِيدُ صَرْحًا
أَسَاسُ خُلُودِهِ شَرَفٌ وَصِدْقُ

•••

أَلَسْنَا فِي الْهُمُومِ أُولِي اتِّفَاقٍ؟
فَلِمْ لَا يَنْتَحِينَا الْيَوْمَ وِفْقُ؟
وَلِمْ يَسْعَى إِلَى التَّفْرِيقِ قَوْمٌ
يُوَحِّدُ بَيْنَهُمْ وَطَنٌ وَنُطْقُ؟
أَعَادُوا سَوْءَةَ الْمَاضِي بِنَزْقٍ
وَلَمْ يَنْبِضْ لَهُمْ فِي الْحُبِّ عِرْقُ
كَأَنَّهُمُ أَرَادُوا نَفْيَ رِقٍّ
بِجَهْلٍ فِيهِ لِلْأَوْطَانِ رِقُّ
كِلَانَا شَاعِرٌ بِالظُّلْمِ يَرْثِي
بِلَادًا بِالْمَظَالِمِ تَسْتَرِقُّ
وَنَحْنُ نُؤَيِّدُ الثَّوَرَاتِ لَكِنْ
نُخَطِّئُهَا إِذَا هِيَ لَا تَرُقُّ

•••

أَمِيرَ الشِّعْرِ حَسْبُ دِمَشْقَ حُزْنٌ
بِأَنَّ جِنَانَهَا يَبْسٌ وَطُرْقُ
فَأَزْهُرُهَا مِنَ الْأَرْزَاءِ صِفْرٌ
وَأَنْهُرُهَا مِنَ الْأَهْوَالِ بُلْقُ
وَمَا فِي الْغَوْطَتَيْنِ سِوَى زَفِيرٍ
يُصَعِّدُهُ مِنَ الْآلَامِ عُمْقُ
وَمَا فِي الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ إِلَّا
صُرَاخٌ مِنْ تَفَجُّعِهِ وَشَهْقُ
كَأَنَّ الْجِنَّ تَخْطُرُ فِي دُجَاهُ
وَفِي جَنَبَاتِهِ لِلْبُومِ نَعْقُ
وَأَجْفَانُ السَّمَوْأَلِ فِيهِ تَبْكِي
وَأَدْمُعُهَا شِكَايَاتٌ وَعِشْقُ

•••

أَلَا أَيْنَ الْخَرَائِبُ مِنْ قُصُورٍ
لَهَا بِمَذَاهِبِ الْآفَاقِ سَبْقُ؟
وَأَيْنَ مِنَ السُّمُوِّ جَلَالُ نَسْقٍ
هَوَى رِضْمًا فَمَا بِدِمَشْقَ نَسْقُ
وَأَيْنَ مَعَاهِدُ الْآثَارِ فِيهَا
وَأَيْنَ الْحُسْنُ وَالْفَنُّ الْأَدَقُّ
جَلَائِلُ كُنَّ فِي الْمَاضِي مَزَارًا
جُمُوعُ حَجِيجِهِ خَلْقٌ فَخَلْقُ
مُطَهَّرَةُ الْعُصُورِ بَغَى عَلَيْهَا
حَزَازَاتٌ مِنَ التَّدْنِيسِ حُمْقُ
عَلَى مَنْ تَبْعَةُ الْآثَامِ تُلْقَى
وَكُلُّ هَوًى يَقُولُ أَنَا الْمُحِقُّ؟
غَمَزْتَ إِبَاءَهُمُ فَمَضَى حَقُودًا
وَضَجَّتْ مِنْ صَغَارَتِهِ دِمَشْقُ
وَلَوْ عَقِلُوا لَحَرَّرَهُمْ نِظَامٌ
عَلَى أَبْوَابِ حَقِّهِمِ يَدُقُّ
تَخَذْتَ الشِّعْرَ لِلْإِصْلَاحِ مَرْقًى
فَهَلْ أَصْلَحْتَ خُلْقَهُمُ لِيَشْقُوا؟
وَهَلْ عَلَّمْتَهُمْ رَمْيَ الْقَوَافِي
لِيَرْمُوا بِالْيَتِيمِ وَلَيْسَ رِفْقُ؟

•••

سَلِ الْأَهْرَامَ يَا ابْنَ الْمَجْدِ عَنَّا
يُجِبْكَ الدَّمْعُ وَالنَّفْسُ الْأَرَقُّ
فَفِي الْأَهْرَامِ يَا «شَوْقِي» بَقَايَا
مِنَ النَّسَبِ الْمُؤَثَّلِ لَا تَعُقُّ
وَفِي النِّيلِ الْمُرَقْرَقِ عَاطِفَاتٌ
مَشَى مِنْهَا إِلَى لُبْنَانَ رِزْقُ
يَعِزُّ عَلَيْهِ أَنْ تَشْقَى بِلَادٌ
بِهَا مِنْ شِيمَةِ الْأَجْيَالِ عُتْقُ
أَلَسْتَ تَرَى أُمَيَّةَ كَيْفَ تَرْنُو
إِلَى لُبْنَانَ عَنْ مُقَلٍ تُشَقُّ؟
وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَهْوِي بِنَزْعٍ
وَفِي دَمِهِ مِنَ الْأَهْوَالِ حَرْقُ
وَلِلْمُسْتَقْبَلِ الْآتِي عَجِيجٌ
عَلَى قَدَمَيْهِ لِلْأَوْطَانِ زَهْقُ

•••

أَمِيرَ الشِّعْرِ حَسْبُ الشِّعْرِ فَخْرٌ
بِأَنَّ لُمَاكَ لِلْإِيحَاءِ فَتْقُ
أَنَا مُصْغٍ إِلَى قَطَرَاتِ سِحْرٍ
لَهَا مِنْ شِعْرِكِ الْعُلْوِيِّ دَفْقُ
أَلَا هَذِّبْ شَبَابَ الشَّرْقِ هَذِّبْ
لِيَرْقَى مَوْطِنٌ لَهُمُ وَيَرْقُوا
وَقُلْ لَهُمُ: أَخَاكُمْ فَاعْضُدُوهُ
تَنَالُوا الْمَقْصِدَ السَّامِي وَتَبْقُوا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤