المعركة الأخيرة!

كانت ليلة قاسية … تلك التي قضاها الشياطين وسط الثلوج … ومع بداية يوم جديد … ظهرت كاسحات الثلوج عن بُعد تُخلي الطريق من الثلوج … فتدفع بها على جانبَي الطريق … إلى أن وصلت إلى سيارة الشياطين … وكانت وحدها الباقية على الطريق … فقامت وسط دهشة الشياطين بردمها بالثلوج … وفجأة تغير الجو داخل السيارة … وبعد دفعة ثلج أخرى ألقيت فوق السيارة … لم يعُد الشياطين يرون حتى أيديهم … فاضطر «أحمد» لإنارة مصابيح الصالون وقد انتابه قلق بالِغ مما جرى فقد اصطادهم «زائيفي» بطريقة غير شريفة … وهنا قالت «إلهام»: نحن لا نملك إلا الاتصال برقم «صفر» ليرسل لنا مَن يخرجنا من هنا.

ضحك «عثمان» ساخرًا وهو يقول: وهل ستتركك الثلوج تُتِمِّين اتصالك؟

قالت «ريما» في قلق تسأله: ماذا تقصد؟

عثمان: موجات الصوت سترتد ولن تخرج من بين الثلوج.

أحمد: نحتاج لإريال يخرج إلى الهواء.

إلهام: أرى أنك تفكر في شيء!

أحمد: نعم … في الآتي …

كان لدى «أحمد» مُولِّد ليزر صغير متطور ضمن أسلحته الخاصة … تمكَّن من خلاله من إذابة الثلوج في خط مستقيم فوق السيارة … فصنع بها فجوة سمحت للضوء بالدخول … فقام بإعداد قنبلة دخان وفتح سقف السيارة بحذر … وقبل أن يضعها فوقه قالت له «إلهام»: إن هذه الفجوة هي الطريق الوحيد لدخول الأكسجين إلينا.

فعلَّقَت «ريما» قائلة: أي إن قنبلة الدخان هذه ستمنع عنا الهواء … وسنموت إما من الدخان أو من قلة الأكسجين.

فكَّر «أحمد» قليلًا … ثم قام بصنع فجوة أخرى طولية … ينفذ منها الهواء … بعيدًا عن الفجوة الأولى … ثم وضع قنبلة الدخان بها … ولم يمضِ وقت طويل … إلا وكانت فرق الإنقاذ تزيح الثلوج من فوق السيارة ومن خلالها قام قائد كاسحة الجليد بربط حبل في شاسيه السيارة … ثم ربطه من الطرف الآخَر في شاسيه الكاسحة … وبعدها قام بجرها إلى أن أخرجها إلى الطريق الخالي فانطلق «أحمد» يكمل الرحلة إلى الحدود السويسرية حيث قرية «أنماس» … وفيلَّا المقر المُعدَّة إعدادًا كاملًا لاستقبالهم دائمًا.

على الطريق رأوا متجرًا يسكن جسم أتوبيس قديم ضخم … يحوي كل ما يحتاجون إليه حتى الوقود … فذهبوا إليه … وحصلوا على أكواب شاي ساخن … وعادوا إلى سيارتهم وهم مندهشون مما جرى لهم … فلماذا فعل قائد كاسحة الجليد ذلك … لماذا أهال الثلوج على السيارة وتركهم يصارعون الموت هل حقًّا كان يقصد؟ ولماذا؟ وهل علم «زائيفي» بوجودهم؟ … وإذا كان قد علم فما فائدة ما يقوم به رقم «صفر» من تمويه وتضليل في رحلتهم السرية.

أدار «أحمد» سيارته بصعوبة بالغة … وانطلق يقطع الطريق إلى «أنماس» في سرعة ليعوِّض التأخير الذي تسببت فيه الثلوج … ولم يلتفت إلى سيارة حمراء كانت تتبعه عن بُعد … وعند أول منحنى … اقتربت السيارة منه … ولكن قائدها حافظ على مسافة دائمة تضمن عدم الاحتكاك بينهما.

وبعد منتصف النهار بقليل … كانوا يعبرون الحدود ويغادرون الأراضي الفرنسية إلى الأراضي السويسرية وهم مأخوذون بجمال قمة جبال القمة البيضاء … إن الثلوج تبدو على قمتها وكأنها قبعة ضخمة.

كانت المسافة المتبقية حتى فيلَّا المقر قصيرة للغاية … لذا … فقد أخذ الحماس «أحمد» … فانطلق يقطعها في سرعة عالية … ووصلها في دقائق.

كم يحبون هذا المقر … ويحبون العم «شرتز» المسئول عن حديقته! إلا أنهم لم يجدوه … ووجدوا مَن يفتح لهم الباب بمجرد أن سمع صوت محرك السيارة يتوقف والأبواب تُفتح وتُغلق … فخرج يستقبلهم … وحمل عنهم حقائبهم … فاحتفظوا ببعضها وهو الهام لهم.

وفي داخل المقر … كانت المدفأة الكلاسيكية التي يعشقها الشياطين … تمتلئ بالأخشاب المشتعلة … وبجوارها مائدة مستديرة … وبعض المقاعد الوثيرة … وقد استلقى عليها الشياطين في إعياء مما لاقوه على الطريق وأتاهم الرجل يسألهم عن إعداد الطعام فقال له «أحمد» يسأله: من أنت؟!

الرجل: أنا اسمي «هافي» من العاملين في المقر.

أحمد: وأين «شرتز»؟!

الرجل: خرج ولم يعُد.

أحمد: لا أفهم؟!

هافي: أنا لا أعرف غير هذا يا سيدي.

أحمد: أعدَّ لنا الطعام؟

تحيَّرَ «أحمد» لِمَا سمعه عن «شرتز» … فكيف تقبل المنظمة أن يخرج أحد رجالها ولا يعود … وفي هذه اللحظة … تذكر أن لديهم أجهزة محمول حديثة يمكنهم استخدامها كما قال رقم «صفر»، لذا فقد قام بالاتصال به بواسطة جهازه … فسمع بعض الأصوات الحادة المتقطعة … وانقطع الاتصال … وتكرر هذا أكثر من مرة … فقرر اللجوء إلى ساعته … وما حدث في منطقة «أنشاص» لساعاتهم أثناء عملية حرب الأقمار، حدث هذه المرة … فقد وخزتهم ولم تتوقف حتى شعروا بآلام مبرحة فخلعوها … وعرف «أحمد» أنهم يحاولون التأثير عليهم موجيًّا للتخلُّص منهم … فقام باصطحاب زملائه … وخرج والليل في أوله … وقد ارتدوا بذلات جلدية سوداء يبطنها فراء طبيعي … وكذلك قبعة الرأس والقفازات … ولا يحملون من الأسلحة إلا بندقية الليزر ومُولِّد الموجات … وكانت أحذيتهم مهيَّأة للسير في الجليد … فقاموا بتسلُّق جبل القمة البيضاء حتى وصلوا إلى منطقة ممهدة للسير فيها … فساروا يدورون حوله حتى بدَت لهم فيلَّا «سوبتك» عن بُعد … وقد كان لهم لقاء فيها من قبل … فأدار «أحمد» مُولِّد الموجات وأطلق لإشاراته العنان فصنعت فيضًا موجيًّا غزيرًا ملأ أجواء المكان وكأنه الدخان انطلق في خلية نحل … فقد بدأ رجال «سوبتك» يخرجون ليستطلعوا الأمر تباعًا … فمنهم مَن يفحص أبراج الأطباق … ومنهم مَن يمسك بجهاز قياس الأشعة.

وأراد «عثمان» أن يطلق شعاع ليزر ليصطاد أقرب الرجال له … إلا أن «أحمد» حثه على الانتظار … وشرع يُغير من ذبذبات الموجات التي يطلقها المُولِّد حتى سمعوا صوت انفجار صادر من الفيلَّا … فهمس قائلًا: إن الدوائر الإلكترونية التي تتحكم في عمل أجهزتهم أصبحت في حالة فوضى وما سمعتموه هو صوت انفجار مجموعة من مكثفات أحد أجهزتهم المهمة وخرج في اللحظة من باب فيلَّتهم «روبوت» بديع الصنع يقود حافلة ذات زلَّاجات … وعلى هذه الحافلة يجلس رجل يعرفونه من صورته … إنه «زائيفي» … والآن … الآن فقط يمكنهم إنهاء مهمتهم بالقبض على هذا اللواء المارق … أليس كذلك يا «عثمان»؟!

كان هذا السؤال من «أحمد» إلى «عثمان» الذي أجابه قائلًا: هناك الكثير من الرجال حوله يا «أحمد» ويجب أن تعمل حساب هذا.

أحمد: إنهم ليسوا رجالًا … إنها روبوتات.

إلهام: وكيف سنتخلص منهم؟

أحمد: هكذا!

أطلق «أحمد» شعاع ليزر خليطًا من الأزرق والأحمر على أحد رجال «زائيفي» الآليين فلم يُغيِّر من الأمر شيئًا … فبدَّل الأطوال الموجية في مدفعه … وأعاد التجربة … فدار الروبوت حول نَفْسه … وظلَّ يدور في دائرة تتسع وتتسع حتى سقط في هوة في قاعها ماء … ولم يعُد يبدي حراكًا.

كذلك فعل مع الثاني والثالث … غير أن «زائيفي» ولسوء حظ «أحمد» قد اكتشف ما يحدث … وتحوَّل الجبل حول الشياطين إلى جحيم من شتى أنواع الذخائر التي أُطلِقَت عليهم … ما بين قنابل وأشعة ليزر وطلقات رصاص … ولم ينقذهم من كل هذا غير أنهم غير واضحين ﻟ «زائيفي» ولأنه ليس بالرجل السهل … فقد قام باستدعاء مُولِّد الليزر المداري الذي يدور كأي قمر صناعي في مدار ثابت … ويستطيع أن يطلق شعاعاته على أي مكان على سطح الكرة الأرضية بأكملها في أي وقت.

إن هذا المُولِّد هو مدفع بعيد المنال … لا يمكن اصطياده … وها هو يعلن عن مهارته … ويطلق أول قذيفة له … فيدمر ما تبقى من الروبوت الهالك … الذي سقط في الماء … إذَن هو يرصد الأجسام المعدنية … هكذا اكتشف «أحمد» لذا فقد قال ﻟ «عثمان»: يمكننا تضليل هذا المُولِّد!

عثمان: كيف؟

أحمد: بالحصول على أجسام معدنية كثيرة.

إلهام: وعلينا نحن أولًا أن نتخلص من كل الأجهزة المعدنية والقلائد وغيره.

عثمان: لقد رأيت شعاعًا من أشعة هذا المُولِّد قبل ذلك تُصيب كلبًا.

أحمد: أرأيت ذلك حقًّا؟!

عثمان: نعم.

أحمد: إذَن سأريك ما هو أعجب.

أخرَج «أحمد» من جيبه شريحة صغيرة … تحوي معالجًا دقيقًا وضعها في غلاف رصاصة ثم وضع الرصاصة في مسدس خاص ثم صوب المسدس على ظهر «زائيفي» … وضغط الزناد … فانطلقت الرصاصة … أعقبها صرخة من «زائيفي» يتألم … شرع بعدها في الصراخ … فيمَن حوله من الرجال في التحرك والقبض على مَن فعل هذا … ومرة أخرى استدعى المُولِّد المداري، وكان الشياطين يسيرون في مساحة مكشوفة وسقط أول شعاع بجوار قدم «عثمان» الذي تفاداه بمهارة وصاح في «أحمد» قائلًا: سنموت على هذا الجبل … لماذا أتيت بنا إلى هنا.

وسمعه «زائيفي» … فرفع رأسه ينظر إليهم في نشوة المنتصر … كان «زائيفي» لا يعرف أن الرصاصة المستقرة الآن في ظهره … بها جهاز مُولِّد موجات دقيق … يمكن التحكم فيه عن بُعد … وأن موجاته تثير انتباه مُولِّد الليزر … وقد كان … فقد أداره «أحمد» عن بُعد بمُوجِّه مَوْجاته … فشرع هذا المُولِّد يطلق موجاته … واستدار مُولِّد الليزر المداري … إلى حيث يوجد هذا المُولِّد الدقيق في هذه الرصاصة القابعة على ظهر «زائيفي» … وشرع يطلق أشعة ليزر قوية على «زائيفي» فأصابته إصابة قاتلة … ولم يتوقف المولد عن إرسال الموجات … وبالتالي لم يتوقف مُولِّد الليزر عن إطلاق أشعته المدمرة التي دمرت مقر «سوبتك» في «أنماس» بكل ما فيه ومَن فيه … وكان هذا أجمل خبر يرسله «أحمد» للزعيم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤