إرم ذات العماد

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ [الفجر: ٦-٨].

(القرآن الكريم)

«يدخلها بعض أمتي».

(الحديث)

توطئة لإرم ذات العماد

بَعدَ أن ملك شدَّاد بن عاد جميع الدنيا أمر ألف أمير من جبابرة قوم عاد أن يخرجوا ويطلبوا أرضًا واسعة كثيرة الماء طيِّبة الهواء بعيدة عن الجبال ليبني فيها مدينة من ذهب، فخرج أولئك الأمراء ومع كل أمير ألف رجل من خَدَمِه وحشمه، فساروا حتى وجدوا أرضًا واسعة طيِّبة الهواء فأعجبتهم تلك الأرض، فأمروا المهندسين والبنائين فخطوا مدينة مربعة الجوانب دورُها أربعون فرسخًا من كل جهة عشرة، فحفروا الأساس إلى الماء وبَنَوا الجدران بحجارة الجزع اليماني حتى ظهر على وجه الأرض، ثم أحاطوا به سورًا ارتفاعه خمسمائة ذراع وغَشَّوه بصفائح الفضة المموهة بالذهب فلا يكاد يدركه البصر إذا أشرقت الشمس. وكان شدَّاد قد بعث إلى جميع معادن الدنيا فاستخرج منها الذهب واتخذه لَبِنًا، واستخرج الكنوز المدفونة، ثم بنى داخل المدينة مائة ألف قصر بعدد رؤساء مملكته كل قصر على أعمدة من أنواع الزبرجد واليواقيت معقدةٍ بالذهب طول كل عمود مائة ذراع. وأجرى في وسطها أنهارًا وعمل منها جداول لتلك القصور والمنازل، وجعل حصاها من الذهب والجواهر واليواقيت، وحلَّى قصورها بصفائح الذهب والفضة، وجعل على حافات الأنهار أنواع الأشجار جذوعُها من الذهب وأوراقها وثمرها من أنواع الزبرجد واليواقيت واللآلئ. وطلى حيطانها بالمسك والعنبر، وجعل فيها جنةً مزخرفة له، وجعل أشجارها الزمرد واليواقيت وسائر أنواع المعادن.

ونصب عليها أنواع الطيور المسموعة الصادح والمغرد وغير ذلك.

«الشعبي في كتاب سير الملوك»

إرم ذات العماد

  • المكان: غابة صغيرة من الجوز والحور والرمان تحيط بمنزل قديم منفرد بين منبع العاصي وقرية الهرمل في الشمال الشرقي من لبنان.
  • الزمان: عصارى يوم من أيام تموز في سنة ١٨٨٣.
  • أشخاص الرواية:
    • زين العابدين النهاوندي: وهو درويش عجمي في الأربعين من عمره، معروف بالصوفي.
    • نجيب رحمة: أديب لبناني في الثالثة والثلاثين.
    • آمنة العلوية: معروفة في تلك النواحي بجنيَّة الوادي، ولا أحد يعرف عمرها.

يرفع الستار فيظهر زين العابدين متكئًا على ساعده في ظلال الأشجار وهو يرسم برأس عصاه الطويلة خطوطًا مستديرة على التراب. بعد هنيهة يدخل الغابة نجيب رحمة راكبًا على فرس، ثم يترجل ويربط مقود فرسه بجذع شجرة وينفض الغبار عن ملابسه ثم يقترب من زين العابدين.

نجيب رحمة : السلام عليك يا سيدي.
زين العابدين : وعليك السلام (ويحول وجهه قائلًا في نفسه): أما السلام فنقبله، وأما السيادة فلا ندري أنقبلها أم لا.
نجيب (ينظر حواليه مستفحصًا) : أهنا تسكن آمنة العلويَّة؟
زين العابدين : هذا منزلٌ من منازلها.
نجيب : أتعني يا سيد أن لها بيتًا آخر؟
زين العابدين : لها منازل لا عداد لها.
نجيب : منذ الصباح وأنا أبحث وأسأل كل من لقيته عن مقر آمنة العلوية، ولم يقُل لي أحد: إن لها منزلين أو أكثر.
زين العابدين : هذا دليل على أنك لم تلتقِ منذ الصباح غير مَن لا يرى إلا بعينيه ولا يسمع إلا بأذنيه.
نجيب (مستغربًا) : ربما كان الأمر مثلما تقول، ولكن، أصدقني، يا سيدي، أفي هذا المكان تسكن آمنة العلوية؟
زين العابدين : نعم، في هذا المكان يسكن جسدها بعض الأحايين.
نجيب : وهلَّا أخبرتني أين هي الآن؟
زين العابدين : هي في كل مكان. (مشيرًا بيده إلى الجهة الشرقية) أما جسدها فيسير متجولًا بين تلك التلول والأودية.
نجيب : وهل تعود اليوم إلى هذا المكان؟
زين العابدين : ستعود إن شاء الله.
نجيب (يجلس على صخر أمام زين العابدين ثم يتفحصه طويلًا) : يبدو لي من لحيتك أنك فارسي.
زين العابدين : نعم وُلدت في نهاوند، ورُبيتُ في شيراز، وتثقفت في نيسابور، وجُبت مشارق الأرض ومغاربها، وأنا غريب في كل مكان.
نجيب : كلنا غريب في كل مكان.
زين العابدين : لا والحق، فقد لقيت وحدثت ألف ألف من الناس فلم أرَ سوى المكتَّفين بمحيطهم، المستأنسين بإلفهم، المنصرفين عن العالم إلى الفسحة الضيقة التي يرونها من العالَم.
نجيب (معجبًا بكلام جليسه) : الإنسان، يا سيدي، مطبوع على حب المكان الذي وُلد فيه.
زين العابدين : المحدودُ من الناس مطبوعٌ على حب المحدود من الحياة، وشحيح البصر لا يرى غير ذراع من السبيل الذي تطأه قدماه، وذراع من الحائط الذي يسند إليه ظهره.
نجيب : ليس لكل منا المقدرة على الإحاطة بكليات الحياة، ومن الظلم أن تطلب من شحيح البصر أن يرى البعيد والضئيل.
زين العابدين : أصبت وأحسنت، فمِن الظلم أن نطلب الخمر من الحِصرم.
نجيب (بعد دقيقة سكوت) : اسمع، يا سيدي: منذ أعوام وأنا أسمع الأخبار عن آمنة العلوية، ولقد أثَّرَت بي هذه الأخبار إلى درجة قصوى، فعزمت على الاجتماع بها لاستفسارها ومعرفة أسرارها وخفاياها.
زين العابدي (يقاطعه) : أيوجد في هذا العالم من يستطيع معرفة أسرار آمنة العلوية وخفاياها؟ أيوجد بين البشر من يقدر أن يسير متجولًا متنزهًا في قاع البحر كأنه في حديقة؟
نجيب : قد أسأت التعبير، يا سيدي، فسامحني. أنا لا أقدر بالطبع على الإحاطة بمكنونات آمنة العلوية؛ ولكنني أرجو أن أسمع منها حكاية دخولها إلى إرم ذات العماد.
زين العابدين : ما عليك سوى الوقوف في باب حُلمِها، فإن فُتح لك بلغت قصدك، وإن لم يفتح فأنت الملوم.
نجيب : ماذا تعني، يا سيدي، بقولك: إن لم يُفتح لي كنت أنا الملوم؟
زين العابدين : أعني أن آمنة العلوية أدرى الناس منهم بنفوسهم، فهي ترى بلمحة واحدة ما في ضمائرهم وقلوبهم وأرواحهم، فإن وجدَتك خليقًا بمحادثتها حدثتك وإلا فلا.
نجيب : ماذا أقول وماذا أفعل لأكون حريًّا باستماع حديثها؟
زين العابدين : عبثًا تحاول الدنو من آمنة العلوية بواسطة القول والعمل، فهي لا ولن تُصغي إلى ما تقوله. لا، ولا تنظر إلى ما تفعله؛ بل سوف تسمع بأذن أذنها ما لا تقوله وترى بعين عينها ما لا تفعله.
نجيب (تظهر على ملامحه سيماء الدهشة) : ما أبلغ كلامك هذا وما أجمله!
زين العابدين : ليس ما أقول عن آمنة العلوية سوى دندنة أخرس يريد أن يغني نشيدًا.
نجيب : أتعلم يا سيدي أين وُلِدت هذه المرأة العجيبة؟
زين العابدين : وُلدت في صدر الله.
نجيب (ملتبكًا) : أعني أين وُلد جسدها؟
زين العابدين : بجوار دمشق.
نجيب : وهلَّا أخْبَرْتَنِي شيئًا عن والديها وتربيتها؟
زين العابدين : ما أشبه سؤالاتك هذه بسؤالات القضاة والمتشرعين.
أفتظن أنك تستطيع إدراك الجواهر باستفسارك الأعراض، أو معرفة طعم الخمرة بمجرد النظر إلى خارج الجرة؟
نجيب : بين الأرواح وأجسادها رابطة، وبين الأجساد ومحيطها علاقة. ولما كنت لا أعتقد بالصُدف، أرى أن النظر في تلك الروابط وتلك العلاقات لا يخلو من الفائدة.
زين العابدين : أعجبتني، أعجبتني. يلوح لي أنك على شيء من العلم. إذًا، فاسمع. لا أعرف شيئًا عن والدة آمنة العلوية سوى أنها ماتت وهي تتمخض بابنتها. أما والدها الشيخ عبد الغني الضرير المشهور بالعلوي، فقد كان إمام زمانه في العلوم الباطنية والتصوف. وقد كان، رحمه الله، وَلوعًا بابنته إلى درجة قصوى، فهذَّبها وثقَّفها وسكب في روحها كل ما في روحِهِ. ولما بَلَغَت أشدها، أدرك أن العلوم التي أخذتها عنه لم تكن من العِلم الذي أُنزل عليها إلا بمقام الزبد من البحر، فصار يقول عنها: لقد انبثق من ظلمتي نورٌ أستضيء به.
ولما بلغت الخامسة والعشرين، خرج بها لأداء فريضة الحج، ولما قطعا بادية الشام وأصبحا على بُعد ثلاث مراحل من المدينة المنورة بُليَ الضرير بالحمى وتُوفي، فدفنته ابنته في لِحف جبل هناك وجلست على قبره سبع ليالٍ تناجي روحه، وتستكشفها أسرار الغيب وتستعلم منها عما وراء الحجاب.

وفي الليلة السابعة أوحت إليها روح والدها أن تطلق راحلتها، وتحمل زادها على عاتقها وتسير من ذلك المكان إلى الجنوب الشرقي، ففعلت.

(يسكت دقيقة ويحدق إلى الأفق البعيد ثم يعود إلى الكلام): وظلت آمنة العلوية سائرة في البادية حتى وصلت إلى «الربع الخالي» وهو قلب الجزيرة الذي لم تخترقه قافلة ولم يصل إليه سوى أفراد قليلين منذ بدء الإسلام إلى يومنا هذا. أما الحُجاج فظنوا أنها تاهت في تلك القِفار وقضت جوعًا، ولما عادوا إلى دمشق أخبروا الناس بذلك، فحزن عليها وعلى أبيها من عَرف فضلهما ثم التحف ذِكرَهما النسيان كأنهما ما كانا …

وبعد خمسةِ أعوام ظهرت آمنة العلوية في الموصل، وكان ظهورها بما هي عليه من الجمال والهيبة والعلم والصلاح، أشبه شيء بهبوط نيزك من الفضاء. فقد كانت تسير بين الناس مُسفرة وتقف بحلقات العلماء والأئمة متكلمة عن الأمور الربانية، وتصف لهم مشاهد إرم ذات العماد بفصاحة ما سمع القوم بمثلها.

ولما اشتهر أمرها وكثر عدد أتباعها ومريديها، خاف علماء المدينة ظهور بدعة، وخشوا الفتنة، فشكوها إلى الوالي، فاستقدمها هذا إليه وألقى بين يديها صرة من الذهب وطلب إليها أن تغادر المدينة، فرفضت المال وتركت المدينة ليلًا دون أن يصحبها أحد من الناس. ثم توجهت إلى الأستانة فحلب فدمشق فحمص فطرابلس.

وكانت في كل مدينة من هذه المدن تثير ما سكن في نفوس الناس، وتشعل ما خمد في وجدانهم، فيلتفون حولها ويصغون إلى محاضراتها وأحاديث اختباراتها العجيبة مجذوبين بعوامل قوية سحرية. غير أن أئمة الدين وشيوخ العلم في كل بلد، كانوا يصادرونها ويفندون أقوالها ويعرضون بها إلى الحكام.

بعد ذلك طلبت نفسها العزلة، فجاءت هذا المكان منذ أعوام واستوحدت به زاهدة متعبدة منصرفة عن كل شيء سوى التعمق في الأسرار الربانية.

هذا قليل من كثير أعرفه عن حياة آمنة العلوية، أما ما حباني الله بمعرفته عن ذاتها المعنوية وما يتآلف في نفسها من القوى والمواهب فليس بإمكاني الكلام عنه الآن. ومَن مِن البشر، يا ترى، يستطيع أن يجمع الأثير المحيط بهذا العالم في كؤوس وأكواب؟
نجيب (متأثرًا) : أشكر لك، يا سيدي، ما تفضَّلت وحدثتني به عن هذه المرأة العجيبة. لقد ضاعفت شوقي إلى الوقوف بحضرتها.
زين العابدين (يتفرس فيه دقيقة) : أنت مسيحي، أليس كذلك؟
نجيب : نعم، ولدت مسيحيًّا، غير أنني أعلم أننا إذا جردنا الأديان مما تعلق بها من الزوائد المذهبية والاجتماعية وجدناها دينًا واحدًا.
زين العابدين : أصبت، وليس بين البشر أدرى بالوحدة الدينية المجردة من آمنة العلوية، فهي في الناس على اختلاف طوائفهم كندى الصباح الذي يهبط من الأعالي وينعقد دُرًّا مشعشعًا بين أوراق الأزهار المتباينة لونًا وشكلًا. نعم، هي كندى الصباح …

(يقف زين العابدين فجأة عن الكلام ويلتفت إلى الجهة الشرقية مصغيًا، ثم ينتصب على قدميه ويومئ إلى نجيب أن ينتبه فيفعل هذا ممتثلًا.)

زين العابدين (هامسًا) : هو ذا آمنة العلوية.

(يرفع نجيب يده إلى جبهته كأنه أحس بحدوث تغيير في دقائق الهواء، ثم ينظر فيرى العلوية آتية، فتتغير ملامحه ويضطرب في داخله؛ ولكنه يبقى واقفًا في مكانه كالتمثال … تدخل آمنة العلوية وتقف أمام الرجلين وهي بهيئتها وحركاتها وملابسها أقرب إلى معبودات الشعوب الغابرة منها إلى امرأة شرقية في الزمن الحاضر. ومن الصعب تحديد عمرها بمجرد النظر إلى ملامحها، فكأن الشباب في وجهها يستر ألف سنة من المعرفة والاختبار. أما نجيب وزين العابدين فيظلان جامدين خاشعين متهيبين كأنهما بحضرة نبي من أنبياء الله … وبعد أن تحدِّق العلوية إلى وجه نجيب كأنها تخترق بنظراتها صدره، تدنو منه وقد انبسطت ملامحها وابتسمت، وبصوت عذب تقول …)

آمنة العلوية : جئتنا أيها اللبناني متنسمًا أخبارنا مستفحصًا حالنا. ولن تجد بنا إلا ما بك، ولن تسمع منا إلا ما عرفته في نفسك.
نجيب (مفعولًا) : ها قد رأيت وسمعت وصدَّقت واكتفيت.
العلوية : لا تكن قنوعًا بالقليل، فمن يرد ينابيع الحياة بجرة فارغة صُرف بجرتين طافحتين.
(تمد يدها إليه فيتناولها بكلتا يديه خاشعًا محتشمًا ويقبِّل أطراف أصابعها مدفوعًا بعامل خفيٍّ. تلتفت إلى زين العابدين وتمدُّ يدها إليه، فيفعل هذا فعل نجيب، ثم تتراجع قليلًا إلى الوراء، وتجلس على حجر منحوت أمام بيتها، وتشير إلى صخر قريب، وتقول لنجيب): هذه مقاعدنا فاجلس.

(يجلس نجيب ويفعل زين العابدين فعله.)

العلوية : إنا نرى بعينيك نورًا من أنوار الله، ومن ينظر إلينا ونور الله في عينيه يرى حقيقتنا عارية مجردة. وإنا نرى بوجهك ما يرفعه الإخلاص عن حب الاستطلاع إلى الرغبة في الحق. فإن كان على لسانك كلمة فقلها فنحن إليك مصغون. وإن كان في قلبك سؤال فاطرحه فنحن لك مجيبون.
نجيب : جئتُ مستعلمًا عن أمر يتحدث الناس به لغرابته، ولكني ما وقفت بحضرتك حتى علمت أن الحياة مظاهر الروح الكلية، فكان مثلي مثل صياد ألقى شبكته في البحر ليصطاد سمكًا، ولما اجتذبها إلى الشاطئ وجد فيها صرة من الحجارة الكريمة.
العلوية : جئت تسألنا عن دخولنا إرم ذات العماد؟
نجيب : نعم، يا سيدتي، منذ حداثتي وهذه الكلمات الثلاث «إرم ذات العماد» تعانق أحلامي، وتتمشى مع خيالي بما وراءها من الرموز والمقاصد الخفيّة.
العلوية (ترفع رأسها وتغمض عينيها وبصوت يخاله نجيب آتيًا من قلب الفضاء تقول) : أجل، قد بلغنا المدينة المحجوبة ودخلناها وأقمنا فيها وملأنا روحنا من أريجها، وقلبنا من أسرارها، وجيوبنا من لؤلؤها وياقوتها، فمن ينكر علينا ما شاهدناه وعرفناه كان ناكرًا لذاته أمام الله.
نجيب (متأنيًا) : ما أنا، يا سيدتي، سوى طفل يَلْثَغُ متلعثمًا بما يريد بيانه، فإن سألتك عن أمر فبخشوع أسأل، وإن استقصيت أمرًا فبإمعان وإخلاص. فهلَّا جعلتِ عطفك عليَّ شفيعًا بي لديك إذا ما أتعبتُ سرَّك بسؤالاتي الكثيرة؟
العلوية : سَلْ ما شئت، فقد جعل الله الحقيقة ذات أبواب يفتحها بوجه من يطرقها بيد الإيمان.
نجيب : هل دخلتِ إرم ذات العماد بالجسد أم بالروح؟ وهل هي مدينة مصنوعة من عناصر الأرض المتبلورة وقائمة في بقعة معلومة من الأرض، أم هي مدينة روحية ترمز عن حالة روحية يبلغها أنبياء الله وأولياؤه في غيبوبةٍ يلقيها الله نقابًا على نفوسهم؟
العلوية : ليس ما نراه على الأرض وما لا نراه سوى حالات روحية، وأنا قد دخلت المدينة المحجوبة بجسدي وهو روحي الظاهرة، ودخلتها بروحي وهي جسدي الخفي. ومن يحاول التفريق بين ذرات الجسد كان في ضلال مبين. إنما الزهرة وعطرها شيء واحد. فالأعمى الذي ينكر لون الزهرة وصورتها قائلًا: «ليست الزهرة سوى عطر يتموج في الأثير»، ليس هو إلا كالمزكوم الذي يقول: «ليست الأزهار غير صور وألوان».
نجيب : إذًا فالمدينة المحجوبة التي ندعوها بإرم ذات العماد، حالة روحية؟
العلوية : كل مكان وزمان حالة روحية، وكل المرئيات والمعقولات حالات روحية. فإن أغمضت عينيك ونظرت في أعماق أعماقك رأيت العالم بكلياته وجزئياته، وخبرت ما فيه من النواميس، وعلمت ما يلازمه من الذرائع وفهمت ما يتلمَّسه من المَحَجَّات. أجل، إنك إذا أغمضت بصرك وفتحت بصيرتك، رأيت بداية الوجود ونهايته، تلك النهاية التي تصير بدورها بداية وتلك البداية التي تتحول إلى نهاية.
نجيب : وهل بإمكان كل إنسان أن يغمض عينيه ويرى جوهر الحياة المجرَّد؟
العلوية : يستطيع كل إنسان أن يتشوق ثم يتشوق ثم يتشوق حتى ينزع الشوق نقاب الظواهر عن بصره، فيشاهد إذ ذاك ذاته، ومن يرَ ذاته يرَ جوهر الحياة المجرد. فكل ذات هي جوهر الحياة المجرد.
نجيب (يضع يده على صدره) : إذًا كل ما في الوجود من محسوس ومعقول كائن هنا هنا في صدري؟
العلوية : كل ما في الوجود كائن فيك وبك ولك.
نجيب : أبإمكاني أن أقول لذاتي: إن إرم ذات العماد موجودة في باطني لا في خارجي؟
العلوية : كل ما في الوجود كائن في باطنك، وكل ما في باطنك موجود في الوجود. وليس هناك من حد فاصل بين أقرب الأشياء وأقصاها، أو بين أعلاها وأخفضها، أو بين أصغرها وأعظمها، ففي قطرة الماء الواحدة جميع أسرار البحار، وفي ذرة واحدة جميع عناصر الأرض، وفي حركة واحدة من حركات الفكر كل ما في العالم من الحركات والأنظمة.
نجيب (تظهر على وجهه علامات الالتباس) : قد قيل لي، يا سيدتي: إنكِ قطعتِ المسافات الشاسعة حتى بلغتِ ذلك المكان المعروف بالربع الخالي في قلب الجزيرة. وقيل لي: إن روح والدِكِ كانت الموحية إليكِ والهادية لكِ والسائرة حتى بلغتِ إرم ذات العماد. أفليس على الراغب في الوصول إلى تلك المدينة المحجوبة أن يكون في حالة شبيهة بحالتِك، وأن تكون له الوسائل الجسدية والأسباب المعنوية ليحصل على ما حصلتِ أنتِ عليه؟
العلوية : أجل، قد قطعنا الصحاري، وقاسينا الجوع والعطش، وخبرنا مخاوف النهار ورمضاءه، وأهوال الليل وسكينته قبل أن رأينا أسوار مدينة الله. ولكن قد بلغ مدينة الله قبلنا من لم يَسِر خطوة، وعرف جمالها وبهاءها من لم يختبر جوعًا في الجسد أو عطشًا في الروح. إي والحق، لقد طاف في المدينة المقدسة إخوان لنا وأخوات دون أن يخرجوا من المنازل التي وُلدوا فيها. (تسكت هنيهة ثم تومئ بيدها إلى الأشجار والرياحين المحيطة بها): لكل بذرة من البذور التي يلقيها الخريف في أديم التراب أساليب خاصة في فسخ قشرتها عن لبابها وفي تكوين أوراقها فأزهارها فأثمارها. ولكن مهما تباينت الأساليب فمحجة جميع البذور تظل واحدة. وتلك المحجة هي الوقوف أمام وجه الشمس.
زين العابدين (يتمايل إلى الأمام وإلى الوراء متأثرًا كأنه انتقل بالروح إلى عالم سامٍ ثم يصرخ بصوت رخيم) : الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله الكريم الوهاب الملقي ظِله بين الألسنة والشفاه.
العلوية : أجل. قل: الله أكبر. لا إله إلا الله، وقل: لا شيء إلا الله.

(يتمتم زين العابدين هذه الكلمات في ذاته أما نجيب فيحدق إلى العلوية كالمسحور وبصوت يكاد يكون همسًا يقول: لا شيء إلا الله.)

العلوية : قل: لا إله إلا الله، ولا شيء إلا الله، وكن مسيحيًّا.
نجيب: (يحني رأسه محركًا شفتيه مرددًا كلماتها ثم يرفع رأسه قائلًا) : قد قلتها، يا سيدتي، وسوف أقولها إلى نهاية حياتي.
العلوية : ليس لحياتك نهاية، فأنت باقٍ ببقاء كل شيء.
نجيب : من أنا وما أنا لأبقى خَالِدًا؟
العلوية : أنت أنت. وأنت كل شيء؛ لذلك ستبقى خالدًا.
نجيب : إني أعلم طبعًا، يا سيدتي، أن الذرات التي تتألف منها وحدتي الهَيوليَّة ستبقى ببقاء الهيولي. ولكن، أباقية، يا ترى، هذه الفكرة التي أدعوها أنا؟ أباقية هذه اليقظة الضئيلة الممنطقة بالهجوع؟ أباقية هذه الفقاقيع الملتمعة بنور الشمس وأمواج البحر التي وَلَّدتها هي هي الأمواج التي تمحوها لتُوَلِّد غيرها؟ أباقية هذه الأماني والآمال والأوجاع والأفراح؟ أباقية هذه الأوهام المرتعشة في هذا النوم المتقطع في هذا الليل الغريب بعجائبه، الهائل باتساعه وعمقه وعُلُوِّه؟
العلوية (ترفع عينيها إلى العلاء كأنها تتناول شيئًا من جيوب الفضاء، وتقول بلهجة إيجابية ملؤها العزم والمعرفة والخبرة) : كل موجود باقٍ، ووجود الموجود دليل على بقائه، أما الفكرة وهي العلم بكليته، إذ لولاها لما علم العالم موجودًا كان أو غير موجود، فهي كيان أزليٌّ أبدي خالد لا يتغير إلا ليتجوهر، ولا يختفي إلا ليظهر بصورة أسنى، ولا ينام إلا ليحلم بيقظة أبهى.
ولقد عجبت لمن يُثبت بقاء الذرات في الغِلافَات الخارجية التي تتصورها حواسنا، ولكنه ينكر ما جُعلت الغلافات من أجله. عجبتُ لمن يقرر خلود العناصر التي تتألف منها العين، ولكنه يشك بخلود النظر الذي اتخذ العين آلة له. عجبت لمن يثبت أبدية المسببات ولكنه يُحتم باضمحلال الأسباب. عجبت لمن تُشغله المظاهر المكونة عن المكون المُظهر. عجبت لمن يَقسم الحياة إلى شطرين فيؤمن بالشطر المدفوع ويجحد الشطر الدافع.

عجبت لمن ينظر إلى تلك الجبال والسهول المغمورة بنور الشمس، ثم يُصغي إلى الهواء متكلمًا بألسنة الأغصان، ثم يتجرع عطر الأزهار والرياحين، وبعد ذلك يقول لنفسه: لا ولن يزول ما أراه وأسمعه، لا ولن يضمحل ما أعرفه وأشعر به. ولكن، هذه الروح العاقلة التي ترى فتتهيب وتتأمل، وتسمع فتفرح وتكتئب؛ هذه الروح التي تشعر فترتعش وتنبسط، وتعلَم فتكتئب وتتحقق؛ هذه الروح التي تحيط بكل شيء سوف تضمحل اضمحلال الفقاقيع على وجه البحر، وتزول زوال الظل أمام النور.

إي والحق، إني أعجب لكائن ينكر كيانه.
نجيب (متهيجًا) : قد آمنت بكياني يا سيدتي، ومن يسمعُك متكلمة ولا يؤمن كان أشبه بالصخر منه بالإنسان.
العلوية : إن الله وضع في كل نفس رسولًا ليسير بنا إلى النور. ولكن، في الناس مَن يبحث عن الحياة في خارجه والحياة في داخله ولكنه لا يعلم.
نجيب : أليس في خارجنا أنوار لا نستطيع بدونها الوصول إلى ما في أعماقنا؟ أليس في محيطنا قوى تستنهض قوانا ومؤثرات تنبه الغافل فينا؟
(يطرق هنيهة مترددًا ثم يعود يقول): أولم توحِ إليك روح والدِكِ أمورًا لا يعرفها سجين الجسد ورهين الأيام والليالي؟
العلوية : أجل، ولكن عبثًا يطرق الزائر باب البيت إذا لم يكن في داخل البيت مَن يسمع الطرقات ويقوم ليفتح في وجهه. إنما الإنسان كائن منتصب بين اللانهاية في باطنه واللانهاية في محيطه. فلو لم يكُن فينا ما فينا لما كان في خارجنا ما في خارجنا. لقد ناجتني روح والدي؛ لأن روحي ناجَتها وأوحت إلى عاقِلتي الخارجية ما كانت تعرفه عاقلتي الباطنية، فلولا جوعي وعطشي لما حَصَلت على الخبز والماء، ولولا شوقي وحنيني لما لقيتُ موضوع شوقي وحنيني.
نجيب : أيستطيع كل منا، يا سيدتي، أن يغزِلَ سِلكًا من شوقه وحنينه ويمده بين روحه والأرواح المُنْعَتِقَةِ؟ أفليس هناك طائفة من الناس قد أعطيت المقدرة على مخاطبة الأرواح واستنزال مشيئتها ومراميها؟
العلوية : إن بين سكان الأثير وسكان الأرض مخاطبات ومسامرات مستتبة باستتباب الأيام والليالي، وليس بين الناس مَن لم يأتمر بمشيئة القوى العاقلة غير المنظورة، فكم من عمل يأتي به الفرد متوهمًا أنه مُخَيَّر بفعله وهو بالحقيقة مُسَيَّر، وكم من عظيم في الأرض كانت عظمته في استسلامه التام إلى إرادة روح من الأرواح استسلام قيثارة دقيقة الأوتار إلى نقرات عازف خبير.
أجل، إن بين عالَم المرئيات وعالَم العقل سبيلًا نجتازه في غيبوبات تحدث لنا ونحن غافلون، ثم نعود وفي أكفنا المعنوية بذور نلقيها في تربةِ حياتنا اليومية، فتُنبتُ أعمالًا جليلة أو أقوالًا خالدة، ولولا تلك السبل المفتوحة بين أرواحنا والأرواح الأثيريَّة لما ظهر في الناس نبي ولا قام فيهم شاعر ولا سار بينهم عازف.

(ترفع صوتها عن ذي قبل): أقول، ومآتي الأدهار تشهد لي: إن بين الملإ الأعلى والملإ الأدنى روابط شبيهة بعلاقة الآمر بالمأمور والمنذِر بالمنذَر؛ أقول: إنا محاطون بوجدانات تستميل وجداناتنا، وعاقلات توعز إلى عاقلاتنا، وقوى تستنهض قوانا؛ أقول: إن شكوكنا لا تنفي امتثالنا إلى ما نشك به، وانصرافنا إلى أماني أجسادنا لا يصرفنا عن مراد الأرواح بأرواحنا، وتعامينا عن حقيقتنا لا يحجب حقيقتنا عن عيون المحجوبين عنا. فنحن وإن وَقَفنا فسائرون بمسيرهم وإن همدنا فمتحركون بحركاتهم، وإن صمتنا فمتكلمون بأصواتهم؛ فلا الهجوع فينا يزيل يقظتهم عنَّا، ولا اليقظة بنا تُحَوِّلُ أحلامهم عن مسارح خيالنا. فنحن وهم في عالَمين يضمهما عالم واحد، وفي حالتين تمنطقهما حالة واحدة، وفي وجودين يجمعهما ضمير كلي سرمدي أحد ليس له بدء، وليس له نهاية، وليس له فوق، وليس له تحت، وليس له حد، وليس له جهات.
نجيب : أيأتي يوم، يا سيدتي، نعرف فيه بالاستقراء العلمي والاختبار الحسي ما تعرفه أرواحنا بالخيال وما تختبره قلوبنا بالتشويق؟ وهل يتقرر لنا بقاء الذات المعنوية بعد الموت مثلما تقرر لدينا بعض الأسرار الطبيعية، فنلمس بيد المعرفة المجردة ما نتلمسه الآن بأصابع الإيمان؟
العلوية : نعم، سيأتي ذلك اليوم. ولكن، ما أضل الذين يدركون حقيقة مجردة ببعض حواسهم، ولكنهم يظلون مرتابين بها حتى تبدو لحواسهم الأخرى. ما أغرب من يسمع الشُّحرور مغردًا ويشاهده مرفرفًا متنقلًا، ولكنه يبقى مُشَكَّكَا بما سمع وما رأى حتى يقبض بيده على جسم الشحرور. ما أغرب من يحلم بحقيقة جميلة ثم يحاول تجسيدها وحبسها بقوالب الظواهر فلا يُفلح، فيرتاب بالحلم ويجحد الحقيقة ويشك بالجمال!
ما أجهل من يتخيل أمرًا ويتصوره بشكله ومعالمه، وعندما يستحيل عليه إثباته بالمقاييس السطحية والبراهين اللفظية يحسب الخيال وهمًا والتصور شيئًا فارغًا. ولكن، لو تعمق قليلًا وتأمل هنيهة لعلِم أن الخيال حقيقة لم تتحجَّر بعد، وأن التصور معرفة أسمى من أن تتقيد بسلاسل المقاييس، وأعلى وأرحب من أن تُسجن بأقفاص الألفاظ.
نجيب : أفي كل خيال حقيقة، يا سيدتي، وهل في كل تصور معرفة؟
العلوية : إي والحق، إن مرآة النفس لا تعكس سوى ما انتصب أمامها، ولو شاءت لما استطاعت. إن البحيرة الهادئة لا تريك في أعماقها خطوط جبال ورسوم أشجار وأشكال غيوم لا وجود لها بالحقيقة، ولو شاءت البحيرة لما استطاعت. إن خلايا الروح لا تُرجِع إليك صدى أصوات لم يرتعش بها الأثير حقًّا، ولو شاءت الخلايا لما استطاعت. إن النور لا يُلقي على الأرض ظل شيء لا كيان له، ولو شاء النور لما استطاع.
إنما الإيمان بالشيء المعرفة بالشيء. والمؤمن يرى ببصيرته الروحية ما لا يراه الباحثون والمنقبون بعيون رؤوسهم، ويدرك بفكرته الباطنة ما لا يستطيعون إدراكه بفكرتهم المقتَبَسَة. المؤمن يختبر الحقائق القدسية بحواس تختلف عن الحواس التي يستخدمها الناس كافة، فيظنها جدارًا محكم البناء فيسير في طريقه قائلًا: ليس لهذه المدينة من أبواب.

(تقف العلوية وتخطو بضع خطوات نحو نجيب، وبلهجة من أوشك أن يبلغ من الكلام حدًّا لا يريد الزيادة عليه تقول):

إن المؤمن يعيش كل الأيام وكل الليالي، أما غير المؤمن فلا يعيش سوى ثوانٍ معدودة منها. فما أضيق عَيش من يرفع يده بين وجهه والعالم أجمع فلا يرى غير الخطوط في كفه، وما أشد شفقتي على من يدير ظهره إلى الشمس فلا يرى ظل جسده على التراب.
نجيب (ينتصب واقفًا شاعرًا بدنو ساعة انصرافه) : أأقول للناس، يا سيدتي، عندما أعود إليهم: إن إرم ذات العماد مدينة أحلام روحية، وإن آمنة العلوية قد سارت إليها على سبيل الشوق ودخلتها من باب الإيمان؟
العلوية : قل: إن إرم ذات العماد مدينة حقيقية كائنة بكيان الجبال والغابات والبحار والصحاري، وقل: إن آمنة العلوية قد وصلت إليها بعد أن قطعت البادية الخالية وقاست ألم الجوع وحَرقة العطش وكآبة الوحدة وهول الانفراد، وقل: إن جبابرة الدهور قد بَنَوا إرم ذات العماد مما تبلور وتجوهر من عناصر الوجود، ولم يحجبوها عن الناس، ولكن الناس حجبوا نفوسهم عنها، فمن يُضل الوصول إليها فليَشكُ دليله وحاديه بدلًا من مصاعب الطريق وحَراجَتِها، وقل للناس: إن من لا يُشعل سراجه لا يرى في الظلام سوى الظلام. (ترفع وجهها نحو العلاء وتغمض عينيها، ويظهر على ملامحها نقاب من العطف والحلاوة).
نجيب (يدنو منها منحني الرأس ويظل صامتًا هنيهة ثم يقبِّل يدها هامسًا) : ها قد بلغت الشمس الغروب، وعليَّ أن أعود إلى مساكن الناس قبل أن يكتنف الظلام الطريق.
العلوية : سِر في النور وسِر بأمان الله.
نجيب : سأسير في نور المشعل الذي وضعته في يدي، يا سيدتي.
العلوية : سِر بنور الحق الذي لا تطفئه الأهوية. (تنظر إليه نظرة طويلة مفعمة بشعاع الأمومة، ثم تتحول عنه وتمشي بين الأشجار حتى تنحجب عن عينيه).
زين العابدين (يقترب من نجيب) : إلى أين أنت سائر الآن؟
نجيب : إلى منزل أصحاب لي بقرب منبع العاصي.
زين العابدين : أتسمح لي بمرافقتك؟
نجيب : بكل سرور، ولكني ظننت أنك باقٍ بجوار آمنة العلوية، فطوَّبتك روحي وتمنَّيت لو كنت مكانك.
زين العابدين : نحن نحيا بنور الشمس عن بُعد. ولكن، مَن منا يستطيع الحياة في الشمس؟ (بلهجة ذات معانٍ بعيدة) أجيء مرة في الأسبوع متبركًا متزودًا، وعندما يأتي المساء أعود قانعًا مكتفيًا.
نجيب : وددت لو جاء الناس كافة مرة في الأسبوع؛ ليتبركوا ويتزودوا ويعودوا قانعين مطمئنين. (يحل نجيب مقود فرسه ويسير به راجلًا بجانب زين العابدين).
الستار

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤