خرافة الجنس الآري، أو تفوق العناصر النوردية

لم يقتنع أصحابُ نظريات الجنس بإعلان تفوُّق السلالات البيضاء على السلالات الملونة، ولا بنظريات التفرقة العنصرية، ولا بمحاربة اختلاط الدماء والسلالات، مؤكدين أن ذلك يؤدي إلى تدهور شامل في السلالات، فقد شعروا أنه من الضروري — بالإضافة إلى كل هذه النظريات — بالحاجة إلى إقامة زعامة مقدسة داخل السلالات البيضاء ذاتها، على أسس بيولوجية ونفسية، محاولين بذلك تبرير حقوق جديدة في الغزو والسيطرة والسيادة، يخصون بها سلالة أو طبقة معينة من السلالات البيضاء.

هذا هو أصل ومنشأ النظرية «الآرية»، أو «النوردية» التي تُنادي بعقيدة التفوق الجنسي، وقد تولدت عن هذه النظرية عدة نظريات أُخرى ثانوية، مثل «نظرية تفوق العنصر الجرماني» التي نشأت في ألمانيا، و«نظرية العنصر الأنجلوساكسوني» التي نشأت في كل من بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، «نظرية الكلتيين» التي نشأت في فرنسا.

وإذا كان الأمر كذلك، فلنبحث أولًا في أصل هذه النظرية الآرية، وتوزيعها، والصفات الجوهرية للعنصر، أو السلالة «الآرية.»

أصل الآريين Aryans

في عام ١٧٨٨م لاحظ جونز W. Jones تشابهًا بين اللغات، السانسكريتية، والإغريقية واللاتينية، والألمانية، والكلتية، أدت هذه الملاحظة بتوماس ينج Thomas Young في عام ١٨١٣م إلى إطلاق اصطلاح «هندي-أوربي Indo-Eurobean» لكي يصف به الأصل المشترك لهذه اللغات التي سبق ذكرها، وغيرها من اللغات المشابهة، وسرعان ما أخذ استعمال هذا الاصطلاح يشيع بسرعة، وأصبح المعتقد أنه كان هناك شعب «هندي-أوربي»، وتطور الأمر إلى درجة أن رودي J. G. Rhode حدد، في سنة ١٨٢٠م، الموطن الأصلي لهذا الشعب، ووقع اختياره على وسط آسيا ليكون هذا الموطن الأصلي، وجاء بعد ذلك فون كالبروت J. Von Kalproth فاقترح تغيير الاصطلاح من «هندي-أوربي» إلى «هندي جرماني»، وشاع استعمال الاصطلاح المعدل بفضل كتابات كل من برشاد Priehard (سنة ١٨٣١ وپوب F. Bopp (عام ١٨٣٣)، وجاء پوت F. A. Pott في سنة ١٨٤٠ فقال: إن الوطن الأصلي للآريين القدماء كان في أودية نهري سيحون، وجيحون، وسُفُوح جبال هيدوكش في وسط آسيا، وقد تَقَبَّلَ الناس جميعًا هذا الافتراض دون جدل حتى نهاية القرن التاسع عشر، ودون أن يكون لهذا الافتراض أي أساس قوي من الصحة.
وقد دعم ماكس موللر Max Müller (عام ١٨٦١) الاعتقاد بأن أصل الآريين من آسيا، وأصبح هذا الاعتقادُ واسع الانتشار إلى أبعد الحدود، وقد أبدى موللر رغبة أكيدةً في تغيير الاصطلاح «هندي — جرماني» و«هندي — أوربي» إلى «الآريين»، وقد بنى موللر هذه الرغبة على أساس أن الجماعات التي غزت الهند، والتي كانت تتكلم اللغة السانسكريتية، كانت تسمي نفسها آريا Arya»، وبناء على آراء موللر فإن وجود اللغة الآرية القديمة كان يعني ضمنًا وجود «جنس آري»، وهذا الجنس هو الذي تفرع عنه الهنود، والفرس، والإغريق، والرومان، والعناصر السلافية، والكلت، والألمان، ولكن موللر لم يثبت على هذا الرأي طويلًا، فقد عاد وعارض فكرة وجود «جنس آري» قديم، وأكد — كما سنرى فيما بعد — أن اصطلاح «آري» لا يتعدى كونه مجرد اصطلاح لغوي، وليس له أي مدلول جنسي.
أما دي أوماليو دي هالوي J. J. d’Omalius d’Halloy (١٨٤٨–١٨٦٤)، ولاتام R. J. Latham (١٨٦٢)، و ليتون Bulwer Lytton (١٨٤٢) وبكتيت Adolphe Pictet (١٨٥٩–١٨٦٤)، وغيرهم، فقد أنكروا الزعم بأن آسيا كانت الموطن الأصلي لجماعات الهندو-أوربية، وقال بنفي Benfey (١٨٦٨): إن الآريين جاءوا من منطقة السواحل الشمالية للبحر الأسود، بين نهر الدانوب، وبحر قزوين. وقال ليجر Louis Leiger (١٨٧٠-١٨٧١): إن موطنهم الأصلي كان السواحل الجنوبية لبحر البلطيق، في حين أكد كونوك J. G. Cunok (١٨٧١م) أن موطنهم في المنطقة الممتدة بين بحر الشمال، وجبال الأورال، واعتقد برينتون D. G. Brinron (١١٩٠) حوالي سنة ١٩٠٠ أن هجرات الآريين انتشرت من منطقة البحر البلطي، ورأى جيلز Peter Giles (١٩٢٢) أن الآريين جاءوا من سهول هنغاريا. وقال جوردن تشيلد V. Gordon Childe (١٨٩٢): إنهم كانوا يعيشون أولًا في جنوب روسيا، أما كوسينا G. Kossina (١٩٢١) فقد اعتقد أن الموطن الأصلي للآريين كان شمال أوربا، وفي حوالي هذا الوقت كان هناك آخرون من المؤلفين أمثال هارتمان R. Hartmann (١٨٧٦) ومورتيليه G. demortillet (١٨٦٦)، وهوزيه Housé (١٩٠٦) الذين كانوا يعتقدون أن الآريين ليسوا إلا أضغاث أحلام بعض الكُتَّاب، وُلدوا على مكاتب هؤلاء الكُتَّاب، ووُجدوا في أوراقهم. وبعبارة أخرى: كان هؤلاء يعتقدون أنه لم يوجد ما يُمكن أن نُسمِّيَه جنسًا، أو شعوبًا آرية.

ويتضح من الأمثلة التي سبق ذِكْرُها مدى اختلاف الآراء حول الآريين، وكيف أن بعض هذه الآراء يتعارض تعارضًا تامًّا مع بعضه، وهذا التعارُض، والاضطراب في الآراء لا يسلمنا إلا إلى الاعتقاد بأن ما قيل عن الشعوب الآرية، والجنس الآري ليس إلا خرافة، وأسطورة؛ لأننا نجد المقاييس التي استُخدمت لتحديد الوطن للآريين لم تكن مقاييسَ موضوعية، بل شخصية بحتة، ودون الاعتماد على أَيِّ سند من الأسانيد العلمية.

مذهب الآرية والتيوتونية:

كان الكونت هنري دي يولا نفيلير H. de Boullainvillers (١٦٥٨–١٧٢٢م) أول من نادى بنظرية أرستوقراطية «الدم الألماني.»
ولكن إرساء قواعد النظرية الآرية جاء على يد أرتور دي جوبينو Arthur de Gobineau في أكمل صورها في كتابه الذي نشره عام ١٨٥٣م بعنوان «مقال في عدم تساوي الأجناس البشرية Essai sur L’inegalite des Races Humaines» وفيه أعلن تفوق الجنس الآري، على بقية العناصر البيضاء.

وقد كان لآرائه، وأفكاره أثرٌ كبيرٌ على الأفكار، والمعتقَدات السياسية، والفلسفية الأُوربية، وقد عُرف جوبينو منذ البداية في ألمانيا حيث عقد صلات وثيقة بالمؤلف الموسيقي المشهور رتشارد فاجنر، الذي ساعده كثيرًا في آرائه.

أما في فرنسا — موطن جوبينو — فقد تأخر الأخذ بنظريته التي أصبح لها أثرٌ كبيرٌ واضحٌ فيما بعد على الاتجاهات العامة.

وقد كان جوبينو سليلَ أُسرة بورجوازية ترجع إلى القرن السابع عشر، وكانت رغبة جوبينو المُلِحَّة أن يثبت الأصل النبيل الذي تنحدر عنه أُسرته، ولهذا فإن كتابته، وآراءه جاءت نتيجةً لأبحاثه التي أجراها ليوضِّح بها «تفوُّق طبقته ورُقِيَّها ونبالة محتدها»، ومن ثم فإن نظرية التفوق الجنسي عند جوبينو لم تكن مبنية على أُسس وطنية يرفع بها من شأن جنس وطنه، ويمجِّده، إنما كانت نظرية طبقية مؤسَّسة على تفوُّق الأرستقراطية، والدفاع عن هذه الطبقة، ومركزها الاجتماعي ضد تهديد الشعبية (البروليتارية) العمالية، و«الجنس الآري» الذي نادى به جوبينو لم يكن إلا طبقة «متفوِّقة» نقية الدماء خالية من التزاوج، والاختلاط تكوِّن أقليةً مختارة ذات امتيازات وحقوق خاصة، وُلدت لتحكم، وتتولى مقاليد الأُمور، وتوجه مصائر وأقدار الكتل الشعبية «المتخلِّفة» المختلطة الدماء، في كل دولة، وعلى هذا لم يكن جوبينو رغم جنسيته الفرنسية، من المدافعين عن رُقِيِّ الفرنسيين، ولا من المدافعين عن رقي الألمان، بل إنه أكد فقط «انتساب الطبقة الأرستقراطية — في أي دولة — إلى سلالة آريَّة نقية الدماء، راقية ومتفوقة على غيرها.»

هكذا ظل مفهومُ النظرية الآرية حتى قيام الحرب السبعينية بين فرنسا وبروسيا سنة ١٨٧٠، فقد تَغَيَّرَ مفهومُها من مذهب يؤكد التفوُّق الوراثي لطبقة اجتماعية معينة — وهي الأرستقراطية — إلى عقيدة تُنادي بتفوُّق، ورقي شعوب معينة، وعلى الرغم من الخطأ الشديد، الذي سنَتَبَيَّنُه فيما بعد، والناجم عن افتراض نقاوة بيولوجية لطبقة اجتماعية، فإن افتراض، وتأكيد النقاوة الجنسية لشعب ما؛ يُعَدُّ أسخفَ وأكثر خطأ من الافتراض السابق. ومع ذلك فقد وُجد بين الفرنسيين — كما وجد بين الألمان والشعوب الأنجلو سكسونية — من رجالات الفكر، ومن الساسة، ومن أشباه العلماء من كرسوا مواهبهم ونشاطهم لكي يثبتوا أن انتصارات المدنية العالمية كانت من اختراع شعوبهم وحدها ودون سواها من شعوب العالم، وقد وجَّه أبطالُ النظرية الآرية كل الثناء، والتقريظ للعنصر النوردي، امتدحوه على أنه المنبع الوحيد الذي أدت إشعاعاتُه إلى نُشُوء المدنيات العالمية، وإلى كل تقدم وإنتاج حضاري راقٍ في كل مكان وفي كل زمان. ومن بين الأمثلة على ذلك: أن جوبينو كان يعتقد أن نشأة الحضارة الصينية كانت نتيجة لتسرُّب «الدماء الآرية» إلى الصين.

ولم يكن جوبينو واضحًا، ومحدَّدًا فيما يختص بمميزات وصفات الآريِّين، فقد يكونون عِراضَ الرءُوس، أو طِوالَها؛ ولون العين عادة يميل إلى اللون الفاتح، ولكن هذا لا يمنع أن يكون لونُها غامقًا، أو أسود. وفي هذا المضمار يجب أن نضع نُصْب أعيننا أن جوبينو نفسه كان فرنسيًّا ذا عينين سوداوين.١

وقد كان لتلاميذ جوبينو الفضل في تحديد النوع «الآري» على أنه طويل القامة، أزرقُ العينين، أشقر الشعر، طويل الرأس … هذا من الناحية الجسدية. ثم أضافوا إلى المقياس النواحيَ النفسيةَ التالية للعنصر «الآري»: حيوية الرجل، والنبالة الوراثية، ودافع طبيعي للهجوم والعدوان، مع نظرة موضوعية هادئة رزينة للأشياء، وكرهه لاستعمال الكلمات التي لا ضرورة لها والخطب الجوفاء، لا يستسيغ الأشكال والكتل غير الواضحة، فهم دقيق، حب الاستقلال والحرية، مع أخذ أنفسهم وغيرهم بالشدة، شعور كامل بالمسئولية، بُعد نظر إلى درجة عظيمة، وعزيمة قوية متماسكة، تتوافر فيهم صفات سلالة تتولى الزعامة والقيادة والأعمال العظيمة والأفكار والآراء الصائبة الحكيمة … إلخ.

وكان هوستن تشامبرلين Houston S. Chamberlain (سنة ١٨٩٩) الإنجليزي الجنسية، وصهر الموسيقار الألماني رتشارد فاجنر، من أشد الناس تحمسًا للعنصر الألماني، وبالتالي من أكثر الناس تأييدًا لنظرية تفوق «العنصر النوردي الأشقر ذي الرأس الطويل»، وقد استخدم تشامبرلين اصطلاح «العنصر التيوتوني»، و«الدم التيوتوني» لهذا الجنس المتفوق. وبذلك حَوَّلَ مذهب جوبينو الخاص برُقِيِّ، وتفوق طبقة اجتماعية إلى مذهب صريح يُنادي بتفوق شعب معين. وقد سار تشامبرلين شوطًا بعيدًا، فافترض أن هذا «الألماني الأشقر» قد خَصَّهُ الله برسالة عليه أن يُؤَدِّيَها. وبذلك أصبح «التيوتون أرستقراطية الأجناس البشرية» على حين أصبح «العنصر اللاتيني مجموعة بشرية متدهورة»، والنتيجة التي وصل إليها: أن المدنية الأُوربية، حتى في البلاد التي تسكنها شعوب سلافية ولاتينية، هي من عمل «الجنس التيوتوني». ويضرب تشامبرلين أمثلة من أُوربا يبرهن بها على كلامه، فيقول: إن الحضارة الإغريقية وحضارة روما، وإنشاء البابوية في روما، وعصر النهضة في أوربا، والثورة الفرنسية، وإمبراطورية نابليون؛ كلها من إنتاج التيوتون. ويوغل تشامبرلين في عقيدته فيذهب مذهب التطرف الشديد حيث يقول: «إنه ما لم تتسرب العناصر الألمانية فلن تنشأ مدنية بمعناها الذي نفهمه.»
ولعله من الطريف أن نستعرض أمثلة أُخرى لهذه النظرية الخرافية، ففيما يختص بالحضارة الإغريقية، تقول النظرية: إن «الإغريق الآريين» كانوا يتميزون بالمهارة في الفنون، ولكن كانت تنقصهم روح التنظيم السياسي؛ نتيجة لاختلاط دمائهم بدماء العناصر السامية، وكان في دماء هؤلاء الساميين نسبة من الدماء الزنجية؛ نتيجة لاختلاط سابق بالزنوج! وعلى هذه الوتيرة يجري خيال النظرية التيوتونية، الإنكار إلى درجة الجنون والهوس، فتزعم أن يوليوس قيصر، والإسكندر الأكبر، وليوناردو دافنشي، وجاليليو، وفولتير، وماركوپولو، وروجو بيكون، وجوتو، وجالفاني، ولافوازيه، ووات، وكثير غيرهم؛ هم جميعًا من سلالة التيوتون، وأن نابليون نفسه سليل الڨاندال.٢

وتمضي النظرية فتقول: إن كبار الشخصيات الأخرى في التاريخ عبارة عن اختلاط «دماء تيوتونية» «بالدماء الداكنة للأجناس الجنوبية»، وهذه الطبقة من مشاهير التاريخ تضم أمثال دانتي، رفائيل، مايكل، أنجلو، شكسبير، وهؤلاء تصفهم النظرية بأنهم «عباقرة ليس بسبب اختلاط دمائهم، ولكن بالرغم من هذا الاختلاط»، وأن «مواهبهم الطبيعية تمثل ما ورثوه عن الدماء التيوتونية التي تجري في عروقهم.»

وتُشير النظرية إلى «بولس» الرسول محاوِلةً إدخالَه ضمن «المجموعة الآرية»، فتقول: إن رجلًا عظيمًا مثل بولس لا يمكن أن يكون يهوديًّا مائة في المائة، ولذلك لا بد أن نكتشف بالبحث أن أباه كان يهوديًا، وأن أُمَّه كانت إغريقية.

ويقول فالتمان Waltmann عن يسوع المسيح، لا يوجد أدنى دليل على أنه كان سليل أسرة يهودية، ولا يوجد شك في أن سكان منطقة الجليل كانت فيهم نسبة من الدماء الآرية: وأكثر من هذا، فإن «آرية» المسيح واضحة في رسالته»، ويضيف القول: إن «يوسف لم يكن أباه؛ لأنه لم يكن للمسيح أب»، وعلى الرغم من هذه المزاعم عن «آرية» المسيح، وبولس، كفَّت النازية الهتلرية عن الإشارة إلى ذلك حينما وقع الصدام بين النازية، والكنيسة.

ويظهر تقديس الجنس التيوتوني في أقصى درجات السخف في أبحاث فالتمان الخرافية حينما يؤكد — بناء على خيالات لغوية — الأصل الألماني لكثير من مشاهير الرجال في عصر النهضة، قائلًا: إن أسماء هؤلاء المشاهير أصلها ألماني ثم حُرفت، ومن أمثلة هذا التخريف الأسماء التالية: جوتو أصلها الألماني يوتو، ودانتي اليجيري أصلها الألماني آجلر، وفنشي أصلها الألماني فينكه، وتاسو أصلها الألماني داسه، وبوناروتي مايكل أنجلو أصلها الألماني بوروت، وفيلسكيز أصلها الألماني فيلاهيزه، وموريللو أصلها مورل، وديدرو أصلها تيتروه … إلخ.

مذهب الأنثروبولوجيا الاجتماعية والانتخاب الاجتماعي

وهذه المدرسة الفكرية التي قدم لها لابوج G. Vacher de Lapouge (١٨٩٦م) في فرنسا وأمون Otto Ammon (١٨٩٨م) في ألمانيا، عبارة عن نوع جديد من مذهب «الحتم الجنسي»، مبني على أسس دراسة إحصائية طريفة في حد ذاتها، ولكن نتائجها فسرت بما يطابق الاعتقاد السائد الخاص «بتفوق الجنس الأشقر ذي الرأس الطويل»، فقد اعتقد دي لابوج، بعد دراسته لجماجم القرنين السابع عشر، والثامن عشر في موتبيليه، أن في إمكانه أن يؤكد أن أفراد الطبقات الاجتماعية الراقية كانوا يتميزون بجماجم ذات نسبة رأسية واطية عن بقية الطبقات الأخرى، التي تميزت برأس عريض، ويمكننا هنا أن نوجز بعض نتائج أبحاثه في النقط التالية:
  • (١)

    في الدول التي يحدث فيها اختلاط، وتزاوج بين الأجناس تتزايد الثروة بنسبة عكسية مع النسبة الرأسية، وبعبارة أخرى: فإن الأفراد الذين يتميزون بنسبة رأسية منخفضة (رأس طويل) أغنى من ذوي الرءُوس العريضة ذات النسبة الرأسية العالية.

  • (٢)

    السواد الأعظم من سكان المدن يتصفون برأس طويل، على حين تتصف الأغلبية العظمى من سكان الريف برأس عريض.

  • (٣)

    لحياة المدن أثر معين في الاختيار الاجتماعي يُلائم الأفراد ذوي الرءُوس العريضة.

  • (٤)

    هناك اتجاه كبير إلى تأكيد وجود صفة الرأس الطويل بين الطبقات الراقية بخلاف الطبقات المنحطة، والتنافس للوصول إلى مراكز اجتماعية عالية يؤدي إلى استبعاد ذوي الرءُوس العريضة الذين يُوجدون عادة كعمال، وأُجَرَاء.

  • (٥)

    منذ عصور ما قبل التاريخ، لُوحظ زيادة مضطردة في النسبة الرأسية، أي: زيادة عدد عِرَاض الرءُوس في أُوربا. وبناء على هذا يتنبأ دي لابوج باندثار «العنصر الأشقر الطويل الرأس»، وبالتالي يسود العالم عصر مظلم طويل.

وقد بُنيت الافتراضات السابقة كلها على أساس ما يسمى «قانون آمون» الذي يؤكد تركُّز ذوي الرءُوس الطويلة في المدن، و«تفوُّقهم» على ذوي الرءُوس العريضة.

وقد انتهت أبحاث كل من ليڨي Levi (١٨٩٦) في إيطاليا، وأولوريز Oloriz في إسبانيا وبيدو Beddoe (١٩٠٥) في إنجلترا، وهوزيه Housé (١٩٠٦) في بلجيكا، إلى إثبات خطأ، وإفلاس قانون آمون، والاستنتاجات المستعجلة التي نادى بها أنصار هذا القانون، ولا شك في صحة الإحصائيات التي أُخذت في ألمانيا، وشمال إيطاليا بين الطلبة، والتي أثبتت أنهم طوال الرءُوس (مع العلم بأن الطلبة يمثلون الطبقة الاجتماعية الراقية).٣ ومع ذلك فإن الإحصائيات أثبتت عكس هذه الحالة تمامًا في جنوب إيطاليا، ومن الغريب أن أصحاب مذهب الأنثروبوسوسيولوجيا يعترفون «بانحطاط» عنصر البحر الأبيض ذي الرأس الطويل بالمقارنة مع العنصر الألبي ذي الرأس العريض. وفي الوقت نفسه كان يجب عليهم، تمشيًا مع نظريتهم، قبول الجنس الزنجي — وهو أكثر أجناس العالم اتصافًا بطول الرأس — على أنه أحد الشعوب «المتفوقة.»

وهناك نقطةٌ أُخرى مغايرةٌ لنظرية الرأس الطويل، والشقرة، فهناك حالاتٌ كثيرةٌ عن اتصاف كثير من المفكرين، والمثقفين بالرأس العريض ولون البشرة المائل إلى السمرة، ويحاول أمون تفسيرها، فيقول: إن «الاختلاط بالقليل من دم ذوي الرءُوس العريضة عملية رابحة؛ لأن ذلك يلطف من الحماس المتزايد عند الآريين، ويسبغ عليهم صفتي الصبر، أو السعي المستمر دون انقطاع، والتأمل الذهني، وهما عاملان يساعدان الآريين على صلاحيتهم للبحوث العلمية»، ويمضي فيقول: «وفي بعض الحالات نجد أفرادًا من النوع الألماني الحقيقي من حيث بياض البشرة، وشقرة العينين، والشعر، ولكنهم ذوو رءُوس عريضة، ومن ثم فهم من الناحية النفسية يرتبطون بالجنس عريض الرأس»، ثم يقول: «إن شكل الرأس هو العامل الحاسم في الموضوع كله؛ لأن الشكل يحدد شكل المخ، وبالتالي النوع النفسي الذي ينتمي إليه الفرد»، وقد بلغ التطرف أشده في زعم دي لابوج «أن الرأس العريض لدليل دامغ على عدم قدرة الأفراد الذين يتميزون به على رفع مستواهم فوق مستوى البربرية، والهمجية!»

وقد أثبتت الأبحاث الإحصائية، بما فيها أبحاث دي لابوج وأمون أن هناك ميلًا كبيرًا إلى الرأس العريض بين المثقفين، والمفكرين، ولون البشرة الأسمر، والمائل إلى السمرة بين من يسمون بالطبقات الراقية، وهذه النتائج تتعارض تعارضًا شديدًا مع نظريات أمون، ولابوج، ولكن لابوج حاول الهرب من هذه الحقيقة بالانغماس في سفسطائية جوفاء، فوصف هؤلاء المثقفين بأنهم أصحاب «رأس عريض خداع»، إنه فعلًا وصفٌ جميل، ولكنه حقًّا خالٍ كل الخلو من أي معنى أنثروبولوجي!

والحقيقة أنه لو أجريت دراسات أنثروبولوجية طبيعية على المثقفين، والمفكرين في دول مختلفة، لأظهرت النتائج مدًى هائلًا من ارتباطات صفات أنثروبولوجية تُعزى الآن إلى الشعوب التي تسمى بالشعوب البدائية.

وإننا لنرى الآن — بوضوح تام — أن المادة التي قدمها لنا أصحابُ المذهب الأنثروبوسوسيولوجي مادةٌ متناقضة متعارضة، ولا تثبت شيئًا فيما يختص بالادعاء الكاذب «بتفوق طوال الرءُوس فكرًا وثقافة». كذلك لم يتمكنوا من إثبات ما زعموه عن وجود أثر معين لحياة المدن على الاختيار الاجتماعي يؤثر في القادمين إلى المدينة، ويعمل حسب قانون أساسه شكل الرأس، كذلك كان زعمهم بوجود نسبة كبيرة من طوال الرءُوس في الطبقات الاجتماعية الراقية أقلَّ نجاحًا من مزاعمهم السابقة.

لقد اعتنق المذهب الأنثروبوسوسيولوجي نظرية تفوق العنصر الأشقر طويل الرأس، ودعا إليه، والحقيقة أن كل ما عمله هذا المذهب هو تدعيم وتعزيز الغرور الجنسي فيما يسمى: «بالجنس الآري»، والعمل على زيادة الميول العدوانية للعنصر التيوتوني، وتقوية النعرة المتطرفة للحركة الألمانية؛ بإيهامها — كذبًا — بأن لهذه النعرة أُسسًا أخلاقية.

النظرية الآرية كما قدمتها النازية والفاسية

إن تحول النظرية الآرية إلى نظرية وطنية في كتابات تشامبرلين، وڨالتمان، ووتيودور بيشه Theodor Pesche، وكارل بنشا Karl Penca، ورتشارد فاجنر، قد وجد أنصارًا مخلصين لعبوا دور الدعاة، والحواريين فمَكَّنوا لنظرية تفوق الآريين، أو «التيوتون» في ألمانيا، وفي سنة ١٨٩٤ تحول الاعتقاد بالتفوق الذي خَصَّ به الله ألمانيا وحدها إلى ما يُشبه العقيدة الدينية بإنشاء المؤسسة التي عُرفت باسم «اتحاد جوبينو» في مدينة فريبورج، وقد رأس المؤسسة شيمان L. Schemann، وبذلك تم لمذهب «نقاوة الجنس»، و«تفوُّق الجنس» أن يتبوأ المكان الأعظم في ألمانيا أكثر من أي دولة أُخرى.

وتطورت الأُمور في ألمانيا إلى أن أصبحت هذه النظريةُ مذهبًا زاد خطرُهُ إبان الحرب العالمية الأولى. وكان قادةُ ألمانيا يُثيرون الحماس المحموم للدفاع عن الحضارة التيوتونية، ويَدْعُون الشعب إلى نشر هذه الحضارة بين الأجناس «الأقل حضارة» في أُوربا. وفي هذا الوقت كان زعماء الدول الأخرى، يؤكدون أن «الألمان الشقر» ليسوا من أصل أُوربي إنما أصلهم أسيوي ينحدر من سلالة الهون، وأنهم تنقصهم الحضارة الحقيقية، وليست عندهم أدنى فكرة عن معنى الحرية، ومفهوم الديمقراطية، وأنهم بذلك يستحقون الفناء، والإبادة عن آخرهم.

وبهذه المناسبة فقد حُكيت نكتةٌ تاريخية لطيفة تُدلل على عدم وجود ما سُمِّيَ بالجنس «الآري»، أو «النوردي»، ولا بأس من ذكرها هنا، فقبل سنة ١٩١٤ طلب غليوم الثاني، إمبراطور ألمانيا، رسم خريطة جنسية توضح مدى انتشار الجنس «الآري» في ألمانيا، وبعد أن استكمل الباحثون المعلومات، والإحصائيات اللازمة، لم يتمكنوا من رسم الخريطة المطلوبة؛ لأنه اتضح أن كل ألمانيا عبارة عن خليط شديد من الأجناس الفرعية المختلفة، وفي مناطق مختلفة، مثل إقليم بادن في جنوب غرب ألمانيا، لم يوجد أثرٌ مطلقًا للعنصر الآري، أو النوردي.

ولم يكن للفترة التي مضت بين الحربين الأولى والثانية (١٩١٩–١٩٣٩)، أي أثر في تحسين العلاقات بين الشعوب، وعادت النظرية الآرية لتخدم الأغراض السياسية، وعلى الأخص أغراض النازية، والفاشية، وقد تطرف رايمر J. L. Reimer في كتابه ألمانيا الجرمانية Ein Pangermanisches Deutschland فاقترح إنشاء نظام طبقي قائم على أساس نسبة «الدم الجرماني»، وهذه الطبقات هي:
  • (١)

    طبقة عليا تظهر فيها الدماء النقية الألمانية، تمثل «التيوتونيين المثاليين»، وتتمتع بكل المميزات السياسية والاجتماعية.

  • (٢)

    طبقة متوسطة تظهر فيها بعض الدماء الألمانية، ويكون لها حقوق وامتيازات محدودة.

  • (٣)

    طبقة غير الألمان، وهذه تُحْرَم كل الحقوق السياسية، ويجب إبادتهم عن طريق تعمقيمهم بحيث لا يتوالدون، وذلك لتأمين الدولة، وضمان استمرار المدنية الألمانية.

وقد وصف أحد أصحاب النظرية الهتلرية الجنسية، ويدعي «ف. ك. جنتر» F. k. Giintber الجنس الألبي، فقال: «إنه من الناحية النفسية مُهَيَّأٌ لأن يكون صاحب كوخ وحديقة صغيرة، ذو عقل مشوش التفكير» «وإن المرأة الألبية ستتحول إلى مخلوق ضئيل، ذابل، يشيخ وسط عالم متدهور ضيق الأفق» ويمضي هذا الكاتب في اتهامه للألبيين، فيقول: «إنهم من صغار المجرمين، وصغار المحتالين، ولصوص أذلاء، وفاسدون جنسيًا» أما الجنس النوردي فهم «أقدر على الجرائم النبيلة»، وعلى أية حال فهناك من المتعصبين لنظرية الجنس من هم أكثر وحشية وضراوة من جنتر، فقد ذكر جاوخ Gauch في كتابه أسس جديدة لمباحث الأجناس Nene Grundlagen der Rassen Forschung عام ١٩٣٣، أن الاختلافات التشريحية، والهستولوجية (الشعر والعظام والأسنان والجلد) بين الإنسان، والحيوان أقل مما هي عليه بين الجنس النوردي وبقية أجناس العالم. فالنورديون وحدهم هم الذين يمتلكون القدرة على الحديث بلهجة صحيحة، وهم وحدهم القادرون على الوقوف في الوضع الصحيح … إلخ. ويختتم جاوخ كلامه داعيًا إلى إقامة خط فاصل بين النورديين وعالم الحيوان. ويضم عالم الحيوان — في نظر جاوخ — بقية أجناس البشر.

وقد كتب هتلر نفسه في كتابه «كفاحي» (١٩٢٥) في مسألة تفوق الألمان، فقال: «إنه من الواضح بشكل مثير، من أدلة التاريخ، أنه حين يختلط دم الآري بدماء غيره من الشعوب المنحطة فإن النتيجة كانت بلا نزاع دمارًا على الأجناس المتحضرة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية — حيث توجد غالبيةٌ كبرى من الشعب أصلها ألماني لم يحدث داخلها إلا اختلاط ضئيل مع عناصر أُخرى منحطة تنتهي إلى الأجناس الملونة — نجد السكان والمدنية على النقيض ما نجده في أمريكا الوسطى والجنوبية، وذلك يرجع إلى أن الأغلب الأعمَّ من المهاجرين قد اختلطوا بالأهالي الأصليين …» وفي موضع آخر من نفس الكتاب يقول هتلر: «إن الألماني الذي حافظ على نقاوته الجنسية من الاختلاط قد أصبح سيد القارة الأمريكية، وسيظل دائمًا سيدها ما لم يَرِدْ بنفسه موارد التهلكة بأن يختلط بغيره من الدماء»، وبعبارة أخرى، وحسب نظرية الجنس الألمانية، فإن سكان أمريكا اللاتينية مُساقون حتمًا إلى تدهور بيولوجي لا خلاص منه، ومن ثم فسيعيشون دومًا تحت حكم الآريين، أو الجنس الألماني، وإزاء هذه الآراء لا أرى ما يوجب التعليق.

وقد سبق أن ناقشنا في الفصل السابق أن الفاشية الإيطالية لم تقتصر فقط على إعلانها مناهضة السامية، وعداوة اليهودية، بل أعلنت أن العنصرية النوردية هي أساس الوحدة القومية، وأساس التحالف السياسي، والاقتصادي مع النازية.

ولا تخلو أمريكا من وجود نظريات عنصرية فيها، ولا كُتَّاب متعصبين مثل ماديسون جرانت Madison Grant في كتابه نهاية الجنس العظيم Passing at the Great Race عام ١٩١٦، وكلنتون ستودارد Clinton B. Stoddard في كتابه «تراث أمريكا الجنسي American’s Race Heritage» سنة ١٩٢٢، ولوثروب ستودارد Lothrop Stoddard في كتابه «الثورة ضد المدنية The Revolt against Civilization»، وكتابه تهديد الرجل المنحط The Menace of the Under man سنة ١٩٢٢. وفي الكتاب الأخير يدعو الكاتب إلى غرس تنمية مستوى «التفوق النوردي» في عبارات كالعبارات الآتية: «إن نسبة الدم النوردي في كل أُمَّة لَهُوَ مقياسٌ صادق لقوتها في الحرب، ومكانتها في المدنية»، «لقد تضاءل النصر النوردي في فرنسا، ومعه تضاءلت قوة فرنسا»، «إن خرافات الإسبان، وقلة ذكائهم في الوقت الحاضر هو نتيجة لاحتلال الأجناس الألبية، والبحر المتوسط محل الجنس النوردي …»

النوع «الأنجلوساكسوني» المزعوم

إن وحدة الصفات الجسدية المزعومة للجنس الأنجلوساكسوني شيء يمكن تنفيذه على الفور، فإذا كان سكان أمريكا الشمالية سلالة مباشرة لما يسمى الآباء الحجاج Pilgrim Fathers، وإذا كان في الإمكان القول بأن إنجلترا في ذلك الوقت كانت تتألف من عنصر أنجلوساكسوني فقط لَأَمْكَنَ إيجادُ أساس لنقاوة هذا الجنس. فقد قيل: إن «الغزاة التيوتون قد أبادوا السكان الأصليين لإنجلترا عن آخرهم في مذبحة عامة عظيمة»، ورغم ذلك فالحقيقةُ الواقعة أن الغزاة التيوتون لم يكونوا أكثر من عنصر جديد أُضيف إلى الخليط الكبير من الأجناس التي كانت تسكن الجزائر البريطانية، وهؤلاء التيوتون كانوا في الوقت ذاته أَبْعَدَ من أن يكونوا عنصرًا متجانسًا من الناحية الجسدية.
وفيما يختص بالولايات المتحدة الأمريكية فإنه ليس ثَمَّة شك في أن المستوطنين الأصليين في مقطاعات نيوإنجلند كانوا من طبقات مختلفة من المجتمع الإنجليزي، وبالتالي فإن هؤلاء المستوطنين كانوا يمثلون اختلافات جنسية كبيرة فيما بينهم، ويتضح من قياسات القامة، والنسبة الرأسية أن هناك اختلافات كثيرة بين الشعب الإنجليزي، وقد أثبت بارسون Parson عام ١٩٢٠، بمنهجه الإحصائي أنه بينما لا تزيد نسبة الارتباط بين العيون السوداء والشعر الأسود أو البُني عن ٢٥ في المائة، فإن نسبة العيون الفاتحة اللون وارتباطها بالشعر الأشقر لم تزد عن ٢٠ في المائة، وأن أكثر المظاهر ارتباطًا ببعض هي العيون الفاتحة والشعر الداكن، مع وجود أفراد ذوي شعر أشقر وعيونٍ داكنة. والحقيقة أنه لا يوجد دليلٌ يُمكن العثور عليه في بريطانيا — وبالتالي في الولايات المتحدة — يؤيد ويبرر وجود الجنس الأنجلوساكسوني في أَيٍّ من الدولتين.

النظرية الكلتية CELTICISM

إن الكلتية ليست إلا نوعًا من أنواع النظرية الآرية، وهي إحدى ثمرات النزعات الوطنية المتطرفة، تطورت في فرنسا بعد الحرب السبعينية (١٨٧٠)، وتؤكد هذه النظرية أن الجنس الكلتي وحده هو الذي يقطن فرنسا. ويُعزى إلى هذا الجنس صفات جسدية، ونفسية تجعل منه جنسًا «متفوقًا» عن بقية الأجناس البيضاء. ففي الوقت الذي عزا فيه جوبينو، ولابوج، وأمون وتشامبرلين، وفالتمان، وغيرهم عبقرية فرنسا الخالقة إلى العنصر الآري، أو التيوتوني، نادت الكلتية بأدلة أخرى على «تفوق الكلت الجنسي.»

وقد كتب كاترفاج A. de Quatrefages في كتابه «الجنس البروسي La Race Prussienne» عام ١٨٧٢ ما يؤيد أن البروسيين انحدروا من سلالة تختلف تمامًا عن السلالة التي انحدر منها الفرنسيون. واختتم فقال: «لا يوجد هناك ما يمكن أن يُوصف بأنه آري عند البروسيين»، وفي سنة ١٨٧١ أكد بروكا Broca أن فرنسا كانت أُمَّة من الغال (ألبيين) ذوي الرءُوس العريضة، وأن هذا العنصر متفوقٌ على الألمان (النورديين) ذوي الرءُوس الطويلة. وكان إيزاك تيلر Isaac Tylor عالمًا آخر أكد أن الكلتيين كانوا جنسًا طويلَ القامة عريض الرأس، وأنهم كانوا يمثلون العنصر الآري وحدهم، وذلك في كتابه «أصل الآريين The Origin of the Aryans» عام ١٨٩٠م.
إن غموض المصطلحات المستعمَلة، والخلط، والارتباك فيما يختص بالصفات الجسدية قد زاد بدرجة أكبر حينما قامت محاولةٌ لتحديد اصطلاحَيْ «كلت»، و«غال»، فقد تحدث فيدني Joseph Wideny سنة ١٩٠٧ عن نوعين من الكلت؛ الأول طويل القامة، أشقر، طويل الرأس (مثل الأسكتلنديين الذين يسكنون الجبال، وسكان أيرلندا الشمالية)، والثاني قصير القامة، داكن البشرة، عريض الرأس (مثل سكان أيرلندا الجنوبية)، وهو يَعتقد أن العنصر الأول هو الكلتي الأصلي، بينما الثاني سلالةُ عنصر آخر قديم مغلوب على أمره، اتخذ فقط اللغة الكلتية. ورغمًا عن كل هذا فإن الكاتب يستمر في كتابته فيقول: «إن الكلتي لم يحافظ مطلقًا على نقاوة دمائه»، «إن نزعة الكلتي الدائمة إلى الاختلاط قد انتهت بتحطيم جنسه»، ويزعم فيدني أن الكلتي الأشقر ذا الرأس الطويل هو العنصر السائد في فرنسا، وفي فرنسا، على أية حال، هناك ميلٌ إلى الخلط في التعريف بين الكلتي والألبي ذي الرأس العريض والقامة المتوسطة والبشرة المتوسطة بين الأشقر والداكن.

وقد اعتبرتْ بعضُ مذاهب الفكر في فرنسا أن سكان الدولة هم الكلت، واعتقدت مذاهبُ أُخرى أنهم من الغال، ولا يوجد اتفاق بين علماء فرنسا على من هو الجنس الذي سكن فرنسا، ولا ما إذا كان كِلا الجنسين في الحقيقة جنسًا واحدًا، ومن ثم فإن بعض الباحثين يقولون: إن الاصطلاح «كلت» ليس إلا عبارة عن اصطلاح تاريخيٍّ لا قيمة له علميًّا، قد استُعمل لتحديد سُكَّانٍ كانوا يتكلمون لغاتٍ متقاربةً، ولهم صفات جسدية مختلفة فيما بينهم اختلافًا كبيرًا يبدأ من القصير القامة الداكن البشرة عريض الرأس، إلى متوسطي الرءُوس طويلي القامة نسبيًّا، وينتهي إلى الطويل القامة الأشقر ذي الرأس الطويل، ومع ذلك فإن كل هذه الملاحظات الصحيحة ليس لها أثر يُذكر على العقلية، والكفاءة الذهنية التي يتضمنها معنى النظرية العنصرية.

ومهما كان شكلُ النوع الكلتي فإنه لا مِرَاء في أنه بين سنة ٢٠٠٠ق.م (نهاية العصر الحجري الحديث في فرنسا)، وبين هجرات التيوتون في القرن الخامس الميلادي لم يكن يُعرف إلا النزر اليسير عما كان يحدث في أُوربا الغربية. ويكاد يبدو من المحقق أنه كانت هناك سلسلةُ من هجرات العنصر الألبي ذي الرأس العريض، أو هجرات كانت فيها نسبةُ هذا الجنس كبيرةً، وكما كانت ألمانيا وإيطاليا كذلك كانت فرنسا نقطةَ التقاء للأجناس الأُوربية الثلاثة الرئيسية، إلى جانب أية مجموعة باقية من الأجناس القديمة التي كانت تعيش في العصور الحجرية القديمة، والأجناس الثلاثة هي:
  • (١)

    جنس البحر المتوسط كان يمثل السكان الأصليين في جنوب فرنسا، حيث لا تزال له السيادة العددية.

  • (٢)

    الجنس الألبي الذي زحف إلى الشمال الغربي، ويكوِّن الآن الجنس السائد في مقاطعات سافوي وأوڨرن وبريتاني.

  • (٣)

    الأجناس البلطية (النورمان والتيوتون والساكسون والفرانك والبورجانديين)، وكلهم كانوا من أصول كثيرة الاختلاط، وانتشروا في فرنسا من الشمال إلى الجنوب، وأعطى أحدهم اسمه (الفرانك) للأقليم (فأصبح يسمى فرنسا)، وحتى الآن فإن العنصر «الجرماني» ما زال سائدًا في مناطق واسعة في شمال فرنسا.

وختامًا، فإننا إذا أخذنا في الاعتبار شكل الجمجمة، ولون العين، والشعر، والبشرة، وطول القامة؛ فإنه يصبح واضحًا أن سكان فرنسا من الناحية الجسدية كان، وما زال، شديد التنوع في صفاته بشكل مدهش.

نقد ورفض هذه النظريات

إن الخطأ الجوهري في نظريات الآرية، أو النوردية، أو أيِّ شكل آخرَ من الأشكال التي اتخذتْها هو ذلك الخلط بين الأفكار، والآراء، وهو على شيوعه وانتشاره بعيدٌ كل البعد عن الصفة العلمية؛ فإن اصطلاح «الجنس» يُستعمل دون أَيِّ اكتراثٍ كاصطلاحٍ مُعادل للفظ «اللغة»، و«الأمة».

وقد سبقت الإشارةُ إلى أن اصطلاح «الجنس» له مدلولٌ بيولوجي بحت، ورغمًا عن ذلك فإن عبارة «الجنس اللاتيني»، و«الجنس السلافي»، و«الجنس الألماني»، وبخاصة «الجنس الآري» تُستعمل على الإطلاق، ويترتب على شيوع استعمالها على هذا النحو أن يقع الناس في خطأ جسيم؛ إذ يعدون كل مجموعة إنسانية متفقة في اللغة متفقة أيضًا في الصفات الأنثروبولوجية. وفي عام ١٩٠٠ كتب هافيت Havet: «أن اللغة، والجنس مفهومان مختلفان اختلافًا تامًّا، ويجب ألا يُستعمل أي مصطلح أنثروبولوجي في مناقشة المسائل المتعلقة باللغة، وكذلك يجب تجنُّب المصطلحات الخاصة بالمباحث اللغوية أثناء الدراسات الأنثروبولوجية.
وقد أنكر ماكس مويلر Max Müller، الذي كان من أول من استخدم — في عام ١٨٦١ — لفظ الجنس الآري، أَيَّ معنًى بيولوجي لهذا اللفظ، وأكد مراتٍ عديدةً أن مقومات هذا الجنس الآري ليست إلا مقومات لغوية فقط. وقد كتب مويلر في ذلك المعنى فقال: «مِن رأيي أن أي عالم إثنولوجي يتكلم عن الجنس الآري، أو الدم الآري، والعيون الآرية، والشعر الآري يخطئ تمامًا كما يخطئ عالم اللغة الذي يتكلم عن قاموس هندي طويل الرأس، أو عريض الرأس.» ومع ذلك فقد شاع استعمال اصطلاح «الجنس الآري» شيوعًا عظيمًا، لدرجة أنه لم يكن لتحفظات مويلر نفسه، ولا لآراء هافت، أيُّ أثر عملي يكبح جماح الفكرة.

وحقيقة أن هناك مجموعة، أو أسرة من اللغات المتقاربة تسمى مجموعة اللغات «الهندو-أوربية»، أو «الآرية»، واللغة تنتشر وتنقل من شعب إلى آخر بواسطة عوامل الهجرة، أو الغزو، أو التبادل التجاري، دون أن يعني ذلك الانتشارُ اللغويُّ ضرورةَ انتماء من يتكلمون بها إلى أصل بيولوجي واحد، أي: دون أن يُشترط أن يكونوا من جنس بيولوجي واحد.

وأحسن الأمثلة على هذا القول هو ما نجده في الولايات المتحدة الأمريكية، فسكان هذه الدولة يبلغون حوالي ١٥٠ مليون نسمة، وهم لم يتكونوا من جنس واحد، بل ساهم في تكوينهم جمعٌ عديدٌ من الأجناس من مختلف بيئات العالم. وعلى الرغم من أن الأصول الرئيسية لهؤلاء السكان تتراوح بين العنصر النوردي الطويل القامة الطويل الرأس الأشقر، وعناصر شرق أُوربا القصار القامة ذوي الرءُوس العريضة نوعًا، والشعر الأشقر، إلى ذوي الرءُوس الطويلة، والبشرة السمراء، والقامة الطويلة من سكان البحر المتوسط والمحيط الأطلسي فإن كل السكان يتكلمون اللغة الإنجليزية. وبعبارة أُخرى: في الولايات المتحدة الأمريكية عددٌ من العناصر ذات الصفات الجسدية المختلفة تتكلم كلها لغةً موجودة، هذا إذا لم نأخذ في الاعتبار أولئك الذين يتكلمون الإنجليزية من الزنوج والهنود الحمر والصينيين.

وبعبارة أُخرى يمكن القول: إن أُمَّةً واحدة قد تتكون من أكثر من جنس واحد، كما نجد العكس بحيث تتفرق مجموعةٌ بيولوجية واحدةٌ متشابهة إلى عدة أُمَم. فسكان أمريكا الشمالية يُشابهون سكان الدانمارك والسويد أكثر من تشابههم مع سكان جنوب ألمانيا. وسكان جنوب ألمانيا يتشابهون جنسيًّا مع بعض سكان فرنسا، وتشيكوسلوفاكيا، ويوجوسلافيا. فكيف يمكن إذن الكلام عن «الجنس الألماني»، أو «الجنس الآري»، أو «الجنس الأنجلو-ساكسوني؟» إن التعميمات التي حدثت عن الجنس الآري، وتفوقه مبنية أساسًا على مقدمات تفتقر إلى كل المقومات الموضوعية. وبذلك فهي مخطئةٌ، ومتناقضةٌ، وغيرُ علمية.

إن عدم التناسُب يزداد ضخامة إذا عالجنا الموضوع من ناحية الصفات الجسدية، فقد قامت أبحاثٌ عن تكوين الجماجم وغيرها من الصفات الجسدية للأفراد أو المجموعات، التي زعموا أنها تمثِّل — بحق — الآريين، والتيوتون، والأنجلوساكسون، والكلتيين.

ودلت النتائجُ على اختلافات كبيرة، سواء في الأزمنة القديمة، أو الأزمنة الحالية.

ومن الحقائق الثابتة أن أُوربا كانت تسكنها جماعاتٌ عريضةُ الرأس، وأُخرى طويلة الرأس منذ أقدم العصور. وقد وضح من أبحاث فون هولدر Von Holder، ليساور Lissauer، فيرخوف Virchow فيما بين ١٨٧٠ و١٨٨٠ أن السكان القُدامى لإقليم البحر البلطي كانوا غير متجانسين جنسيًّا. وكانت بينهم نسبةٌ كبيرةٌ من عريضي الرءُوس، وفي عام ١٨٨٩ أكد فيرخوف «أن الآري المثالي الذي زعموا وجوده لم يُكتشف حتى الآن»، وذهب إلى أبعد من ذلك فقال: «إنَّ عراض الرءُوس كانوا أرقى من طوال الرءُوس» ورغم ذلك فلم يكن هذا كافيًا لوقف تيار الاعتقاد بتفوُّق «الشُّقر طوال الرءُوس» الذي كان قد تَأَصَّلَ تأصلًا عميقًا في مخيلة المعتقدات العامة.

وعلى أَيِّ الحالات، فقد جاءت اللحظة التي بدأ فيها أصحاب أسطورة الجنس الآري يحسون بالتدريج أن هذا الجنس الذي أَضْفَوا عليه صفات التفوق والقوة، والسلالات الأخرى غير الآرية المنحطة؛ كل هذا لم يكن له وجودٌ إلا في أوهامهم.

وقد اعترف أمون نفسه بأنه لم يقابل مطلقًا ألبيًّا عريض الرأس من النوع المثالى النقي، فقال: «إن بعضهم عراض الرءُوس شقر البشرة، وبعضهم طوال القامة، وبعضهم تتمثل فيهم الأنف الطويلة الضيقة، أو تتمثل فيهم صفاتٌ ما كان ينبغي أن تكون لهم.»

غير أن التناقض في هذا الصدد بلغ أقصاه عند تشامبرلين الذي وصف العنصر التيوتوني الأشقر ثم انتهى الأمر إلى أن أنكر كل القيم الخاصة بعلم المقاييس الأنثروبولوجية Anthropometry؛ لأنها لا تساعده على تأكيد صفة التفوُّق في جنسه التيوتوني، ثم اعترف بأنه «لم يكن كل التيوتونيين القُدامى عمالقة طوال الرءُوس (ولكن) أي اختبار تجريبي لهؤلاء التيوتون يُظهر لنا أنهم جميعًا كانت تظهر فيهم الصفات الخاصة التي تَبرز في الشعب الألماني من الناحيتين الجسدية، والذهنية.»

ثم يقول مؤكدًا أن هذا الفهم الذاتي «يعلمنا أكثر مما قد نتعلمه في مؤتمر أنثروبولوجي.»

وفي إحدى المرات نرى تشامبرلين يتساءل: «ماذا كان شكل هذا الإنسان الآري حقًا؟» ثم يقول: إنه لا الفلسفة، ولا الأنثروبولوجيا، ولا الإثنولوجيا قادرةٌ على إعطائنا وصفًا دقيقًا للشعب الآري. ويعود إلى تساؤله مرة أُخرى: «ما الذي سيُقال عن الآريين في سنة ١٩٥٠م؟»

ولم يتردد تشامبرلين في القول بأن «ملامح دانتي النبيلة حُجَّةٌ قاطعةٌ بأن أصله تيوتوني» (وذلك برغم أن فولتمان — كما سبق القول — كان قد قال: إن دانتي نتيجة الهجنة، واختلاط الدم)، كذلك أضفى على مارتن لوثر Luther صفة التيوتونية، وذلك رغمًا عن أن ملامحه مغايرة لملامح دانتي، (لوثر كان طويل الرأس، وكان دانتي عريض الرأس)، ولكن ذلك لم يمنع تشامبرلين من القول: «بأن دانتي ولوثر كانا يمثلان نوعين متطرفين من الملامح النبيلة لعباقرة الجنس الألماني»، ويختتم تشامبرلين حديثه بجملة بَرَّاقة لامعة: «إن الذي يُمكنه أن يثبت أنه ألماني بأعماله سيكون ألمانيًا مهما كان أصله.»
ونظرًا لعدم التجانُس الملحوظ في الجنس المزعوم «النوردي» أو «الآري» (وربما كان من أحسن الأمثلة على الفرد الذي تتمثل فيه الصفات النوردية المثالية، هو أن يكون طويلًا مثل جوبلز، وأشقر مثل هتلر، ونحيفًا مثل جيرنج) فقد غضت النظرية النازية الطرف عن أَيِّ ادِّعاء بيولوجي كدعامةٍ لتبرير مذهبها الإمبريالي الذي يقوم على أساس إخضاع الشعوب الأُخرى من الناحية الاقتصادية، واتجهت النازية، بدل الادعاءات البيولوجية، إلى القول: «بأن في إمكان الروح النوردية أن ترتبط بجسد غير نوردي»، وأن «النوردي يُمكن معرفته والتعرف عليه بأعماله، وليس لطول أنفه، أو لون عينيه». وقد وردت هذه الأقوال في مجلة المراسلات الوطنية الاشتراكية، يونيو ١٩٣٦ Nationalsozialistiche Korrespondenz.

والنتيجة الواضحة لهذا أن النظرية العصرية — بناء على ما جاء في الكلام السابق — لا تستند إلى المقاييس الطبيعية الجسدية، إلا كستار من الدخان، وللتمويه ليس إلا، ثم تُنَحِّي جانبًا هذه المقاييس إذا ما أصبحت عديمة الجدوى بسبب أي ظروف من الظروف.

ويقال عندئذ: «إن التمييز بين الأجناس الإنسانية ليس شيئًا علميًّا، بل يجيء بالإدراك مباشرة؛ لأننا نُميز بطريقة عاطفية الاختلافات بين المجموعات الإنسانية التي نسميها الأجناس»، ويرى الدكتور جروس Dr. Gross سنة ١٩٣٤ «أن السياسة لا تستطيع الانتظار حتى يقدم العلم لها نظرية جنسية، إن على السياسة أن تسبق العلم بما لها من قدرة ذاتية على فهم الحقيقة الأساسية عن اختلاف دماء الشعوب، وما يترتب على ذلك منطقيًّا من حيث مبدأ تسلطن الأكثر موهبة وكفاية.»

وهكذا نرى بوضوح أن أصل النظرية العنصرية سياسي، وليس علميًّا، إنها سلاح يستعمله الفريقان المتعاديان لتبرير قتال بعضهم، وذلك على الرغم من أن هؤلاء الأعداء ربما كانوا متشابهين من ناحية التركيب الجنسي، كما هي سلاح يستعمله المتحالفون لكي يكشفوا فيما بينهم عن «أُخوَّة جنسية»، حتى ولو كان واضحًا أنهم ينتمون إلى أجناس مختلفة. وعلى سبيل المثال نذكر أن من المنطق أن يعد الآريون اليابانيين شعبًا منحطًّا، مكونًا من جنس دون الجنس الإنساني على أساس اختلاف لونهم عن الآريين. ولكن ذلك لم يمنع عقد محالفات سياسية مع اليابان، وكان تفسيرُ عقد هذه المحالفات أن شعب الآنيو الأبيض في اليابان قد تَزاوج واختلط كثيرًا بالجنس الأصفر، ومن ثم جاء اليابانيون الحاليون نتيجة هذا الاختلاط. وهؤلاء اليابانيون اليوم، رغم أنهم يمثلون أحد العناصر الصفراء «إلا أنهم يمتلكون كل الصفات الخلقية والعقلية التي للآريين، بل للشعوب النوردية.»

وبناء على مثل هذه النظرية استطاع ألفريد روزنبرج Rosenberg عام ١٩٣٥ أن يعلن رسميًّا أنه «يمكن الاعتماد على القادة اليابانيين من الناحية البيولوجية تمامًا كما لو كانوا من الألمان.»
ولقد أصابتْ الدكتورة روث بنديكت Ruth Benedict حينما قالت: «إنه ليس هناك تحريفٌ أو تشويهٌ للحقائق الأنثروبولوجية أسخف من أن تستخدمه الدعاية السياسية، تؤيدها القوة وتساندها معسكرات الاعتقال.»
١  كلمة فرنسي هنا تعني: أنه ربما كان عريضَ أو طويلَ الرأس فالفرنسيون خليطٌ يتضح فيهم عرض الرأس وطوله. (المترجم)
٢  الڨاندال Vandal قبائل ألمانية هاجرت إلى جنوب فرنسا وإسبانيا وشمال إفريقيا قبل دخول المسيحية روما. (المترجم)
٣  الفقراء غالبًا لا يواصلون الدراسة إلا في حالات نادرة. (المترجم)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤