لغز الباب!

ساد الصمت لحظات بين المغامرين الخمسة … وعاد «تختخ» يسأل «لوزة»: إذا لم يضايقك إعادة التفاصيل مرة أخرى، فإنني أريد أن أتابع ما حدث لحظة بلحظة!

لوزة: تعرف طبعًا أنَّ «هشام» يجيء إلينا في هذا الموعد تقريبًا كل يوم … وأنَّنا نتصل بكم جميعًا لتحضروا الأمسية كالمعتاد.

وصمتت «لوزة» لحظات ثم مضَت تقول: اليوم … وفي الموعد نفسه تقريبًا، أي حوالي السابعة والنصف سمعنا دقات جرس الباب … ولم يكن في الفيلا مَن يفتح له … فنزلت بعد حديث خاطف مع «عاطف» وأسرعت إلى الباب.

تختخ: هل نظرت إلى ساعتك؟

لوزة: نعم، كانت السابعة والنصف.

تختخ: حسنًا … استمري!

لوزة: نزلت ففتحت الباب …

تختخ: كم من الوقت تستغرقين في النزول على السلَّم … ثم المرور بالصالة حتى تَصِلي إلى الباب؟

لوزة: ربما دقيقتين أو ثلاث!

تختخ: ولكن ساعة «هشام» تُشير إلى السابعة وأربعين دقيقة … هناك ثماني أو سبع دقائق ناقصة!

لوزة: نعم … معك حق … فعندما كنت أنزل بسرعة انزلقتُ على السلم … ووقعَت فردة الحذاء وبحثت عنها سريعًا.

تختخ: في كم دقيقة؟

لوزة: ربما في دقيقتين!

تختخ: ما تزال هناك فجوة زمنية!

لوزة: ما معنى فجوة زمنية؟

تختخ: أقصد أنَّ العشر دقائق بين السابعة والنصف والسابعة وأربعين دقيقة ما تزال ناقصة!

لوزة: تذكرت الآن … لقد غاب عن ذهني تمامًا هذا الموضوع … فعندما كنت أعبر الصالة إلى الباب سمعت جرس التليفون … وترددت لحظات في الرد عليه … ولكني خشيت أن يكون أبي أو أمي على التليفون … خشيت أن يظنَّا أنَّنا لسنا في الفيلا … وأسرعتُ للرد على التليفون …

تختخ: مَن كان المتحدث؟

لوزة: شخص يُدعى «علي فؤاد» طلب الحديث إلى أبي فلمَّا أخبرتُه أنَّه غير موجود سألني أين يكون … فقلت له إنَّني أظن أنَّه في نادي السيارات لأنَّه مدعوٌّ للعشاء هناك مع أمي!

تختخ: هل سأل أسئلة أخرى؟

لوزة: نعم … سألني عن رقم تليفون نادي السيارات، وقد اضطررت للبحث عن الرقم في الأجندة حتى عثرت عليه … وعندما عُدت إلى التليفون لأردَّ على السائل كان قد أغلق التليفون!

نوسة: المسألة واضحة!

لوزة: ما هي المسألة؟

نوسة: إنَّهم كانوا يعطِّلونك عن فتح الباب حتى يتمَّ اختطاف «هشام»!

تختخ: استنتاج صحيح يا «نوسة»!

صمتَت «لوزة»، وبدَا عليها الارتباك … ولكن «تختخ» أسرع يقول: لم يكن في إمكانك يا «لوزة» أن تُدركي ماذا حدث؟! ومن الواضح أنَّ المختطفين يعرفون كل شيء عن «هشام» وعنَّا جميعًا!

لوزة: ولكن … يا لَلقسوة … لماذا يخطفون ولدًا ضريرًا مثل «هشام»؟ ومَن هم المختطفون يا تُرى؟!

تختخ: هذا ما سنحاول معرفته … إنَّه لغز وصلنا حتى الباب!

ساد الصمتُ لحظاتٍ … وقال «محب»: من الأفضل الاتصال بالمفتش «سامي»!

تختخ: قبل ذلك علينا الذهاب إلى قسم الشرطة والإبلاغ عما حدث … القانون يحتِّم هذا!

نوسة: ليذهب «عاطف» … ولنذهب معه!

قاموا جميعًا، وانطلقوا بدراجاتهم إلى قسم الشرطة، وعندما اقتربوا من المكان لاحظوا وجود عدد كبير من الناس حول القسم … وقال «عاطف»: إنَّ الشاويش «علي» مشغول … ماذا نفعل؟

تختخ: من الخطأ الانتظار … سأدخل معك!

نوسة: لقد نسينا أنه يجب الاتصال بأسرة «هشام» وإبلاغها بما حدث!

تختخ: إنَّني لم أنسَ ذلك لحظة واحدة … فهذا أول ما يجب عمله، ولكني أُفضِّل أن نقوم بعمل محضر في القسم بما حدث حتى نكون قد قمنا بالواجب … ولنفكر في طريقة نُخبرهم بها متوخين الحرص؛ لأنَّ هذا الموضوع سوف يُسبب لهم قلقًا فظيعًا!

دخل «عاطف» إلى القسم … وكانت هناك شبه مظاهرة من الرجال والنساء … وأصوات عالية ومتداخلة … ولكنه استطاع أن يتبين صوت الشاويش «علي» الخشن وهو يطلب من الجميع الصمت.

ووقف «عاطف» يستمع إلى ما يحدث … كان واضحًا أنها «خناقة» بين عدد من المواطنين … ثم بدأ الشاويش يتحدث إليهم واحدًا واحدًا … واتضح أنَّ صاحب أحد المنازل يريد إخلاءَه من السكان لأنَّه آيل للسقوط … والسكان لا يريدون الخروج من المنزل، ويطلبون من الشاويش «علي» الخروج معهم لمعاينة المنزل.

أدرك «عاطف» أنَّه لن يستطيع الحديث مع الشاويش، فخرج من طابور الواقفين ليعود إلى المغامرين، ولكن الشاويش «علي» لمحه، فصاح: أنت هناك!

التفت «عاطف» إلى مصدر الصوت وصاح الشاويش: أنت؟ أنت؟ هل أنت من سكان المنزل؟!

عاطف: لا!

الشاويش: إذن ماذا تفعل هنا؟

عاطف: لقد جئت للإبلاغ عن حادث اختطاف!

احمرَّ وجه الشاويش … وارتعش شاربه، ودقَّ بيده على المكتب قائلًا: اختطاف … اختطاف … قصة وهمية كالعادة لإضاعة وقتي والسخرية مني.

عاطف: يا شاويش «علي» … القصة ليست وهمية.

الشاويش بعصبية: قلت لك وهمية … يا عسكري «بريقع» اقبض عليه بتهمة البلاغ الكاذب!

ظهر جندي ضخم الجثة كالفيل … واتجه إلى «عاطف»، ولكنَّ «عاطف» كان أسرع منه فانفلت من بين الموجودين وانطلق جاريًا … والعسكري يجري خلفه وهو يصيح: أنت يا ولد … واقعتك سوداء!

ولكن «عاطف» لم يضيِّع وقتًا، انطلق كالسهم خارجًا وخلفه العسكري «بريقع» لا يستطيع اللحاق به … وفوجئ المغامرون بالمشهد … وكان «عاطف» قد سبق الشاويش بمسافة طويلة، فصاح بهم: إلى الدراجات!

وأعدُّوا دراجته، فقفز إليها، وانطلق الخمسة مسرعين مبتعدين عن قسم الشرطة، متجهين إلى الكورنيش، و«تختخ» و«لوزة» و«نوسة» و«عاطف» لا يعرفون ماذا حدث، ولماذا يطارد الجنديُّ زميلَهم «عاطف»!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤