تجربة ١٧: لمزيد من الإثارة

شاهدتُ رجلًا يزِن مائتي رطل يجلس على مكتبه وهو يتسلَّم إحدى البرقيات … أعطى الرجلُ الصبيَّ خمسة سنتات، ثم فتح الظرف وقرأ البرقية. صاح الرجل بعدها قائلًا: «يا إلهي!» قفز ليلتقط قبعته ومعطفه وركض نحو المصعد، ثم استقل سيارة أجرة إلى محطة القطار … لقد كان أشبهَ بمجموعة من البلَّورات المرصوصة في أنبوبة الكيميائي ومقدار قليل جدًّا من الملح … أنا أعرف صانع أحذية يعمل في بدرو، وكان هذا الرجل يركب نصف نعل في الحذاء، وعندما سألته عن ذلك أجابني قائلًا: «أنا أدفع فواتيري، وأحب زوجتي، ولا أخشى أحدًا.»

كارل ساندبرج، «الدخان والفولاذ»، ١٩٢٢

وثب سايم على قدَمَيه، وارتدَّ قليلًا للوراء مثلما يرتد مُحاضِر الكيمياء لدى إجرائه انفجارًا ناجحًا.

جيه كيه تشسترتون في «الرجل الذي كان يوم الخميس»، ١٩٠٨

يُؤثِّر عاملان رئيسان على معدل التفاعل الكيميائي — علم حركة التفاعلات الكيميائية — وهما التركيز ودرجة الحرارة. ويُمكن توضيح كِلَيهما بسهولة ويُسر باستخدام موادَّ من «قائمة المشتريات والمحاليل».

لإجراء التجرِبة الأولى، ارتدِ نظارة الأمان الواقيةَ وصُب مباشرة نصف كوب (١٢٠ مليلترًا) من مادة التبييض المنزلية في كوبَين صغيرَين شفافَين. وكن حذرًا من أن تنشر رذاذ المادة المبيضة، صبَّها بالطريقة نفسِها التي تصبها بها عند الغسيل، وقد تحتاج إلى ارتداء قفَّاز لحماية يدَيك. ضع كِلا الكوبَين على فرخ ورق أبيض حتى يُمكنك أن تُلاحظ اللون بسهولة. تأكد من وجود ساعة إيقاف أو ساعة حائط في مكان ذي رؤية مناسبة.

أضف قطرتَين من دليل الميثيل الأحمر (الموجود في عُبُوَّة اختبار قاعدية مياه حمام السباحة) للكوب الأول. بعدما أضفتَ نقطتَين إلى الكوب الأول، أضف بعدها مباشرة إلى الكوب الثاني أربع قطرات. قلِّب كلا الكوبَين برِفق للتأكُّد من حدوث امتزاج. ضع كلا الكوبَين على فرخ الورق الأبيض، ثم دوِّن على الورقة الوقت الذي أُضيفت عنده القطرات في كلا الكوبَين. نجد أن اللون الأحمر الموجود في كلا الكوبَين يتلاشى تدريجيًّا في وقت يتراوح بين خمس وعشر دقائق؛ إذ تُهاجم مادة التبييض جزيئات الصبغة التي تُلون المحاليل. عندما يختفي اللون الأحمر من الكوب الذي يحوي القطرتَين، دوِّن الوقت المستغرق على الورقة ثم عاوِد ملاحظة الكوب الذي يحوي القطرات الأربع، ثم دوِّن أيضًا وقت انتهاء التفاعل. يُمكنك أن تُفرغ كل المحتويات في المرحاض، وتجنب نشر رذاذ مادة التبييض.

يُمكنك أن تُشاهد اللون وهو يزول لأن التفاعلات الكيميائية تستغرق وقتًا لحدوثها؛ فبعض التفاعلات سريع جدًّا والبعض الآخر بطيء جدًّا، لكن جميعها يستغرق وقتًا. وتفاعل مادة التبييض له سرعة معينة حتى إنه يُمكننا أن نُلاحظ عملية التفاعل دون أن ننتظر لسنواتٍ طِوال. وحتمًا لاحظتَ أن الكوب الذي يحوي أربع قطرات من الصبغة يستغرق وقتًا أطولَ حتى يُتمم التفاعل أكثر من الكوب الذي يحوي قطرتَين. غير أنه لا يُشترَط أن الكوب الذي يحوي أربع قطرات يستغرق ضِعف الوقت الذي يستغرقه الكوب الذي يحوي القطرتَين، مع أن مادة التبييض تُهاجم في هذه الحالة كمية مضاعفة من الصبغة. ويتأثر معدل التفاعل بتغير التركيز، لكن لا يحدث عادة هذا التأثير بطريقة مباشرة.

ويُمكن توضيح تأثير درجة الحرارة على معدل التفاعل الكيميائي باستخدام قرصَي فوار مضاد للحموضة، وكوبَين وماء صنبور. ضع في أحد الكوبَين نصف كوب (١٢٠ مليلترًا) ماءً فاترًا من صنبور الماء البارد. وضع في الكوب الآخر الكمية نفسَها من الماء الساخن من صنبور الماء الساخن. ضع قرصًا فوارًا في كل كوب في الوقت نفسِه. نجد أن فعل الفوران يكون أكثرَ حركةً في الكوب الذي يحوي الماء الساخن من الكوب الذي يحوي الماء الفاتر. تعمل درجة الحرارة الأعلى في هذه الحالة بطريقتَين، فهي تدفع المزيد من الفقاعات خارج المحلول (وهذا هو السبب نفسُه الذي يجعلك حذرًا وأنت تفتح علبة مياه غازية دافئة)، كما تَزيد معدل التفاعل لأن الجزيئات ذات درجة الحرارة المرتفعة تتحرك بدرجة أسرع، وأحيانًا يجد بعضُها بعضًا، وعندما يجد بعضها بعضًا تتصادم بطريقة عنيفة. وهذا التأثير وغيره من المبادئ فيما يرتبط بالحركيَّة الكيميائية، هي موضوع مناقشتنا التالية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤