الفصل الأول

عرض موجز لشئون الخلافة وأحوال الخلفاء من عهد القادر إلى عهد المستنصر آخر الخلفاء

وقف بنا الكلام في عرضنا لشئون الخلافة وأحوال الخلفاء في الكتاب الثاني عند نهايته عن الخليفة القادر أبي العباس أحمد، ورأينا أنه كان من أفاضل الخلفاء حسَن الطريقة، وأنه أراد إرجاع مظاهر العزة للخلافة، ولكنه لم يفلح إلا بعض الشيء، فحُييت رسوم الخلافة، ورجع وقار الدولة لطول عهده، ولكن تلك الحياة كانت صحوة الموت كما قلنا.

ولما مات في سنة ٤٢٢ﻫ بُويع ابنه عبد الله جعفر وتلقَّب بالقائم بأمر الله، وكان حسَن الطريقة كأبيه، صالحًا عاقلًا، فاستطاع أن يتم خطوة أبيه، فأمر بالمعروف وعدل في الناس. وكان سلطان العراق في عهده جلال الدولة البويهي، ولم يكن هذا حازمًا، فشغب عليه جنوده، واضطرب أمر السلطنة فاضطرب أمر الخلافة معها تبعًا، وعاث الجنود الفساد في البلاد والقرى، حتى في ممتلكات الخليفة فلم يستطع السلطان أن يمنعهم، وانتشر البدو في البلاد يفسدون وينهبون، فلما مات جلال الدولة تسلطن ابن أخيه أبو كاليجارين سلطان الدولة، ولقَّبه الخليفة بمحيي الدولة (الدين)، ولم تكن حال البلاد في عهده خيرًا من حالها في عهد عمه إلى أن مات، فخلفه ابن خسرو فيروز الملك الرحيم، ولم يكن خيرًا من سلفه إلى أن طرده طغرل بك السلجوقي وقضى على دولة آل بويه، وابتدأت دولة آل سلجوق.

وتفصيل ذلك أن حالة العراق قد ساءت في أواخر عهد خسرو فيروز، حتى إن أبا الحارث أرسلان البساسيري أحد مماليك بهاء الدولة البويهي قد قوي نفوذه وأراد أن يزيل الخلافة العباسية وكاتب الخليفة المستنصر الفاطمي صاحب مصر بذلك، ولما علم الخليفة في بغداد بهذا، كتب إلى طغرل بك يستغيث به، فقدِم هذا على بغداد في محرم سنة ٤٤٧ﻫ وأسر فيروز، أما البساسيري فقد فرَّ وأخذ يجمع جموعه لاسترداد بغداد، فبعث إليه طغرل بك ابن عمه قتلمش فتغلب البساسيري، واضطُر طغرل بك أن يقابله بنفسه، والتقى جمعهما وانهزم البساسيري، وسيطر طغرل بك على الديار الموصلية، ثم رجع إلى بغداد سنة ٤٤٩ﻫ، وقابل الخليفة ففوَّض إليه إدارة البلاد وخلع عليه سبع خِلَع، وتوَّجه وعمَّمه ولقَّبه بملك المشرق والمغرب، فقبَّل يد الخليفة مرتين، وبالغ في احترام الخليفة.

وفي سنة ٤٥٠ﻫ بينما كان السلطان طغرل بك غائبًا عن بغداد، استطاع البساسيري أن يدخلها بجنده ويخطب للمستنصر العلوي، واضطُر القائم إلى الهرب واللجوء إلى مهارش بن مجلي العقيلي في حديثة عانة فأكرم وِفادته. أما البساسيري فإنه تسلَّط على بغداد وسار بالناس سيرة حسنة وامتد نفوذه إلى واسط والبصرة حيث خطب للمصريين أيضًا.

وفي سنة ٤٥١ﻫ توجَّه طغرل بك إلى بغداد فهرب البساسيري منها، وبعث السلطان الإمام أبا بكر أحمد بن محمد المعروف بابن فورك إلى قريش بن بدران يشكره ويستدعي الخليفة، ولما وصل الخليفة إلى النهروان خرج طغرل بك لاستقباله ودخلوا بغداد جميعًا في أواخر سنة ٤٥١ﻫ، وأنفذ السلطان جيشًا لملاحقة البساسيري فأمسك به وقتله شر قتلة، ثم رجع السلطان إلى الري عاصمة ملكه، وأقام فيها نائبًا سمَّاه «الشحنة» بعد أن تزوج السلطان بابنة الخليفة ومات بالري في سنة ٤٥٥ﻫ.

ولما مات خلفه عضد الدولة أبو شجاع ألب أرسلان محمد بن داود بن ميكائيل بن سلجوق، وكان أميرًا حازمًا عاقلًا مدبرًا، استعان بالوزير العظيم نظام الملك الطوسي على إدارة دولته، فصدَّقه نظام الملك في الخدمة وحسنت الدولة في أيامهم، ولما مات ألب أرسلان خلفه جلال الدولة أبو الفتح ملكشاه، ولأوائل حكمه تُوفي الخليفة القائم في ١٣ شعبان سنة ٤٦٧ﻫ.

خلف بعد القائم حفيده أبو القاسم عبد الله بن الذخيرة أبي العباس محمد بن الخليفة القائم ولم يكن للقائم من أعقابه ذكر سواه؛ فإن «الذخيرة» مات أيام أبيه، وكان للذخيرة جارية أرمنية فولدت بعد موت سيدها بستة أشهر غلامًا سمَّاه جده عبد الله وولَّاه عهده وأحسن تربيته ورعايته، فشبَّ قوي النفس، متن الخلق، عظيم الهمة، أحسن إدارة البلاد، ومنع الفتيات المفسدات من البغاء في بغداد، وأشرف على أمور الناس بنفسه، فحسنت الأحوال؛ لأنه كان حسن السيرة، ذا فضلٍ وحزم وعفة وجهاد أيضًا، فتوسعت رقعة البلاد في عهده وامتدت من الصين إلى اليمن، ووضع في النواحي التي افتتحها وخطب للخليفة فيها من بلاد الروم خمسين منبرًا، وامتد سلطانه إلى سمرقند والمشرق، وما ذلك كله إلا لحسن إدارته وبراعة سياسته واستماعه لإرشادات الوزير الصالح العالم نظام الملك، فلما مات ملكشاه وكان له بنون أربعة: بركياروق، ومحمد، وسنجر، ومحمود، وهو طفل، فطلبت أمه من الخليفة أن يسمي ولدها للسلطنة فأجابها، إلا أن جنود نظام الملك سلطنوا بركياروق، وبعثوا إلى الخليفة تقليد السلطنة فمات فجأة والتقليد بين يديه في ١٥ محرم سنة ٤٨٧ﻫ فلم يتم ذلك.

وخلفه ابنه أحمد المستظهر بالله، وكان صالحًا عادلًا حسن الأخلاق طيب السيرة، وكانت أيامه أيام هدوء وسكينة، لولا فساد السلطان بركياروق؛ إذ لم يكن حسن الإدارة، فاختل أمر السلطنة في عهده، وطمع عمه تتش بن ألب أرسلان صاحب دمشق بالسلطنة، وجرت بين الاثنين معارك، إلى أن مات العم، فصفا الجو لبركياروق واستقامت أموره بإدارة وزيره العاقل مؤيد الملك عبد الله بن نظام الملك وكان حازمًا عاقلًا مدبرًا. ولما مات مؤيد الملك عادت الفتن بين بركياروق وأخيه محمد، واتقدت نيران الحرب بين أفراد آل البيت السلجوقي من سنة ٤٩٢ﻫ إلى سنة ٤٩٧ﻫ، وفي هذه الفترة تحرَّك الفرنج لأول مرة مغيرين على المملكة الإسلامية، ثم مات بركياروق سنة ٤٩٨ﻫ فتسلطن أخوه محمد إلى سنة ٥١١ﻫ، ثم تولى ابنه مغيث الدنيا والدين محمود بن محمد بن ملكشاه ولقَّبه الخليفة المستظهر «يمين أمير المؤمنين»، وخطب له ببغداد في ١٣ محرم سنة ٥١٢ﻫ، ولم يلبث الخليفة طويلًا بعد محمد بن ملكشاه حتى مات في ١٦ ربيع الآخر سنة ٥١٢ﻫ. وفي عهد المستظهر حدثت في الدولة أحداث جليلة في الشرق والغرب، أما الشرق فقد ظهرت فيه الباطنية بشكلٍ رهيب، أما في الغرب فقد بدت فيه بوادر الحروب الصليبية.

ولما مات خلفه ابنه المسترشد بالله أبو منصور الفضل في ١٦ ربيع الآخر سنة ٥١٢ﻫ وكان رجلًا فاضلًا، وكان سلطان العراق في عهده هو السلطان محمود بن محمد، وكان السلطان سنجر بن ملكشاه ملك خراسان وما وراء النهر وهو زعيم البيت السلجوقي، فلما مات أخوه محمد طلب من الخطباء أن يذكروا محاسن أخيه في خطبهم ويبينوا أعماله في قتال الباطنية، وكان يُلقَّب بناصر الدين فاستبدله بمعز الدين، وعزم على قصد الجبل والعراق، ووقعت عدة معارك بين السلطان محمود وعمه سنجر، ثم بين السلطان وبين أخيه مسعود صاحب الموصل وأذربيجان، وكان الخليفة المسترشد قد استعاد شيئًا من نشاط الخلفاء العباسيين الأولين، فقاد بعض الجيوش لمحاربة مخالفيه، مثل دبيس بن صدقة صاحب الحلة، ولكن السلطان مسعود لم يستحسن ذلك الأمر، وأفضى الحال إلى الحرب بينهما، فتقدَّم الخليفة جيشه لقتال مسعود، ولما كُسر جيش الخليفة ووقع الخليفة أسيرًا، وبلغت هذه الأخبار السلطان سنجر كتب إلى مسعود يأمره بأن يتلافى الحال ويعتذر إلى الخليفة، ويرده إلى بغداد معززًا، وبينما كان يهيئ أمر عودته على أحسن حال، هجم الباطنية على الخليفة فقتلوه في سنة ٥٢٩ﻫ، ويُقال إن الذي دفع إلى قتله هو مسعود (كما في الفخري، ص٢٦٥).

ولما قُتل وبُويع ابنه الراشد بالله أبو جعفر المنصور في ٢٧ ذي القعدة سنة ٥٢٩ﻫ عقب وصول الخبر بموت أبيه، جهَّز جيشًا كثيفًا لقتال مسعود، ولكن مسعودًا سبقه ودخل بغداد فكفَّ الراشد وهرب إلى الموصل وجمع مسعود العلماء والوجوه وأخذ خطوطهم بالقدح في الراشد، وخلعه ثم إن جماعة من الملاحدة والباطنة قتلوا الراشد في أصفهان.

ولما خلعه مسعود ولَّى عمه المقتفي لأمر الله أبا عبد الله محمد بن المستظهر في ٨ ذي القعدة سنة ٥٣٠ﻫ، واستمر مسعود في سلطانه إلى أن مات سنة ٥٤٧ﻫ، وبموته أفل نجم السلاجقة؛ فقد خلفه ابن أخيه ملكشاه بن محمود، ولم يكن ذا سياسة وإدارة، أما الخليفة فإنه لما بلغه موته، طرد شحنة السلجوقية من بغداد، واستولى على داره وجمع الأموال وجيَّش الجنود وبعثهم فاستولوا على الحلة وواسط، وتقسم الأمراء في الأقاليم أملاك السلجوقيين في «حصن كيفا» و«ماردين» و«دمشق» و«الموصل» و«حلب» و«سنجار» و«الجزيرة» و«إربل»، و«أذربيجان» و«فارس»، و«لورستان»، وقامت في هذه المدن والأقاليم دول أو دويلات متعددة تقسمت أسلاب الدولة السلجوقية التي شادها طغرل بك وألب أرسلان وملكشاه ووزيرهم العظيم نظام الملك الطوسي.

واستمر المقتفي مستقلًّا بأمر العراق إلى ربيع الأول سنة ٥٥٥ﻫ حين مات، فخلفه ابنه المستنجد، وكان حسن السيرة صالحًا أزال المظالم ومنع الفساد، وحل المقاطعات وأعادها إلى الخراج، وكان ملك السلاجقة بعهدة أرسلان شاه بن محمد بن ملكشاه، ولم يكن له نفوذ في العراق، واستمر في حكمه إلى سنة ٥٦٦ﻫ حين خُنق في الحمام، فخلفه ابنه المستضيء بالله أبو محمد الحسن، وكان حسن السيرة عادلًا كريمًا حليمًا، وفي عهده قضى صلاح الدين بن يوسف بن أيوب على الفاطميين في محرم سنة ٥٦٧ﻫ، وخطب للمستضيء وظل كذلك إلى أن هلك.

ثم استخلف الإمام الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيء في ذي القعدة سنة ٥٧٥ﻫ، وكان إمامًا ذكيًّا سياسيًّا حازمًا عادلًا بليغًا عاقلًا شجاعًا مدبرًا، وهو أطول العباسيين عهدًا؛ فقد حكم ٤٦ سنة وأحد عشر شهرًا.

قال ابن طباطبا (في الفخري، ص٢٨٠): «طالت مدته وصفا له الملك، وأحسن مباشرة أحوال الرعية بنفسه حتى كان يتمشى في الليل في دروب بغداد ليعرف أخبار الرعية.» وفي أيامه انقرضت الدولة السلجوقية بالكلية.

وكان للناصر من أعمال البر والخير والعرفان ما يفوت الحصر، ومات في سنة ٦٢٢ﻫ، وفي عهده حدثت حوادث جسام، كإغارة المغول والتتر على البلاد، فاستولوا على أقاليم المشرق من الصين إلى العراق، وعاثوا بالبلاد فسادًا، والخليفة لا يستطيع الوقوف أمامه إلى أن أدركه أجله فمات في رمضان سنة ٦٢٢ﻫ.

فخلفه ولده أبو نصر محمد الظاهر بأمر الله في سنة ٦٢٢ﻫ، ولم تطل أيامه ولم يكن في أعماله شيء ذو خطر، ومات سنة ٦٢٣ﻫ فخلفه ولده أبو جعفر المنصور المستنصر بالله سنة ٦٢٣ﻫ، وكان شهمًا جوادًا عاقلًا عالمًا فاضلًا محبًّا للعمران وتأسيس دُور العلم، وكانت أيامه طيبة، والبلاد هانئة، وفي عهده تم للمغول السيطرة على بلاد إيران إلى حدود العراق، والخلفاء ساكتون واجمون، والنكبة محدقة بهم. وفي سنة ٦٤٠ﻫ مات المستنصر فخلفه ابنه المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله آخر الخلفاء العباسيين على يد هولاكو المغولي، وكان ذلك في ٢٠ محرم سنة ٦٥٦ﻫ.

قال ابن طباطبا في وصف المستعصم الفخري: «كان رجلًا حرًّا متدينًا، ليِّن الجانب، سهل العريكة عفيف اللسان والفرج … قليل الخبرة بأمور المملكة مطموعًا فيه … وكان زمانه ينقضي بسماع الأغاني والتفرج على المساخر، وبعض الأوقات بخزانة الكتب للتسلي، وكان أصحاب دولته من الجهال الأراذل إلا وزيره مؤيد الدين محمد بن العلقمي، فإنه كان فاضلًا عاقلًا نبيلًا، ففسدت الأمور واضطربت أحوال الدولة، وطمع فيها التتر، وكان جنكيز خان قد هلك في سنة ٦٢٤ﻫ/١٢٢٧م في عهد الخليفة المستنصر بعد أن استولى على أكثر بلاد المملكة الإسلامية في المشرق والمغرب، فلما هلك اضطربت الدولة المغولية فترة، ثم أجمع قوادها وأمراؤها أمرهم على انتخاب آكتاي بن جنكيز خاقانَ عليهم في سنة ٤٢٦ﻫ، فجهَّز جيشًا من ٣٠ ألف مقاتل ولَّى قيادته إلى شيرماجون وبيدشو لقتال السلطان جلال الدين منكوبرتي ملك الدولة الخوارزمية فقضَوا عليه.»١ وكانت الدولة الخوارزمية حاجزًا عن البلاد الإسلامية التي سيطر عليها جنكيز وبين الدولة العباسية، فلما سيطروا على الدولة الخوارزمية، سهل عليهم القضاء على أملاك الخلافة العباسية، ويظهر أن المسلمين قد كانوا يعرفون هذا؛ فقد روى ابن تغري بردي «أن بعض الناس دخلوا على السلطان الملك الأشرف موسى صاحب دمشق وهنَّئوه بمقتل عدوِّه، منكوبرتي، فقال لهم: «تهنوني وتفرحون، وسوف ترون عنه، والله لتكونن هذه الكسرة سببًا لدخول التتر إلى بلاد الإسلام، ما كان الخوارزمي إلا مثل السد الذي بيننا وبين يأجوج ومأجوج».» وهكذا كان؛ فإن مانجو خان (مانكو) الذي خلف آكتاي سنة ٦٤٩ﻫ جهَّز جيشين؛ أحدهما بقيادة أخيه كوبلاي لإتمام فتح الصين، والثاني بقيادة أخيه الأصغر هولاكو للقضاء على الإسماعيلية في فارس، والسيطرة على بغداد، فشرع هولاكو يجهِّز جيشه ويُعِدُّ العدة ويكاتب الملوك والأمراء المسيحيين وغير المسيحيين من أعداء خلافة بغداد للقضاء على الخليفة. وتمكَّن هولاكو في سنة ٦٥٣ﻫ من السيطرة على بلاد الإسماعيلية واحتلال حصنهم «قلعة الموت» في سنة ٦٥٤ﻫ، ثم كتب إلى الخليفة المستعصم في ٩ ربيع الثاني سنة ٦٥٥ﻫ/٢١ أيلول سنة ١٢٥٧م رسالة يدعوه فيها إلى الاستسلام والخضوع والحضور إلى حضرته لإعلان ذلك، فلم يهتم بالرسالة كما لم يهتم بأمر الدفاع عن بلاده على الرغم من تحذير وزيره ابن العلقمي له، فسارت جيوش المغول قاصدة العراق حتى طوَّقت بغداد سنة ٦٥٦ﻫ، وأراد الخليفة في تلك الساعة المصالحة والذهاب بنفسه إلى معسكر هولاكو مع أولاده الثلاثة ليُسلم إليه بغداد التي أعمل فيها التتر التخريب والفساد مدة أسبوع، على أن يؤمِّنه على أهله ونفسه بعد أن قدَّم جواهر الخلافة ونفائس المملكة إلى هولاكو، فأخذ ذلك منه، ولم يمهله إلا عشرة أيام حتى قتله هو وابنه الأكبر في الرابع عشر من صفر سنة ٦٥٦ﻫ بعد أن كان خرج عن بغداد ومعه الخليفة فقتله في الطريق، رفسًا على باب كلواذي.

وقد حلَّ ببغداد من التقتيل وفظائع التتر أمورٌ مخيفة أطنب المؤرخون في وصفها، وإليك موجز ما يقوله السيوطي (في تاريخ الخلفاء، ص٣٦٣)، عن ذلك، حين يذكر أنه قد قُدِّر عدد مَن قُتل من أهلها في الحصار وبعده ما يقرب من مليون نسمة، ولم يترك هولاكو أحدًا من العلماء والأمراء والحجَّاب وكبار الموظفين والتجار والوجوه والأشراف على قيد الحياة، ولم يسلم من أهل المدينة إلا من اختفى في بئرٍ أو في قناة، وقد انتُهِبت دُورها وقصورها وأُرسلت نفائسها إلى أذربيجان، وكان لسقوط بغداد أثر كبير في خضوع أمراء آسيا الغربية مثل بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل والأتابك أبو بكر بن سعد صاحب فارس، وسلاجقة الروم، كما كان من آثار هذا السقوط أن انتقلت الخلافة العباسية إلى مصر.

١  سيرة السلطان جلال الدين للنسوي، ص٢٤٥.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤