ثامنًا: علامات الساعة

وبعد إثبات إمكانية المعاد، يبدأ البحث في توقيته وساعة حدوثه. وقبل حدوثه يمكن معرفة ذلك بعلامات؛ فعلامات الساعة هي إيذان بقرب حدوث المعاد، ونهاية الزمان، وانقضاء الأعمار، وانتهاء رحلة الحياة، وأن لم يعُد هناك مجال للتكليف أو الاستحقاق أو الاختيار. فإذا ما انتفت الغاية جاءت النهاية. وهي موجودة قبل ظهور الأنبياء والإعلان عن النبي أو قدومه. يخلو أصل الوحي منها، ولكنها موجودة في الأحاديث التي تعتمد على الخيال الشعبي، والتي تُنبئ بحوادث آخر الزمان، كما هو معروف في كل الأخرويات؛ تعويضًا عن هموم الناس، وتفريجًا لكربهم، وتوسيعًا لخيالهم إذا ما ضاق العقل، واتجاهًا نحو المستقبل الأفضل إذا ما استعصى الحاضر وتأزَّمت أحواله. كما أنها تكثر للغاية في العقائد المتأخِّرة، وتُستمدُّ من كتب التفسير والتاريخ والسِّير، حيث يزداد الخلق الشعبي، وتكثر صور المعاد والأحاديث الأخروية الضعيفة.١ وهناك نماذج عديدة منها في الديانات المحيطة والمعروفة في البيئة الحضارية، والتي يمكن دراستها في الأساطير المقارنة، وفي علم التاريخ المقارن للأديان. وهي علامات لا يمكن تجربتها أو التحقق من صدقها لا عقلًا ولا تجربة؛ لأنها لم تحدث بعد، ولم يرَها أحد؛ وبالتالي يكون السؤال: هل هي علاماتٌ حسية تقع بالفعل، أما إنها دلالات ومعانٍ لتجارب ووقائع حاضرة يستطيع بها الإنسان أن يتخيل المستقبل، وأن يطمئن عليها كلما ازداد قلقًا على حاضره؟ فالإنسان يتخيل مستقبله بناءً على حاضره، ثم يشخِّصه وكأن سيحدث بالفعل في وقائع مستقبلة في آخر الزمان. وكلما قوي المعنى وعمقت الدلالة، زاد تشخيصها كوقائع وإثباتها كحوادث.

ولا يهمُّ عدد العلامات أو حجمها؛ فقد تكون خمسًا أو عشرًا؛ أي خمسة مضروبة في اثنين. ربما يكون للعدد خمسة معنًى رمزي، ولضربه في اثنين دلالةٌ رمزيةٌ أخرى. أما قسمتها من حيث الحجم خمسةً كبرى وخمسةً صغرى، فإنها تدل فقط على التقابل في الصور بين الأكبر والأصغر، طبقًا لدرجة حضور المعنى وعمقه في الشعور. ومع ذلك يمكن تصنيف العلامات إلى ثلاثة أنواع: الأول يتعلق بالصراع بين الخير والشر، والثاني خاص بقوانين الطبيعة، والثالث يسير إلى نهاية التكليف.

(١) الصراع بين الخير والشر

وتشير أول مجموعة من العلامات إلى الصراع بين الخير والشر، ظهور الشر وسيادته، ثم تغلب الخير عليه في النهاية، وتشمل:

(أ) ظهور المسيح الدجال

والمسيح الدجال إنسان من بني آدم، وليس شيطانًا، وكأن الإنسان سيطغى في الأرض حتى يُفسِد كل شيء، وهو كافرٌ لا أمل في إيمانه، مُجبَر على الكفر لا اختيار عنده بينه وبين الإيمان؛ وبالتالي يكون شرًّا مُطلَقًا. يدَّعي الألوهية؛ أي يخلط بين المستويات، ويقضي على الخالص، ويُنكِر الخير الأعم.٢ يطوف بالدنيا كلها بثًّا للفساد الشامل وعمًّا للخراب. سُمِّي مسيحًا لمسحه الأرض يوم أُحد أربعين يومًا، فهو مرتبط بالشر؛ بهزيمة أُحد، وسياحته في الأرض تأييدًا للكفار. وقد يكون سبب التسمية أنه ممسوح العين اليسرى. وفي التصورات الشعبية ممسوح العين، كريه، وشرير. والعين اليسرى تُشير أيضًا إلى الشر والقبح أكثر مما تُشير العين اليمنى. على عكس تسمية المسيح عيسى ابن مريم الذي يسيح في الأرض دونما علاقة بأُحد، أو لأنه يمسح كل ذي عاهة فيبرأ، أو لأنه ممسوح بالبركة والخير طبقًا لرصيد الصور المستمَد من البيئة الدينية المحلية، مثل مسح السيد المسيح على ذوي العاهات لإجراء المعجزات، أو دهن ماريا المجدلية له بالزيت، ومسحها له بالعطور. وربما تتحدد المدة التي يظهر فيها المسيح الدجال بأربعين يومًا، أسوةً بعودة المسيح الحق أربعين يومًا إلى الأرض بعد البعث لتعليم التلاميذ، على ما هو معروف في الدين المسيحي. وقد تُشير الأيام الأربعون إلى بعض مظاهر الحزن وطقوس العزاء في الديانة المصرية القديمة، وهي فترة الحزن قبل بداية تحلل جسد الميت وبروز عظام الوجه وتشققه. وقد تنفصل الصورة أكثر فأكثر طبقًا لإبداعات الخيال الشعبي، بل تتحول الواقعة إلى قصة بها حوار بين الشر والخير، بين المسيح الدجال والسيد المسيح أو من ينوب عنه مثل الخضر. تتحول الواقعة إلى حدثٍ دراميٍّ كامل، فيتحدد المكان في أرض المشرق بخراسان؛ ربما لبعدها، أو لغزوات التتر والمغول، أو لعدم عروبتها، أو لعجمة لسانها. واسمه صافٍ، وهي تسمية عن طريق القلب، وتسمية الشيء بضده إمعانًا في إبراز الصفة عن طريق التقابل. وكنيته أبو يوسف؛ أي إن له اسمًا مشهورًا؛ ربما إشارةً إلى أبي يوسف الثقفي الحجاج، قاطع الرءوس. ودينه اليهودية؛ تعبيرًا عن عداء اليهودية، بالرغم من أن اليهودية دين من عند الله، وأحد مراحل الوحي. وقد يكون أعور، وليس فقط ممسوح العين اليسرى، والأعور أكثر قبحًا من المُبصِر، أو ممسوح أحد العينَين، فالقرصان أعور. والقائد الإسرائيلي بالنسبة للعرب أعور. والعين الأخرى لم تسلم من بقعةٍ صفراء تجعله أعور بعين وأقرب إلى العمى بالعين الأخرى. ومكتوب بين العين العوراء والعين العمياء كافر! وكأن الجبين سبورة أو قرطاس! وبأي لون تكون الكتابة؟ وبأية لغة؟ وما حجمها؟ وماذا عن المؤمن الذي لا يعرف القراءة أو اللغة، أو المؤمن الأعمى؟ كثير الشعر مثل الحيوان، وليس أملس مثل الغلام. وبعد الوصف الجسدي المظهري له تبدأ الصحبة. معه جنة ونار يسيران معه وكأنهما شخصان؛ الخير على اليمين، والشر على اليسار. وكذلك تسير معه الأنهار، دون تحديد من الخلف أو الإمام، وهي إلى الأمام أقرب. ومع أن الجنة تجري أيضًا من تحتها الأنهار، إلا أنها فيما يبدو جداول رقيقة لتصوير الرياض وحدائق القصور الأندلسية، بل يأمر السماء فتُمطِر، والأرض فتُنبِت؛ مما يدل على قدرته الفائقة على صنع الخير؛ مطر السماء ونبات الأرض. يأمر الأرض فتُخرِج كنوزها فتسير معه؛ رمزًا للغنى وأموال الذهب الأسود. وبالتالي فهو قادر على أن يفعل المعجزات مثل الأنبياء. ثم يبدأ الحوار، وتظهر شخصية أخرى، فيتحول الحديث إلى قصة. يظهر الخضر رجلًا جميلًا في مُقابِل بشاعة الدجال. والخضر صورة النقاء الصوفي والتأويل الرمزي والفعل المستقبلي. يستمر الدجال في الغواية، غواية خضر، وكأنه استمرار لفتَّانَي القبر، وامتحان الراحة الأخيرة. ولا يسأل الدجال، بل يبدأ بالإقرار الخاطئ، ولا يطلب من المسئول إلا إقرارًا على إقرار، ولكن الخضر يكتشف كذب الدجال، ويلعنه، ويُقرُّ بالله رب العالمين، ويتحول من ملاكٍ طاهر إلى ضارب بالسيف يشقُّ الدجال نصفَين، ثم يأمره بالقيام، فيحيا الدجال بقدرة الله من جديد؛ كي يُعلِن الخضر من جديدٍ عجزَه عن فعل أي شيء، ويتحول المسئول إلى سائل، والممتحِن إلى ممتحَن؛ وبالتالي يحوِّل الخضر السؤال النظري عن الله إلى تحدٍّ عملي بالقدرة، كما هو الحال في إعجاز القرآن، وتحدي القدرة الإنسانية به. ثم ينتقل الحوار إلى وصف الرَّكب؛ فإذا كان لجبريل براق بجناحَين، فللدجال حمارٌ أعور مثل صاحبه. وإذا كان ما بين أذنَيه أربعون ذراعًا، فما بالك برأسه وجسده وقدمَيه وذيله، وما بالنا بصاحبه! وإذا كانت خطواته ميلًا، فما بالنا بسرعته! وكيف بهذه الضخامة يحدث الحوار مع الخضر، ويشقُّه الخضر نصفَين؟ وبأي سيف يتم الشق إن لم يكن الخضر عملاقًا مثله، والسيف أشبه بقوس قزح في السماء؟ مهمة الخيال الشعبي التصوير عن طريق التضخيم؛ حتى يحدث التأثير. وتتدخل التعريفات اللغوية وسط الواقعة الدرامية؛ فالدجال من الدجل؛ أي التغطية؛ لأنه يغطِّي الحق بالباطل. ثم تستمر القصة بحوارٍ آخر، وتأكيدًا على أنها فتنة، بل وأعظم الفتن بغية للتضخيم، يُستعاذ فيها كما فعل الرسول، حتى تثبت صحتها. وينشأ الحوار الآخر من أجل الإقناع؛ فيُحضِر الدجال الشيطان في صورة الأبوَين؛ ليشهدا شهادة زور عن خوف أو تدليس على أن الدجال هو الرب الذي يؤمن به. وتحتوي شهادتهما على التحذير المقنَّع من أنه الرب، ولكن عليه أن يبتعد، لا أن يقترب. وفي هذا الامتحان، يتدخل علم الأشعرية بأن من ثبَّته الله على الإيمان مرَّ بنجاح، ولم يُضرَّ شيئًا دون قانون الاستحقاق على الأعمال. ويسوح الدجال في كل الأرض، إلا الأماكن المقدسة فيها؛ مكة والمدينة والقدس والطور، الأماكن المقدسة في الوحي في مراحله الثلاث؛ إذ تحرسها الملائكة، وتطرد الدجال عنها، وكأن الملائكة في مساعدة الإنسان، تُعينه على الخير وتمنع عنه الشر، ثم يظهر عامل الزمان دون تحديد بأربعين يومًا؛ نظرًا لاختلاف الناس فيه، فلا يعلم الزمانَ إلا الله، وكأن الحمار لم يكفِ الدجال؛ إذ إن له جساسة؛ أي دابة تجسُّ الأخبار له، وتجمع المعلومات؛ حتى يكون على بينة من أمره. وبغيةً في إعطاء بعض الأمل بعد اليأس، والتشجيع بعد الإحباط، والترغيب بعد الترهيب، يظهر الدجال مسلسَلًا بحديد في يدَيه ورجلَيه في جزيرة! وكيف يسير ويركب ويطوف وهو في هذه الحالة؟ وأي سلاسل تقوى على من يُنزِل الأمطار، ويفجِّر الأرض، ويُنبِت الزرع؟ ولتأكيد واقعة الحبس، يمرُّ شاهد عيان موجود بالفعل، وشخصٌ تاريخيٌّ معروف باسمه، ويسأل الدجال عن النبي؛ لإبراز التناقض بين موضوع السؤال والشخص المسئول، ثم يرجع السائل ليُخبِر النبي بما حدث!

(ب) نزول المسيح عيسى ابن مريم

ينزل المسيح عيسى ابن مريم، فيقتل الدجال انتصارًا للخير على الشر. وأحيانًا يظهر المهدي مع المسيح في روايةٍ واحدة يؤديان الدور نفسه بالنسبة للمسيح الدجال. يظهر المهدي أولًا، فيُحاصِره المسيح الدجال، ثم يأتي المسيح عيسى ابن مريم ليخلِّص المهدي؛ مما يدل على وجود علاقة بين المخلصية المسيحية والمهدية؛ أي بين الأسطورة النموذج والأسطورة المحلية. وقد يظهر المهدي وحده كإحدى علامات الساعة، فتصبح الأسطورة واقعًا تتدخل فيه التحديدات المكانية والزمانية، وتحديداتٌ أخرى عقائدية؛ لضبط الرواية، وجعلها وكأنها حدثٌ تاريخيٌّ مستقبليٌّ واقع بالفعل. فقبل موت عيسى بعد نزوله عند قيام الساعة، تتوحد المِلل في الإسلام الحنيف؛ إعلانًا لنهاية النبوة، واكتمال الوحي، وتحقيق الواقع، وتطابق الفكر مع التاريخ. وقد يكون الزمان هو وقت طلوع الشمس. ويبقى المسيح في الأرض أربعين سنة، أو سبعين سنة، أو سبع سنين. ويمكن التوفيق بين الرأيين باعتبار الأربعين سنة مدة مكثه قبل الرفع، فإن رُفع وله ثلاث وثلاثون سنة يكون مجموع سنوات مكثه قد ناهز السبعين. وقد يكون العدد أربعون والعدد سبعون أعدادًا رمزية أو نمطية؛ فهناك العلماء السبعون الذين ترجموا التوراة إلى اليونانية (السبتانت)، وهناك السبعون تلميذًا، وهي الدائرة الأوسع بعد الدائرة الأضيق؛ دائرة الحواريين الاثني عشر، وهناك العدد سبعة كعددٍ رمزيٍّ كوني في السموات السبع والأرضين السبع والأيام السبع. وقد علَّم المسيح التلاميذ أربعين يومًا بعد البعث وقبل الرفع الثاني. وفي مصر القديمة يكتمل الحزن في الأربعين. وقد يتحدد زمان النزول بصلاة الصبح بداية الزمان وقت طلوع الشمس وبكارة اليوم. وقد يكون الزمان شعوريًّا خالصًا؛ فإذا مكث المسيح أربعين ليلة يسبح في الأرض، فإن اليوم من أيامه يكون كالسنة أو كالشهر، أو يكون اليوم كالجمعة. وقد تكون سائر الأيام كأيامنا. أما بالنسبة للتحديدات المكانية، فإن المهدي يظهر أولًا في الحرمَين الشريفين، ثم يأتي إلى بيت المقدس، فيُحاصِره الدجال، ثم ينزل المسيح عيسى ابن مريم من المغارة الشرقية من دمشق الشام ويقتل الدجال، وهي أماكن مقدسة في الحجاز وفي الشام، ولا تقل دمشق قدسية عن القدس. والمنارة من الشرق، وليس من الغرب؛ فالشرق أكثر قدسية من الغرب. وقد ينزل عيسى من السماء؛ فالسماء أكثر شرفًا من الأرض. وعلى هذا النحو ينتقل الصراع السياسي إلى رموزٍ جغرافية؛ الحجاز والشام معًا في مواجهة بغداد والعراق. ويُدفَن المهدي بين النبي والصدِّيق، أو بين الشيخَين؛ أي في مكانٍ شريف. كما يُدفَن المسيح بعد أن يصلِّي عليه المسلمون في روضة محمد؛ لأنه خُلق من الأرض بعد نفخ جبريل في طوقها. وقد ينزل المسيح من السماء الثانية التي يسبِّح فيها الله، وهي أقرب إلى الأرض ساعة النزول من السماء السابعة. وفي وقت النزول تقوم الملائكة بأبواب مكة والمدينة، ويفرُّ الناس إلى جبل الدخان بالشام، فيأتيهم المسيح الدجال، ويُحاصِرهم، وكأن العذاب والخلاص بالشام! قد يكشف ذلك عن الصراع بين الحجاز والشام، أو كنوعٍ جديد من المعراج من الحجاز إلى الشام. ومع هذه التحديدات الزمانية والمكانية، يظهر البطل المسيح عيسى ابن مريم؛ فيقتل المسيح الدجال بضربةٍ واحدة فيقتله في الحال، فيذوب كالملح في الماء. ينزل المسيح من السماء الثانية، حيث كان يسبِّح الله؛ أي إنه هو الخير المُطلَق. لا يأكل ولا يشرب؛ لأن الطعام والشراب من مَظاهر النقص. ينزل واضعًا يدَيه على أجنحة الملائكة، طائرًا مثلهم دون ركوب، جسد على جسد، لابسًا ثوبَين مصبوغَين بورس ثم بزعفران؛ دلالةً على الزركشة والرائحة العطرة. يكسر الصليب الذي هو رمز لتحريف عقائد الناس فيه، ويقتل الخنزير رمز تحريف شريعته، ويترك الجزية رمزًا للسماحة والغفران. يتزوج من امرأة من حزام، وهي قبيلة باليمن؛ رمزًا لتحريف شريعته من الزواج إلى الرهبنة. ويُولَد له ولدان، موسى ومحمد؛ أي إن الأنبياء من نسلٍ واحد. ولا ينزل عليه جبريل بشرعٍ جديد؛ لأن شريعة الإسلام آخر الشرائع، ثم يجتمع المسيح بالمهدي وقد أُقيمت الصلاة، يُشير المهدي إلى عيسى المسيح دلالةً على اقتداء المسيح بالرسول لما كان المهدي نائبًا عنه. ويتضح في الرواية أثر التصور الشيعي في نيابة الإمام عن الرسول، وأفضلية الإمام على النبي. ولا ينزل المسيح إلا بعد أن ينقضي التكليف في الأرض، فلا يبقى فيها مكلَّفٌ واحد؛ وبالتالي لا امتحان ولا اختبار ولا حرية ولا عقل. والحكمة في نزوله الرد على اليهود والزاعمين قتلهم له؛ فالرواية تذكُر تعليل النزول، ويتضح فيها الجدل مع اليهود. فالإسلام والمسيحية معًا في كفة، واليهودية في كفةٍ أخرى. وفي زمانه يكون رخاءٌ كثير وتكون بركة، حتى لتكاد تكفي رمانةٌ واحدة جماعةً كثيرة، كما كان الحال أيام معجزاته في تكثير السمك والخبز والماء. ويعمُّ الأمن؛ فترعى الغنم مع الذئب، وتلعب الصبيان بالحيات، حيث لا شر ولا عدوان. وتتعرف الطبيعة على المسيح الدجال، وعلى المسيح ابن مريم، ويتكلم الشجر، وينادي الحجر. وبصرف النظر عن الترتيب الزماني والتحديد المكاني وظهور البطل وتحقيق أفعاله وأحوال عصره، فإن الرواية كلها إنما تعبِّر عن رغبة في الخلاص في المستقبل، وانتصار الخير على الشر؛ أسوةً بما كان في الديانات السابقة، وكان يصعب أن يأتي محمد ليقوم بدور المخلِّص في نهاية الزمان؛ لأن محمدًا يقوم بذلك في الدنيا، ولكن أُعطيت الوظيفة للمسيح؛ فهي وظيفته التقليدية، ويُشارِكه فيها الإمام تعبيرًا عن الجماعة المضطهَدة، وأملها في انتصار الخير على الشر، وغلبة الحق على الباطل، وسيادة العدل على الظلم. وينزل المسيح الدجال، وليس موسى الدجال، أو محمد الدجال؛ لأنه في مقابل المسيح عيسى ابن مريم كخيرٍ مُطلَق هناك المسيح الدجال كشرٍّ مُطلَق. أما محمد وموسى فإنها قادران على الانتصار بنفسَيهما عن طريق الفعل، انتصار محمد على قومه، وانتصار موسى على فرعون.٣

(ﺟ) حرب يأجوج ومأجوج

وما إن تنتهي العلامتان الأوليان، خروج المسيح الدجال ثم نزول المسيح عيسى ابن مريم لقتله، تأتي العلامة الثالثة وهي «يأجوج ومأجوج». فماذا يعني الاسمان؟ هل هما اسمان عربيان أم أعجميان؟ هل يعبِّران عن حدثٍ تاريخيٍّ مستقبلي مثل القتال بين قبيلتَين أم معسكرين، أم مجرد صورتَين للخير والشر؟ ولكن لا توجد إشارةٌ واضحة على أن أحدهما خير والآخر شر، بل كلاهما شر، يقاتل بعضهما بعضًا، وكأن الشر يدمِّر نفسه، وينتهي بالصراع بين الأشرار. وقيل إنهما من ذرية يافث بن نوح؛ أي من ذرية الإنسان الشرير، رمز الشر وأصله. وقيل إنهما من التُّرك، وكأن صورة الترك هي الهرج والمرج والحرب والقتال، كما كان الحال مع غارات التتار والمغول. ويدل ذلك على الوضع المتأخر للرواية بعد هجمات الشرق على العالم الإسلامي. وبالإضافة إلى تحديد هوية الاسمَين تأتي التحديدات الزمانية والمكانية كالعادة. فالزمان هو زمن عيسى ومحمد في آنٍ واحد؛ فالرواية لا تعتني بالترتيب الزماني للحدث التاريخي، بل يكفيها وقوع الحدث في الزمان المتصل، وليس في الزمان المنفصل. فيطوف يأجوج ومأجوج في زمن عيسى وأمة محمد فوق رءوس الجبال. هل تستمر الحرب بينهما سبعمائة عام حتى يمكن الجمع بين عيسى ومحمد في زمنٍ واحد؟ ولماذا تهرب أمة محمد فوق رءوس الجبال، وتكتفي بالدعاء عليهما بلا حرب «يا خفيَّ الألطاف نجِّنا ممَّا نخاف»؟ وهل هذه هي صورة الإسلام المجاهد والأمة المجاهدة، في حين يأتي خلاصها على يد المسيح؟ وهنا يظهر المسيح في ثلاث علامات من خمس؛ ممَّا يدل على أثر النصرانية في تصور العقائد لعلامات الساعة. ولماذا تصعد أمة الإسلام فوق رءوس الجبال وهي تعلم أنها لم تعصم ابن نوح من الطوفان، أم إن المسلمين يستعدُّون لنوع من حرب الصواريخ والفضاء؟٤ وقد تزداد تفصيلات يأجوج ومأجوج من حيث الشكل والحجم. فهم مختلفون في الصفة؛ منهم من طوله مُساوٍ لعرضه حرصًا على التناسق الكمي في الحجم وإن كان عدم تناسق في الشكل، وإلا كان الإنسان مربَّعًا! ومنهم من يفرش أحد أذنَيه ويلتحف بالأخرى، كتعبيرٍ عن كبر الأذنَين، وعدم الاحتياج إلى موضوعٍ خارجي من أسفلها كي ينام عليه، أو من أعلاها يلتحف به. هو لحمٌ متَّصِل، ذات وموضوع. لهم أضراس كالسباع، ومخالب في أظافرهم كالحيوانات، تعبيرًا عن الافتراس والنهش في اللحم والقطع بالمخالب. أولهم بالشام يشرب من طبرية وآخرهم بالعراق؛ ممَّا يدل على كبر حجمهم وضخامة عددهم، يملئون الشام الكبرى. يقتلون أهل الدنيا جميعًا، ثم يتَّجهون لمقاتلة أهل السماء. يرمون جهة السماء بالنشاب، فترجع ملطَّخة بدماء أهلها. ويُضلُّهم الله استدراجًا لهم وزيادةً في صلافتهم وغرورهم، وكأنها إسرائيل يمتد حلمها من الفرات إلى النيل، والتي يصل طيرانها من المغرب إلى كراتشي؟ ثم يموتون جميعًا بآفة في رقبتهم؛ دود يخرج منها، يموتون مرةً واحدة لا فرادى، وكأنه طاعون لا يُبقي ولا يذر. ولا حاجة إلى المسيح عيسى ابن مريم لخلاص الدنيا من شرورهم، وهم جميعًا كفار لا إيمان لهم.٥ وقد تزداد التفصيلات أكثر فأكثر طبقًا للخيال الشعبي في واقعٍ جغرافيٍّ مُخالف. فبعد قتل المسيح عيسى ابن مريم للمسيح الدجال، يوحي الله إليه أنه قد أخرج عبادًا له لا يدان لأحد بقتالهم، وهو ما يعارض النداء إلى الجهاد. ويأمر الله المسيح بأخذ عباده المؤمنين إلى الطور أمانًا وحرزًا، وكأن المؤمنين جماعةٌ طاهرةٌ منعزلةٌ صوفية يخشى عليها من الانقراض. ويبعث الله «يأجوج ومأجوج» من كل نسل، وليس من نسلٍ معيَّن، يُسرِعون في المشي تعبيرًا عن الجد والنشاط والحركة العسكرية، وكأنهم من المظليين. يمرُّ أولها على بحيرة طبرية، فيشربون ماءها حتى تجفَّ، وهي بالشام طولها عشرة أميال؛ تعبيرًا عن الجيش العرمرم. ويمرُّ آخرها فلا يجدون آثارًا لماء، ولكنهم لا يموتون من العطش. وذلك أيضًا تعبير عن الفوضى وعدم النظام والأنانية، فلا يُبقي أول الجيش ماءً لآخره، فالسابقون السابقون. ثم يحصرون عيسى وأصحابه، ويُحاصِرون الحيوان، وكأن رأس الثور عندهم تبلغ قيمته مائة دينار عندنا؛ ممَّا يدل على أنهم يُحاصِرون المؤمنين، ويستولون على معاشهم. ولما كان عيسى وأصحابه لا يقدرون عليهم، مع أنه قدر على قتل المسيح الدجال، فإنه يرغب إلى الله ويدعوه، فيُرسِل عليهم الله النغف في رقابهم، فيصبحون خرسًا، ويموتون مرةً واحدة. فالله يأتيهم من الرقاب، وهي نقطة الضعف في جسد الإنسان، وحيث مَقتل السيف. ثم يهبط عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون فيها شبرًا واحدًا موضع قدم لزحمتهم، وكأنهم قد عادوا إلى الحياة من جديد، فيدعو المسيح عيسى ابن مريم الله من جديد، ويرجو النصر، فيُرسِل الله طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم وتطرحهم أرضًا حيث شاء الله، وكأنها طيرٌ كاسراتٌ قادرة على هزيمة هذه الكائنات الوحشية، فلا يفلُّ الحديدَ إلا الحديدُ، ثم يُرسِل الله مطرًا لا يُبقي ولا يذر؛ ليغسل الأرض من آثار الدماء، ويكنسها من مخلَّفات المعركة والأشلاء، حتى يتركها بيضاء من غير سوء، ثم يقول لها: «أنبتي ثمرك.» فتعود الأرض مخضرَّة مُثمِرة كالعروس! وتبدو المعركة هنا طبقًا لنموذج عام الفيل، والطير الأبابيل التي ترمي بحجارة من سجيل، فتهزم جيش أبرهة وتُنقِذ الكعبة.٦ وقد خرج يأجوج ومأجوج أممًا، كل أمة أربعمائة ألف، والعدد أربعون من الأعداد الرمزية في الموت والحياة. ولا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطوف بين يدَيه من صلبه، فهو يتوالد ويتكاثر ولا يمكن إفناؤه. وهم من ولد آدم؛ أي إنهم إنس، لا جن ولا ملائكة. يسيرون إلى خراب الدنيا وكأن البشر يخرِّبون عمرانهم بأيديهم. يشربون طبرية ودجلة والفرات حتى يأتوا بيت المقدس. وتتداخل الروايات، كلٌّ منها يزيد تفصيلًا. تدل على معركة في الخيال بعد أن توقفت المعارك في الواقع، كما هو الحال في «رؤيا يوحنا» عند النصارى. وتدل على عجز المؤمنين أمام طغيان الكافرين. هل يأجوج ومأجوج هم الأمويون في مُقابِل آل البيت؟ هل هي إسرائيل في مُقابِل المسلمين اليوم؟ وكيف يكون الأمل في النصر عن طريق الدعاء وتدخُّل الله بالدود في الرقاب وإماتة الأعداء، وكأن معجزات المسيح لم تعُد قادرة على إنقاذ المُخلِص، وكأن جهاد المسلمين أصبح عاجزًا عن نصرة الحق والقضاء على الظلم؟٧ ويمكن ضبط الرواية بالرجوع إلى أصل الوحي، الذي يذكُر يأجوج ومأجوج بصدد قصة ذي القرنَين، وإقامة سد بينهما وبينه وانتصاره عليهم، وليس عجزه أمامهم، وهي حادثة في الماضي، وليست في الحاضر تُعيدها الرواية كعلامة من علامات الساعة، كما يمكن الرجوع إلى علوم التاريخ والجغرافيا والآثار للبحث عن بقايا هذا السد، وآثار هؤلاء القوم في كل بقاع الأرض، والتحقق من مكان خروجهم، فلعلَّها سيبيريا التي تغطِّيها الثلوج، مع أن ذا القرنَين أقام سدًّا بزبر الحديد، ونفخ فيه النار!٨
صحيحٌ أن أصل الوحي قد أشار إلى يأجوج ومأجوج مرتَين؛ مرةً كحدثٍ وقع في الماضي، ومرةً كحدثٍ سيقع في المستقبل، ولكن الأولى لا تدل على عجز الناس أمامهم، بل تدل على قوة الحيلة، وعظم المقاومة، وإقامة سد من الحديد المنصهِر المغطَّى بالقطران الذي لم يستطع يأجوج ومأجوج اختراقه. فكيف بالقدرة في الماضي تتحول إلى عجز في المستقبل؟ ربما تدل العلامة على الفوضى وانتهاء النظام واختلاط الحابل بالنابل، يموج البعض في البعض، ويصبح البشر جميعًا يأجوج ومأجوج.٩

(د) خروج الدابة

وهي ناقة من فصيل ناقة صالح لما عُقرت ولم يُدرِكها طالبٌ هربت! ويدل ذلك على أن علامات الساعة قد تم تخيُّلها طبقًا لمعجزات الأنبياء؛ وبالتالي يتحول الماضي إلى مستقبل. ينفتح للناقة حجر وينطبق عليها؛ اتقاءً للكفرة، وحفظًا لها منهم، وتظل فيه إلى وقت خروجها كي تنتقم منهم. وفي هذا الوقت تكون مسلَّحة بعصا موسى وخاتم سليمان؛ وذلك لأن عيسى ليس نبي الانتقام. تجلو وجه المؤمنين بالعِصي، وتختم على فم الكافر بالخاتم، لا ينجو منها هارب. فالعِصي هنا مصدر النور والطهارة لجلاء وجه المؤمنين، والخاتم للطبع على فم الكافرين، فيُعرَفون بالختم كأنه ماركةٌ مسجلة. يصل ارتفاعها إلى السحاب؛ ممَّا يدل على الضخامة والعظمة والعلو، ريشها جمع من كل حيوان؛ وبالتالي فهي تمثِّل جنس الحيوان كله، كما جمع جسمها كل الحيوان. رأسها رأس ثور رمزًا للضخامة، وعينها عين خنزير رمزًا للقبح، وأذنها أذن فيل رمزًا للفخامة والتدلي على نحو يأجوج ومأجوج، وقرنها قرن إيل رمزًا للقوة والفتوة وهو الخرتيت، وعنقها عنق نعامة رمزًا للطول، وصدرها صدر أسد نظرًا للضخامة والقوة، ولونها لون نمر نظرًا لجمال التخطيط، بدلًا من اللون الأجرب للأسد، وخاصرتها خاصرة هر في التلوي والالتواء وخفة الحركة وسرعة الدوران، وذنَبها ذنَب كبش رمزًا للضخامة والطراوة والليونة والدسامة، وقوائمهما قوائم بعير في الاتساق والارتفاع والنظم، بين كل مفصل ومفصل اثنتا عشرة ذراعًا؛ حتى تقوى القوائم على حمل هذا الارتفاع الذي يصل إلى السحاب. وكيف لدابة بمثل هذه الضخامة أن تجلو وجه المؤمن، أو أن تطبع فم الكافر، ويكونان أمامها مثل النملة أمام الفيل؟ وهل أداء الوظيفة يحتاج إلى مثل هذه الضخمة والتبذير في الإمكانيات؟١٠ وللدابة ثلاث خروجات: الأولى بأقصى اليمن في جنوب الجزيرة العربية، ويفشو ذِكرها في البادية، ولكن لا يدخل ذِكرها مكة باعتبارها مكانًا مقدَّسًا محروسًا. وبعد مدة تخرج مرةً ثانيةً قريبة من مكة، فيفشو ذِكرها في البادية ومكة، وكأنها في المرة الثانية تقترب أكثر فأكثر، ويتسع نطاق أثرها. ثم تخرج مرةً ثالثة، وفيها عيسى ابن مريم؛ وبالتالي يصبح المسيح عاملًا مشتركًا في العلامات الأربع الخاصة بصراع الخير والشر. يطوف المسيح بالبيت ومعه المسلمون؛ إذ تهتز الأرض تحتهم، ويتشقق الصفا ممَّا يلي شعر الدابة، وتخرج رأسها من الصفا. وهنا يتَّحد الجسد الحيواني مع الطبيعة الكونية؛ فاهتزاز الأرض يُماثل جريان الدابة. وينشق الصفا وتخرج رأس الدابة، ويجري الفرس ثلاثة أيام؛ أي إن الدابة هنا فرس طبقًا للتصور العربي لنموذج الدواب، وثلاثة أيام طبقًا لروايات الصلب في النصرانية، وصعود المسيح إلى السماء، وزحزحة الصخرة بعد ثلاثة أيام، ويحدث كل ذلك ولم يخرج إلا ثلثي الدابة! وبعد خروجها كليةً يمسُّ رأسها السحاب، وتمشي على الأرض، وتُسمَّى الجساسة؛ لأنها تجسُّ الأرض قبل السير عليها. طولها ستون ذراعًا، ولها أربع قوائم وزغب. وهنا يبدو عدم التناسق في الوصف؛ مرةً ينقلب الخيال في وصول رأسها إلى السحاب، ومرةً يتغلب الواقع فيكون طولها ستين ذراعًا، ولها أربع قوائم وزغب.١١ وقد تخرج الدابة من جبل الصفا مباشرةً، فيتصدع لها الجبل والناس سائرون إلى مِنى أو من الطائف؛ أي وقت الحج؛ حتى يحدث التقابل بين الشر والخير.١٢ وقد تستعمل الدابة اللغة المكتوبة أو اللغة المسموعة، فتكتب بين عينَي المؤمن مؤمنًا فيُضيء وجهه، وبين عينَي الكافر كافرًا فيسودُّ وجهه.١٣ وبأي مداد تكتب؟ وبأية لغة تعبِّر؟ وهل يمكن بضخامة أصبعها الكتابة على هذه المساحة الصغيرة؟ وتكلِّم الناس ببطلان الأديان إلا دين الحق، وكأن دين الحق قادر على مقاومة التحريف والتبديل والتغيير، وتُصدِر أحكامًا بالإيمان والكفر على الناس وكأنها على علم بهم، وكأنها مزيج من الشر والخير. تخرج من أعظم المساجد حرمة وهو المسجد الحرام؛ ممَّا قد يمنعها من الحديث ببطلان الأديان. وقد يعني ذلك اكتمال الأديان كلها، ونهاية النبوة في الإسلام؛ فبطلان الأديان إنما يعني ارتباطها بمراحل سابقة في الزمان والمكان. الدابة إذن عالمةٌ تعرف الكتابة والكلام باستعمال حروف من نور وظلمة، تكتب بالأبيض للمؤمن، وبالأسود للكافر. وكيف تعرف الدابة من المؤمن ومن الكافر قبل يوم الحساب؟ وهي بهذا المعنى أشبه بالملكَين منكر ونكير، بنعيم المؤمن أو بعذابه في القبر قبل اليوم الآخر. يتضح من ذلك كله أثر الخيال الشعبي في وضع الرواية في بيئةٍ صحراوية؛ فالدابة تتكلم وليس الإنسان الشرير أو الشيطان؛ نظرًا لأهمية الدابة في حياة البدو. وهي ذات قوائم كدليل على البهيمية والحيوانية. وما فائدة الزغب والريش وحر الصحراء لا يتحمل ذلك، ولا فائدة منه إلا أن يقي الحيوان من زمهرير الشتاء، ووبر الجمل قصير، اللهم إلا إذا كان ذلك تعبيرًا عن العظمة والرخاء؟ وكيف يتكلم الحيوان ببطلان الأديان؟ وهل يُعلِن عن ذلك الحيوان؟ وكيف يتم الإعلان عن شرف الموضوع بأخس الوسائل؟ وهل الحيوان قادر على التمييز بين الأديان الباطلة ودين الحق؟ وهل هو حيوانٌ عاقل؟ كما يظهر أحيانًا بعض التناقض في الاجتماع في شيءٍ واحد الخير والشر معًا؛ إذ يُخرِج الحيوان رأسه من الصفا، وهو مكانٌ مقدَّس، فتبطل الأديان من مهبط الأديان! ولماذا يطوف عيسى بالبيت، وليس محمدًا وهو أولى بالطواف؟١٤ ولماذا لا يطوف إبراهيم وإسماعيل وهما اللذان رفعا القواعد من البيت؟ وكما تظهر المبالغة تبعًا لقدرة الخيال الشعبي، فيتصدع الجبل من خروج الدابة، وتجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها، وكأن في الثلثَين الباقيين لا توجد قوائم. فإن وُجدت، فكيف تجري الفرس على قوائم أقل؟ وقد لا يستطيع تحملَ مثل هذا الجسد الضخم أربعُ قوائم وحدها، ولا أقل من مئات من الأقدام. وقد تتناقض العلامة مع نفسها أو مع غيرها؛ إذ كيف تخرج الدابة والناس تطوف بالبيت، والأنبياء تقوم بمناسك الحج، وفي الوقت نفسه تكون علامةً أخرى، وهو ألا يوجد على الأرض مؤمنٌ واحد؟

(٢) خرق قوانين الطبيعة

وبعد علامات الصراع بين الخير والشر، وهي علاماتٌ إنسانيةٌ خالصة تتعلق بالإنسان والحيوان، بالأفراد والجماعات، بالأبطال والشعوب، تأتي علامةٌ واحدةٌ أخرى تشير إلى اضطراب قوانين الطبيعة، وتُوقِف اطرادها وجريانها وفقًا للعادة؛ فتُشرِق الشمس من المغرب، وتغرب من الشرق. تُخرَق قوانين الطبيعة، وتنتهي إمكانية الحياة في عالمٍ لا يحكمه قانون، ولكن هذا الاضطراب مؤقَّت وليس دائمًا؛ إذ لا يستمر أكثر من ثلاثة أيام طبقًا لروايات الإنجيل، ثم تصعد الشمس إلى وسط السماء دليلًا على العظمة والارتفاع والحد الفاصل بين الفوضى والنظام، حيث لا ميل ولا انحراف شرقًا أم غربًا، ثم يسود القانون الطبيعي من جديد ويطَّرد جريانه، فتُشرِق الشمس من المشرق وتغرب من المغرب؛ تغليبًا للنظام على الفوضى، وللقانون على الاستثناء. ويوجد لذلك نموذجٌ سابق في التوراة، وهو وقوف الشمس ليوشع. فالخيال الشعبي ينسج تصوراته طبقًا لنماذج سابقة في تاريخ الأديان، النصرانية واليهودية خاصةً كأديانٍ منافسة في الجزيرة العربية. فإذا ظهر المسيح في العلامات الأربع في الصراع بين الخير والشر، يظهر يوشع في خرق قوانين الطبيعة؛ وبالتالي لا يكون المسلمون أقل من النصارى واليهود في تصور أمور المعاد. وكما عاب أهل الكتاب على محمد عدم معرفته بأقاصيص الأولين، وأرسل الله له أحسن القصص، فكذلك نسج الرواة خيالات المعاد وعلامات الساعة؛ حتى لا يكونوا أقل من أهل الكتاب. فإذا ما تحدَّث القصص عن الماضي وعن التاريخ، فإن علامات الساعة تتحدث عن المستقبل. وإذا كان الماضي تذكرة وعظة وعبرة، فإن المستقبل تخطيط وإعداد ورؤية، وكلاهما بُعدان لوعيٍ تاريخيٍّ واحد. وقد يكون الغرض من هذا الاضطراب في سِيَر قوانين الطبيعة واطرادها هو تنبيه الإنسان على نهاية الزمان وانتهاء التكليف؛ وبالتالي إعطاؤه إمكانية قصوى للتوبة وتعديل السلوك والتنبه إلى الفعل. فالتوبة تحدث في الزمان، وعلامة الساعة إنما تحدث في الزمان؛ فالساعة هي الزمان أو لحظته القصوى والأخيرة، فالعلامة هي التنبيه للإنسان لأن يلحق بالزمان قبل أن يمضي وينقضي. قد تكون التوبة خاصة بالمؤمن العاصي وحده دون الكافر، وقد تُغلَق على الكافر وحده. والأقرب أن تكون للمكلَّف عامةً العاقل البالغ بصرف النظر عن وضعه؛ حتى يُعطى الأمل للجميع. ومنذ عودة النظام إلى يوم القيامة لا تُقبَل التوبة، وكأن الزمان قد استُهلك، والحياة قد استُنفدت، ولم يعُد هناك أمل في التغيير. فإذا ما اعترض العقل على كل ذلك، فما أسهل اللجوء إلى القدرة الإلهية الشاملة؛ وبالتالي إرجاع السمعيات إلى أحد الاختيارات في العقليات.١٥

(٣) انتهاء التكليف

وهناك علاماتٌ أخرى تدل على انتهاء التكليف ونهاية الزمان، منها ظهور المهدي، وقد دخلت في صراع الخير والشر مع ظهور المسيح عيسى ابن مريم. ومنها الدخان الذي يُصيب الكافر حتى يصبح كالسكران الذي يفقد وعيه وتوازنه، ويُصيب المؤمن منه كهيئة الزكام؛ وذلك لأن له بعض الأعمال السيئة. ويمكث الدخان في الأرض أربعين يومًا يخرج من أنف الكافر وعينَيه ودبره من كثرته فيه، ولا يخرج من المؤمن من أية فتحة فيه لقلته عنده! وكيف يميِّز الدخان بين المؤمن والكافر؟ وكيف لا يُصيب الدخان المنتشر في الهواء المؤمن والكافر بلا تمييز، نظرًا لحمل الهواء له وعدم القدرة على السيطرة على التيار، خاصةً إذا مكث المؤمن والكافر في المكان نفسه وفي مواجهة التيار نفسه؟ وقد يكون الكافر سكِّيرًا يحبُّ السكْر فيلتذُّ به. ولماذا يُصيب المؤمنَ القليلُ منه وهو مؤمنٌ تائب؟ أليس الزكام في نهاية الأمر مرضًا يبرأ منه الإنسان؟ ولماذا تحديد الزمان بأربعين يومًا إلا إذا كان العدد الأربعون ما زال رمزًا للموت والحياة كما هو في الدين المصري القديم وفي الدين الشعبي الآن؟ وقد تعني العلامة، رجوع أهل الأرض كله كفارًا، نهايةَ الإيمان، وانتهاء إمكانية الفعل والتحقق، وسيادة اليأس التام والتشاؤم المُطلَق. فالزمان تغيُّر وحركة وصراع ونصر وغلبة، وما دام الأمل قد انتهى ينتهي الزمان بدوره. وقد تكون العلامة خراب الكعبة على يد الحبشة بعد موت عيسى؛ فالكعبة رمز للإيمان، وخرابها على يد الحبشة إسقاط الماضي على المستقبل، ومد عام الفيل إلى نهاية الزمان كنوع من همِّ الماضي وتحوُّله إلى هاجس في المستقبل. ويظهر عيسى من جديد حيًّا مقارنًا بالكعبة، مع أن إبراهيم أو إسماعيل أو محمدًا أولى بالقرآن. وقد تكون العلامة رفع القرآن من المصاحف والصدور أيضًا بعد موت عيسى. وبطبيعة الحال لا يعني ذلك رفع المداد من الورق؛ فالقرآن ليس حروفًا بالمداد على ورق وصحائف، إنما يعني رفعه من الصدور، ونسيان المؤمنين له، وضياعه منهم، وعدم العمل به؛ وبالتالي انتهاء الوحي عن كونه موجِّهًا للعالم ومطابقًا للطبيعة. ولا يستطيع البشر أن يعيش بلا علم أو عمل. وكيف يقضي الناس أمام الله يوم القيامة بلا حجة من القرآن إذا ما رُفع من الصدور، خاصةً وأن من حفِظ القرآن طبقًا لإحدى الروايات لا يمسُّ جسده النار شفاعةً له، ولا يُحرَق مع حافظه؟١٦
والحقيقة أن علامات الساعة المذكورة في علم العقائد ليس منها شيء في أصل الوحي، وهناك علاماتٌ أخرى في أصل الوحي ليست منها، إنما أتت علامات الساعة في علم العقائد من رواياتٍ ضعيفة وضعها الخيال الشعبي لاستكمال النسق العقائدي؛ حتى لا تكون العقائد الإسلامية بأقل من العقائد النصرانية أو اليهودية؛ وبالتالي أتت علامات الساعة على منوالها. ويصعب في أصل الوحي التفرقة بين علامات الساعة وبين بدايات اليوم الآخر، وهي صور تجمع بين الحقائق البشرية وبين الحوادث الكونية، ولكن ليس بها أثر لمخلص أو مهدي أو مسيح دجال أو نبي؛ فهناك خسف القمر، وجمع الشمس والقمر، وتكوير الشمس، وانشقاق السماء والقمر، وهويُّ النجم، ونفخ الصور. تكون السماء كالمهل، والجبال كالعهن. يخرج الناس من الأجداث سراعًا، وكلٌّ منهم لا يُسأل إلا عن نفسه. يكون الناس كالفراش المبثوث، والجبال كالعهن المنفوش. يُبعثَر ما في القبور، ويُحصَّل ما في الصدور، وتُزلزَل الأرض، وتُدَك دكًّا.١٧ ولكن الأهم من ذلك كله أنه إذا كان المقصود من علامات الساعة معرفة ميقاتها، فذلك مستحيل؛ فالساعة، أي نهاية الزمان، غير معلومة؛ لأن الزمان تجربةٌ معاشة، تكون الساعة هي ساعة الزمان أو ساعة الأجل. أما يوم الساعة فإنه غير معلوم، مع أنه يأتي يقينًا، لا يعلمه إلا الله باعتباره كل الزمان، تأتي الساعة بغتة. ليس الغرض منها معرفة وقتها وعلامتها، بل الإعداد لها والإحساس بالزمان قبل انقضاء العمر وانتهاء التكليف.١٨
١  التفتازاني، ص١٥٠-١٥١.
٢  خروج المسيح الدجال: وهو من بني آدم، كافر، يدَّعي الألوهية، ويطوف بالدنيا (الدردير، ص٧٤–٧٨؛ شرح الخريدة، ص٦١؛ الإبانة، ص١١؛ مقالات، ج١، ص٣٢٣). ظهوره: يمكث في الأرض أربعين يومًا (الحصون، ص٨٦-٨٧؛ الفِرَق، ص٢٨٢؛ النسفية، ص١٥٠). خروج المسيح الدجال لمسحه الأرض في أُحد، يسير مرة أربعين يومًا؛ وقيل لأنه ممسوح العين اليسرى. ووصفه بالدجال، أي الكذاب، للفرق بينه وبين المسيح عيسى ابن مريم، ويُسمَّى المسيح لمسحه الأرض وسياحته فيها، وقيل لأنه ما مسح على ذي عاهة إلا برئ بإذن الله، وقيل لأنه ممسوح البركة (شرح الخريدة، ص٦١). ظهور الدجال للناس من أرض المشرق بخراسان، واسمه صافٍ، وكنيته أبو يوسف، يهودي، مسح عينه، لم تُخلَق له إلا عينٌ واحدة، والأخرى عليه أصفرة جلد قريبة من العمى، مكتوب بني عينَيه كافر، يقرؤه كل مؤمن. وقيل: أعور العين، كثير الشعر، معه جنة ونار يسيران معه، وكذلك تسير معه الأنهار، ويأمر السماء فتُمطِر، والأرض فتُنبِت، ويأمر الأرض فتُخرِج كنوزها، تسير معه، ويدعو رجلًا جميلًا وهو الخضر، فيقول له: أنا رب العالمين. فيقول له: كذبت يا دجال! رب العالمين رب السموات والأرض. فيضربه بسيفه فيشقه نصفَين، ثم يقول له: قم. فيحيا بقدرة الله، ويكذِّبه، ويقول له: لا تقدر أن تفعل شيئًا. فلم يستطع أن يفعل شيئًا. وله حمار أعور، ما بين أذنَيه أربعون ذراعًا، وبين خطواته ميل. والدجال من الدجل وهو التغطية؛ لأنه يغطِّي الحق بالباطل. فِتنته أعظم الفتن، استعاذ منه الرسول. ومن فِتنته أن يقول للشخص: أجيء لك أبوَيك يشهدان أني ربك وتؤمن بي؟ فيتمثل الشيطان بصورة الأبوَين، ويقولان له: ابتعد يا بني؛ فإنه ربك. فمن ثبَّته الله على الإيمان لا يضرُّه شيئًا. يطوف الدنيا إلا مكة والمدينة وبيت المقدس وجبل الطور، فتطرده الملائكة عنها. واختُلف في قدر مكوثه، والراجح لا يعلمه إلا الله. وله جساسة؛ أي دابة تجسُّ الأخبار له. وهو موجودٌ مسلسل بحديد في يدَيه ورجلَيه في جزيرة. وقد مر تميم على تلك الجزيرة، وسأله الدجال عن النبي: هل خرج؟ فقال تميم: نعم. ثم لما رجع أخبر تميم الرسول (العقباوي، ص٧٤-٧٥).
٣  نزول المسيح عيسى ابن مريم، ويقتل الدجال (الدردير، ص٧٤؛ الدردير، ص٧٤–٧٨؛ شرح الخريدة، ص٦١؛ الحصون، ص٨٦-٨٧؛ النسفية، ص١٥٠). قبل موت عيسى، بعد نزوله عند قيام الساعة، تصير المِلل واحدة، وهي ملة الإسلام الحنيفية. وفي روايةٍ قبل طلوع الشمس على البقية. وترتيب القضية أن المهدي يظهر أولًا في الحرمَين الشريفين، ثم يأتي بيت المقدس، فيأتي الدجال ويحصره في ذلك الحال، فينزل عيسى من المنار الشرقية في دمشق الشام، ويجيء إلى قتال الدجال، فيقتله بضربة في الحال، فإنه يذوب كالملح في الماء عند نزول عيسى من السماء، فيجتمع بالمهدي وقد أُقيمت الصلاة، فيُشير المهدي لعيسى بالتقدم، فيمتنع معلِّلًا بأن هذه الصلاة أُقيمت لك، فأنت أولى بأن تكون الإمام في هذا المقام، ويقتدي به ليُظهِر متابعته لنبيِّنا. وقد ورد أنه يبقى في الأرض أربعين سنة ثم يموت، ويصلِّي عليه المسلمون ويدفنونه. ورُوي أنه يُدفَن بين النبي والصدِّيق، أو بين الشيخَين. وفي روايةٍ أنه يمكث سبع سنين، وهو الأصح. والمراد بالأربعين مدة مكثه قبل الرفع وبعده؛ فإنه رُفع وله ٣٣ سنة. وفي شرح العقائد، أن الأصح أن عيسى يصلِّي بالناس ويؤمُّهم، ويقتدي به المهدي؛ لأنه أفضل، وإمامته أولى (شرح الفقه، ص٢٠١-١٠٢). نزول المسيح من السماء الثانية التي يسبِّح فيها الله، وليس فيها مكلَّفًا، ولا يأكل ولا يشرب. ينزل واضعًا يدَيه على أجنحة الملائكة، لابسًا ثوبَين مصبوغين بورس ثم بزعفران. يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويترك الجزية. ووقت نزوله صلاة الصبح. يصلِّي به المهدي إمامًا. والحكمة في نزوله الرد على اليهود والزاعمين قتلهم له. ويموت بعد نزوله ومكثه مدة، ويصلِّي عليه المسلمون، ويُدفَن في الأرض في روضة محمد؛ لأنه خُلق في الأرض؛ إذ هو من مريم بلا أب. نفخ جبريل في طوقها، وحملت منه ساعتها ووضعته كما في القرآن. وفي زمانه الرخاءُ الكثير والبركة، حتى تكفي الرمانة الجماعة، ويحصل الأمن؛ فترعى الغنم مع الذئب، وتلعب الصبيان بالحيات. ومدة مكثه أربعون سنة أو سبع. سُمِّي المسيح لأنه ممسوح القدمَين، أو لأنه ما مسح على أية عاهة إلا بُرئ منها. وبعد نزوله يتزوج امرأة من حزام، قبيلة باليمن، ويُولَد له ولدان؛ موسى ومحمد. وينزل عليه جبريل ليس بشرعٍ جديد؛ لأن شرع محمد لا يُنسَخ بغيره. وكان يقول: «والله إنكم لن تنالوا ما تطلبون إلا بترك ما تشتهون.» ولذا قيل شهوة العاقل وراء فكرته؛ فإذا عرضت له شهوة سبقتها الفكرة؛ أي فكرته في العواقب. وفكرة الأحمق وراء شهوته، يُبادِر إلى الشهوات غير متفكِّر فيما تجرُّه من الآفات؛ فإذا وقف يوم عرض الديوان تبيَّن له الربح من الخسران (العقباوي، ص٧٥-٧٦). نزول المسيح عيسى ابن مريم من السماء وقتله المسيح الدجال. ينزل ابن مريم في خفة من الدين وأدباء من العلم، أربعين ليلة يسبح في الأرض. اليوم كالسنة، واليوم كالشهر، واليوم كالجمعة، وسائر الأيام كأيامكم. أقامت الملائكة بأبواب مكة والمدينة، ومعه جبال من خبز. تتبعه الشياطين. يفرُّ الناس إلى جبل الدخان بالشام، فيأتيهم فيُحاصِرهم. حين يراه الكذاب فينخاع؛ أي يذوب. ينادي عليه الشجر والحجر يا روح الله، هذا يهودي. فلا يترك من كان يتبعه أحد إلا قتله (شرح الخريدة، ص٦١-٦٢). نزول عيسى من السماء أمرٌ جائزٌ عقلًا، مثل صعوده إلى السماء عندما أرادت اليهود قتله. يصعد وينزل بواسطة الملائكة، ويحفظ الله حياته من جميع ما يتوهم المتوهِّمون، مثل صعود كرة الهواء (الحصون، ص٩٥).
٤  خروج يأجوج مأجوج، وهما قبيلتان من ذرية يافث بن نوح، يطوفون بالأرض زمن عيسى، وأمة محمد في رءوس الجبال يدعون الله عليهم فيموتون جميعًا. ينزل عيسى ومن معه (الدردير، ص٧٤–٧٨؛ شرح الخريدة، ص٦١؛ الحصون، ص٨٦-٨٧؛ النسفية، ص١٥٠). وقيل يأجوج من الترك، ومأجوج من الجبل. وهما اسمان أعجميان، وقيل عربيان (الإسفراييني، ص١٥٠). يُهلِكهم الله أجمعين ببركة دعائه عليهم، ثم يموت المؤمنون (شرح الفقه، ص١٠١-١٠٢).
٥  هم مختلفون في الصفة؛ منهم من طوله مُساوٍ لعرضه، ومنهم من يفرش إحدى أذنَيه ويلتحف بالأخرى. لهم أضراس كالسباع، ومخالب في أظافرهم. أولهم بالشام، فيشرب من طبرية، بحرٌ عظيم، وآخرهم يكون بالعراق. ويقولون: قد قتلنا أهل الدنيا، فلنقاتل أهل السماء. فيرمون جهة السماء بالنشاب، فترجع ملطَّخة، وما يُضلُّهم الله إلا استدراجًا … يموتون جميعًا في وقتٍ واحد بآفة في رقبتهم، وهو دود يخرج منها، والجميع كفار (العقباوي، ص٧٦-٧٧).
٦  بعد قتل عيسى الدجال، يوحي الله إليه إذ قد أخرجت عبادًا إليَّ لا يدان لأحد بقتالهم، فحرِّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدب ينسلون؛ أي من كل نشر يمشون مُسرِعين، فتمرُّ أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ماءها وهي بالشام، طولها عشرة أميال، ويمرُّ آخرهم فيقولون لقد كان بهذا أثر ماء، ويحصرون عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرًا من مائة دينار لأحدكم، فيرغب نبي الله وأصحابه إلى الله، فيُرسِل عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون خرسًا كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه في الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأته زحمتهم، فيرغب إلى الله نبي الله وأصحابه، فيُرسِل طيرًا كأعناق البخت، فتحملهم وتطرحهم حيث شاء الله، ثم يُرسِل مطرًا لا يمكن منه بيت مدر ولا دبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يُقال لها: «أنبتي ثمرك» (الخريدة، ص٦٢-٦٣).
٧  هي أمم، كل أمة أربعمائة ألف، لا يموت الرجل حتى يرى ألف عين تطوف بين يدَيه من صلبه. وهم من ولد آدم، يسيرون إلى خراب الدنيا، فيكون مقدمتهم بالشام وساقتهم بالعراق، فيمرُّون بأنهار الدنيا، فيشربون الفرات والدجلة وبحيرة طبرية حتى يأتوا بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا أهل الدنيا، فقاتلوا من في السماء. فيرمون نشابهم إلى السماء، فيرد الله نشابهم محمرًّا دمًا. بعد قتال عيسى الدجال يخرج يأجوج ومأجوج، فيقتلون من اتبع الدجال، ويخرج عيسى ومن معه في رءوس الجبال، فيسلِّط الله عليهم داءً في أعناقهم، فيموتون كموت رجل واحد (شرح الخريدة، ص٦٢-٦٣).
٨  هما أمتان عظيمتان ذُكرا في القرآن، وأراد ذو القرنَين سدَّ عليهما طريق خروجهما من أرضهما بالسد، حتى إذا جاء وعد ربه؛ أي يوم القيامة. وهذا ضد علماء الجغرافيا الذين يدَّعون أنهم ساحوا في الأرض ولم يعثروا على محل يأجوج ومأجوج، فهم لم يسيحوا في كل بقاع الأرض. وحاول الرازي تحديده بسيبيريا بثلوجها (الحصون، ص٩٣–٩٥). وقد ذُكرا في القرآن مرتَين؛ الأولى في سورة الكهف: قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (١٨: ٩٤–٩٧)، والثانية في سورة الأنبياء: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٢١: ٩٦).
٩  يُذكَر الفعل في سورة الكهف بعد آية واحدة من الآيات السابقة: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (٢١: ٩٩).
١٠  خروج الدابة: فصيل ناقة صالح لما عُقرت أمها ولا يُدرِكها طالبٌ هربت، وانفتح لها حجر وانطبق عليها، وهي فيه إلى وقت خروجها، معها عصا موسى وخاتم سليمان، فتجلو وجه المؤمنين بالعِصي، وتختم على فم الكافر بالخاتم، ولا ينجو منها هارب. ارتفاعها إلى العلو يصل السحاب، ريشها قد جمع من كل حيوان. رأسها رأس ثور، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وذنَبها ذنَب كبش، وقوائمها قوائم بعير، بين كل مفصل ومفصل اثنتا عشرة ذراعًا (العقباوي، ص٧٧-٧٨).
١١  لها ثلاث خرجات: خرجة بأقصى اليمن، فيفشو ذِكرها في البادية، ولا يدخل ذِكرها مكة، ثم تُركت طويلًا، وخرجت قريبة من مكة، فيفشوها ذِكرها في البادية ومكة، وخرجة بينها عيسى ابن مريم، يطوف بالبيت ومعه المسلمون؛ إذ تهتز الأرض تحتهم، وينشق الصفا ممَّا يلي الشعر، فيخرج رأس الدابة من الصفا. تجري الصفا ثلاثة أيام وما خرج ثلثها. وبعد خروجها يمسُّ رأسها السحاب، وتمشي الجساسة، طولها ستون، ولها أربع قوائم وزغب (شرح الخريدة، ص٦٣).
١٢  دابةٌ تخرج من جبل الصفا يتصدع لها، والناس سائرون إلى مِنى أو الطائف أو بثلاث أمكنة ثلاث مرات، معها عصا موسى وخاتم سليمان، تضرب المؤمن بالعِصي، وتطبع وجه الكافر بالخاتم فينتقش فيه هذا كافر (الإسفراييني، ص١٥٠).
١٣  خروج الدابة التي تكتب بين عينَي المؤمن مؤمنًا فيُضيء وجهه، وبين عينَي الكافر كافرًا فيسودُّ وجهه (البيجوري، ج٢، ص٧٧).
١٤  خروج الدابة تكلِّم الناس ببطلان الأديان إلا دين الحق، فيخرج رأسها من الصفا وعيسى يطوف بالبيت. تجري الفرس ثلاثة أيام وما خرج ثلثها، ولها أربع قوائم وزغب وريش (الدردير، ص٧٤–٧٨؛ شرح الخريدة، ص٦١؛ الحصون، ص٨٦-٨٧؛ النسفية، ص١٥٠). خروج الدابة التي تكلِّم الناس في آخر الزمان ببطلان الأديان إلا دين الإسلام، وتقول: يا فلان، أنت من أهل الجنة، ويا فلان، أنت من أهل النار. وإن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. تخرج من أعظم المساجد حرمة على الله؛ المسجد الحرام (شرح الخريدة، ص٦٣).
١٥  طلوع الشمس من مغربها ثلاثة أيام أو يومًا، وتغرب في المشرق، أو تصعد إلى وسط السماء ثم ترجع في المغرب، وبعد ذلك تخرج من المشرق على العادة (الدردير، ص٧٤–٧٨؛ شرح الخريدة، ص٦١؛ الحصون، ص٨٦-٨٧؛ النسفية، ص١٥٠؛ البيجوري، ج٢، ص٧٧؛ شرح الفقه، ص١٠١-١٠٢). الله قادر على كل شيء، وقد حدث ذلك من قبل في وقوف الشمس، واعتبارها معجزة لمحمد وليوشع (الحصون، ص٩٣). اختلفوا، هل في يومٍ واحد أو ثلاثة أيام ثم تطلع من المشرق كعادتها إلى يوم القيامة؟ وإذا طلعت من المغرب غربت في المشرق، وبعد ذلك يُغلَق باب التوبة على المؤمن العاصي والكافر. وقيل هو خاص بالكافر. هل ذلك خاص بالمكلَّف أم عام؟ وهل يستمر إلى يوم القيامة وهو ظاهر؟ من يوم طلوع الشمس من مغربها إلى يوم القيامة لا تُقبَل توبة. عدم قبولها من المؤمن والكافر خاصٌّ بمَن شاهد الطلع وهو مميِّز. أما غير المميِّز مثل الصبي أو المجنون ثم حصل له التمييز أو وُلد بعد ذلك، فإنه تُقبَل منه التوبة. لا تُقبَل توبة الكافر إلا إذا كان صغيرًا ثم أسلم بعد ذلك، فإنما تُقبَل منه، وأما المؤمن المُذنِب، فتُقبَل منه توبته (شرح الخريدة، ص٦٤).
١٦  العلامات الأخرى مثل: (أ) ظهور المهدي. (ب) الدخان يُصيب الكافر حتى يصبح كالسكران، ويصيب المؤمن كهيئة الزكام، يمكث في الأرض أربعين يومًا، يخرج من أنف الكافر وعينَيه ودبره، حتى يصير كالسكران (الحصون، ص٩٥). (ﺟ) رجوع أهل الأرض كلهم كفارًا (الحصون، ص٨٦-٨٧؛ البيجوري، ج٢، ص٧٧). (د) خراب الكعبة على يد الحبشة بعد موت عيسى (شرح الفقه، ص١٠١-١٠٢). (ﻫ) رفع القرآن من المصاحف والصدور (شرح الفقه، ص١٠١-١٠٢).
١٧  وذلك مثل: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٨٤: ١–٥)، إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٨٢: ١–٥)، إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (٨١: ١–١٤)، يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (١٠١: ٤-٥)، أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠٠: ٩-١٠)، كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ (٨٩: ٢١–٢٣)، فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (٨٠: ٣٣–٤١). وقد ذُكر الصور عشر مرات كإحدى علامات الساعة، مثل: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (٥٥: ٣٧)، اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (٥٤: ١)، فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (٧٥: ٧–١٠)، يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٧٠: ٨–١٢)، يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (٧٨: ١٧–٢٠) … إلخ.
١٨  عِلم الساعة عند الله: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي (٧: ١٨٧)، إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ (٣١: ٣٤)، يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ (٣٣: ٦٣)، إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ (٤١: ٤٧)، وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. ومع ذلك فإن الساعة تأتي بغتة على غير انتظار: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً (٤٧: ٨١)، حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا (٦: ٣١)، هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٤٣: ٦٦). وقد تكون قريبة: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (٣٣: ٦٣)، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (٤٢: ١٧). ومع ذلك فالساعة آتية لا ريب فيها: وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا (١٨: ٢١)، إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (٢٠: ١٥). ونفس المعنى في: (٢٢: ٧)، (٤٠: ٥٩)، (٤٥: ٣٢). والغاية من ذلك توجيه السلوك، مثل: الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٢١: ٤٩)، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (٢٢: ١). ونفس المعنى في (١٩: ٧٥)، (٦: ٤٠)، (٣٠: ١٢)، (٣٠: ١٤)، (٤٠: ٤٦)، (٥٤: ٤٦)، (٥٢: ٤٦). وقد تعني الساعة ليس يوم الساعة، بل ساعة الزمان، مثل: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ (١٠: ٤٥)، وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ (١٦: ٧٧). وقد يعني الأجل والعمر، مثل: حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا (٦: ٣١)، فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٧: ٣٤).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤