حادثٌ في المحطة

كان الأصدقاء الأربعة «محب» و«نوسة» و«عاطف» و«لوزة» يَنتظرُون حضور «تختخ» في ذلك اليوم، وكانت «لوزة» أشدَّهم فرحًا بحضور صديقهم الخامس؛ ولهذا أخذت طول اليوم تقول لشقيقها «عاطف»: سوف يَحضُر «تختخ» اليوم، كم أنا سعيدة بذلك!

وضاق «عاطف» بأخته الصغيرة، فصاح فيها: هذه هي المرة العاشِرة التي تقولين فيها هذا الكلام، ألا تَستطيعين التفكير في شيءٍ آخر؟!

لوزة: لا أستطيع، فنحن بدونه لا نجد أيَّ شيء نفعله سوى اللعب والجرْي، وهكذا فقدْنا اسمنا الجميل «المغامرون الخمسة»، ولكن عندما يَصِل «تختخ» سوف نجد مغامرةً نقوم بها، أو لغزًا نحلُّه، وهكذا يعود لنا اسم «المغامرون الخمسة».

واستعدَّ الأصدقاءُ الأربعة لمغادَرة منزل «عاطف» حيث كانوا مُجتمعين فقالت «نوسة»: لقد أعددت ﻟ «تختخ» هدية تَليق به، إنها ذقنٌ صغير أسود، يُساعده على التنكُّر، الذي يُحبُّه ويُجيده.

وقالت «لوزة»: وأنا أيضًا أعددتُ له هدية، إنها مُفكرةٌ للجيب، وقد كتبت عليها اسمه الكامل «توفيق خليل توفيق».

وبدأ الأصدقاء سيرَهم إلى محطة «المعادي» حيث يَسكُنون فوصلوا عند وصول القطار، ووقفوا ينظرون في لهفةٍ إلى نوافذ القطار، لعلَّهم يُشاهدون «تختخ» يشير لهم، ولكنهم لم يرَوه، فقالت «لوزة» في حزن: ماذا حدث؟! إن «تختخ» ليس في القطار.

ولكن «محب» فكر لحظةً ثمَّ قال: قد يكون مُتنكِّرًا كما يحبُّ أن يفعل دائمًا ليُفاجئنا.

وأخذ الأصدقاء يَنظُرُون إلى المسافرين جميعًا، و«محب» يصف كلَّ مَن يرى: إنه لا يُمكن أن يكون هذا الرجل الطويل، ولا هذه الفتاة، ولا هذه السيدة فهي صديقة لأمي.

وفجأة صرخت «لوزة»: «محب» … «عاطف» … ها هو ذا «تختخ» إنه الولد الضخم الجسم الذي يَنزل من العربة الأخيرة.

ونظر الجميع إلى حيث أشارت «لوزة» وصاحوا معًا: نعم، إنه هو، ولكن لم يتنكَّر بطريقةٍ جيدة.

وقالت «نوسة»: تعالوا نتظاهر بأننا لم نعرفه، ونتركه يمر بنا دون أن نتكلَّم معه، فيظن أن تنكُّره قد خدعنا، ثم نفاجئه خارج المحطة.

ووافق الجميع، فلما مرَّ بهم الولد الضخم الجسم وهو يَحمل حقيبته، تظاهروا بأنهم لا يعرفونه، وكانت «لوزة» تُجاهد حتى تمنع نفسها من الجري خلفه، ومصافحته؛ لأنها كانت تحبه جدًّا.

وهمست «نوسة»: إنه يُقلِّد الشاويش «فرقع» تمامًا.

وسار الأصدقاء الأربعة خلف الولد الضخم الجسم، وبعد خطواتٍ توقف وأنزل حقيبته، ثم التفت إليهم وصاح: ماذا تُريدون مني؟ ولماذا تسيرون خلفي؟

وصمت الجميع، فقد فوجئوا بأن «تختخ» يتحدَّث بطريقةٍ مختلفة عما عرفوه عنه، فصاح الولد الضخم الجسم: فرقعوا، فرقعوا من أمامي!

ثم استأنف سيره، والأصدقاء يَمنعون أنفسهم من الضحك، في حين قالت «نوسة»: إنه يُمثِّل دوره بمهارة، حتى إنني خفتُ عندما صاح في وجوهنا.

قال «عاطف»: يكفي هذا، تعالوا نُخبره أننا عرفناه، ونساعده في حمل حقيبته.

صاح «محب»: «تختخ» … «تختخ» انتظرنا!

وأسرعت «لوزة» إليه، وأمسكت بيده قائلة: لقد أتقنتَ دورَكَ تمامًا!

وكانت مفاجأة لهم جميعًا، أنَّ الولد الضخم الجسم التفت إليهم وصاح في وجوههم: ما هذا الذي تقولونه؟ ولماذا تُنادونني باسم «تختخ»، إن عمي هو شاويش هذه المنطقة، وإذا لم تبتعدوا عني، فسوف أخبره بما فعلتم.

قالت «لوزة» وهي تبتسم: «تختخ»، كفاكَ تمثيلًا، انظر لقد أحضرت لك هديةً، إنها مُفكرةٌ صنعتها بنفسي.

ولدهشتهم جميعًا، مدَّ الفتى الضخم الجسم يده فانتزع المفكرة، ثم عاود صياحه قائلًا: لقد أنذرتكم، إنني لا أحب الهزار، وأضرب من يُضايقني، هل تحبون أن أضربكم؟

قال «محب» وهو يقترب منه: «تختخ»، كفى تمثيلًا حتى الآن، تعال نبحث عن «زنجر» إنه مع والدتك في الناحية الأخرى من المحطة.

ولكن الفتى الضخم الجسم أزاح «محب» جانبًا، ثم حمل حقيبته، وسار خارجًا من المحطة، ولدهشتهم، لم يَسِر في اتجاه منزل «تختخ»، ولكن في اتجاهٍ مخالف.

سار الأصدقاء الأربعة خلف الولد الضخم الجسم، وهم في غاية الدهشة، وقد تسلَّل بعض الشك إلى نفوسهم، وكانت أكبر المفاجآت أن وجدُوا الولد الضخم الجسم يطرق باب منزل الشاويش «فرقع» ثم يدخل، بعد أن هزَّ يده في وجوههم مهددًا.

وقف الأصدقاء الأربعة وهم في غاية الذهول والدهشة، وقال «عاطف»: إنني متأكدٌ أنه «تختخ»، ولكن ماذا يفعل «تختخ» في منزل الشاويش «فرقع» أيضًا!

ولم يجد الأصدقاء فائدة في الوقوف، فاستداروا، ومضوا في طريقهم يتحدثون، وفجأةً وجدوا الكلب «زنجر» يتجه إليهم مسرعًا وهو ينبح مسرورًا، ومع «زنجر» كانت أم «تختخ» التي ابتسمت لهم، وقالت: لقد عرَفَكم «زنجر» على الفور، إنني ذاهبةٌ لانتظار «توفيق» على المحطة، فهل أنتم ذاهبون لانتظاره أيضًا؟

ردَّ «محب»: لقد قابلناه فعلًا، إنه متنكِّر، وقد ذهب إلى منزل الشاويش «فرقع»!

قالت السيدة في دهشة: منزل الشاويش «فرقع»؟ غير معقول! لقد اتَّصل بي تليفونيًّا من القاهرة، وقال إنه سيتأخَّر ربع ساعة ويأتي في القطار التالي.

ونظر الأصدقاء بعضهم إلى بعضٍ في دهشة، ثم تبعوا السيدة إلى المحطة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤