العثور على عشماوي

حدثت أشياء كثيرة في اليوم التالي، فعندما استيقظ «جلجل» في الصباح، كان أول شيء فعله هو قراءة الجريدة، وكم كانت دهشتُه عندما وجد أن سرقة كبيرة قد وقعت في اليوم السابق، فأخذ يقرأ التفاصيل باهتمام، مما لفت انتباه الشاويش.

قال «جلجل» في نفسه لقد صدق «تختخ» ووقعت السرقة، ولا بد أن العصابة ستَنقل المسروقات إلى الطاحونة، وسأعثر عليها، وأصبح بطلًا.

أما الشاويش فقد قرأ الجريدة، ولم يهتمَّ بخبر السرقة؛ لأنها وقعت خارج المنطقة التي يعمل بها.

وفي هذه الأثناء كان «المغامرون الخمسة» قد قسموا العمل بينهم للعثور على معلوماتٍ عن «عشماوي». «عاطف» و«لوزة» أخذا يسألان والديهما عن هذا الاسم الغريب، وهل يعرفان أحدًا بهذا الاسم، ولكن هذه الطريقة لم تؤدِّ إلى نتيجة، أما «محب» و«نوسة» فقد كانا أسعد حظًّا، لقد انتظرا ساعي البريد أمام المنزل حتى حضر، فقال «محب»: أليست هناك خطابات باسم أبي اليوم؟

الساعي: لا، ولكن هناك خطاب لجارِكم الأستاذ «حسان» …

محب: بهذه المناسبة هل تصل خطابات لشخصٍ يُدعى «عشماوي» في هذه المنطقة؟

الساعي: نعم، هناك الأستاذ «العشماوي» المدرس، وهناك حرم المرحوم الأستاذ «عشماوي»، الذي كان يعمل في التجارة، وهناك الأستاذ «عشماوي» صاحب المنزل البعيد المهجور، وقد هاجر من البلاد، ولكن بعض الخطابات تصله بين حينٍ وآخر.

أسرع «محب» و«نوسة» للبحث عن «تختخ»، ولكنَّهما لم يجداه في منزله، وقالت لهما الشغالة إنه ركب دراجته وخرج، فانتظراه في حجرته.

وفي تلك الأثناء كان «تختخ» الذي تنكَّر في شكل «جلجل» تمامًا، قد أخذ «زنجر» في سلة الدراجة، وانطلق لزيارة الجراج الذي يحمل اسم «عشماوي» بعد أن أخذ العنوان من دليل التليفونات.

وصل «تختخ» قرب الجراج، وأخذ يفكر في طريقة يدخل بها إليه، وكانت أفضل طريقة أن يخلي عجلة الدراجة من الهواء، ثم يَطلب أن ينفخها في الجراج، وفعلًا نفذ خطته.

دخل «تختخ» إلى الجراج، فوجد الرجال جميعًا مشغولين بالعمل، فاقترب من ولدٍ في مثل سنه تقريبًا، كان يغسل إحدى العربات وقال له: صباح الخير، هل أستطيع نفخ عجلتي هنا؟

ردَّ الولد المشغول: ليس الآن، إنني مشغولٌ جدًّا.

نظر الولد من نافذةٍ صغيرة إلى غرفة الإدارة في الجراج، ثم قال: لا أستطيع، فالمدير هنا، وقد يغضب إذا تركتُ عملي.

شعر «زنجر» أن «تختخ» في مأزق، فقفز من الدراجة وأسرع إلى الولد وأخذ يطوف حوله، فقذفه الولد ببعض الماء من الخرطوم الذي يحمله: ونبح «زنجر» في سعادة، فقال الولد: إنه كلبٌ ظريف.

قال «تختخ»: فعلًا وهو يحب الأولاد الطيبين مثلك، وبهذه المناسبة هل تعمل كثيرًا هنا؟

الولد: إنني أعمل طول النهار، فصاحب الجراج الأستاذ «عشماوي» رجلٌ قاسٍ، وهو يراقبنا من هذه النافذة، هو ومدير الجراج.

وبينما هذا الحديث يدور، دخل كلبٌ آخر، واشتبك مع «زنجر» في معركةٍ ارتفع بها النباح، وفجأة أطلَّ وجهُ رجلٍ غاضب من النافذة، وصاح: ما هذا الذي يحدث، كلب مَن هذا؟

قال الولد في خوف: إنه كلب هذا التلميذ!

صاح «عشماوي»: ما اسمك يا ولد؟

قال «تختخ» دون تفكير وقد نسيَ تنكره: «توفيق خليل»، وأصدقائي يُنادونني «تختخ» هل أنت مُتضايق يا سيدي؟

رد «عشماوي» في ضيق: طبعًا، فإنني لا أحب أصوات الكلاب، ثم إنك شغلت هذا الصبي عن عمله، ماذا تُريد منا؟

ورد «تختخ» في ثبات، وقد قرَّر أن يختبر «عشماوي»: إنني أريد أن أنفخ عجلتي؛ لأنني ذاهبٌ إلى مكانٍ بعيد، أريد أن أزور المنزل المُختفي خلف الأشجار في آخر «المعادي»! هل تعرف هذا المكان؟

وراقب «تختخ» وجه «عشماوي» الذي ظهرت المفاجأة على وجهه، فتغيَّر لونه إلى الأحمر، والأصفر، ثم استعاد هدوءه وقال: لا … لا أعرف هذا المكان، ولم أسمع عنه قط، هيا خذ كلبك ودراجتك من هنا فنحن مشغولون.

أدرك «تختخ» أنه عثر على «عشماوي» الذي يبحث عنه، فترك الجراج مسرعًا، وعندما وصل إلى الشارع، أخرج المنفاخ الذي معه، ونفخ العجلة وانطلق عائدًا إلى منزله.

أما «عشماوي» صاحب الجراج، فبعد أن خرج «تختخ» أدار قرص التليفون، واتصل بشخصٍ اسمه «أبو دراع» وقال له: هل تذكر الولد الذي اشترك في اكتشاف لغز الكوخ المُحترق، ألم يكن اسمه «توفيق خليل» وشهرته «تختخ»؟

أبو دراع: فعلًا، إنه ولدٌ مشهور بالذكاء، ولكن لماذا تسأل؟

عشماوي: لقد كان هنا الآن، ويسأل عن المنزل المختفي، إنه ولدٌ خطير، ويجب التخلص منه.

أبو دراع: فعلًا، واترك هذه المهمة عليَّ، وسوف أتخلَّص منه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤