في قلب السر الغامض

خرج «تختخ» في الثامنة والنصف، وغضب «زنجر» لأنه لم يأخذه معه، وسار «تختخ» بهدوءٍ عبر الطرقات حتى خرج من «المعادي» ووصل إلى الخلاء، في الطريق إلى المنزل الخفي، وشعر «تختخ» أن شخصًا ما يَتبعه فدهش، ثم استمر في السير فترة، وفجأة اختفى خلف شجرة فسمع صوت الأقدام التي تتبعه تمر بجانبه، ثم تتجاوزه فصاح فجأة: مَن أنت؟

ثم أطلق ضوء بطاريته، فرأى على الضوء «محب» و«عاطف» وقد تبعاه لتقديم المساعدة إذا احتاج إليهما، كانت لحظة عاطفية بين الأصدقاء الثلاثة، وقال «محب»: لم يكن معقولًا أن نتركك تذهب وحدك، ألسْنا جميعًا «المغامرون الخمسة»؟

سار الثلاثة في صمتٍ حتى اقتربوا من المنزل، وكان القمر يرسل ضوءًا خافتًا أضاء لهم المكان، فاختار «تختخ» مكانًا مُناسبًا وقال: سنَقفز من هنا!

أحضر «محب» قطعة كبيرة من الطوب ربطوها في طرف السلم، ثم قذفها «تختخ» بكل قوة، فتجاوزت السور إلى الناحية الأخرى وهي تسحب طرف السلم معها، حيث تعلقت ببروز في السور، وهكذا أصبح سلم الحبال مشدودًا بين الأرض والحائط، وبسرعة صعد الثلاثة، وعبروا السور ثم ساروا في الظلام وقلوبهم تَخفِق بشدة، حتى وصلُوا إلى سلالمَ حجرية ضخمة، صعدوا عليها فأوصلتهم إلى بابٍ مُغلَق، وقف الثلاثة أمام الباب وقال «تختخ» في صوتٍ هامس: إن هناك شيئًا مريبًا يحدث في هذا المنزل، وأنا متأكدٌ الآن أن «جلجل» هنا.

دار الأصدقاء حول المنزل يبحثون عن أيِّ مدخل، ولكن لم يكن هناك طريق أو ضوء يدل على وجود حياة في المنزل مطلقًا.

همس «عاطف»: ما هذا المكان الغريب؟ وماذا يفعل صاحبه؟!

ردَّ «تختخ»: هس … س … س هناك صوتٌ ما …

واستمع الثلاثة في صمت، فسمعوا صوتًا خافتًا كأنه يأتي من تحت الأرض.

محب: هل تسمعون؟ إنها آلةٌ ضخمة، ماذا يحدث هنا؟

انطلق الأصدقاء يتبعون مصدر الصوت حتى وصلوا إلى جراجٍ مفتوح، كان الهواء يلعب ببابه فقال «تختخ»: هذا الباب مفتوح، تعالوا ندخل إلى الجراج.

دخل الأصدقاء الثلاثة، وكان المكان مظلمًا فلم يروا شيئًا، كما اختفى الصوت الذي كانوا يسمعونه، وأطلق «تختخ» ضوء بطاريته على الأرض، وفجأة بدا على الضوء جزء من الأرض يتحرك، ثم ينزلق إلى أسفل في صوتٍ هادئ، كان الأصدقاء على قربٍ شديد من الأرض التي هبطت، ولو تقدموا خطوةً واحدة لنزلوا معها.

وأطفأ «تختخ» بطاريته، وجذبه «محب» في خوف قائلًا: هل رأيت؟

تختخ: نعم؟ الأرض تتحرك، إنها تنزل وتصعد بطريقةٍ آلية، تعالوا نَختفي خلف هذه البراميل حتى نرى ما سيحدث بعد ذلك.

وانتظر الأصدقاء فترةً دون أن يحدث شيء، فأضاء «تختخ» بطاريته، وكانت الفتحة التي في الأرض ما زالت موجودة، فتقدم لينظر ماذا يحدث داخل الفتحة، ولكن فجأة بدأت الأرض تعود إلى مكانها مرةً أخرى، وقد ارتفعت بعض الأصوات، وعندما عادت الأرض تمامًا إلى مكانها، شاهد الأصدقاء الثلاثة لدهشتهم الشديدة، ثلاث سيارات تقف فوق الأرض المتحركة.

وفُتح باب الجراج، وسارت السيارة الأولى حتى خرجت منه، وبعد لحظات خرجت السيارة الثانية، ثم الثالثة.

تهامس «تختخ» و«عاطف» و«محب»: لا بد أن ننزل إلى تحت، إن كل شيء يحدث هناك.

وأمسك «تختخ» بسلكٍ متين، وربطه في عمود، ثم أنزله من فتحةٍ موجودة في الأرض، ونزل الثلاثة على السلك، وبعد لحظاتٍ وجدوا أنفسهم في جانبٍ مُظلِم من المخبأ المختفي في الأرض، ومن مكانهم شاهدوا ورشة ميكانيكية ضخمة، وكانت الآلات تعمل، والسيارات تملأ المكان، فيها سيارات تُفَك إلى قطع، وسيارات يُزال من عليها الدهان، وسيارات تُدهن من جديد.

قال «تختخ» هامسًا ومندهشًا: ماذا يحدث هنا؟ ما هذا المكان؟

ردَّ «محب»: أعتقد أنه ورشة للسيارات المسروقة، تأتي هنا لتغيير أجزائها، وتغيير لونها ثم بيعها مرةً أخرى، إنها سلخانة سيارات.

وقال «عاطف»: لقد قرأت أن سرقات السيارات قد زادت أخيرًا، ولا بد أنها جميعًا تأتي إلى هنا لتغيير شكلها ثم بيعها مرةً أخرى.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤