أضواءٌ على التل

ضحك «المغامرون الخمسة» بعد أن خرج «جلجل» وقال «تختخ»: سوف يعلم الشاويش «فرقع» بكل شيءٍ عن طريق «جلجل»، وسيظنُّ أن هناك عصابة حقيقية، ويبحث عنها …

واتفق الأصدقاء الخمسة على بدء العمل غدًا.

أما «جلجل» فقد قضى وقتًا سيئًا؛ فعندما عاد إلى المنزل حاول أن يُعيد مفكرة عمه إلى المكتب، ولكن الشاويش «فرقع» كان يراقبه ولاحظ ارتباكه فقال له: ماذا تريد من مكتبي؟ هل طلب منك هؤلاء الأولاد أن تعبث بأوراقي، ليعرفوا ما فيها؟ هل طلبوا منك التجسُّس عليَّ؟

رد «جلجل» باضطراب: أبدًا يا عمي، إنهم لم يطلبوا منِّي التجسس عليك مطلقًا!

ولكن «جلجل» ظلَّ يحُوم حول المكتب، فتظاهر الشاويش بأنه نائم، ليعطيه فرصة عمل ما يريد، وفعلًا أسرع «جلجل» إلى مكتب عمِّه ليضع المفكرة السوداء مكانها، وفي هذه اللحظة ظهر الشاويش وصاح: إذن أنت تأخُذ مُفكِّراتي أيضًا لترى ما فيها، لقد وقعتَ في يدي، ولن أتركك حتى تَعترف.

واضطرب «جلجل» اضطرابًا شديدًا، وأخذ يُفكِّر كيف يتخلَّص من هذا الموقف الرهيب، ولكن نظرات «فرقع» الغاضبة جعلتْه يَعترف سريعًا قائلًا: إنني لا أعرف شيئًا يا عمي، إن «تختخ» هو الذي يعرف السر، إنه يَعرف كل شيء!

الشاويش: سرٌّ! أي سرٍّ؟ لا بدَّ أن تُخبرَني فورًا، لا بد أنها قضيةٌ هامة.

جلجل: لا أعرف يا عمي شيئًا كثيرًا، كل ما قاله لي «تختخ» أن هناك أضواءً غامضة عند التل الأخضر!

قال الشاويش وهو يحكُّ رأسه: التل الأخضر! أضواءٌ غامضة! وماذا غير ذلك؟

جلجل: لا شيء، وهذه هي المفكرة التي كتبتُ فيها كل شيء، تستطيع أن تقرأها فتعرف.

وقرأ الشاويش المفكِّرة، وشعر بالسعادة والرضا؛ لأنه يستطيع أن يعرف كل أسرار المغامرين الخمسة من هذه المفكِّرة.

وقام الشاويش لينام، وحذَّر «جلجل» من أن يخرج من البيت.

جلس «جلجل» حزينًا يفكر كيف يتصرَّف، وعمُّه مُتمتِّعٌ بنومٍ هادئ، وفجأة ارتفع صوت طرقاتٍ عالية على الباب، فاستيقظ الشاويش مفزوعًا فقال «جلجل»: هل أذهب لأرى من الطارق؟

فرد الشاويش، وهو يرتدي ملابسه مسرعًا: لا، إنها تشبه خبطات المفتش «سامي»، ولعله حضر لزيارتي في موضوعٍ هام.

وأسرع الشاويش مضطربًا يفتح الباب … وعلى الباب كانت تقف سيدةٌ عجوز سمينة، فصاحت في وجهه: لقد حضرتُ لأشكو جارتي، إنها تَرمي القاذورات أمام بابي … و…

قال الشاويش بغضب: إن بيتي ليس مكتبًا للشكاوى، اكتُبي الشكوى واذهبي بها إلى نقطة الشرطة، وسوف أُحقِّق فيها هناك.

ثم أغلق الباب بعنف، وعاد ليُواصل النوم، ولكن الطرقات عادت مرةً أخرى، فأسرع يفتح الباب مرةً أخرى غاضبًا، فصاحت السيدة العجوز: إنها أيضًا تُلقي بالماء القَذِر على غسيلي.

جنَّ جنون الشاويش فصاح بها مُهدِّدًا: ابعدي عنِّي الآن، قلت لك اكتبي شكوى وأرسليها إلى المكتب.

ثمَّ أغلق الباب للمرة الثانية، ولكن الطرقات عادت مرةً ثالثة، فقال الشاويش: «جلال» اذهب إلى هذه المجنونة، وقل لها أيَّ كلام حتى تَنصرِف.

وأسرع «جلجل» إلى الباب وفتحَه، ولدهشته الشديدة، وجد العجوز تجذبه إلى الخارج، وقالت له في صوتٍ هامس: «جلجل» خذ هذه الرسالة واقرأها بسرعة.

وذهل «جلجل» … فقد كان الصوت صوت «تختخ»، وقد تنكَّر في ثياب السيدة.

وغمز «جلجل» بعينه، فقد فهم كل شيء، ثم صاح بصوتٍ يسمعه عمه: والآن انصرفي من هنا، هيا … هيا وسوف يُقابلك عمي في القسم.

وأغلق «جلجل» الباب، ولم تطرق السيدة الباب مرةً أخرى فقال الشاويش في نفسه: مدهش، لقد استطاع «جلجل» إبعاد السيدة، إنه ولدٌ مُدهِش برغم مشاكله.

وأسرع «جلجل» يقرأ الرسالة بعيدًا عن عمه، كانت بخط «تختخ» وفيها هذه التعليمات: هذه الليلة … راقب الأضواء الغامضة عند التلِّ الأخضر، وعليك أن تَختفي في الطاحونة القديمة، قدم تقريرك غدًا.

وأخفى «جلجل» الرسالة … لقد قرَّر ألا يذكر شيئًا عنها لعمِّه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤