الفصل الأول

الِاخْتِطَافُ

لَمْ يَقْرَأْ باك الْجَرَائِدَ، وَإِلَّا كَانَ عَلِمَ بِالْمُشْكِلَاتِ الَّتِي تَنْتَظِرُهُ، لَيْسَ هُوَ فَحَسْبُ وَإِنَّمَا كُلُّ كَلْبٍ مَفْتُولِ الْعَضَلَاتِ يَتَمَتَّعُ بِشَعْرٍ طَوِيلٍ وَكَثِيفٍ مِنْ مِنْطَقَةِ بوجيت ساوند وَحَتَّى سان دييجو. فَقَبْلَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ، عَثَرَ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَعِيشُونَ فِي أَقْصَى الشَّمَالِ فِي الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ الْمُظْلِمِ عَلَى مَعْدِنٍ أَصْفَرَ يُسَاوِي الْكَثِيرَ مِنَ الْمَالِ، وَالْآنَ آلَافُ الرِّجَالِ يَتَوَافَدُونَ إِلَى الشَّمَالِ سَعْيًا وَرَاءَ هَذَا الْمَعْدِنِ الَّذِي يُسَمَّى بِالذَّهَبِ. وَكَانَ هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ يَحْتَاجُونَ إِلَى كِلَابٍ؛ كِلَابٍ مِنْ عَيِّنَةِ باك — كِلَابٍ قَوِيَّةٍ مَفْتُولَةِ الْعَضَلَاتِ وَذَاتِ شَعْرٍ كَثِيفٍ يَحْمِيهَا مِنَ الْبَرْدِ.

كَانَ باك يَعِيشُ بِمَنْزِلٍ كَبِيرٍ فِي وَادِي سانتا كلارا الَّذِي تَغْمُرُهُ الشَّمْسُ بِنُورِهَا بِكاليفورنيا. وَكَانَ مَنْزِلُ الْقَاضِي ميلر الَّذِي يَعِيشُ فِيهِ عَلَى بُعْدِ مَسَافَةٍ قَصِيرَةٍ مِنَ الطَّرِيقِ، يَتَوَارَى عَنِ الْأَنْظَارِ جُزْئِيًّا بَيْنَ الْأَشْجَارِ الَّتِي يُمْكِنُ مِنْ خِلَالِهَا رُؤْيَةُ أَجْزَاءٍ مِنَ الشُّرْفَةِ الْوَاسِعَةِ الَّتِي تُحِيطُ بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ الْأَرْبَعَةِ. كَانَتْ هُنَاكَ مَمَرَّاتٌ مُتَعَرِّجَةٌ مُغَطَّاةٌ بِالْحَصَى تَمُرُّ بَيْنَ الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ تَقُودُ إِلَى الْمَنْزِلِ، وَخَلْفَ الْمَنْزِلِ كَانَتْ هُنَاكَ إِسْطَبْلَاتٌ شَاسِعَةٌ يَعْمَلُ بِهَا عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنْ سَائِسِي الْخَيْلِ وَالْفِتْيَانِ، وَتَصْطَفُّ أَكْوَاخُ الْخَدَمِ الْمَكْسُوَّةُ بِالنَّبَاتَاتِ الْمُعْتَرِشَةِ، وَأَشْجَارِ الْعِنَبِ الطَّوِيلَةِ وَالْمَرَاعِي الْخَضْرَاءِ وَالْبَسَاتِينِ وَحَدَائِقِ التُّوتِ. كَمَا كَانَ هُنَاكَ بِئْرٌ كَبِيرٌ وَخَزَّانُ مِيَاهٍ أَسْمَنْتِيٌّ ضَخْمٌ يَسْتَحِمُّ فِيهِ أَبْنَاءُ الْقَاضِي ميلر فِي الصَّبَاحِ وَيَهْرُبُونَ إِلَيْهِ مِنْ حَرِّ فَتْرَةِ مَا بَعْدَ الظَّهِيرَةِ.

وَكَانَ باكُ هُوَ السَّيِّدُ فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ الْكَبِيرَةِ، فَهُنَا وُلِدَ وَعَاشَ لِأَرْبَعِ سَنَوَاتٍ. بِالطَّبْعِ كَانَتْ هُنَاكَ كِلَابٌ أُخْرَى، فَفِي مَكَانٍ كَبِيرٍ مِثْلِ هَذَا لَا يُمْكِنُ أَلَّا يَكُونَ هُنَاكَ آخَرُونَ غَيْرُهُ، لَكِنَّ هَذِهِ الْكِلَابَ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَزْنٌ؛ فَهِيَ تَجِيءُ وَتَذْهَبُ، وَتَسْكُنُ إِمَّا فِي وَجَارِ الْكِلَابِ الْمُزْدَحِمَةِ أَوْ تَعِيشُ فِي هُدُوءٍ فِي أَحَدِ أَرْكَانِ الْمَنْزِلِ، مِثْلَ توتس — كَلْبِ البج الْيَابَانِىِّ — أَوْ يسابل — الْكَلْبِ الْمِكْسِيكِيِّ الْأَصْلَعِ — تِلْكَ الْكَائِنَاتُ الْغَرِيبَةُ الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ قَطُّ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ وَلَمْ تَطَأْ أَقْدَامُهَا الْأَرْضَ. وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، كَانَتْ هُنَاكَ أَيْضًا كِلَابُ فوكس تيرير — عَلَى الْأَقَلِّ عِشْرُونَ مِنْهَا — الَّتِي كَانَتْ تَنْبَحُ مُهَدِّدَةً توتس وَيسابل وَهُمَا يَنْظُرَان إِلَيْهَا مِنَ النَّوَافِذِ بَيْنَمَا تَحْمِيهَا فِرْقَةٌ مِنَ الْخَادِمَاتِ الْمُسَلَّحَاتِ بِالْمَكَانِسِ وَالْمَمَاسِحِ.

لَكِنَّ باكَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْكِلَابِ الَّتِي تَمْكُثُ فِي الْمَنْزِلِ أَوْ تَعِيشُ فِي وَجَارِ الْكِلَابِ؛ بَلْ كَانَ يَعْتَنِي بِالْمَكَانِ كُلِّهِ. فَكَانَ يَغْطِسُ بِخَزَّانِ السِّبَاحَةِ أَوْ يَذْهَبُ إِلَى الصَّيْدِ مَعَ أَوْلَادِ الْقَاضِي، وَيُرَافِقُ ابْنَتَيْهِ مولي وَأليس فِي نُزْهَاتِهِمَا الطَّوِيلَةِ حَوْلَ الضَّيْعَةِ عِنْدَ الْغُرُوبِ أَوْ فِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ، وَفِي لَيَالِي الشِّتَاءِ كَانَ يَرْقُدُ عِنْدَ قَدَمَيِ الْقَاضِي أَمَامَ نَارِ الْمِدْفَأَةِ فِي غُرْفَةِ الْقِرَاءَةِ. وَكَانَ باك يَحْمِلُ أَحْفَادَ الْقَاضِي ميلر عَلَى ظَهْرِهِ، وَيُدَحْرِجُهُمْ عَلَى الْحَشَائِشِ، وَيَحْرُسُهُمْ فِي مُغَامَرَاتِهِمُ الْبَرِّيَّةِ نَحْوَ النَّافُورَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي فِنَاءِ الْإِسْطَبْلَاتِ، وَحَتَّى إِذَا امْتَدَّ بِهِمُ السَّيْرُ إِلَى مَا وَرَاءَ ذَلِكَ؛ إِلَى حَيْثُ تُوجَدُ إِسْطَبْلَاتُ الْخَيْلِ وَتَنْمُو أَشْجَارُ التُّوتِ. كَانَ يَمْشِي مِثْلَ الْمَلِكِ عِنْدَمَا يَمُرُّ مِنْ أَمَامِ كِلَابِ الْوَجَارِ وَيَتَجَاهَلُ توتس وَيسابل تَمَامًا؛ فَهُوَ الْمَلِكُ: الْمَلِكُ الْمُتوَّجُ فَوْقَ رُءُوسِ كُلِّ مَا يَحْبُو أَوْ يَزْحَفُ أَوْ يَطِيرُ دَاخِلَ مَنْزِلِ الْقَاضِي ميلر، بِمَا فِي ذَلِكَ الْبَشَرُ.

كَانَ إيلمو وَالِدُ باك — وَهُوَ كَلْبٌ ضَخْمٌ مِنْ فَصِيلَةِ سان برنارد — صَدِيقَ الْقَاضِي الْمُقَرَّبَ، وَقَدْ حَاوَلَ باك أَنْ يَحْذُوَ حَذْوَ وَالِدِهِ. لَمْ يَكُنْ باك كَبِيرَ الْحَجْمِ؛ فَوَزْنُهُ كَانَ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ رَطْلًا فَقَطْ لِأَنَّ وَالِدَتَهُ — شيب — كَانَتْ مِنْ فَصِيلَةِ كِلَابِ شيبرد الْاسْكُتْلَنْدِيَّةِ الْأَصْغَرِ حَجْمًا. وَلَكِنَّ هَذَا الْوَزْنَ إِضَافَةً إِلَى الْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا باك مِنَ الْحَيَاةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي يَحْيَاهَا وَاحْتِرَامِ الْجَمِيعِ الَّذِي يَحْظَى بِهِ؛ كَانَا يَكْفِيَانِهِ لِكَيْ يَتَصَرَّفَ حَقًّا وَكَأَنَّهُ مَلِكٌ. فَطَوَالَ سَنَوَاتِ حَيَاتِهِ الْأَرْبَعِ وَمُنْذُ أَنْ كَانَ جَروًا، كَانَ باك يَفْتَخِرُ بِنَفْسِهِ، حَتَّى إِنَّهُ صَارَ مَغْرُورًا بَعْضَ الشَّيْءِ، كَمَا يَحْدُثُ أَحْيَانًا لِنُبَلَاءِ الْمَنَاطِقِ الرِّيفِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ حَافَظَ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَمَا أَبَى أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدَ كَلْبٍ مَنْزِلِيٍّ مُدَلَّلٍ، فَالصَّيْدُ وَالرَّكْضُ فِي الْهَوَاءِ الطَّلْقِ أَبْعَدَا عَنْ جَسَدِهِ الشُّحُومَ وَزَادَا مِنْ قُوَّةِ عَضَلَاتِهِ، وَكَانَ باك أَيْضًا يُحِبُّ اللَّعِبَ وَالسِّبَاحَةَ.

هَكَذَا كَانَ باك فِي خَرِيفِ عَامِ ١٨٩٧ عِنْدَمَا اجْتَاَحَ هَوَسُ الْبَحْثِ عَنِ الذَّهَبِ الَّذِي اكْتُشِفَ فِي مِنْطَقَةِ كلونديك عُقُولَ الرِّجَالِ مِنْ جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ، وَجَعَلَهُمْ يَتَدَفَّقُونَ عَلَى الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ الْمُتَجَمِّدِ. وَلَكِنَّ باك لَمْ يَكُنْ يَقْرَأُ الْجَرَائِدَ لِيَعْرِفَ هَذَا الْخَبَرَ، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَيْضًا أَنَّ مانويل الْبُسْتَانِيَّ كَانَ يُعَانِي مُشْكِلَةً خَطِيرَةً؛ أَلَا وَهِيَ حُبُّهُ لِلْمُقَامَرَةِ.

وَفِي لَيْلَةٍ شَهِدَتْ عَلَى خِيَانَةِ مانويل، كَانَ الْقَاضِي فِي اجْتِمَاعٍ، وَكَانَ الْأَوْلَادُ مَشْغُولِينَ فَلَمْ يَرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مانويل وَهُوَ يَصْطَحِبُ باك مَعَهُ إِلَى الْبُسْتَانِ فِيمَا كَانَ باك يَظُنُّ أَنَّهَا نُزْهَةٌ. وَفِيمَا عَدَا رَجُلٍ آخَرَ، لَمْ يَرَهُمَا أَحَدٌ عِنْدَمَا وَصَلَا إِلَى مَحَطَّةِ قِطَارَاتٍ صَغِيرَةٍ تُدْعَى كوليدج بارك. تَحَدَّثَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى مانويل وَأَعْطَاهُ نُقُودًا.

قَالَ الرَّجُلُ الْغَرِيبُ بِصَوْتٍ أَجَشَّ لِمانويل: «رُبَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَلُفَّ الْبِضَاعَةَ قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَهَا.» حِينَهَا ثَبَّتَ مانويل حَبْلًا قَوِيًّا تَحْتَ الطَّوْقِ الَّذِي يَرْتَدِيهِ باك حَوْلَ رَقَبَتِهِ.

ثُمَّ قَالَ مانويل: «إِذَا ثَنَيْتَهُ سَوْفَ يَشْعُرُ بِاخْتِنَاقٍ شَدِيدٍ.» فَأَوْمَأَ الرَّجُلُ الغَرِيبُ بِرَأْسِهِ.

تَقَبَّلَ باك الْحَبْلَ بِكِبْرِيَاءٍ وَهُدُوءٍ؛ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَرُقْ لَهُ بِالطَّبْعِ، وَلَكِنَّهُ تَعَلَّمَ أَنْ يَثِقَ بِالرِّجَالِ الَّذِينَ يَعْرِفُهُمْ، وَيَحْتَرِمَهُمْ لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَعْرِفُ هُوَ. وَلَكِنْ حِينَمَا انْتَقَلَ طَرَفُ الْحَبْلِ إِلَى يَدَيِ الرَّجُلِ الْغَرِيبِ الَّذِي بَدَأَ يَسْحَبُهُ، أَخَذَ باك يُزَمْجِرُ فِي غَضَبٍ، وَلَكِنَّهُ فُوجِئَ بِالْحَبْلِ يَضِيقُ عَلَى رَقَبَتِهِ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَتَنَفَّسُ بِصُعُوبَةٍ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُعَامَلْ فِي حَيَاتِهِ قَطُّ بِهَذَا الْأُسْلُوبِ الْكَرِيهِ، وَلَمْ يَصِلْ غَضَبُهُ أَبَدًا إِلَى هَذَا الْمَدَى، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَهْرُبَ. وَبَعْدَ فَتْرَةٍ وَجِيزَةٍ، تَوَقَّفَ قِطَارٌ فِي الْمَحَطَّةِ وَأَلْقَى بِهِ الرَّجُلَانِ فِي عَرَبَةِ الْأَمْتِعَةِ.

كَانَ أَوَّلُ مَا أَدْرَكَهُ باك بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ لِسَانَهُ يُؤْلِمُهُ وَأَنَّهُ يَتَأَرْجَحُ دَاخِلَ عَرَبَةٍ مَا. وَسُرْعَانَ مَا عَلِمَ باك أَيْنَ هُوَ مِنْ صَافِرَةِ الْقِطَارِ الْغَلِيظَةِ. لَقَدْ سَافَرَ كَثِيرًا مَعَ الْقَاضِي لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ كَيْفَ هُوَ شُعُورُ الرُّكُوبِ فِي عَرَبِةِ الْأَمْتِعَةِ. فَفَتَحَ باك عَيْنَيْهِ وَتَمَلَّكَ مِنْهُ الشُّعُورُ بِالْغَضَبِ وَالْحَنَقِ كَأَنَّهُ مَلِكٌ مَخْطُوفٌ. وَرَأَى أَمَامَهُ الرَّجُلَ الَّذِي أَخَذَهَ وَبَدَأَ يَنْبَحُ بِشَرَاسَةٍ فِي وَجْهِهِ، بَلْ وَنَجَحَ فِي أَنْ يَعَضَّ إِحْدَى يَدَيْهِ.

أَحْدَثَ نُبَاحُ باك جَلَبَةً عَالِيَةً حَتَّى إِنَّ أَحَدَ الرِّجَالِ الْمَسْئُولِينَ عَنِ الْأَمْتِعَةِ أَتَى لِيَرَى مَاذَا يَحْدُثُ. وَعِنْدَمَا رَأَى أَثَرَ الْعَضَّةِ عَلَى يَدِ الرَّجُلِ سَأَلَهُ عَمَّا إِذَا كَانَ هُنَاكَ مَكْرُوهٌ قَدْ أَلَمَّ بِالْكَلْبِ، فَكَذَبَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ وَقَالَ: «نَعَمْ، هَذَا الْكَلْبُ يُعَانِي مِنْ نَوْبَاتِ السُّعَارِ، وَأَنَا آخُذُهُ إِلَى صَاحِبِهِ فِي سان فرانسيسكو فَهُنَاكَ طَبِيبٌ بَيْطَرِيٌّ جَيِّدٌ يُمْكِنُ أَنْ يُعَالِجَهُ.»

بَعْدَ أَنْ وَصَلَ الْقِطَارُ أَخِيرًا إِلَى سان فرانسيسكو، أَخَذَ الرَّجُلُ باك إِلَى مَخْزَنٍ صَغِيرٍ خَلْفَ إِحْدَى الْحَانَاتِ بِالْقُرْبِ مِنْ ضَفَّةِ النَّهْرِ.

قَالَ الرَّجُلُ لِعَامِلِ الْحَانَةِ مُتَذَمِّرًا: «كُلُّ مَا أَحْصُلُ عَلَيْهِ مُقَابِلَ هَذَا هُوَ خَمْسُونَ دُولَارًا.» وَأَضَافَ وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى يَدِهِ الْمَجْرُوحَةِ: «وَلَمْ أَكُنْ لِأَفْعَلَهَا وَلَوْ حَصَلْتُ عَلَى أَلْفِ دُولَارٍ نَقْدًا، فَهَذَا الْكَلْبُ شَرِسٌ إِلَى أَقْصَى مَدَى.»

أَجَابَهُ عَامِلُ الْحَانَةِ: «كُفَّ عَنِ الشَّكْوَى، لَقَدْ حَصَلْتَ عَلَى الْمَبْلَغِ الَّذِي اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ دُونَ زِيادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ ثُمَّ إِنَّكَ لَنْ تَرَى هَذَا الْكَلْبَ مَرَّةً أُخْرَى فِي الْمَكَانِ الَّذِي سَيَذْهَبُ إِلَيْهِ، هَذَا مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَعِدَكَ بِهِ.»

تَمْتَمَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَفْرُكُ يَدَهُ الْمَجْرُوحَةَ مَرَّةً أُخْرَى: «أَتَمَنَّى ذَلِكَ، فَمِنَ الْمُؤَكَّدِ أَنَّنِي لَنْ أَنْسَى مَنْ هُمْ عَلَى شَاكِلَةِ هَذَا الْكَلْبِ سَرِيعًا.»

مَعَ أَنَّ باك كَانَ مُتْعَبًا، ظَلَّ يُحَاوِلُ الْمُقَاوَمَةَ، وَلَكِنْ فِي النِّهَايَةِ أَلْقَى بِهِ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الرِّجَالِ عَلَى الْأَرْضِ وَأَمْسَكُوهُ ثُمَّ خَلَعُوا الطَّوْقَ النُّحَاسِيَّ الثَّقِيلَ وَالْحَبْلَ مِنْ حَوْلِ رَقَبَتِهِ وَدَفَعُوا بِهِ دَاخِلَ صُنْدُوقٍ خَشَبِيٍّ يُشْبِهُ الْقَفَصَ.

أَمْضَى باك بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ دَاخِلَ هَذَا الصُّنْدُوقِ، لَمْ يَكُنْ يَفْهَمُ مَا يَعْنِيهِ كُلُّ هَذَا. مَاذَا يُرِيدُ مِنْهُ هَؤُلَاءِ الرِّجَالُ الْغُرَبَاءُ؟ وَلِمَاذَا يَحْبِسُونَهُ دَاخِلَ هَذَا الصُّنْدُوقِ الضَّيِّقِ؟ لَمْ يَكُنْ باك يَعْرِفُ السَّبَبَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَشْعُرُ أَنَّ هُنَاكَ الْمَزِيدَ مِنَ الْمَتَاعِبِ فِي انْتِظَارِهِ.

كُلَّمَا أَحْدَثَ بَابُ الْمَخْزَنِ صَرِيرًا وَهُوَ يَنْفَتِحُ كَانَ باك يَهُبُّ وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ عَلَى أَمَلِ أَنْ يَرَى الْقَاضِيَ أَوْ أَحَدًا مِنَ الْأَوْلَادِ عَلَى الْأَقَلِّ. وَلَكِنَّهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ كَانَ يَرَى وَجْهَ عَامِلِ الْحَانَةِ الضَّخْمِ الَّذِي كَانَ يَتَفَقَّدُهُ عَلَى ضَوْءِ شَمْعَةٍ، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ يَتَحَوَّلُ ذَلِكَ النُّبَاحُ الْفَرِحُ الَّذِي يُولَدُ فِي حَلْقِ باك إِلَى زَمْجَرَةٍ شَرِسَةٍ.

وَلَكِنَّ عَامِلَ الْحَانَةِ تَرَكَهُ وَحْدَهُ وَلَمْ يُزْعِجْهُ، وَفِي الصَّبَاحِ دَخَلَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ جُدُدٍ وَحَمَلُوا الصُّنْدُوقَ. لَقَدْ أَدْرَكَ باك مِنْ هَيْئَاتِهِمُ الَّتِي تُوحِي بِالشَّرِّ وَمَلَابِسِهِمُ الْقَذِرَةِ الرَّثَّةِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا إِلَّا مَزِيدًا مِنَ الرِّجَالِ الْأَشْرَارِ، وَحَاوَلَ أَنْ يَنْبَحَ وَيُزَمْجِرَ فِي وُجُوهِهِمْ بِكُلِّ مَا أُوتِيَ مِنْ قُوَّةٍ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَضْحَكُونَ وَيَنْغُزُونَهُ بِالْعِصِيِّ الَّتِي كَانَ باك يُمْسِكُ بِهَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ حَتَّى أَدْرَكَ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ سِوَى مُضَايَقَتِهِ. فَاسْتَلْقَى فِي هُدُوءٍ وَتَرَكَهُمْ يَرْفَعُونَ الصُّنْدُوقَ إِلَى عَرَبَةٍ. ثُمَّ بَدَأَ باك وَهُوَ بِدَاخِلِ صُنْدُوقِهِ رِحْلَةً أُخْرَى طَوِيلَةً؛ فَبَعْدَ رِحْلَةِ الْعَرَبَةِ، نُقِلَ الصُّنْدُوقُ — مَعَ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الصَّنَادِيقِ وَالطُّرُودِ الْأُخْرَى — إِلَى عَبَّارَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى شَاحِنَةٍ أَخَذَتْهُ إِلَى مَحَطَّةِ قِطَارَاتٍ كَبِيرَةٍ، وَأَخِيرًا اسْتَقَرَّ دَاخِلَ عَرَبَةِ قِطَارٍ سَرِيعٍ. لَمْ يَكُنْ باك يَعْرِفُ مَا يَنْتَظِرُهُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ مُقَاوَمَةَ شُعُورِهِ بِأَنَّهُ لَنْ يَرَى مَنْزِلَهُ الْقَدِيمَ لِوَقْتٍ طَوِيلٍ.

•••

ظَلَّتْ عَرَبَةُ الْقِطَارِ السَّرِيعِ تَسِيرُ عَلَى الْقُضْبَانِ لِمُدَّةِ يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ لَمْ يَأْكُلْ باك خِلَالَهُمَا أَوْ يَشْرَبْ. وَفِي غَمْرَةِ غَضَبِهِ، كَانَ يَنْبَحُ وَيُزَمْجِرُ فِي وَجْهِ كُلِّ مَنْ يَرَاهُ، وَفِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ حِينَمَا كَانَ يُلْقِي بِنَفْسِهِ عَلَى قُضْبَانِ الصُّنْدُوقِ فِي غَضَبٍ، كَانَ بَعْضُ الْأَشْخَاصِ يَضْحَكُونَ وَيَغِيظُونَهُ، فَكَانُوا يُزَمْجِرُونَ وَيَنْبَحُونَ فِي وَجْهِهِ وَكَأَنَّهُمْ كِلَابٌ، أَوْ يَمُوءُونَ مِثْلَ الْقِطَطِ، أَوْ يُرَفْرِفُونَ بِأَذْرُعِهِمْ مِثْلَ الطُّيُورِ. وَكَانَ باك يَعْرِفُ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ سَخِيفٌ، وَلَكِنَّ غَضَبَهُ ظَلَّ يَتَزَايَدُ. لَمْ يَكُنْ باك مُنْزَعِجًا مِنْ عَدَمِ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ، وَلَكِنَّ قِلَّةَ الْمَاءِ جَعَلَتْ لِسَانَهُ جَافًّا وَحَلْقَهُ مُحْتَقِنًا.

شَيْءٌ وَاحِدٌ فَقَطْ أَسْعَدَ باك وَهُوَ أَنَّ الْحَبْلَ قَدْ أُزِيلَ أَخِيرًا مِنْ حَوْلِ رَقَبَتِهِ، وَعَقَدَ الْعَزْمَ عَلَى أَلَّا يَسْمَحَ لِأَيِّ شَخْصٍ مَرَّةً أُخْرَى أَنْ يَلُفَّ حَبْلًا حَوْلَ رَقَبَتِهِ. احْمَرَّتْ عَيْنَا باك، وَكَانَ غَاضِبًا جِدًّا لِدَرَجَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ ميلر نَفْسَهُ لَوْ رَآهُ مَا كَانَ لِيَعْرِفَهُ. وَكُلُّ مَنْ رَأَى باك فِي الْقِطَارِ سَعِدَ جِدًّا عِنْدَمَا نَزَلَ الصُّنْدُوقُ الَّذِي يَحْمِلُهُ أَخِيرًا مِنَ الْقِطَارِ فِي سياتل.

حَمَلَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ الصُّنْدُوقَ الْخَشَبِيَّ بِحَذَرٍ مِنَ الْعَرَبَةِ إِلَى فِنَاءٍ خَلْفِيٍّ صَغِيرٍ مُحَاطٍ بِجُدْرَانٍ عَالِيَةٍ، وَخَرَجَ رَجُلٌ بَدِينٌ يَرْتَدِي سُتْرَةً حَمْرَاءَ وَوَقَّعَ بِطَاقَةَ الِاسْتِلَامِ لِلسَّائِقِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ السَّائِقُ أَيْضًا خِطَابًا مِنْ عَامِلِ الْحَانَةِ فِي سان فرانسيسكو وَالَّذِي قَرَأَهُ الرَّجُلُ ذُو السُّتْرَةِ الْحَمْرَاءِ جَيِّدًا. أَدْرَكَ باك أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي سَيَكُونُ مُعَذِّبَهُ التَّالِيَ، فَانْدَفَعَ بِشَرَاسَةٍ فِي اتِّجَاهِ قُضْبَانِ الصُّنْدُوقِ. ضَحِكَ الرَّجُلُ ضِحْكَةً مَقِيتَةً وَأَحْضَرَ بَلْطَةً وَهِرَاوَةً.

سَأَلَهُ السَّائِقُ: «أَنْتَ لَنْ تُخْرِجَهُ مِنَ الصُّنْدُوقِ الْآنَ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟»

فَأَجَابَهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَضْرِبُ الصُّنْدُوقَ الْخَشَبِيَّ بِالْبَلْطَةِ: «بِالطَّبْعِ سَأَفْعَلُ.»

هَرَبَ الرِّجَالُ الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ أَحْضَرُوا الصُّنْدُوقَ إِلَى مَكَانٍ آمِنٍ أَعْلَى أَحَدِ الْجُدْرَانِ تَحَسُّبًا مِنْ أَنْ يَهْرُبَ باك.

مَعَ أَوَّلِ صَوْتٍ لِلصُّنْدُوقِ وَهُوَ يُفتَحُ، انْدَفَعَ باك إِلَى الْأَمَامِ وَغَرَسَ أَسْنَانَهُ فِي الْقُضْبَانِ الْخَشَبِيَّةِ وَأَخَذَ يَجْذِبُهَا مِنْ مَكَانِهَا. أَخَذَ باك يَزُومُ وَيُزَمْجِرُ، فَقَدْ كَانَ يَتُوقُ لِلْخُرُوجِ مِنْ هَذَا الصُّنْدُوقِ قَدْرَ مَا كَانَ الرَّجُلُ ذُو السُّتْرَةِ الْحَمْرَاءِ عَازِمًا عَلَى إِخْرَاجِهِ.

قَالَ الرَّجُلُ عِنْدَمَا أَحْدَثَ فَتْحَةً كَبِيرَةً بِمَا يَكْفِي لِكَيْ يَعْبُرَ باك مِنْهَا: «هَيَّا، أَيُّهَا الشَّيْطَانُ الأَحْمَرُ الْعَيْنَيْنِ.» وَفِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ أَلْقَى بِالْبَلْطَةِ وَنَقَلَ الْهِرَاوَةَ إِلَى يَدِهِ الْيُمْنَى.

وَقَدْ كَانَ باك حَقًّا شَيْطَانًا أَحْمَرَ الْعَيْنَيْنِ؛ إِذِ اسْتَجْمَعَ قُوَاهُ لِكَيْ يَقْفِزَ عَلَى الرَّجُلِ وَقَدِ انْتَصَبَ شَعْرُهُ، وَامْتَلَأَ فَمُهُ بِاللُّعَابِ، وَلَمَعَتْ عَيْنَاهُ الْحَمْرَاوَانِ بِلَوْنِ الدَّمِ فِي جُنُونٍ. وَأَلْقَى باك جَسَدَهُ الْغَاضِبَ الَّذِي يَبْلُغُ وَزْنُهُ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ رَطْلًا عَلَى الرَّجُلِ بِكُلِّ الْغَضَبِ الْحَبِيسِ الَّذِي ظَلَّ يَتَرَاكَمُ بِدَاخِلِهِ طَوَالَ يَوْمَيْنِ بِلَيْلَتَيْهِمَا حُرِمَ فِيهِمَا مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. وَلَكِنْ عِنْدَمَا ارْتَفَعَ جَسَدُهُ مِنْ عَلَى الْأَرْضِ وَفِي مُنْتَصَفِ طَرِيقِهِ فِي الْهَوَاءِ مُتَّجِهًا لِكَيْ يَعَضَّ الرَّجُلَ تَلَقَّى ضَرْبَةً أَوْقَفَتْ حَرَكَتَهُ، وَالْتَفَّ جَسَدُهُ وَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ عَلَى ظَهْرِهِ وَجَانِبِهِ.

لَمْ يَتَلَقَّ باك فِي حَيَاتِهِ ضَرْبَةً بِالْهِرَاوَةِ، بَلْ إِنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ مَا حَدَثَ لَهُ بِالضَّبْطِ. لَكِنَّهُ عَادَ وَاقِفًا عَلَى أَقْدَامِهِ وَهُوَ يُطْلِقُ زَمْجَرَةً مَا بِهَا مِنْ صُرَاخٍ أَكْثَرُ مِمَّا بِهَا مِنْ نُبَاحٍ، وَقَفَزَ فِي الْهَوَاءِ مَرَّةً أُخْرَى. وَمَرَّةً أُخْرَى تَلَقَّى ضَرْبَةً عَلَى جَسَدِهِ وَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ.

صَاحَ أَحَدُ الرِّجَالِ الْمَاكِثِينَ فَوْقَ الْجِدَارِ فِي فَرَحٍ: «إِنَّهُ مَاهِرٌ جِدًّا فِي تَرْوِيضِ الْكِلَابِ، هَذَا مَا قُلْتُهُ.»

قَالَ الرَّجُلُ ذُو السُّتْرَةِ الْحَمْرَاءِ وَهُوَ يُرَبِّتُ بِرِفْقٍ عَلَى رَأْسِ باك: «الْكَلْبُ اسْمُهُ باك، هَكَذَا يَقُولُ الْخِطَابُ الَّذِي أَرْسَلَهُ عَامِلُ الْحَانَةِ فِي سان فرانسيسكو.»

ثُمَّ اسْتَدَارَ إِلَى الْكَلْبِ الَّذِي لَا تَزَالُ الدَّهْشَةُ تَعْتَرِيهِ وَقَالَ بِصَوْتٍ لَطِيفٍ: «حَسَنًا يَا باك، لَقَدْ تَعَارَكْنَا قَلِيلًا يَا صَغِيرِي، وَأَفْضَلُ مَا يُمْكِنُنَا فِعْلُهُ هُوَ أَنْ نَضَعَ مَا حَدَثَ وَرَاءَ ظُهُورِنَا. لَقَدْ عَرَفْتَ مَكَانَتَكَ وَأَنَا أَعْرِفُ مَكَانَتِي، كُنْ كَلْبًا حَسَنَ السُّلُوكِ وَسَوْفَ تَسِيرُ كُلُّ الْأُمُورِ عَلَى مَا يُرَامُ، أَمَّا إِذَا أَسَأْتَ التَّصَرُّفَ فَسَوْفَ تُوقِعُ نَفْسَكَ فِي مُشْكِلَةٍ، أَفَهِمْتَ؟»

عِنْدَمَا أَحْضَرَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَاءَ إِلَى باك، شَرِبَ باك بِنَهَمٍ، ثُمَّ الْتَهَمَ وَجْبَةً كَبِيرَةً مِنَ اللَّحْمِ النَّيِّءِ تَنَاوَلَهَا قِطْعَةً بِقِطْعَةٍ مِنْ يَدِ الرَّجُلِ.

وَمَعَ أَنَّ باك كَانَ سَعِيدًا بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، لَمْ يَكُنْ هَذَا يَعْنِي أَنَّهُ قَبِلَ مَا فَعَلَهُ الرَّجُلُ بِهِ. كَانَ باك يَعْرِفُ أَنَّهُ قَدْ خَسِرَ هَذِهِ الْجَوْلَةَ مِنَ الْمَعْرَكَةِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَسْلِمْ. فَقَدْ تَعَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِاعْتِمَادُ عَلَى قُوَّتِهِ فَقَطْ لِكَيْ يَرْبَحَ، وَأَدْرَكَ أَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَصَّلَ إِلَى طُرُقٍ لِلنَّجَاةِ بِنَفْسِهِ لَا تَعْتَمِدُ عَلَى عَضَلَاتِهِ فَحَسْبُ، بَلْ عَلَى ذَكَائِهِ وَمَكْرِهِ أَيْضًا. لَقَدْ عَلَّمَهُ الرَّجُلُ ذُو السُّتْرَةِ الْحَمْرَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ دَرْسًا لَنْ يَنْسَاهُ أَبَدًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤