الفصل الثاني عشر

التواضع والصلاح

قال يوربيدس: إذا مات الصالح لم يمت صلاحه بل بقي حيًّا، وإذا مات الشرير مات كل ماله ودُفن معه.

وقال مركوس أوريليوس: لا يتم الصلاح إلا بمراعاة المبادئ العامة التي يتعلق بعضها بطبع الكون والبعض الآخر بالطبع الخاص بالإنسان. لا سبيل لك مع الناس إلا المحبة لهم، فانظر إلى فضائلهم بالمدح، وإلى ذنوبهم بالإشفاق والرفق، وإلى أذاهم بالصفح. اجعل حياتك صادقة مستقيمة إلى غاية ما يمكن، واصنع بالهدوء ما يوجبه الزمان والعمل، ولا تشغل نفسك بالهم فيما قد يأتي به المستقبل. إذا انتهجت الصلاح والحياة والصدق والفطنة والشهامة فاحرص عليها، وإذا عدلت عنها فارجع إليها في الحال. كما تكون أفكارك هكذا تكون أخلاقك. لا تتشدق فيما يجب أن يكون المرء عليه من الصلاح، بل كن كذلك. كيف يمكن أن الله الذي أتقن كل أمور الكون وأظهر إحسانه للبشر يهمل أهل الصلاح الذين تقربوا إليه متى جاء الموت ويقضي عليهم بالفناء والانقراض؟!

وقال تنيسن: أحسبت الاختيار حياة نبيلة المقاصد كثيرة الأصدقاء خالية من الضوضاء؟ إياك والعجب والافتخار بالمقام والنسب، وإياك والنميمة والحقد، ودونك حب الصدق والحق وكل ما فيه خير.

وقال شكسبير: الاتضاع سلم الارتفاع.

متواضع والنبل يحرس قدره
وأخو التواضع بالنباهة ينبل

وقال فلوطرخس: الصلاح يعدي، فإن الذي يراه يتوق إلى العمل به.

وقال سقراط: إن الطالح يحيا ليأكل ويشرب، والصالح يأكل ويشرب ليحيا. أراد فيلبس مرة أن ينصب خيامه في مكان ثم قيل له إنه لا مرعى فيه لدوابه، فقال: إذن يجب علينا أن نقيم حيث يرضى حميرنا.

وقال بيليوس: بصلاح الحال يصطنع الأصدقاء، وبسوئها يمتحنون.

وقال مرقس أنطونيوس: إليك عن التباهي.

وقال سينكا: الصالح يمتلك مملكة.

وقال مصلح الدين سعدي: إذا جعلت التواضع شأنك صار لك الناس خلَّانًا. التواضع يرفع الإنسان ويزين رجال المناصب. العاقل يختار النظر إلى الغصن المثقل والمتدلي على الأرض. التواضع يحبب الناس بك، ويرفع شأنك عندهم، ويفتح لك باب الجنة.

وقال عبد الملك بن مروان: أفضل الناس من عفا عن قدرة، وتواضع عن رفعة، وأنصف عن قوة.

وقال أبو مسلم: ما تاه إلا وضيع، ولا فاخر إلا لقيط، ولا تعصب إلا دخيل.

وقال الإمام علي: لا تحتقر صغيرًا يمكن أن يكبر، ولا قليلًا يمكن أن يكثر. التواضع إحدى مقايد الشرف. العَجَب ممن يخاف عقوبة السلطان وهي منقطعة، ولا يخاف عقوبة الديان وهي دائمة. أنعم الناس عيشة من تحلى بالعفاف، ورضي بالكفاف، وتجاوز ما يخاف إلى ما لا يخاف.

وقال بولانو: كن مطيعًا لرئيسك، ولطيفًا للصغير، وصدوقًا للكل. لا تحتقر أحدًا، ولا تعد شيئًا محالًا، فإن لكل أحد زمانًا، ولكل شيء مكانًا. إذا مات الصالح خسرته الدنيا، إذا كان بك شيء رديء فقله أنت. علِّم لسانك أن يقول: لا أدري. من يكظم غيظه غفرت آثامه.

وقال قاسم أمين: حق الطريق رد السلام وغض البصر وكف الأذى وهداية الضال وإغاثة الملهوف.

وقالت اليابان: احترم كل شخص كما تحترم أباك. الابن الصالح مسرة للوالد.

وقالت الترك: يموت الحمار ويبقى جله، ويموت الإنسان وتبقى آثاره.

وقالت الإنكليز: العاقل يجاهد أبدًا في طلب الحكمة، والجاهل يظن أنه قد وجدها.

وقالت العرب: التواضع سلم الشرف. من رفع نفسه فوق قدره استجلب مقت الناس.

تواضع إذا ما نلت في الناس رفعة
فإن رفيع القوم من يتواضع

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤