تصدير

«إنها نهاية العالَم كما نعرفه»
(… ولست مرتاحًا لذلك)

بدأتُ كتابةَ هذا الكتاب في وقتٍ مُبكِّر من صباح أحد أيام شهر فبراير من عام ٢٠١٩ وأنا جالسٌ في شُرفة شقَّةٍ مُستأجَرة في مدينة ريثيمنو، بجزيرة كريت. كنا هناك في بداية منحة فولبرايت التي حصلَت عليها زوجتي ديان للتدريس في جامعة كريت. كنتُ قد رتَّبتُ لأخذ إجازة فصلٍ دراسي من جامعتنا حتى أتمكَّن من مرافقتها، وكنا نستمتع بأشعة الشمس الشتوية الكليلة ونزور المواقع الأثرية المألوفة قبل بدء محاضراتها. وكنا مندهِشَين أيضًا من انتشار استخدام العصور القديمة في التسويق الحديث، والذي تجسِّده صور أريادني وهي تحمِل كرةً من الخيوط والمينويين وهم يقفزون فوق الثيران. لن يكون هذا مفاجئًا بشكلٍ خاص إلا إذا كانت المَشاهد مزخرفةً على جوانب ثلَّاجة مغبرة مليئة بعُلب الكوكاكولا خارج متجر في زُقاق في أقدم جزءٍ من المدينة.

في ذلك الصباح بالذات، كان الجوُّ هادئًا ويسوده السلام، حيث كانت الشمس تُشرق أمامي فوق البحر الأبيض المتوسط الذي أحبَّه هوميروس، والجبال البيضاء المُغطَّاة بالثلوج تظهر من بعيدٍ على يساري. وبدا كلُّ شيءٍ على ما يُرام وأنا أحتسي قهوتي وأتصفَّح الإنترنت، وأقرأ الدوريات المختلفة على الإنترنت وأُصغي باهتمامٍ إلى الأخبار على البثِّ الصوتي.

ثم بدأتُ أستمع باهتمامٍ أكبر إلى ما كانت تُذيعه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). كنَّا نتلقَّى تحذيرًا من الانهيار المُحتمَل لحضارتنا الحالية، بفضل العديد من العوامل المُترابطة التي تتراوح بين المناخ والاقتصاد. ووفقًا لدراسةٍ نُشِرَت منذ وقتٍ قريب، ويتناولها الصحفيون الآن بلهفة؛ فإن هذه العوامل قد تؤدي قريبًا إلى «اضطرابٍ اقتصادي، وهجرة غير طوعية على نطاقٍ واسع، وصراع، ومجاعة، وانهيارٍ مُحتمَل للأنظمة الاجتماعية والاقتصادية.»1
fig1
شكل ١: ماكينة بيع كوكاكولا في ريثيمنو، بكريت. الصورتان الفوتوغرافيَّتان بعدسة إي إتش كلاين.
كانت قد مرَّت خمس سنوات بالضبط منذ أن نشرتُ لأول مرة كتابي «١١٧٧ق.م: عام انهيار الحضارة»، والذي تناوَلَ أسباب الانهيار الذي حدث في منطقتَي بحر إيجه وشرق البحر الأبيض المتوسط في نهاية أواخر العصر البرونزي، أي منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة.2 في هذا الكتاب، شرحتُ كيف كانت الحياة من القرن الخامس عشر حتى الثاني عشر قبل الميلاد في هاتَين المنطقتَين؛ مما يُعرف الآن باليونان إلى إيران والعراق، ومن تركيا إلى مصر، إذا أردنا أن نستخدِم مصطلحاتٍ حديثة. وقد وصفتُ مجموعة الثماني في ذلك الوقت — الميسينيين والمينويين والحيثيين والقبارصة والكنعانيين والمصريين والآشوريين والبابليين — ثم درستُ الأسباب المحتمَلة للانهيار الذي أنهى عالَمهم المُتسم بالطابع الدولي، وإن كان السبب الدقيق وراء حدوثه بهذه السرعة والدِّقة لا يزال لُغزًا إلى حدٍّ كبير.
من بين العوامل أو الأسباب المُحتملة التي ناقشتُها (وفيما بعدُ بمزيد من التفصيل في طبعة ٢٠٢١ المُنقحة والمحدَّثة) تغيُّر المناخ والجفاف والمجاعة والزلازل والغزاة والأمراض. وخلصتُ إلى أن أيًّا من تلك العوامل لم يكن ليكون كارثيًّا في حدِّ ذاته بدرجةٍ كافية لإسقاط ولو حتى حضارة واحدة من حضارات العصر البرونزي في منطقتَي بحر إيجه وشرق البحر الأبيض المتوسط، فضلًا عن إسقاطها جميعها. ومع ذلك، فإن مزيجًا من كل ذلك (أو العديد منه/معظمه) كان سيخلق عاصفةً مثاليةً من الكوارث، مع تأثير كلٍّ من المضاعف والدومينو، والتي كان مِن الممكن أن تؤدي إلى التفكُّك السريع لمجتمعٍ تِلوَ الآخَر، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى تفتُّت شبكة البحر الأبيض المتوسط العالمية وانهيار الترابُطات التي كانت تعتمد عليها كلُّ حضارة. وخلصتُ أيضًا في الكتاب، «باختصارٍ، الثقافات والشعوب المزدهرة في العصر البرونزي … ببساطة، لم يكن بمقدورها أن تنجو من الهجوم الشرِس الذي شنَّه عليها العديد من العوامل المختلفة في الوقت نفسه.»3

•••

جزيرة كريت هي أحد الأماكن التي انهارت فيها الحضارة واختفى بالأساس المجتمع المُتقدِّم الذي نُسميه المينويين في نهاية العصر البرونزي، لتحلَّ محلَّه نسخةٌ جديدة. ولم ينجُ الميسينيون في البر الرئيسي اليوناني القريب، المعروف بأنه موطنُ أخيل وأوديسيوس وآياس والدويلات اليونانية الموصوفة في «الإلياذة» و«الأوديسة»، أو على الأقل لم ينجُ مجتمعهم/ثقافتهم. لا أحدَ اليوم يدَّعي أنه مينوي أو ميسيني. لذا، فإن الأخبار في ذلك اليوم تسبَّبت في بعض الذُّعر لديَّ؛ ويمكن للمرء أن يقول إن هذا أثار شعورًا مُعينًا ﺑ «رؤية مرتجعة مستقبلية»، حيث نشعر بالقلق بدورنا من أن انهيارًا كارثيًّا قد ينتظرنا نحن وعالَمنا الذي تغلِبُ عليه العولمة. قد يكون هذا نهاية العالَم كما نعرفه، كما غنَّت فرقة آر إي إم ذات مرة، ولكنني لم أكُن مرتاحًا لذلك — على خلاف اسم الأغنية. وتساءلتُ، إن كان هناك انهيار آخَر قادم؛ فهل من السابق لأوانه أن نبدأ في التفكير في كيفية إعادة البناء؟ بل هل سيكون ذلك مُمكنًا؟

أيضًا اتجهَت أفكاري إلى ما كان يُحتمل أن يكون عليه حالهم، في الوقت الذي كان فيه عالَمهم في العصر البرونزي ينهار. ماذا فعلَت كلُّ منطقة من هذه المناطق، أو الناجون فيها، لاحقًا — أو فشلت في فعله، حسبما كان يقتضي الحال — بشأن الموقف (المواقف) الذي وجدوا أنفسهم فيه؟ هل كان أيُّ شخص في ذلك الوقت يعرف أنهم كانوا في خِضمِّ انهيار؟4 كيف أعادوا تجميع أنفسهم وتعافوا؟ أو هل فعلوا ذلك أصلًا؟ هل كانوا قادرين على الصمود؟ هل تبدَّلوا؟ أم أنهم ببساطة انحدروا، لتحلَّ محلَّهم دويلاتٌ ومجتمعات جديدة؟
لست وحدي الذي لديَّ اهتمام بمثل هذه القضايا. ففي السنوات الأخيرة، بدأ علماءُ آثار ومؤرخو عصورٍ قديمة آخَرون بشكلٍ أكثر شمولًا في استكشاف مسألةِ ما يحدُث بعد حدوث انهيار؛ ليس فقط فيما يتَّصل بانهيارِ أواخر العصر البرونزي، بل أيضًا فيما يتَّصل بأيٍّ من المجتمعات والحضارات الأخرى، على مدى آلاف السنين الماضية، التي عانت من التفكُّك المفاجئ، سواء كليًّا أو جزئيًّا. وتتراوح هذه الحالات بين حضارة الهارابا في وادي السِّند قبل أربعة آلاف سنة والرومان في إيطاليا في نهاية العصر الكلاسيكي إلى حضارة المايا في أمريكا الوسطى في القرن التاسع الميلادي، وحضارات كثيرة غيرها أيضًا. لقد فشل بعضها في البقاء، ولكنْ نجحَت حضاراتٌ أخرى بطريقةٍ ما في عملية الانتقال ونجحَت في إعادة تأسيس أو إعادة اكتشاف نفسها.5
إن السؤال المطروح الآن هو: كيف تمكَّن الناجون من الصمود والاستمرار؟ إن بعض المصطلحات التي يتم تداوُلها الآن لوصف النجاة من الأزمات الحديثة تشمل «التأقلُم»، و«التكيُّف»، و«الانتقال»، و«التحوُّل». وقد أصبحت كلمة «المرونة» شائعةً بشكلٍ خاص؛ لأنه أصبح من الواضح، كما قال أحد الباحثين، أنَّ «الانهيار والمرونة وجهان لعملةٍ واحدة؛ يحدُث الانهيار عندما تُفقَد المرونة، والأنظمة المرنة أقلُّ عُرضة للانهيار.» لقد أشار المؤرخ جون هالدون من جامعة برينستون وزملاؤه إلى أن الطريقة التي استجابت بها المُجتمعات السابقة للضغوط تعتمِد على ثلاثة أشياء: تعقيدها، ومرونتها، وفائضها النظامي؛ «وكلها تُحدِّد معًا مرونة النظام».6

•••

لقد تأكدتُ من كلِّ هذا بعد حوالي ثمانية أشهر من عودتنا من جزيرة كريت، خلال شتاء عام ٢٠٢٠ وربيعه، عندما ضربَت جائحة كوفيد-١٩ الولايات المتحدة وانتشرَت احتجاجات «حياة السُّود مهمَّة» في جميع أنحاء البلاد بعد وفاة جورج فلويد الابن. استمرَّت هذه الاحتجاجات حتى الصيف والخريف، وكان بعضها سلميًّا، لكن بعضها الآخَر تفجَّر مُتحوِّلًا إلى أعمال عُنف بسبب المُتظاهرين المناهضين وتصرُّفات العملاء الفيدراليين.

بعد عامٍ، وعلى الرغم من تغيُّر الرئاسة الأمريكية، لم تكن الأمور أفضل. ففي أغسطس ٢٠٢١، أصدرَت الأمم المتحدة تقريرًا متشائمًا للغاية حول تغيُّر المناخ، في حين أن مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي أصدر تقريرًا عن الوباء؛ ذُكر فيه أنه «عَمَّقَ التفاوت الاقتصادي، وأجهَدَ موارد الحكومة وأثار المشاعر القومية». في الوقت نفسه تقريبًا، اندلعَت حرائق الغابات في وقتٍ واحد في كلٍّ من كاليفورنيا واليونان، وبدأت المشكلات المُتعلِّقة بسلسلة الإمدادات العالمية في الظهور؛ مما تسبَّب في مشكلاتٍ للمُستهلكين الذين يريدون سلعًا تتراوح بين أجهزة الكمبيوتر المحمولة والسيارات وكل شيء بينهما.7

في تلك اللحظة، لم تعُد أفكاري خلال وقتِنا السابق في كريت تبدو كأنها مجرد تمرين أكاديمي خامل. إلى القائمة السابقة من عوامل التوتر، كنا قد أضفنا حينئذٍ فجأةً جائحةً عالمية، وحرائق غابات أكثر كثافةً من المُعتاد، وعواصف شديدة وغيرها من الأدلة على تغيُّر المناخ، وقضايا سلسلة الإمدادات على نطاقٍ عالمي، وانقسامات مُجتمعية خطيرة على أُسسٍ سياسية في الولايات المتحدة.

لم تتحسَّن الأمور مع حلول العام الجديد. وخلال ربيع سنة ٢٠٢٢ وصيفها وأوائل خريفها، رأينا روسيا تغزو أوكرانيا، وسُلالات جديدة من كوفيد-١٩ تنتشِر بسرعة في جميع أنحاء العالم، والكشف المُستمر عمَّا حدث في مبنى الكابيتول الأمريكي في ٦ يناير ٢٠٢١. كنت قلِقًا قبلئذٍ، لكنني حينئذٍ كنت أتساءل بجدِّيةٍ شديدة إن كانت «عاصفةٌ مثالية» أخرى من الكوارث قد وصلَت، وإن كان انهيارٌ آخَر على وشك الحدوث، كما وَصَّفتُ سابقًا فيما يتعلق بعام ١١٧٧ قبل الميلاد. لقد حدث كلُّ هذا بسرعةٍ مذهِلة؛ أسرع بكثير ممَّا حدث في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وهو معياري الشخصي للكوارث الحضارية.

الأسئلة التي كنتُ أطرحها على نفسي أثناء وجودي في جزيرة كريت، والتي ظلَّ يطرحها لبعض الوقت علماءُ آخَرون، تطرحها الآن حكومة الولايات المتحدة، وكذلك بعض وسائل الإعلام.8 ماذا يحدث بعد انهيار مجتمعٍ ما؟ هل يختفي إلى الأبد، أم أنه يستعيد عافيته؟ هل يمكن لمجتمع، ببساطة، أن يُلملِم شتاته ويبدأ من جديد؟ هل هناك بدائل يمكن استدعاؤها من الكيانات الصغيرة؛ أشخاص جُدُد ومجتمع جديد؟ أم هل يمكن للأشخاص الناجين إظهار المرونة والتكيُّف مع الظروف الجديدة من خلال الانتقال والتحوُّل إلى «وضعٍ طبيعي جديد»؟ كما قال عالِم الآثار جورج كوجيل في عام ١٩٨٨: «إنَّ انهيار حضارةٍ ما … هو فكرةٌ أقلُّ بساطةً بكثيرٍ ممَّا اعتدْنا على التفكير فيه.»9 وينطبق ذلك أيضًا على انبعاث الحضارة أو تحولها. هذا ما سنستكشفه معًا في الصفحات التالية، من خلال فحص ما حدث بالفعل في منطقتَي بحر إيجه وشرق البحر الأبيض المتوسط خلال الفترة التي أعقبَت انهيار أواخر العصر البرونزي.

•••

ومع ذلك، لا بدَّ من بضع عبارات تحذيرٍ قبل أن نبدأ. كما سنرى، كان الوضع بعد انهيار أواخر العصر البرونزي أكثرَ تعقيدًا ممَّا قد يتصوَّره المرء. فمع انهيار الشبكة الدولية التي تربط بين منطقتَي بحر إيجه وشرق البحر الأبيض المتوسط (ولا شكَّ في حدوث ذلك)؛ كان على المجتمعات المُنفردة أن تتَّخذ قراراتها الخاصة بشأن البقاء والنجاة من الزوال. كانت خياراتها بسيطة: إذا أرادَت البقاء، كان يتعيَّن عليها التأقلُم أو التكيُّف أو التحوُّل إلى الوضع الطبيعي الجديد. وإذا لم تفعل ذلك، فستواجِه الانقراض. يتَّضح هذا عندما يدرس المرء العواقب اللاحقة مباشرةً للانهيار ويقارِن بين وضعِ كل واحدٍ من المجتمعات القديمة المعنية، وهو ما سأفعله بالضبط في الفصول التالية. أنا لستُ مُهتمًّا فقط بمَن نجَوا ولماذا وكيف نجوا، ولكنْ أيضًا بمَن لم ينجوا (ولماذا لم ينجوا).

إضافةً إلى ذلك، ينبغي لي أن أذكر أنَّ المسوَّدات الأولية لهذا الكتاب اتبعَت نهجًا زمنيًّا، على نحوٍ مُقارب كثيرًا لمَا فعلتُ في كتاب «١١٧٧ق.م.» حيث نظرتُ إلى ما حدث خلال كل قرنٍ بعد الانهيار. ومع ذلك، قررتُ لاحقًا أنَّ من شأن النهج الجغرافي أن يوفِّر فهمًا أفضل لكيفية استجابة كل مجتمع من المجتمعات للانهيار بمرور الوقت، حين كان السكان في كل منطقة يحاولون إيجاد طريقهم للخروج من توابع الكارثة التي كانت قد أثَّرت عليهم جميعًا، ومع ذلك سيظلُّ هناك قَدْر معيَّن من الاتصال بين الفصول المختلفة في عددٍ من النقاط. في الأساس، لدَينا هنا ثمانية أمثلة لمَا يجب فعله، أو عدم فعله، بعد الانهيار.

سأروي القصة باستخدام أشياء محدَّدة كعلاماتٍ إرشادية لرحلتنا؛ غالبًا ما ستكون نقوشًا مكتوبة على الحجر والطين والبردي ومواد أخرى، ولكنْ ستشتمل أيضًا على قِطعٍ أثرية قديمة أخرى. في تقديم هذا الدليل الأساسي، أهدُف إلى الشفافية الفكرية؛ ليس لإظهار ما نعرفه فقط، ولكن كيف نعرفه. ومع ذلك، وكما سيتَّضح، خاصةً في حالة الآشوريين والبابليين والمصريين، الذين تركوا نقوشًا مكتوبة واسعة النطاق؛ في كثير من الحالات توجَد تفاصيلُ دقيقةٌ كافية (ربما أكثر من اللازم في بعض الأحيان) للتركيز على بعض الأفراد ذوي الرُّتَب الأعلى وإنجازاتهم، ولكنَّ هذا ليس متاحًا دائمًا فيما يتعلَّق بأولئك الذين في المُستويات الدُّنيا من المجتمع. علاوةً على ذلك، في حالةِ بعض هذه المجتمعات، مثل الميسينيين والمينويين والقبارصة، فإن التفاصيل المُحدَّدة لمعظم الأفراد الذين عاشوا خلال هذه الفترة، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، من النخبة أو من البسطاء، قد ضاعت الآن في غياهب التاريخ. لذلك ستتباين مناقشاتي تباينًا كبيرًا من فصلٍ إلى آخر، مع الغوص بشكلٍ أعمق في تفاصيل وقصصٍ محدَّدة عندما يكون ذلك ممكنًا، اعتمادًا على كمية المعلومات المتاحة ونوعها، لكنَّني أهدف إلى قاسمٍ مشترك للتغطية التاريخية الأساسية حيثما أمكن ذلك.10 مَن عاشوا ومَن ماتوا، سأحاول سرْدَ قصَّتِهم (هذا اقتباس من المسرحية الموسيقية الناجحة «هاملتون»). أما أولئك الذين يجدون صعوبةً في متابعة الشخصيات التاريخية العديدة التي يُناقشها هذا الكتاب، فقَدْ تم تضمين مسرد بأهم الأشخاص وتفاصيلهم في قسمٍ يحمِل اسم «الشخوص الدرامية» قُبيل نهاية هذا الكتاب.

كما نحتاج إلى أن نُدرك أنَّ هذه ستكون قصةً أكثر فوضويةً من قصة العصر البرونزي. في الواقع، يجب أن نُفكر فيها على أنها قصصٌ وليست قصةً واحدة؛ لأنه عند فحص ردود أفعال المجتمعات المختلفة خلال هذه القرون، فإننا ننظر إلى عالَم البحر الأبيض المتوسط الذي كان قد تفتَّت بسبب انهيار العالم المتشابِك كما عرفَتْه تلك المجتمعات. سيكون الأمر أشبه بالنظر إلى مِشكال (منظار نماذج متغيرة)، مع بعض الاتصالات والروابط ولكنْ مع قِطعٍ غالبًا ما تكون منفصلةً بعضها عن بعض أو مُتصلة اتصالًا ضعيفًا فقط، ثم تُجمَع معًا مرةً أخرى فقط في ختام هذه القصة. ولكنْ لدَينا فرصة فريدة هنا للتحقيق فيما يحدُث بعد انهيار نظامٍ ما، ليس فقط من خلال فحص تاريخ مجتمعٍ واحد، مثل المايا أو الرومان، ولكنْ ثمانية مجتمعات مختلفة. وهذا هو بالضبط ما سنفعله في الفصول الخمسة الأُولى من هذا الكتاب. ثم في الفصل السادس، سنأخُذ ما تعلَّمناه للتوِّ ونُحلِّله، ونُصنِّف المجتمعات من حيث مرونتها وقدرتها على الصمود ونجاحها أو فشلها في التكيُّف أو التحول، باستخدام المعايير والتعريفات التي وضعَتها الهيئة الحكومية الدولية المَعنية بتغيُّر المناخ التابعة للأمم المتحدة، وسنكون قادرين على فحص أيٍّ من هذه المعايير والتعريفات ذات الصِّلة بعالمنا الحديث، على أمل أن تُوفِّر لنا بعض الإرشادات حول كيفية جعل مجتمعاتنا أكثرَ مرونةً وقدرة على الصمود في مواجهة الكوارث المُحتمَلة التي نواجهها حاليًّا.

figure
خريطة رقم ١: نظرة عامة على منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط في العصر الحديدي، مع توضيح مواقع الحيثيين الجدد والآراميين ومواقع بلاد الرافدين، وتحديد ممالك بلاد الشام الجنوبية (لكن ليست كل المواقع مُدرَجة).
figure
خريطة رقم ٢: مصر خلال العصر الحديدي، مع توضيح المواقع والمناطق المذكورة في الكتاب.
figure
خريطة رقم ٣: بلاد الشام خلال العصر الحديدي، مع توضيح المواقع والمناطق المذكورة في الكتاب.
figure
خريطة رقم ٤: قبرص خلال العصر الحديدي، مع توضيح المواقع والمناطق المذكورة في الكتاب.
figure
خريطة رقم ٥: غرب البحر الأبيض المتوسط خلال العصر الحديدي، مع توضيح المواقع والمناطق المذكورة في الكتاب.
figure
خريطة رقم ٦: منطقة بحر إيجه خلال العصر الحديدي، مع توضيح المواقع والمناطق المذكورة في الكتاب.
جدول ١: الملوك وسنوات الحكم المذكورة في الكتاب – المنطقة الشمالية.
مملكة آشور بلاد بابل عيلام
القرن الثالث عشر ق.م. توكولتي-نينورتا الأول (١٢٤٤–١٢٠٨ق.م.)
القرن الثاني عشر ق.م. آشور-دان الأول (١١٧٩–١١٣٣ق.م.) شوتروك-ناخونته (١١٩٠–١١٥٥ق.م.)
إنليل-نادين-أخي (حوالي ١١٥٧–١١٥٥ق.م.) كوتور-ناخونته (حوالي ١١٥٥–١١٥٠ق.م.)
آشور-ريش-إيشي الأول (١١٣٣–١١١٦ق.م.) نبوخذ نصر الأول (١١٢٥–١١٠٤ق.م.) هوتيلوتوش-إنشوشيناك (حوالي ١١٢٠–١١١٠ق.م.)
القرن الثاني عشر–القرن الحادي عشر ق.م. تِغلث-فلاسر الأول (١١١٥–١٠٧٦ق.م.) مردوخ-نادين-أخي (حوالي ١٠٩٩–١٠٨٢ق.م.)
القرن الحادي عشر ق.م. آشور-بيل-كالا (١٠٧٤–١٠٥٧ق.م.) مردوخ-شبيك-زيري (١٠٨٢–١٠٦٩ق.م.)
أداد-أبلا-إيدينا (١٠٦٧–١٠٤٦ق.م.)
آشور ناصربال الأول (١٠٤٩–١٠٣١ق.م.)
شلمنصر الثاني (١٠٣٠–١٠١٩ق.م.)
كاشو-نادين-أخي (حوالي ١٠٠٧–١٠٠٥ق.م.)
القرن العاشر ق.م.
نبو-موكين-أبلي (حوالي ٩٧٨–٩٤٣ق.م.)
آشور-دان الثاني (٩٣٤–٩١٢ق.م.)
القرن العاشر–القرن التاسع ق.م. أداد-نيراري الثاني (٩١١–٨٩١ق.م.) شمش-مُدامِق (حوالي ٩٠٠ق.م.)
القرن التاسع ق.م. توكولتي-نينورتا الثاني (٨٩٠–٨٨٤ق.م.)
آشور ناصربال الثاني (٨٨٣–٨٥٩ق.م.) نبو-أبلا-إيدينا (حوالي ٨٨٧–٨٥٥ق.م.)
شلمنصر الثالث (٨٥٨–٨٢٤ق.م.) مردوخ-زكير-شومي (حوالي ٨٥٥–٨١٩ق.م.)
شمشي-أدد الخامس (٨٢٣–٨١١ق.م.) مردوخ-بلاصو-إقبي (٨١٩–٨١٣ق.م.)
بابا-أخا-إيدينا (حوالي ٨١٢ق.م.)
القرن التاسع-القرن الثامن ق.م. أداد-نيراري الثالث (٨١٠–٧٨٣ق.م.)
القرن الثامن ق.م.
كركميش (ملك عظيم) كركميش (سيد المدينة) كونولوا/باليستين (طعينات) سمأل (زنجرلي) أورارتو
القرن الثالث عشر ق.م.
القرن الثاني عشر ق.م. كوزي-تيشوب (حوالي ١٢٠٠–١١٨٠ق.م.)
إيني-تيشوب (أواخر القرن الثاني عشر ق.م.)
القرن الثاني عشر–القرن الحادي عشر ق.م.
القرن الحادي عشر ق.م. تايطا الأول (القرن الحادي عشر ق.م.)
سابازيتي (أواخر القرن الحادي عشر ق.م.)
القرن العاشر ق.م. أورا-تارهونتا (أوائل القرن العاشر ق.م.) سوهي الأول (حوالي ١٠٠٠ق.م.) تايطا الثاني (أوائل القرن العاشر ق.م.)
تودخاليا الثاني (القرن العاشر ق.م؟) أستوالامانزا (س) (القرن العاشر ق.م.)
أحفاد أورا-تارهونتا (القرن العاشر ق.م.) سوهي الثاني (القرن العاشر ق.م.) مانانا (منتصف القرن العاشر ق.م.)
كاتوا (س) (أواخر القرن العاشر ق.م.) شوبيلوليوما الأول (أواخر القرن العاشر ق.م.)
القرن العاشر–القرن التاسع ق.م. سوهي الثالث (حوالي ٩٠٠ق.م.) هالبارونتيا (أوائل القرن التاسع قبل الميلاد) هايَّا (حوالي ٨٧٠ / ٨٦٠–٨٤٠ق.م.)
القرن التاسع ق.م. لوبارنا الأول؟ (أوائل القرن التاسع ق.م.)
سنجارا (حوالي ٨٧٥–٨٤٨ق.م.) شوبيلوليوما الثاني/سابالولمي (منتصف القرن التاسع ق.م.) آرامو (حوالي ٨٥٩–٨٤٤ق.م.)
قالباروندا الثاني (منتصف القرن التاسع ق.م.) شائِل (ربما كان حاكمًا مشارِكًا حوالي ٨٥٠–٨١٠ق.م.)
إيسارويلا-مووا (النصف الثاني من القرن التاسع ق.م.) لوبارنا الثاني (أواخر القرن التاسع ق.م.) كولامووا (حوالي ٨٤٠–٨١٠ق.م.) ساردوري الأول (حوالي ٨٣٤–٨٢٨ق.م.)
كوالانا-مووا (النصف الثاني من القرن التاسع ق.م.) إشبويني (حوالي ٨٢٨–٨١٠ق.م.)
أستيرو (وا) الأول (حوالي ٨١٠ق.م.)
القرن التاسع-القرن الثامن ق.م. مينوا (حوالي ٨١٠–٧٨٦ق.م.)
كاماني (حوالي ٧٩٠ق.م.) إنوشبوا (حكم مع مينوا)
القرن الثامن ق.م. أرجيشتي الأول (حوالي ٧٨٦–٧٦٤ق.م.)
جدول ٣: الملوك وسنوات الحُكم المذكورة في النَّص – المنطقة الجنوبية.
صور بيبلوس (جبيل) مملكة/مدينة دمشق
القرن الثالث عشر ق.م.
القرن الثاني عشر ق.م.
القرن الثاني عشر–القرن الحادي عشر ق.م. تجيكر-بعل/زكار‏-بعل (حوالي ١٠٧٥ق.م.)
القرن الحادي عشر ق.م.
القرن العاشر ق.م. أحيرام (أوائل القرن العاشر ق.م.)
حيرام (حوالي ٩٧٠–٩٣٦ق.م.) إيثبعل (أوائل القرن العاشر ق.م.)
يِحِمْلِك (منتصف القرن العاشر ق.م.)
بعل-معزر [بعل-آزور] الأول (أواخر القرن العاشر ق.م.) أبيبعل (منتصف-أواخر القرن العاشر ق.م.)
عبدي-عشتارت [عبدستراتوس] (أواخر القرن العاشر ق.م.) إليبعل (منتصف–أواخر القرن العاشر ق.م.)
القرن العاشر–القرن التاسع ق.م. ميثوساستراتوس [مغتصِب للعرش] (أواخر القرن العاشر ق.م.) شيبيت بعل (أواخر القرن العاشر ق.م.)
القرن التاسع ق.م. إيش-عشتارت (أوائل القرن التاسع ق.م.)
عشتار (ت)-إمن (أوائل القرن التاسع ق.م.)
بيليس (أوائل القرن التاسع ق.م.)
إيثبعل (أوائل–منتصف القرن التاسع ق.م.) هَدَد-عزر (حوالي ٨٥٨ق.م.)
بعل-معزر [بعل-آزور] الثاني (منتصف القرن التاسع ق.م.)
حَزَائِيل (حوالي ٨٤٢–٧٩٦ق.م.)
القرن التاسع–القرن الثامن ق.م. ماتان الأول (أواخر القرن التاسع ق.م.)
بومياتون [بومايون/بيجماليون] (أواخر القرن التاسع ق.م.–أوائل القرن الثامن)
مصر مملكة إسرائيل الموحَّدة إسرائيل يهوذا موآب أدوم
القرن الثالث عشر ق.م.
القرن الثاني عشر ق.م. رمسيس الثالث (١١٨٦–١١٥٥ق.م.)
رمسيس الرابع-العاشر (١١٥٥–١٠٩٨ق.م.)
القرن الثاني عشر–القرن الحادي عشر ق.م. (١) رمسيس الحادي عشر (١٠٩٨–١٠٧٠ق.م.)
(٢) سمندس (١٠٧٧/١٠٦٩–١٠٤٣ق.م.)
(٣) حريحور (١٠٨٠–١٠٧٤ق.م.)؛ بينوزم الأول (١٠٧٤–١٠٣٦ق.م.)
القرن الحادي عشر ق.م. بسوسنس الأول (١٠٣٩–٩٩١ق.م.) داود (حوالي ١٠٠٠–٩٧٠ق.م.) هَدَد (أوائل القرن العاشر ق.م.)
القرن العاشر ق.م. آمون-إم-أوبت (٩٩١–٩٨٢ق.م.)
سي آمون (٩٧٩–٩٥٨ق.م.) سليمان (حوالي ٩٧٠–٩٣٠ق.م.)
بسوسنس الثاني (٩٥٨–٩٤٥ق.م.)
شيشنق الأول (حوالي ٩٤٥–٩٢٤ق.م.)
أوسركون الأول (حوالي ٩٢٤–٨٩٠ق.م.)
القرن العاشر–القرن التاسع ق.م.
القرن التاسع ق.م.
عُمْري (حوالي ٨٨٤–٨٧٣ق.م.) ميشع (القرن التاسع ق.م.)
تاكيلوت الأول (٨٩٠–٨٧٢ق.م.)؛ شيشنق الثاني (حوالي ٨٩٠ق.م.) أخاب (حوالي ٨٧١–٨٥٢ق.م.)
أوسركون الثاني (٨٧٢–٨٣١ق.م.) يهورام (حوالي ٨٥٠–٨٤٠ق.م.) يهورام (حوالي ٨٤٩–٨٤٢ق.م.)
أخزيا (حوالي ٨٤٢–٨٤١ق.م.)
القرن التاسع–القرن الثامن ق.م. يَاهُو (حوالي ٨٤١–٨١٤ق.م.)
شيشنق الثالث (٨٣١–٧٩١ق.م.)؛ تاكيلوت الثاني (٨٣٤–٨١٠ق.م.) يُوآش/يَهُوآش (حوالي ٨٠٤–٧٨٩ق.م.)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥