الفصل الخامس

الطور الأخير (٥٥٢–٦٥٦)

لم يَبْقَ في يد الخلفاء من تلك المملكة المترامية الأطراف في هذا العهد إلا بغداد وأعمالها وقليل مما يتصل بها.

وقد طالت مدة خلافة بعض الخلفاء حتى ضربت الرقم القياسي على حدِّ تعبير كُتَّاب العصر؛ فقد كانت مدة خلافة الناصر لدين الله ٤٦ سنة وعشرة أشهر و٢٨ يومًا، وهي أطول مدة حكم فيها خليفة عباسي، وما ذلك إلا لخلو بغداد من الأجناد الأتراك والديلم وغيرهم من أهل الشغب ورواد الفتن، ثم لم يَبْقَ في يَدِ الخلفاء ما يُحسَدون عليه.

وكان الخلفاء في هذا العهد ميَّالين إلى نشر العدل والترفيه على الرعية برفع كثير من المكوس والضرائب، كما كانوا ميالين إلى إقامة دور العلم والمساجد والملاجئ الخيرية.

وفي هذا العهد استفحل أمر المغول في ديار فارس وغيرها، كما اشتَدَّت قبل ذلك وطأة الصليبيين في ديار مصر والشام، فأصبحت ديار الإسلام بين قوتين هائلتين، كأنهما كانتا على ميعاد.

وكانت خاتمة هذا العهد الكارثة التي أَوْدَتْ بالخلافة وبالمدنية والحضارة على ما سيأتي في الباب التالي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤