الفصل الثالث والثلاثون

انطلقت صافرة حادةٌ من قمرة القبطان، والباخرة، التي لم تتحرك بعد، وهي تتأرجحُ ببطء. واندفع نحوها عبر الضباب لنش صغيرٌ تابع للبحرية الملكية يجلس في مؤخرته رجلٌ واحد. وفي لحظاتٍ خاطفة توقف اللنش بجوار الباخرة، وتسلق الراكب سلَّم الحبال، وابتعد اللنش وتحركت الباخرة متجهةً مرة أخرى نحو القناة.

كان الراكب الذي وصل حديثًا يشق طريقه نحو الصالون عندما أوقف تقدمَه صوتٌ بدا أنه يأتي من خلف كومةٍ من الأغطية الملفوفة حول كرسي.

«هيو! ميجور طومسون!»

فتوقف للحظة. أزاحت جيرالدين الأغطيةَ ونهضت. ونظر أحدُهما إلى الآخر في دهشة.

وصاح: «عجبًا، يا جيرالدين، إلى أين أنت ذاهبة؟»

فأجابت: «إلى بولونيا بالطبع. لا تتظاهرْ بأنك متفاجئ. عجبًا، لقد حصلتَ لي على الوظيفة بنفسك.»

قال: «بالطبع، أنا فقط لم يكن لدي أيُّ فكرة أنكِ ستذهبين الآن، أو أنكِ تُسافرين على متن هذه الباخرة.»

فقالَت، بينما يضع كرسيًّا إلى جانبها: «لقد طلبوا مني الذهاب هذا الأسبوع، وكان الكثير من الممرضات والأطباء مسافرين على متن هذه الباخرة، فقررتُ أن أستقلَّها أيضًا. وأشعر بأنني محترفةٌ بالفعل. تقريبًا كل النساء هنا يرتدين زيَّ الممرضات، وثلاثة أرباع الرجال على متن الباخرة هم أطباء. إلى أين أنت ذاهب، يا هيو؟»

فقال: «فقط إلى القاعدة وسأعود مرةً أخرى غدًا. هناك محكمة عسكرية أريد أن أحضرها.»

ضحكت قائلة: «ما زلت غامضًا. ما علاقتك بالمحاكم العسكريَّة، يا هيو؟»

أجاب بخفَّة: «علاقة وثيقة، في الوقت الحاليِّ فقط. هل تُريدين تناوُلَ بعض القهوة أو أي شيء؟»

هزَّت رأسَها.

«كلا، شكرًا لك. لقد تناولت عَشاءً ممتازًا قبل أن نبدأ. وتفقدت بعض الكبائن، لكنني قررتُ قضاء الليل على سطح السفينة. وماذا عنك؟ يبدو أنك قد وصلت على عجل.»

فأوضح قائلًا: «لقد فاتني القطار في لندن. حيث أخَّروني في مكتب الحرب. ثم اضطُرِرت إلى السفر في سيارة حكومية ولم نتمكَّن من اللَّحاق بالباخرة. هل هناك أيُّ أخبارٍ من رالف؟»

أجابَتْه قائلةً: «تلقيت رسالةً منه منذ أيام. أرسلت في هاريتش لكنَّه لم يُفصح عن مكان وجوده، ولا عن أي أخبارٍ بالطبع. وقد عاد والدي من مقرِّ البحرية الملكية أمسِ متحمسًا للغاية، رغم ذلك. وهو يقول إننا أغرقنا أربع أو خمس غواصات أخرى، وإن معدَّات رالف الجديدة حقَّقت نجاحًا هائلًا. بالمناسبة، هل هناك أيُّ خطرٍ من الغواصات هنا؟»

أجاب طومسون: «لا أظنُّ ذلك. إنهم مشغولون للغاية حول جزر سيلي، ولكن يبدو أننا تمكَّنا من إبقائهم خارج القناة. ورغم ذلك، أعتقد أنه كان يجب أن تُرافقنا سفينةٌ حربية للحماية.»

فقالت: «على أيِّ حال، نحن سفينة مستشفًى. وأتوقَّع أنهم سيتركوننا وشأننا.» ثم تابعَت قائلة: «ميجور طومسون، إني أتساءل، هل تُصدق حقًّا كلَّ هذه القصص عن الأعمال الفظيعة للألمان … الطريقة التي تعاملوا بها مع الغرقى الذين هاجمَتهم غواصاتهم، وهذه القصص البغيضة عن بلجيكا؟ يبدو لي أحيانًا كما لو أن ضباب كراهيةٍ قد انتشر بين البلدَين، ولا يستطيع كِلانا إدراكَ ما يفعله الآخر بوضوح.»

وافق الميجور طومسون على ذلك قائلًا: «أعتقد أن هذا رأيٌ وجيه. ومن ناحية أخرى، أعتقد أن انعدام الرحمة والمبادئ في الحرب هو جزءٌ من العقيدة الألمانية. لقد رأيت أشياء في بلجيكا لن أنساها أبدًا. وبالنسبة إلى موضوع الغواصات، إذا كانت نصف الأشياء التي قرأناها صحيحة، فيبدو أنهم قد تصرَّفوا بهمجية. وهذا أمرٌ غريب أيضًا»، واستدرك: «لأنه كقاعدةٍ عامة فإن البحارة ليسوا قُساةً أبدًا.»

ظلَّا صامتَيْن بعض الوقت. ولسببٍ أو لآخر، تجنَّب كلاهما ذِكْر موضوع واحدٍ كان في ذهنِ كلَيهما. واستمرَّا كذلك بعد أن أحضرَت المضيفة له بعضَ القهوة، وأصبحا في منتصف الطريق، إلى أن سألها طومسون سؤالًا بشكلٍ مفاجئ.

«هل قابلتِ الكابتن جرانيت مؤخرًا؟»

أجابت: «كلا.»

فأدار رأسَه قليلًا تجاهها.

«هل ستنزعجين كثيرًا إذا لم يأتِ لرؤيتكِ مرةً أخرى؟»

كانت تُراقب الفجر الضبابي.

وأجابَت: «لا أعرف، لكنني أظن أنه سيأتي.»

فقال لها: «لست متأكدًا من ذلك.»

فسألتْه بسرعة: «هل تقصد أنه متورطٌ في مشكلةٍ جديدة؟»

قال طومسون: «لا أعتقد أنه يحتاج إلى أيِّ مشكلةٍ جديدةٍ على وجه التحديد، لكن لمَ لا نترك الحديثَ عنه بعض الوقت؟ إن لقاءنا هذا غيرُ متوقَّع للغاية، وبالنسبة إليَّ فهو مصدرُ سرور. دعينا لا نفسده.»

فوافقت على الفور قائلةً: «دعنا نتحدثْ عن أشياءَ أخرى. أخبرني، مثلًا، كيف تبدو الغواصة عندما تنبثق من البحر؟»

قال: «أنا لم أرَ واحدة عن قرب قطُّ إلا وهي على سطح الماء. لماذا تسألين؟»

أشارت بإصبعها إلى بقعةٍ صغيرةٍ تقريبًا بين سحابتَي ضباب.

وأجابَت: «لأنني تخيَّلت للتو أنني رأيت شيئًا يخرج من الماء هناك، ربما كان منظارَ غواصة.»

نظر في الاتجاه الذي أشارَت إليه، لكنه هز رأسه.

قائلًا: «لا أستطيع رؤية أي شيء، لكن على أيِّ حال لا أعتقد أنهم سيهاجمون سفينة مستشفًى. كما أن هذه منطقة خطيرة بالنسبة إليهم. لا بد أن هناك بعضَ المدمِّرات التابعة لنا على مقربة. أتساءل عما إذا كان رالف …»

ولم يُكمل جملته قطُّ. إذ إن الصدمة التي قرَآ عنها، ولكنهما لم يحلما بتجرِبتها قطُّ، ألقَتْ بهما دون لحظةِ تحذيرٍ على أيديهما وأقدامهما. وبدا أن الباخرة كما لو كانت قد رُفعَت خارج الماء. وسُمع دويٌّ كما لو أن مدفعًا كبيرًا قد أُطلِق بالقرب من آذانهما. وعند النظر عبر امتداد سطح الباخرة، بدا فجأةً لطومسون أن مقدِّمتها أصبحَت تُشير إلى السماء. وأخذ الجزء الخلفي منها، حيث كانا جالسَيْن، يتذبذب ويهتزُّ كما لو أنها ارتطَمت بصخرة، وعلى بُعد أمتار قليلةٍ منهما، باتجاه منتصفها، أصبح سقف الكابينة مكشوفًا للسماء. بينما الأخشاب تتفكَّك وتتشظَّى في كل اتجاه. وكانت هناك فجوةٌ كبيرة بالفعل في جانب الباخرة، كما لو أن شخصًا ما قد اقتطع جزءًا منها. وعندئذٍ، تعالى فوق صفير البخار المتسرب وتصدُّع الأخشاب، دويُّ صافرات الإنذار من الباخرة طلبًا للمساعدة. وفقدَت جيرالدين أعصابها فورًا. وبدأتْ في الصراخ، وركضَت نحو أقربِ قارب، حيث كان الركابُ يتسلَّقونه مثل النمل. فجذَبها طومسون إلى الخلف.

ورجاها قائلًا: «لا تتسرَّعي. خُذي!»

وفتح باب الكابينة الذي مال نحوَهما، وانتزع اثنين من أطواق النجاة من داخلها، وسرعان ما ثبت أحدهما عليها. وأصبح هناك بعضُ مظاهر النظام على سطح الباخرة الآن بعد أن مرَّ الارتباك الأول. اندفع الرجالُ جميعًا نحو أماكنِ تمركزِهم. وقد فُجِّرت ثلاثة من القوارب إلى شظايا بينما هي معلَّقة على أذرعِ رفعِها. وأنزل الرابع إلى الماء، وهو محمَّل فوق قدرةِ استيعابه، بشكل رهيب. وربَط طومسون، الذي كان يعمل كالمجنون، بعض الأطواق الاحتياطية على طاولةٍ خرجَت طافيةً من الكابينة. وقد غطس القارب أكثر من مرة غطسةً كبيرة واضطُروا إلى التمسك بأبواب الكبائن. كما اندفعت فوقهم موجة ضخمة، وغمرَتهم من الرأس إلى القدم.

أصبح الجزء العلوي من درابزين السطح الآن عند مستوى البحر. فوقف طومسون للحظة ونظر حوله. ثم التفت إلى جيرالدين.

وقال: «انظري هنا، ستأتي الكثيرُ من السفن القريبة لانتشالنا. هذا الشيء لا يُمكن أن يغرق. أبقي طوقَ النجاة عليكِ وتمسكي بذراعيكِ في الطوق الذي ربطته بالطاولة، إذن. أجل هكذا صحيح. تعالَي الآن إلى الجانب.»

صاحت قائلة: «هل ستقفز من فوق السطح؟»

فأوضح قائلًا: «سوف نخطو فقط من فوق السطح؛ فالمياه قريبة. إنها الفرصة الوحيدة. تخلَّصي من عباءة الفرو. اسمعيني، إذا بقينا للحظة أخرى، فستجرنا الباخرة معها لأسفل. يجب أن نبتعد عن تياراتِ سَحْبها لأسفل بينما يمكننا ذلك قبل أن تسحبنا.»

استطرد بسرعة، وهو يتخلصُ من معطفه وسترته: «أستطيع السباحة. هذا الشيء سوف يدعمني بسهولة. صدِّقيني، يا جيرالدين، ليس هناك ما يدعو للخوف. يمكننا إبقاؤه طافيًا لمدة ستِّ ساعات، إذا لزم الأمر، فقط لا تُفلتيه من يدَيْك. وتمسكي به بذراعيك، و… يا إلهي! بسرعة!»

غمرتهما موجة ضخمة. فانقلبَت الباخرة، التي كاد سطحها أن يصل إلى مستوى الماء، وتعالت صرخات النساء، والصياح العالي لإلقاء الأوامر من قمرة القيادة، حيث كان القبطان يقف ويداه على الدرابزين الذي يَغرق بسرعة. أصبح الماء يصل إلى الخصر الآن. وفي لحظةٍ أصبحا لا يشعران بأي شيء تحت أقدامهما. ووجدتْ جيرالدين نفسها تطفو فجأة. بينما طومسون، يسبح بذراع، ويتشبَّث بالأخرى في طوفهما.

وهمس: «ادفعي نفسَكِ بعيدًا عن كل شيء بقدرِ ما تستطيعين، واعلمي يا جيرالدين … إذا حدث أيُّ شيء لنا، أنني لم أتغير قطُّ … ليس للحظة واحدة.»

فبكت بحُرقة، وهي تمدُّ يدها: «وأنا، كذلك، لم أتغير قطُّ.»

غمرتهما موجة أخرى. ثم عادا للطفو، مع ذلك. فأمسك بيدها المبللة للحظة. وكل ما حولهما أشياءُ من أثاث الباخرة، وألواح خشبية مكسورة، ورجالٌ يسبحون هنا وهناك. ومن على مقربة تُدوي صافرة الإنذار المتلاشية.

صاحت جيرالدين: «انظر!»

كانت الغواصة على بُعد خمسين قدمًا تقريبًا منهما. ووقف القبطان مع أربعة أو خمسة رجال على متنها. فصاح طومسون وقال له.

«ألا يُمكنك إنقاذُ بعض هؤلاء النساء؟»

كان الجواب ضحكة غليظة، وحشية، ساخرة. ثم تسلَّلت الغواصة مبتعدة. احتقن وجه طومسون من الغضب، وهو يراقبها تبتعد. لكن في اللحظة التالية تمالكَ نفسه، رغم ذلك. فقد كان بحاجةٍ إلى كل قوته.

ورجاها قائلًا: «لا تستمعي إلى أي شيء يا جيرالدين. فسيُنقذوننا جميعًا تقريبًا. ألا يُمكنكِ سماع صافرات الإنذار بالفعل؟ هناك الكثير من السفن ستأتي لإنقاذنا. تذكري، نحن لن نغرق ما دمنا معلَّقين هنا.»

قالت في تلعثم: «لكنك لا ترتدي طوق نجاة.»

أكَّد لها قائلًا: «لستُ في حاجةٍ إليه. يمكنني أن أظلَّ طافيًا على نحوٍ جيد. هل تشعرين بالبرد؟»

قالت وهي تشهق: «كلا، لكنني أشعرُ بالإحباط الشديد. تبدو السماء فجأةً بعيدة. أوه، ألن يأتيَ أحدٌ لينقذنا!»

تعالت صافراتُ الإنذار الآن، والكثير منها، على مقربة. وشاهدا هيكلًا أسودَ كبيرًا يخرج من الضباب ويقترب.

فصاح قائلًا: «لقد وصَلوا بالفعل لإنقاذنا! تشجَّعي، يا جيرالدين! إنها خمسُ دقائق أخرى فقط.»

ثلاثون ميلًا في الساعة عبر الضباب، مع رذاذ يتساقط مثل النافورة وهسيس مياه البحر مثل موسيقى الشيطان في آذانهم. ثم رفع الضباب مثل الستارة على خشبة المسرح، وانسحب مبتعدًا إلى المنطقة المعتِمة. ووقف ضابطٌ بجانب كونيرز.

«لقد قُصِفَت السفينة المستشفى برنسيس هيلدا بطوربيد من غواصة، يا سيدي. إنهم يلتقطون الناجين بالفعل. نحن متوجهون نحوهم يا سيدي.»

وبينما هو يتحدث، سطَع ضوء القمر. كان هناك مركبَا صيدٍ وزورقُ دورية على مرمى البصر، وعشرون أو ثلاثون قاربًا تُجدف إلى مكان الكارثة. وفجأةً انطلقت صيحة.

«غواصة عند مقدمة السفينة جهةَ اليسار!»

فتأرجحوا. وبدا أن البحر قد تحوَّل إلى كتلةٍ من الرغوة الصابونية.

أمسك كونيرز الدرابزين الذي أمامه بقبضته. وبمجرد أن أصدر الأوامر انطلقَت المدافع. وتوهج الهيكل المغطَّى على السطح السفلي بضوءٍ غير متوقع. وتأرجح المدفع بالأسفل ببطءٍ نحو قاع البحر، موجَّه بواسطة أداة غير مرئية. وتناثرت أعمدةٌ من الرذاذ في الهواء، وكان هدير المدافع يُصمُّ الآذان. ثم تعالت صيحة أخرى … صيحة حماس غليظة. وعلى بُعد مائة ياردة تقريبًا، ظهرَت الغواصة على السطح، وهي تتمايل بشكل غريب. بينما يرفع ضابط في المؤخرة العلمَ الأبيض.

وصاح: «نحن نغرق! نحن نستسلم!»

فتردَّد كونيرز لثانية واحدة. ثم نظر إلى الأسفل. فوجد جثة امرأة طافية؛ وطفل، مقيَّد إلى طاولة، تتخبَّط في جانب السفينة. ومن ثَم ومضت النيران الحمراء أمام عينيه؛ وكسر هديرُ صوته السكون اللحظي. وامتثالًا لأمره، أطلقت المدافع خطًّا مستويًا من اللهب … ولم يعد هناك شيءٌ متبقٍّ من الغواصة، أو من الرجال الذين يتشبَّثون بها مثل الذباب. وشاهدهم كونيرز يختفون دون أدنى تغير في تعبيرات وجهه.

وغمغم: «الجحيم هو المكان الوحيد المناسب لهم! أرسل القوارب، يا جونسون، وتفقَّد الموقع. قد يكون هناك ناجون آخَرون كي نلتقطهم.»

نُقل الأمر وجرى تنفيذه وعلى الفور أُنزل أحد القوارب.

أبلغ أحد الضباط كونيرز قائلًا: «رجل وامرأة يتشبَّثان بطاولة، يا سيدي. سوف نُحضرهما على متن المدمرة.»

انتقل كونيرز إلى جانب قمرة القيادة. فرأى جيرالدين تُنتشَل إلى القارب، وحالما تأكد طومسون، أنها أصبحت بأمان، صعد وراءها. وشاهدهما وهما يسحبان إلى سطح المدمرة وفجأةً تعرف عليهما.

فصاح، وهو يندفع إلى أسفل السُّلم: «يا إلهي! إنها جيرالدين!»

كانت تقفُ على السطح، بينما يتساقط الماء منها، وهي تستند على بحار من كلا الجانبَين. فالتقطت أنفاسها عندما رأته. وكانت واعية تمامًا وصوتُها ثابت.

صاحت: «كلانا هنا، يا رالف، هيو وأنا. لقد أنقذ حياتي. شكرًا لله أنكم جئتم لإنقاذنا!»

ومِن ثَم أسرع المضيف نحوهما مع المشروب. فارتشفَت جيرالدين قليلًا وناولت الزجاجة إلى طومسون. ثم التفتت بسرعة إلى أخيها. حيث ارتسمت نظرةٌ غير مألوفة على وجهها.

وغمغمَت: «رالف، لا تهتمَّ بنا. ولا تتوقف لأي شيء آخر. هل يمكنك العثور على تلك الغواصة؟ لقد رأيتهم جميعًا … الرجال … يضحكون وهم يبتعدون!»

اشتعلت عينا كونيرز للحظةٍ بالغضب. ثم انفرجت شفتاه عن ابتسامة فرح غريبة لا تتفقُ مع الموقف.

وصاح في انتصار شرس: «إنهم لن يضحَكوا بعد الآن في هذا العالم، يا جيرالدين. إنهم غرقى الآن في قاع البحر، كل رجل وكلب منهم!»

أمسكت بكتفه … جيرالدين، التي لم تُصب متعمدة أي حشرة بأذًى طوال حياتها.

وقالت بينما تبكي: «رالف، الحمد لله! الحمد لله أنك فعلتَ ذلك!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤