الفصل السابع

سألت جيرالدين خطيبها، وهما يقفان في قاعة الاستقبال بانتظار العشاء: «إني أتساءل لماذا لا يُعجبك الكابتن جرانيت؟»

كرَّر طومسون: «لا يعجبني؟ هل أعطيتكِ هذا الانطباع حقًّا، يا جيرالدين؟»

أومأت الفتاة برأسها.

وقالت: «مع ذلك، ربما يجب ألَّا أقولَ ما أقوله الآن. أنت لست متحمسًا للناس أبدًا، أليس كذلك؟»

غيرَت إحدى ابتساماته النادرة من ملامح وجهه. ومال نحوها قليلًا.

وهمس: «لكنني متحمسٌ لواحدة منهم، يا جيرالدين.»

ابتسمت ابتسامةً صغيرة ساحرة، ولكن بعد ذلك ببرهة استعادت جدِّيتها مرةً أخرى.

وتابعَت: «لكن حقيقةً، يبدو لي أن الكابتن جرانيت هو بالفعل نموذج الشابِّ الإنجليزي الذي سيُنقذ البلاد. إنه ضابط ماهر، وذكي، ومتواضع، ورياضيٌّ رائع. لا أستطيع أن أفكر في أيِّ شيء يجعل المرءَ لا يُعجب به.»

نظر الميجور طومسون عبر القاعة. وإلى حدٍّ ما، كان الرجل الآخر الذي شعر طومسون بشكل غريزي بأنه منافس له، على الرغم من أنها منافسةٌ غير معلنة، يبدو من نوع مختلف تمامًا عن طومسون. إذ كان جرانيت مَرْكزًا لمجموعة صغيرة من الأشخاص الذين بدَوْا جميعًا مستمتعين بمحادثته. كان مفعمًا بالحماسة والبهجة، رجل جذاب، يمتلك كل المظاهر الواضحة التي تدعو الجميعَ إلى الإعجاب به. وعلى الجانب الآخر، كان طومسون، على الرغم من حُسن مظهره، وتميزه، نحيفًا جدًّا وباهتًا. كان وجهه وجهَ عالمٍ أكثرَ منه وجهَ شخص مهتمٍّ أو متشوقٍ للتألق في الجانب الاجتماعي من الحياة. كان حديثه مثله مثل أخلاقه متحفظًا، وكان مهذبًا بشكل واضح، لكنه لم يكن يتمتَّع بالطلاقة أو السحر الطبيعي الذي كان يجعل جرانيت، حتى في تلك الدقائق القليلة، شخصيةً مرغوبة مع والدة جيرالدين وجمعٍ صغير من الضيوف الذين وصلوا للتو.

أقرَّ الميجور طومسون، مع تنهيدة خافتة: «على الأقل أنا أُقدِّر وجهة نظرك.»

ضحكت جيرالدين وهي تقول: «لا تكن مجاملًا. أريدك أن تُعجب به لأنني أجده مثيرًا للإعجاب. كما ترى، عندما يتعرف على أحدهم بشكلٍ أفضل قليلًا يبدو أنه لا يمانع في الحديث عن الحرب. أما أنتم الآخرون فلن تقولوا كلمة واحدة عمَّا رأيتموه أو عمَّا يجري هناك. أحب أن أعرف الأحداث من الأشخاص الذين رأَوها بالفعل. لقد تصادف أن حضر مبكرًا عشر دقائق هذا المساءَ وقد قدَّم لي وصفًا رائعًا للغاية لبعض المناوشات بالقرب من لا باسي.»

قال لها طومسون: «يجب أن تتذكَّري أنني شخصيًّا لا أرى، بطبيعة الحال، قدرًا كبيرًا من القتال إلا بعد أن ينتهيَ الأمر بأكمله. قد تكون بانوراما رائعةً بما يكفي عندما يكون القتال دائرًا بالفعل، ولكن لا يوجد شيء ملهِمٌ للغاية في ساحة المعركة الحديثة بعد ما يُقتل من فيها من الأحياء.»

ارتجفت جيرالدين للحظة.

وقالت: «في الواقع، كم أتمنَّى لو أنك لستَ جنديًّا، أيضًا. يبدو لي عملك مروعًا للغاية. تعالَ معي، أنت تعلم أنك ستصحبني لتناول العشاء. فكِّر في شيءٍ لطيفٍ لتقوله. أريد حقًّا أن أستمتع.»

قال بينما يجلسون في أماكنهم: «سأقدم اقتراحًا، إذن. لا أعرف ما إذا كنتِ ستجدينه ممتعًا، أم لا. لماذا لا نفعل مثل الكثير من أصدقائنا، ونتزوَّج؟»

حدَّقت إليه للحظة. ثم ضحكت بشدة.

وصاحت: «هيو، لقد فهمت نواياك! لقد أدركتُ فجأةً أن هذه هي فرصتك للهروب من مراسم الزواج وحفل الاستقبال، وما إلى ذلك من الأشياء. وأنا أعتبره اقتراحًا يفتقد الشجاعة للغاية.»

قال في إصرار: «بل إنه يروق لي حقًّا.» ثم أضاف وهو يخفض صوته قليلًا: «ربما، لأنك تبدينَ ساحرة بشكل خاص هذا المساء، أو ربما …»

نظرَت إليه بفضول.

وتمتمَت: «استمِرَّ، من فضلك.»

فكرَّر: «أو ربما كانت رغبةَ رجلٍ في التأكد تمامًا من الشيء الذي يريده أكثر من أي شيء آخر في العالم.»

ساد الصمت لحظة. وكما لو كان من خلال غريزة غريبة تشاركا فيها، ألقَيا نظرةً خاطفة عبر المائدة إلى حيث أصبح جرانيت مَرْكزًا لثرثرةٍ ومحادثة تتَّسم بالحيوية. أشاحت جيرالدين عينيها في الحال، ونظرت إلى طبقها. كان هناك ظِلٌّ من عدم الارتياح في أسلوبها.

قالت: «تبدو جادًّا جدًّا، يا هيو.»

فأجاب: «هذا عيب في شخصيتي نوعًا ما، أليس كذلك؟ على أي حال، أنا جادٌّ للغاية.»

ساد صمت قصيرٌ آخر، تبادل خلالَه الضيفُ الجالس بجوار جيرالدين من الناحية الأخرى الحوارَ معها. فتخيل طومسون، الذي كان يراقبها عن كثب، أنها قبلَت هذا الحوار بصبرٍ نافدٍ كفرصةٍ للهرب من الرد على طلبه. وظلَّت منخرطةً في الحوار الذي أقبلَت عليه بحماسٍ حتى قاربَ العَشاءُ على الانتهاء تقريبًا.

فقال طومسون ليذكرها: «إن اقتراحي الصغير، لا يزال دون إجابة.»

فنظرت إلى طبقها.

وقالت: «لا أعتقد أنك جادٌّ بالفعل.»

أجاب: «هل أنا معتاد على الهَزْل؟ أعتقد أنني دائمًا ما أميل إلى الحديث الجاد. أنا جادٌّ بالفعل في طلبي، يا جيرالدين. هل يمكن أن نتحدَّث في هذا الأمر لاحقًا هذا المساء؟»

وافقَت ببساطة: «إذا أردتَ، لكنني أعتقد أنني أُفضل الانتظار. انظر إلى عيني أمي، تتجول حول المائدة. أعطني قفازاتي، من فضلك يا هيو. لا تكن مملًّا.»

نقل طومسون كرسيه بجوار مضيفه والد جيرالدين، الأدميرال السير سيمور كونيرز، وهو رجل عجوزٌ ثري للغاية، لديه أفكار ثابتة حول كل شيء، وسمعه ضعيف بعض الشيء، لكنه مولَعٌ جدًّا بالمحادثة. ومن ثم شرع في إلقاء محاضرة تفصيلية على زوج ابنته المرتقَبِ بشأن سوء إدارة المستشفيات الميدانية على الجبهة، وبعد الانتهاء من هذا الموضوع، فتح هجومًا واسع النطاق على البحرية الملكية. أما بقية الرجال في الحفل فقد انقسموا إلى مجموعاتٍ صغيرة. حيث جلس رالف كونيرز وجرانيت جنبًا إلى جنب، منغمسَين في المحادثة. وقد نظر طومسون نحوهما أكثرَ من مرة.

حيث قال جرانيت: «أتمنَّى لو فهمت المزيد عن أمور القوات البحرية. فأنا لا أفهم في أيِّ وظيفة ما عدا وظيفتي. ولا أستطيع أن أُدرك على الإطلاق كيف يمكنك التعاملُ مع الغواصات. إن هؤلاء الحقراء يمكن أن يظلُّوا تحت الماء ما دام يحلو لهم، ثم يَطْفون ويُظهرون رءوسهم، وإذا لم يعجبهم مظهر أي شيءٍ بالقرب منهم، فإنهم يغوصون مرةً أخرى. لا أدرك كيف يمكنك الوصولُ إليهم، بأي شكل من الأشكال.»

ابتسم البحار الشابُّ بطريقة متعالية إلى حدٍّ ما.

وقال: «ما زالت لدينا بعض الأفكار التي لم يكتشفها الألمان بعد.»

قال الأدميرال، وهو يشارك في المحادثة: «أنا شخصيًّا، أعتبر أن خطر الغواصات هو أعظم خطر يتعرض له هذا البلد حتى الآن. لا أحد سوى أمَّة من القراصنة، من قبائل الهون البربرية المنعدمة الضمير، يمكن أن تُطلق مثل هذه الحملة.»

صاح ابنه: «رأي سديد، يا أبي! إنهم جماعة من الحقراء الفاسدين، بالطبع، على الرغم من أن بعضهم قد تصرف بشكلٍ لائق إلى حدٍّ ما.» وأضاف وهو يحتسي مشروبه: «هناك شيء واحد، لا توجد مهمة في العالم أرغب في القيام بها عاجلًا أكثرَ من صيد تلك الغواصات.»

قال جرانيت بخفة دمٍ: «كل شخص حسب ذوقه. ادعمني برفاق السلاح، ومدفعيتي مثبَّتة جيدًا، واحتياطيَّاتي في مواقعها، والعدوُّ ليس محصَّنًا بقوة، وصوت قائدنا الكولونيل العجوز العزيز يصرخ «انقضُّوا عليهم يا رجال!» هذه هي فكرتي عن الحرب.»

سرَت همهمةُ تعاطفٍ بسيطة. لكن رالف كونيرز، مع ذلك، ابتسم بهدوء، بينما سيجاره في زاويةِ فمه.

وقال: «يبدو هذا جيدًا، ولكن من أجل الإثارة المطلقة أعطني صباحًا ضبابيًّا، على متن مدمِّرةٍ تسير بسرعة أربعين عُقْدة تقطع البحر إلى ماسات، وأسطحًا خالية من أجل العمل، وديك العجوز مرتديًا المعطف الواقي من المطر يؤدي التحية وهو يقول: «غواصة العدو عند مقدمة السفينة، يا سيدي».»

سأله جرانيت: «وماذا ستفعل عندئذٍ؟»

أجاب الآخر، مبتسمًا: «انظر الصفحةَ السابعة من كتيب تعليمات البحرية الملكية الذي صدَر بعد ظهر اليوم. سندمرها، أؤكد لك ذلك.»

نهض الأدميرال ودفع كرسيَّه للخلف.

وقال: «أعتقد إذا كنتم جميعًا متأكدين تمامًا من أنكم لن تشربوا المزيد من المشروب، فلنذهب إذن لنجالس السيدات.»

ومن ثَم خرجوا من الغرفة معًا. وظل طومسون قريبًا من رالف كونيرز والكابتن جرانيت، اللذين توقفا عن الحديث عن الغواصات، ولكن، شرَعا في الحديث عن آخر باليه في إمباير. واتجهت جيرالدين نحوَهم عندما دخلوا غرفة الاستقبال.

وقالت مترجية، وهي تتأبَّط ذراعه: «هيو، هل تُمانع في لعب البريدج؟ آل مولينر سيُواصلون اللعب، وأمي تفتقد مجموعة اللعب أيضًا.» ثم أضافت: «ويمكننا التحدث بعد ذلك، إذا أردت.»

نظر طومسون عبر الغرفة إلى حيث كان جرانيت يتحدث مع بعض الضيوف الآخرين. لكنه لم يرَ الشاب كونيرز في الوقت الحالي.

فوافق قائلًا: «سألعب، بكل سرورٍ يا جيرالدين، لكني أريد أن أتحدث مع رالف أولًا.»

فقالت: «إنه يتحدث عبر الهاتف. لقد اتصل به شخصٌ من مقر البحرية الملكية حول أمرٍ ما وهو يتحدث إليه. سأخبره، إذا أردت، عندما يأتي.»

وعدها طومسون قائلًا: «إذا فعلت ذلك، فأعِدُك ألَّا يستغرق حديثي معه سوى دقيقةٍ واحدة.»

جلست المجموعة الصغيرة وبدَءوا لعبتهم — الليدي كونيرز، والسير تشارلز هانكينز — وهو محامٍ مشهور — ورجل آخر وطومسون. وعثرت جيرالدين، مع أوليف مورتون وكابتن جرانيت، على أريكة في زاوية بعيدة من القاعة، وكان الثلاثةُ يتحدَّثون على ما يبدو في أمورٍ تافهةٍ بنجاحٍ كبير. ثم ظهر رالف مرةً أخرى وانضمَّ إليهم.

فقالت له جيرالدين: «هيو يريد التحدث معك.»

نظر رالف إلى طاولة البريدج الصغيرة وابتسم.

وقال، وهو يتأبط ذراعَ أوليف: «هيو يمكن أن ينتظر. هذه ليلتي الأخيرة على البرِّ ولا أحد يعلم متى سأعود إليه مرة أخرى وأنا سأصحب أوليف لأُريَها صور سفينتي سكوربيون. لقد حصلت عليها من ويلكوك العجوز بعد ظهر هذا اليوم.»

اختفى الشاب والفتاة. بينما ظلَّ الكابتن جرانيت وجيرالدين على الأريكة، يتحدثان بأصوات خافتة. وبمجرد أن عبر طومسون القاعة، حينما سمحَت له قواعد لعبة البريدج بذلك، واقترب منهما. توقفا عن محادثتِهما فجأة.

وقالت جيرالدين وهي تنظر إلى الأعلى: «لقد أخبرت رالف، أنك تريد التحدث إليه، لكنه ذهب وأوليف إلى مكانٍ ما.» ثم واصلت بفضول: «بالمناسبة يا هيو، أنت لم تُخبرني أنك زرتَ الكابتن جرانيت هذا المساء.»

أجاب مبتسمًا: «حسنًا، إنه ليس أمرًا ذا أهمية حيوية، أليس كذلك؟ إن زيارتي، على أي حال، جاءت بالصدفة.»

جاء صوتٌ عبر الجانب الآخر للقاعة: «أيها الميجور طومسون، إنه دورك في اللعب.»

عاد طومسون إلى طاولة البريدج. وانتهت مجموعة اللعب بعد بضع دقائق وانفضَّ التجمع الصغير. ونظر طومسون حوله لكن القاعة كانت خالية.

فقال: «أعتقد، إذا جاز لي، أنني سأذهب إلى البهو وأتناول كأسًا من الويسكي بالصودا. في رأيي أنني سأجد الأدميرال هناك.»

استأذن من الآخرين وشقَّ طريقه إلى الغرف المفردة في الجزء الخلفي من المنزل. ونظر أولًا في الجناح الصغير الذي يخص جيرالدين، لكنه وجده خاليًا. ومر على قاعة التدخين فوجد الشباب الأربعةَ متجمعين حول الطاولة.

وكانوا مستغرقين فيما يفعلونه لدرجة أنهم لم يُلاحظوا دخوله. إذ يبدو أن رالف، مع ورقة مبسوطةٍ أمامه وقلم رصاص في يده، كان يرسم شيئًا ما. وكان بجواره جرانيت. بينما شبكت الفتاتان ذراعَيهما، وهما تُشاهدان باهتمام.

قال رالف كونيرز موضحًا، بينما يتراجع للخلف للحظةٍ لإلقاء نظرةٍ على نتيجة عمله: «هذا المخطَّط، إذا نُفِّذ بشكلٍ صحيح، يمكن أن يحافظ على مسار قناةٍ مثل فولكستون إلى بولونيا، على سبيل المثال، آمنًا تمامًا. تلك العلامات السوداء هي عوامات، والشباك …»

قاطعه طومسون من الخلفية: «لحظةً واحدة، يا رالف.»

انتفضوا جميعًا وأداروا رءوسهم. فاقترب طومسون خطوةً ووضع يده على الورقة. كانت هناك نظرةٌ غريبةٌ على وجهه وقد بدَأَت جيرالدين تُميزها.

وقال: «رالف، يا صديقي القديم، أنت لا تظنني متطفلًا، أليس كذلك؟ أعتقد أنك يجب ألَّا تشرح هذا المخطط وترسمه حتى لأعزِّ صديق لك، أو للفتاة التي ستتزوجها، أو لي، أو لأمك، وأنا لو كنت مكانك لما أكملته أبدًا.»

حدَّقوا فيه جميعًا. وكان وجه جرانيت خاليًا من التعبير، بينما ارتبكت الفتاتان، وعبَس وجهُ رالف.

وقال معترضًا: «اللعنة، يا هيو، تحلَّ ببعض الإدراك والمنطق. هاك زميلًا مثل جرانيت، ضابط متحمِّس وواحد من أفضل الضباط، يفعل كل ما في وُسعِه من أجلنا على الأرض ولكنه قلِقٌ بعض الشيء بشأن خطر الغواصات علينا. لماذا لا أحاول طمْأنتَه، ها؟ … دعه يُدرك أن لدينا بعضَ الأشياء الصغيرة في جعبتنا؟»

وافق طومسون على ذلك قائلًا: «يبدو هذا جيدًا، يا رالف، لكنك تخالف مبدأً متفَقًا عليه، ولم أكن لأفعلَ ذلك. إنها ليست مخاطرة شخصية تتعرَّض لها وحدك، أو سرًّا شخصيًّا تشاركه مع الآخرين. قد يبدو الأمر سخيفًا في ظل الظروف الحاليَّة، أعلم ذلك، ولكن …»

ضحك جرانيت بخفة. وربت على كتف البحار الشاب.

وقال: «ربما كان طومسون على حق، يا كونيرز. احتفظ بمخطَّطك القديم في ذهنك. سنعرف كل شيء عنه عندما يُكتَب تاريخ الحرب. هناك دائمًا احتمال واحد في الألف، كما تعلم. فربما أُصابُ بحُمى دماغية في مستشفًى ألماني وأبدأ بالثرثرة. فمزِّقها، أيها الصديق القديم.»

ساد الصمتُ لحظة. ثم التفتت جيرالدين إلى طومسون.

وقالت محتجَّة: «هيو، ألا تعتقد أنك تحافظ على المبادئ بطريقة مبالغٍ فيها؟ إنه أمرٌ مثيرٌ للخوف للغاية بالنسبة إلينا عندما يكون رالف في البحر، وننتظر يومًا بعد يوم أخبارًا منه، لنفهم قليلًا ما يفعله.»

تذمرت أوليف قائلةً: «أعتقد أنك مصدر إزعاج مروع، أيها الميجور طومسون. لقد وصلنا للتو إلى الجزء المثير.»

قال طومسون: «أنا آسف، لكنني أعتقد، يا رالف، أن من الأفضل لك فِعلَ ما اقترحه الكابتن جرانيت.»

هز الشاب كتفَيه، وكان وجهه متجهمًا بعض الشيء. ثم أخذ المخطط ومزَّقه إلى قطع صغيرة.

وصاح: «إذا لم تكن صِهري المحتمل، كما تعلم، يا طومسون، كنت سأعتبر تدخُّلك وقاحةً لعينة! وفي نهاية الأمر، كما تعلم، أنت مجرد رجل مدني، ولا يُتوقَّع منك فَهْم هذه الأمور.»

ظل طومسون صامتًا للحظة. وقرأ في وجوه الآخرين تعاطفَهم مع شكوى البحَّار الشاب. فتحرَّك نحو الباب.

وقال ببساطة: «أنا آسف. طابت ليلتكم، جميعًا!»

تمنَّوْا له جميعًا ليلة سعيدة … ولم يتحرَّك أحدٌ منهم. مشى متباطئًا إلى القاعة الأمامية، وانتظر لحظة ثم أخذ معطفه وقُبَّعته من الخادم المختص بتلقِّيهم عند الدخول. ولوحت له الليدي كونيرز من أعلى السلم.

وسألتْه: «أين جيرالدين؟»

التفت طومسون كي يُغادر.

وقال: «إنهم جميعًا في قاعة التدخين، يا ليدي كونيرز. طابت ليلتك!»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤