احرصي على قلبك

أرْخَى الشَّفَقُ سُدُولَهُ على الأرْضِ بَطِيئًا
ولُفِقَتْ حَوَاشي السُّحُبِ بخُيوطِ الذَّهَبِ والفِضَّة
وَتلاشى ما كانَ يَبْدُو كبُحَيْرَاتِ اليَاقُوتِ وبركِ الزُّمُرُّد حِيَالَ عَرْشِ الغُروب
وغَشَتِ الأرضُ كآبةٌ رَبْداءُ
وغَشَتْ عَيْنَيْكِ كآبةٌ رَبداء
أيُّ شمس تغيبُ فيكِ، أيتها الفتاة، ولماذا يُشجيكِ المساء
لتغشى عينيك هذه الكآبة الربداء؟
ألا احرصي على قلبكِ أيتها الفتاة

•••

تجلَّت الشمس في الأوج تحت رواقِ الفلك
والأشعة تغازل الأزهار وتُوسِع المياه عِناقًا وتلوينًا
والمنازلُ تسطع كحجارة كبيرة من نور
وانتعشت جميع الأشياء انتعاشَ مَن خرج من أزمةٍ وانفرج
أما أنتِ فتلوبين جائعة عطشى
تقولين ما يجب ألَّا يُقال وتفعلين ما يجب ألا يُفعل
ثم تأسفين على القول والفعل وتعودين تلوبين
ووراءَ المللِ والسآمة وهيجٌ فيكِ واحتدام
أخبريني ما بكِ أيتها الفتاة؟
لماذا أراكِ عند نافذتي ترقبين ما ليس بالموجود وتشتافين ما ليس بالبادي؟
وإذا تحولتُ عنكِ إلى مرآتي رأيتُ هناك وجهك مفجعًا حزينًا؟
أهو أملٌ غزا نفسكِ فثقل على فؤادٍ منكِ اعتاد القنوط؟
أم قرب تهليل الأمل يأسٌ ينتحبُ وشعورٌ بالفشل طالما خالط الرجاء؟
جميع الأشياء انتعشت انتعاش مَن خرج من أزمة وانفرج
وأنتِ أيُّ علَّة تضنيكِ فتلوبين وتتأوهين؟
ألا احرصي على قلبك أيتها الفتاة

•••

جاء المساء مرةً أخرى، جاءَ المساءُ وتبعه الليل
وعيناك قرب السراج جامدتان جمود مَن يتأمل جثة
فأشعر بأن شيئًا فيكِ أمسى جثة
لقد استسلمت لجمال المساء فطعنك المساءُ بسكينٍ منه سريٍّ يقطرُ دمًا وظلامًا
أخضعتِ نفسك لسحرِ الغروب ولم تحرصي على قلبك
أما الآن وقد فرطتِ به فاحرصي على الجرح المنفتح فيه
احرصي على جرح قلبك أيتها الفتاة

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤