على جسر مود

قالها يصف بها ليلة مقمرة وهو على جسر مود بغداد.

لا تبكِ أرْبُعَهُمْ ولا الأطلالا
واربأْ بحبِّك أن يكون خيالا
واتركْ سؤالكَ للرسوم فإنها
مما يزيدك بالسؤال ضلالا
وانظر إلى حسن الطبيعة إنه
حُسن يفيدك في الحياة كمالا
حسن يقيِّد من رآه بحبه
ويفكُّ من أفكاره الأغلالا
ويطير في جوِّ السرور مُرَفرفًا
بالمشتكين كآبة وملالا
أوَما ترى البدرَ المنير إذا بدا
يكسو الدُّجى من نوره سربالا

•••

ولقد وقفت بجسر مُودَ عشيةً
والبدر في أفق العلا يتلالا
والليل يلبس من سناه مطارِفًا
منها يجرُّ بدجلة أذيالا
أما النسيم فقد جرى متعطرًا
وحكى بطيب هُبوبهِ الآمالا
وجبين دجلة قد صفا متألقًا
فحكى السماء محاسنًا وجمالا
فحسبت نفسي في السماء مُشاهدًا
تحتي بدجلة للسماء مثالا
ورأيت من فوقي السَّماء حقيقة
ورأيت من تحتي السماءَ خيالا
فكأنما الجسر الذي أنا فوقه
قد مدَّ في جوِّ السماء مشالا
وكأنما أنا في السماء محلق
طَورًا أسفُّ وتارةً أتعالى

•••

لله ما شاهدتهُ من مَنظرٍ
يدع الكئيب كشارب جِريالا!١
حُفَّتْ جوانبه بكل بديعةٍ
فزها جمالًا واستقلَّ جلالا
حتى نخيلُ الجانبين جميعها
قامت له بحفاوٍة إجلالا
١  الجرْيال: من أسماء الخمر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤