اللوح التاسع

العمود الأول

  • (١) بكى جلجاميش صديقه أنكيدو بكاءً مُرًّا،

  • (٢) وهام (على وجهه) في البراري:

  • (٣) «ألن يكون مصيري — إذا مت — مثل مصير أنكيدو؟

  • (٤) نفذ الغمُّ إلى وجداني،

  • (٥) والخوف من الموت تمكَّن مني، وها أنا ذا أهيم في البراري،

  • (٦) (قاصدًا) «أوتنابشتيم»، ابن «أوبار-توتو»،١
  • (٧) الذي اتخذت طريقي وحثثت الخطا إليه.

  • (٨) وصلت ليلًا إلى مسالك الجبل،

  • (٩) رأيت الأسود وانتابني الخوف،

  • (١٠) فرفعت رأسي إلى «سين» وصلَّيت له،

  • (١١) وتضرعت للعظمى بين الآلهة.٢
  • (١٢) «نجِّيني من هذا الخطر واحفظيني».»

  • (١٣) نام في الليل ثم انتبه مفزوعًا من حلم رآه:
  • (١٤) كانت تمرح في ضوء «سين» مبتهجة بالحياة،٣
  • (١٥) فتناول فأسه في يده،

  • (١٦) واستلَّ سيفه من حزامه،٤
  • (١٧) ومرق وسطها كالسهم،

  • (١٨) وانقضَّ عليها وشتتها.

    [فجوة من اثنين وثلاثين سطرًا، بعدها يصل جلجاميش إلى جبلي «ماشو» التوءمين اللذين تشرق منهما الشمس وتغرب فيهما …]

العمود الثاني

  • (١) ماشو هو اسم الجبل.

  • (٢) لما أن بلغ جبل ماشو،

  • (٣) الذي يحرس الشمس في دخولها وخروجها،٥
  • (٤) ولا تفوقه في العلو إلا قبة السماء،
  • (٥) وفي الأسفل يلمس صدره عمق الجحيم.٦
  • (٦) كان الرجال العقارب يقومون بحراسة بوابته،

  • (٧) ينبعث منهم الرعب الرهيب، و(في) نظراتهم الموت،

  • (٨) ويجلل الجبال بريقُ رعبهم المخيف،

  • (٩) وهم يحرسون الشمس في دخولها وخروجها.

  • (١٠) لما أبصرهم جلجاميش تعتَّم وجهه (هلعًا) من رعبهم وهولهم،

  • (١١) (ولكنه) تمالك نفسه وانحنى أمامهم.

  • (١٢) نادى الرجل العقرب زوجته (قائلًا):

  • (١٣) «إن هذا الذي جاء إلينا جسده من لحم الآلهة.»٧
  • (١٤) فردَّت عليه زوجته قائلة:

  • (١٥) «(أجل) إن ثلثيه إله وثلثه بشر.»

  • (١٦) هتف العقرب البشري، الذي اتخذ صورة الرجل، بجلجاميش،

  • (١٧) قائلًا هذه الكلمات لسليل الآلهة:
  • (١٨) «ما الذي دعاك لأن تقطع الطرق البعيدة؟
  • (١٩) ولماذا جئت إلى هنا، حتى مثلت أمامي،
  • (٢٠) وعبرت الأنهار التي يشق عبورها؟

  • (٢١) إني لأتوق لأن أعرف قصدك.»

    [ثغرة من ثمانية وعشرين سطرًا يقول جلجاميش بعدها]:

العمود الثالث

  • (٣) «(جئت) قاصدًا جدِّي (الأكبر) أوتنابشتيم،

  • (٤) الذي دخل في زمرة الآلهة، ونال الحياة (الخالدة)،
  • (٥) أريد أن أسأله عن (سر) الحياة والموت.»
  • (٦) فتح الرجل العقرب فمه،

  • (٧) وقال لجلجاميش:
  • (٨) «لم يقوَ بشر على هذا يا جلجاميش،
  • (٩) ولم يستطع أحد أن يجتاز غور الجبل،
  • (١٠) فهو حالك الظلام على مدى اثنتي عشرة ساعة مضاعفة.
  • (١١) كثيف هو الظلام، ولا نور هناك،
  • (١٢) والطريق يتَّجه صوب مشرق الشمس،
  • (١٣) وكذلك صوب مغيب الشمس.»

    [فجوة من ثلاثة وسبعين سطرًا، والظاهر أن جلجاميش قد استطاع بنحيبه وشكواه أن يحصل من الرجل العقرب على الإذن له بدخول الجبل والقيام برحلته الشاقة …]

العمود الرابع

  • ٨
  • (٣٧) فتح الرجل العقرب فمه،

  • (٣٨) وقال لجلجاميش هذه الكلمات:

  • (٣٩) «امض يا جلجاميش، لا تخف!
  • (٤٠) إني أفتح أمامك (بوابة) جبال ماشو،
  • (٤١) فاعبر الجبال وسلاسلها المرتفعة في أمان.
  • (٤٢) وعسى أن ترجع بك قدماك سالمًا (معافى).»
  • ***

  • (٤٤) ما إن سمع جلجاميش هذا،
  • (٤٥) حتى تبع كلمة الرجل العقرب،
  • (٤٧) ودخل بوابة الجبل ليسير على طريق شمش.
  • (٤٧) لما قطع ساعة مضاعفة،

  • (٤٨) كان الظلام دامسًا، ولا نور هناك،

  • (٤٩) وهو لا يستطيع أن يرى ما خلفه.

  • (٥٠) لما قطع ساعتين مضاعفتين،

العمود الخامس

  • (١) كان الظلام دامسًا، ولا نور هناك،

  • (٢) ولم يستطع أن يرى ما خلفه.

    [فجوة من خمسة عشر سطرًا، ربما يمكن تصور عباراتها الناقصة على النحو التالي]:

    لما قطع ثلاث ساعات مضاعفة،

    كان الظلام حالكًا ولا نور هناك،

    ولم يستطع أن يرى ما خلفه.

  • (٢٣) لما قطع أربع ساعات مضاعفة،

  • (٢٤) كان الظلام ما يزال حالكًا، ولا نور هناك،

  • (٢٥) ولم يستطع أن يرى ما خلفه.

  • (٢٦) لما اجتاز خمس ساعات مضاعفة،

  • (٢٧) كان الظلام كثيفًا، ولا نور هناك،

  • (٢٨) ولم يستطع أن يرى ما خلفه.

  • (٢٩) لما توغل ست ساعات مضاعفة،

  • (٣٠) كان الظلام ما يزال كثيفًا، ولا نور هناك،

  • (٣١) وهو عاجز عن رؤية ما خلفه.

  • (٣٢) ولما توغل سبع ساعات مضاعفة،

  • (٣٣) كان الظلام ما يزال كثيفًا، ولا نور هناك،

  • (٣٤) ولم يستطع أن يرى ما خلفه.

  • (٣٥) ولما أوغل (في المسير) ثماني ساعات مضاعفة، أطلق صرخة.

  • (٣٦) لم يزل الظلام دامسًا، ولا نور هناك،

  • (٣٧) وهو عاجز عن رؤية ما خلفه.

  • (٣٨) ولما توغل تسع ساعات مضاعفة، شعر (بلمسة) الريح الشمالية،

  • (٣٩) … فابتسم محياه.

  • (٤٠) لم يزل الظلام حالكًا، ولا نور هناك،

  • (٤١) وهو عاجز عن رؤية ما خلفه.

  • (٤٢) ولما أوغل في المسير عشر ساعات مضاعفة،

  • (٤٣) كان المخرج قد صار قريبًا …

  • ***

  • (٤٥) لما توغل (في المسير) إحدى عشرة ساعة مضاعفة،

    خرج واستقبل مشرق الشمس.

  • (٤٦) ولما توغل (في المسير) اثنتي عشرة ساعة مضاعفة، عم الضياء.

  • (٤٧) اقترب ليرى أشجار الأحجار الكريمة:
  • (٤٨) شجر العقيق، الذي يحمل ثماره،
  • (٤٩) تتدلَّى منه الأعناب (تسر) النظر.٩
  • (٥٠) وشجر اللازورد يحمل الأوراق الخضراء،
  • (٥١) كما يحمل الأثمار التي تفتن الأبصار.

    [توحي البقايا المهشمة من العمود السادس بأنها أكملت وصف بستان الجواهر والأحجار الكريمة.]

هوامش

(١) هذه أول مرة يُذْكَر فيها اسم «أوتنابشتيم» بطل الطوفان البابلي الذي تروي الملحمة قصته في اللوح الحادي عشر، مستفيدة من الروايات السومرية التي سمت «نوحها» باسم «زيوسودرا»، حكيم مدينة شروباك «فارة الآن» أو ابن حاكمها، ويحتمل أن يكون معنى الاسم هو «الذي أدرك الحياة» فأدخلته الآلهة في زمرة الخالدين، وأسكنته بعيدًا في «أرض الأحياء» أو جزيرتهم أو جنتهم «ديلمون» التي يرجح بعض العلماء أنها تقع مكان البحرين الحالية …
(٢) سين هو إله القمر كما سبقت الإشارة، أما الآلهة العظمى فلم يذكر اسمها …
(٣) ربما تكون هذه الكائنات التي تمرح في ضوء القمر أسودًا أو كائنات شريرة لا نستطيع تسميتها لانخرام اللوح وتشوهه، والمفارقة واضحة بين ابتهاج هذه الكائنات بالحياة المباشرة ومرحها في ضوء القمر، وبين حزن جلجاميش وبكائه على صديقه وهلعه من الموت …
(٤) حرفيًّا: من جنبه؛ أي من الحزام الملفوف حول خصره (ويسمى في اليمن وعمان باسم الجنبيه).
(٥) أي في شروقها وغروبها …
(٦) المقصود أن قواعد هذا الجبل تمتد في الأرض حتى يلمس صدره أعماق العالم السفلي أو «بيت التراب» ومسكن أرواح الموتى والآخرة في تصور السومريين والبابليين والآشوريين وسبق وصفه في اللوح الثامن …
(٧) هكذا حرفيًّا، وفي ترجمات أخرى: جسمه من طينة الآلهة أو من مادة الآلهة.
(٨) تورد بعض الترجمات أربعة سطور أسقطتها ترجمة شوت (من سطر ٣٣–٣٦)؛ ولذلك رأيت إثباتها إتمامًا للفائدة (عن ترجمة فراس السواح، ص١٨٠):
٣٣ (كذا فليكن)، في الأسى والألم.
٣٤ في الحر والقر،
٣٥ في التنهد والنحيب، سأمضي.
٣٦ افتح لي الآن بوابة الجبال.
(٩) حرفيًّا: خُصِّصَت للنظر …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤