روبين هود يلتقي بذراعه الأيمن
في صبيحة أحد الأيام، نهض روبين هود من نومه منزعجًا، فهرع إلى جدول المياه حيث يستحم رجاله وقال لهم: «لم يكن لدينا أي مغامرات على مدار أسبوعين كاملين، سأذهب إلى الغابة في محاولة لإيجاد أي متعة، وإذا احتجتكم فسأنفخ في بوقي ثلاث مرات، وعندما تسمعون هذا الصوت تركضون إلى بأقصى سرعة لديكم.»
وعندما شرع روبين في بدء مغامرته كانت الطيور تتشدق بالأنغام على الأشجار. مرّ روبين بأصحاب محال تجارية في طريقهم إلى مدينة نوتينجهام، ثم التقى فتاتين حسنتي الصورة فوقف ليتسامر معهما، وبعدها واصل مسيرته فرأى فارسًا يرتدي درعًا لامعًا.
انتهى الدرب عند حافة النهر، وكان يعترض مجرى النهر جسر مشاة ضيق لا يسع سوى رجل واحد، وبينما خطا روبين على هذا الجسر، إذ به يرى رجلًا غريبًا طويل القامة على الجانب المقابل. صرخ روبين: «تنح جانبًا حتى أمر.»
صرخ الغريب بصوت أجش: «لا، بل تنح أنت جانبًا حتى أمر أنا؛ فأنا الأقوى.»
صرخ روبين: «سنتحقق من هذا الأمر. استمر في الوقوف مكانك وستجد سهمًا مغروسًا في ضلوعك.»
رد عليه الغريب: «سأضربك إذا لمست وتر هذا القوس!»
ضحك روبين وقال: «تنهق كالحمار، لكنني أستطيع أن أرميك بسهم يخترقك بالتمام قبل أن تستطيع أن ترفع هراوتك ….»
رد عليه الغريب سريعًا: «وأنت تنهق كالجبان، أنت تقف هناك ومعك قوس شديد، أما أنا فلا أملك شيئًا سوى عصا خشبية.»
– «لم يسبق وأن نعتني أحدهم بالجبان من قبل، سأقطع لنفسي عصا ولنرى من هو الرجل الأقوى.»
رد الغريب: «سأنتظرك على أحر من الجمر.» اتكأ الغريب على هراوته وأخذ يصفر في الوقت الذي اتجه فيه روبين إلى الغابة ليأتي بعصاه.
قطع روبين عصا قوية من شجرة البلوط مستقيمة وخالية من العيوب. وفي الوقت الذي كان روبين يزيل فيه الأغصان والأوراق من العصا أخذ يتفرس في خصمه الذي كان أطول منه كثيرًا، إذ كان يبلغ طوله سبعة أقدام على الأقل. ومع أن روبين كان عريض المنكبين، كان الغريب أعرض منه بنحو عرض كفيّ يد.
وكان روبين لا يزال واثقًا من فوزه فصرخ قائلًا: «معي هراوتي الآن؛ هراوة قوية ومتينة. إذا كانت لديك الجرأة، فلاقني عند منتصف الجسر، وأول شخص يقع في الجدول هو الخاسر.»
أدار الغريب هراوته فوق رأسه في الهواء بسرعة كبيرة حتى إنها أصدرت صوت صفير، ثم قال: «لا أستطيع الانتظار.»
خطا روبين سريعًا على الجسر وهجم على خصمه، وتظاهر بأنه سيصوب ضربة نحو جسده لكنه سددها نحو رأسه، وكانت هذه الضربة من شأنها أن توقع الغريب في الماء لولا أنه صدها. رد الغريب الضربة لكن روبين صدها أيضًا، وبعد انقضاء ساعة من التناطح، كان كلاهما مصابًا بالكدمات والخدوش ومتوجعًا من الضرب.
أخيرًا ضرب روبين الغريب ضربة قوية في ضلوعه، فاختل توازنه لحظةً، ثم استعاد توازنه فأسدى ضربة قوية إلى رأس روبين فطنَّت أذنه على إثرها. حمي غضب روبين فهاجم الغريب، لكن الغريب تصدى للضربة ثم ضرب روبين مرة ثانية فوقع في الماء فصدر صوت قوي عن ارتطامه بالماء.
وعندئذ انفجر الغريب ضحكًا.
وأخذ روبين يضحك بالمثل وقال: «لم أجد في إنجلترا كلها رجلًا يحارب هكذا.»
أجابه الغريب: «وأنا لم أجد في إنجلترا كلها من هو أقوى منك.»
نفض روبين الماء عن بوقه ثم نفخ فيه ثلاث مرات، وفي ثوان معدودة سمع هو والغريب صوت وقع أقدام عبر الغابة. وصل ويل ستوتلي أولًا، وصرخ: «سيدي، أنت مبلل من أعلى الرأس وحتى أخمص القدمين!»
رد روبين: «لقد أوسعني هذا الرجل الضخم ضربًا وأوقعني في الماء.»
قال ويل: «إذن سيُبرح هو نفسه ضربًا وسيُغطس في الماء. أمسكوه يا رفاق!» وعلى الفور انقض عشرون رجلًا على الغريب الطويل القد.
صاح روبين: «لا، لا، توقفوا! إنه رجل صالح! رجل أمين! هل تقبل الانضمام إلى رجالي يا أخي العزيز؟ وستتقاضى أربعين جنيهًا في العام، وثلاث حلل من الصوف ذات اللون الأخضر الزيتي.»
أخذ الغريب يفكر ثم قال: «سأنضم إليكم في حالة واحدة؛ إذا كنت تتقن الرماية أفضل من المصارعة بالهراوة.»
طلب روبين من ويل أن يقطع قطعة لحاء أبيض من الشجر عرضها أربع بوصات ويثبتها في شجرة بلوط بعيدة، ثم قال للغريب: «إذا كنت تدعو نفسك رامي سهام، صوب على هذا الهدف.»
التقط الغريب سهمًا وقال: «إذا أخطأتُ الهدف، ففي وسعك أن تبرحني ضربًا بالقوس.»
رمى الغريب السهم الذي طار في خط مستقيم حتى أصاب الهدف في مركزه فقال: «أرني إذا كنت تستطيع أن تتفوق على هذا.»
رفع روبين قوسه وقال: «سنرى إذا كنت أستطيع أن أتفوق عليك،» ثم أطلق سهمه. انطلق السهم في خط مستقيم محدثًا صوت أزيز في الهواء وفلق سهم الغريب.
صاح الغريب في تعجب: «لم أر في حياتي كلها رمية كهذه!»
قال روبين: «إذن أهلًا بك في عصابتي. ما اسمك؟»
رد الغريب: «يطلق عليّ الرجال الصغير جون.»
رفع ويل عينيه نحو الرجل العملاق وبهت قائلًا: «الصغير جون؟» ثم ضحك واسترسل: «أظن أننا سندعوك جون الصغير.» وجعل روبين جون الصغير ذراعه الأيمن إذ لم يجد رجلًا أقوى أو أشجع منه.