غريب في زيّ قرمزي
بعد قليل شعر كل من روبين، وجون الصغير، ورفيقهما الجديد بالظمأ، فتوقفوا عند ينبوع ماء على جانب الطريق، وارتشفوا من الماء الصافي البارد.
وبينما هم مستريحون، إذ برجل طويل القامة يمشي بلا مبالاة عبر الدرب، وكان يغطي شعره الأصفر الطويل قبعة كبيرة من القماش المخملي الناعم، وكل ملابسه قرمزية اللون. وكان الرجل ممسكًا بوردة في يده، وكان يشتمها كل بضع لحظات على نحو مرهف الحس.
ضحك روبين وقال: «هل رأى أحدكما مثل هذا الصبي المختال من قبل؟»
صدق آرثر إيه بلاند على كلام روبين قائلًا: «إن ملابسه مبهرجة للغاية مقارنة بملابس الرجال. لكنه رجل كبير، ضخم البنية، قوي المظهر.»
قال روبين: «أف! إنه ليبكي كالرضيع إن رأى فأرًا. تُرى من هذا؟!»
رد آرثر إيه بلاند: «ابن أحد النبلاء. لا بدَّ أن محفظته ممتلئة بنقود الرجال الكادحين الأمناء.»
وثب روبين على قدميه وقال: «انتظرا هاهنا حتى ألقن هذا الأخ درسًا، وأنت يا جون الصغير، انتبه.»
رأى الرجل روبين يخطو نحو منتصف الطريق لكنه لم يغير من سرعته، واستمر يشتم وردته كما لو كان لا يأبه لشيء في العالم. ولما صار الغريب على بعد أقدام معدودة، رفع روبين هراوته وقال: «انتظر! انتظر! ابق في مكانك يا رجل!»
سأل الرجل الذي يرتدي الثوب القرمزي بصوت ناعم: «لماذا يجدر بي أن أنتظر؟ ولماذا يجدر بي أن أبقى في مكاني؟»
أجاب روبين: «يا صديقي العزيز، أنا أفرض رسومًا على المارة بهذا الطريق؛ رسوم حيازة نقود أكثر من الحد المسموح به قانونًا، ولا بدَّ أن أتفقد كيس نقودك بنفسي كي أتأكد أنك لم تخرق هذا القانون.»
أنصت الغريب الطويل القامة في هدوء ثم قال: «تبدو شابًّا لطيفًا، وأحب أن أنصت إليك وأنت تتحدث، لكنني لا بدَّ أن أمضي في طريقي.»
أجاب روبين: «إذا أعطيتني كيس نقودك، فسأدعك تمضي في طريقك.»
قال الغريب: «يؤسفني بشدة أنني لا أستطيع أن أفعل ما ترغب فيه. دعني أذهب، فأنا لم أسبب لك أي أذى.»
– «لقد قلت لك يا عزيزي؛ لن أدعك تذهب حتى تفعل ما أقوله!»
أجاب الغريب في هدوء وهو يستل سيفه: «أخشى أنني سأضطر إلى أن أقتلك.»
نهاه روبين: «أرجع سيفك إلى غمده وإلا ستحطمه هراوتي المتينة. لن أنتهز تلك الفرصة، اذهب واقطع لنفسك هراوة متينة.»
لم ينبس الغريب ببنت شفة، بل أعاد سيفه إلى غمده، وطرح وردته جانبًا، ثم سار نحو الغابة واختار شجرة صغيرة. أخذ كل من آرثر إيه بلاند وجون الصغير يشاهدان في ذهول الغريب وهو يقبض يديه الاثنين على الشجرة ويقتلعها من الأرض بجذورها وبكل ما فيها.
تعجب آرثر إيه بلاند قائلًا: «يا للسماء! لقد اقتلع الشجرة مثل عشبة صغيرة في الحديقة؛ أظن أن سيدنا يملك فرصة ضعيفة للنجاة أمام هذا الغريب في الملابس القرمزية.»
استخدم الغريب خنجره وأخذ في هدوء يهذب الشجرة ويبريها حتى تصل إلى الحجم المناسب، ثم خطا إلى منتصف الطريق حيث كان روبين يقف في انتظاره.
تقاتل الرجلان بضراوة، وكان الغريب يفوق روبين قوةً، وروبين يفوقه مهارةً. وثارت زوبعة ترابية حولهما. وكان روبين يتفادى الضربات القوية التي يسددها خصمه، في حين أن خصمه كان يصد ضرباته. في آخر المطاف، ضرب الغريب روبين بقوة عظيمة، ومع أن روبين صدّ الضربة، فإنه شعر كأن هراوته قد انحنت. أخذ الغريب يضرب بضراوة مرارًا وتكرارًا حتى أذله. صرخ روبين هود: «مهلًا! مهلًا! قلت لك مهلًا! أستسلم لك!»
اندفع جون الصغير وبلاند إلى الأمام وصرخا: «مهلًا! مهلًا!»
التفت الغريب إليهما وقال: «حسنًا، إذا كنتما بنفس قوته، فلا يزال أمامي الكثير من العمل اليوم، لكنني سأحاول أن أكرمكما بالمثل.»
صرخ روبين: «كف! لا مزيد من العراك.» ثم التفت إلى جون الصغير: «ما أسوأ هذا اليوم! تُرى هل انكسر ذراعي؟»
لمعت عينا جون الصغير فرحًا وقال: «ما قولك الآن يا سيدي العزيز! دعني أنفض لك معطفك، دعني أساعدك لتنهض.»
زجر روبين هود يد جون الصغير واندفع واقفًا، ثم التفت إلى الغريب وسأله: «ما اسمك؟»
أجابه الغريب: «جامويل.»
رد روبين: «ها! حقًّا؟ لي قريب بنفس الاسم. من أين أنت؟»
أجاب الغريب: «وُلدت بمدينة ماكسويل وجئت بحثًا عن عمي الذي يُدعى روبين هود، وأسألك هل يمكنك أن تدلني عليه؟»
ربتّ روبين هود بكلتا يديه على كتفي جامويل وتهلل: «ويل جامويل! أنت هو لا محالة. انظر إليّ وأخبرني إذا كنت تعرفني.»
تفرس جامويل الشاب في عيون روبين هود وصرخ: «أقسم أنك عمي روبين هود!»