إبراهيم الموصلي وذات الخال

كان إبراهيم الموصلي يعشق جارية فتانة لابن الخطاب، وكانت تحتجب دومًا في خبائها عند سيدها المذكور، فلما أنس إبراهيم منها ذلك أنشد يقول:

ما بال شمس أبي الخطاب قد حُجبت
يا صاحبي لعل الساعة اقتربت
أو لا فما بال ريحٍ كنت آنسها
عادت عليَّ بضرٍّ بعد ما جنبت
إليك أشكو أبا الخطاب جاريةً
غريرة بفؤادي اليوم قد لعبت
وأنت قيمها فانظر لعاشقها
يا ليتها قربت مني وما بعدت

وقال فيها أيضًا:

جزى الله خيرًا من كلفت بحبه
وليس به إلا المموه من حبي
وقالوا قلوب العاشقين رقيقة
فما بال ذات الخال قاسية القلب
وقالوا لها هذا محبك معرضًا
فقالت أرى إعراضه أيسر الخطب
فما هو إلا نظرة بتبسم
فحب انتهاك النفس في معرض الحب

ولعب إبراهيم الموصلي يومًا بالشطرنج مع ابن زيدان صاحب البرامكة، فدخل عليهما إسحاق، فقال أبوه: ما استفدت اليوم؟ فقال: أعظم فائدة، رجل سألني: ما أفخم كلمة في الفم؟ فقلت: «لا إله إلا الله»، فقال أبوه إبراهيم: أخطأت، فهلا قلت دنيا ودينًا، فغضب ابن زيدان وضرب إبراهيم الموصلي، وقال: ويحك أتكفر بحضرتي؟ فأمر إبراهيم غلمانه فضربوا ابن زيدان ضربًا شديدًا، فانصرف من ساعته إلى جعفر بن يحيى وحدَّثه الخبر، وعلم إبراهيم أنه قد أخطأ وجنى ذنبًا، فركب إلى الفضل بن يحيى فاستجار به، فاستوهبه الفضل بن جعفر، فوهبه له، فانصرف وهو يقول:

إن لم يكن حب ذات الخال عناني
إذًا فحوَّلت في مسك ابن زيدانِ
فإن هذي يمين ما حلفت بها
إلا على الصدق في سري وإعلاني

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤