عريب ومحمد بن حامد

وقع بين عريب ومحمد بن حامد خصام وكان يجد بها وجدًا مفرطًا كادا يخرجان من شرهما إلى القطيعة، وكان في قلبها منه كما لها عنده من الحب، فلقيته يومًا فقالت له: كيف قلبك يا محمد؟ قال: أشقى والله مما كان وأشد لوعة، فقالت: استبدل بديلًا، فقال لها: لو كانت البلوى بالخيال لفعلت، فقالت: لقد طال إذن تعبك، فقال: وما يكون أصبر مكرهًا، أما سمعت قول العباس بن الأحنف:

تعب يكون مع الرجاء بذي الهوى
خير له من راحةٍ في الياسِ
لولا كرامتكم لما عاتبتكم
ولكنتم عندي كبعض الناس

فلما سمعت ذلك ذرفت عيناها واعتذرت وعاتبته واصطلحا وعادا إلى ما كانا عليه من صدق المودة وحسن المعاشرة.

وكتبت عريب يومًا إلى ابن عامر تستزيره، فأرسل إليها يقول: إني أخاف على نفسي، فكتبت إليه:

إذا كنت تحذر ما تحذرُ
وتزعم أنك لا تجسر
فما لي أقيم على صبوتي
ويوم لقائك لا يقدر

فلما قرأ الرقعة سار إليها من وقته وأرسل إليها يعاتبها في شيء، فكتبت إليه تعتذر، فلم يقبل، فكتبت إليه هذين البيتين:

تبينت عذري وما تعذُر
وأبليت جسمي وما تشعرُ
ألفت السرور وخليتني
ودمعي من العين لا يفتر

فلما اطلع على البيتين ذرفت عيناه وسعى إليها مستسمحًا ومستجديًا عفوها عما وقع منه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤