الفصل الثالث

حامية الإسكندرية

قبل مذبحة الإسكندرية التي حدثت يوم ١١ يونية سنة ١٨٨٢ كانت حاميتها مؤلفة من ٥ جي بيادة و٦ جي بيادة وهما الألايان اللذان يتألف منهما اللواء الثالث بقيادة اللواء خورشيد باشا طاهر. ومن ١ جي طوبجية سواحل بقيادة أمير الألاي إسماعيل بك صبري. وكان هؤلاء جميعًا تحت إمرة الفريق إسماعيل باشا كامل.

وبعد تلك المذبحة عندما قدم إلى الإسكندرية يعقوب باشا سامي وكيل نظارة الجهادية وكان عضوًا في المجلس الذي تألف لتحقيق هذه الحادثة وتوطيد النظام بكيفية شافية وافية في هذه المدينة خصوصًا بعد ما جاءت إلى مينائها الأساطيل الفرنسية والإنكليزية وغيرهما ورابطت فيها، كتب سامي باشا إلى نظارة الجهادية لتعزز هذه الحامية وترسل لواء مؤلفًا من ألايين من المشاة. فلبت النظارة طلبه وأرسلت إلى الإسكندرية ٢ جي بيادة و٤ جي بيادة بقيادة اللواء طلبة باشا عصمت. ولما رأى الفريق إسماعيل باشا كامل طلبة باشا عصمت على رأس هذا اللواء وكان على علم بأنه لا يخضع له ولا يرضى بأن يكون له عليه أي سيطرة وإن كان أرقى منه رتبة لأن طلبة باشا من صنائع عرابي، أخذ إجازة مرضية اتقاء لهذه المحاذير وتخلص من القيادة التي انتقلت من يده ابتداء من ذلك اليوم وأصبحت في يد اللواء طلبة باشا عصمت.

وإليك بيانًا بوحدات حامية الإسكندرية يوم ضرب حصونها:
٢ جي بيادة
١٨٦٣ مجموع عدد الضباط والصف ضباط والجنود
القائد أمير الألاي خليل بك كامل
وكيل القائد القائمقام أحمد بك عفت
بكباشي الأورطة الأولى محمد أفندي عارف
بكباشي الأورطة الثانية محمد أفندي فودة
بكباشي الأورطة الثالثة محروس أفندي شلش
٤ جي بيادة
١٨٨٥ مجموع عدد الضباط والصف ضباط والجنود
القائد أمير الألاي عيد بك محمد
وكيل القائد القائمقام فودة بك حسن
بكباشي الأورطة الأولى أحمد أفندي عبد الرحمن
بكباشي الأورطة الثانية رزق أفندي حجازي
بكباشي الأورطة الثالثة حسن أفندي عاصم
٥ جي بيادة
١٨٢٤ مجموع عدد الضباط والصف ضباط والجنود
القائد أمير الألاي مصطفى بك عبد الرحيم
وكيل القائد القائمقام فرج بك عبد العال
بكباشي الأورطة الأولى يوسف أفندي السيد
بكباشي الأورطة الثانية عبد الرحمن أفندي سليم
بكباشي الأورطة الثالثة سليمان أفندي تعيلب
٦ جي بيادة
١٨٩١ مجموع عدد الضباط والصف ضباط والجنود
القائد أمير الألاي سليمان بك سامي
وكيل القائد القائمقام علي بك عيسى
بكباشي الأورطة الأولى علي أفندي رمزي
بكباشي الأورطة الثانية فرج أفندي يوسف
بكباشي الأورطة الثالثة أحمد أفندي راغب
٧٤٦٣ مجموع البيادة ضباط وصف ضباط وجنود.
١ جي طوبجية سواحل
١٧٦٢ مجموع عدد الضباط والصف ضباط والجنود
القائد أمير الألاي إسماعيل بك صبري
وكيل القائد القائمقام محمد بك نسيم. والد صاحب الدولة توفيق باشا نسيم
بكباشي الأورطة الأولى عبد العال أفندي أبو العلا
بكباشي الأورطة الثانية سيف النصر أفندي. والد حضرة صاحب العزة حمدي بك سيف النصر
بكباشي الأورطة الثالثة محمد أفندي شرمي
أورطتان من ١ جي سواري
٢٦٢ مجموع عدد الضباط والصف ضباط والجنود
القائد البكباشي محمد أفندي منيب

٩٤٨٧ المجموع الكلي لكل ما سبق

استعدادات القوتين المتحاربتين قبل الضرب

لقد فشلت كل الجهود التي بذلت ابتغاء إيجاد طريق للسلم واجتناب الحرب بسبب عناد الأميرال سيمور وتصلبه. ولم يبق إلا تفويض الأمر للحديد والنار.

وفي ليلة ١١ يوليه سنة ١٨٨٢ أرسل عرابي باشا أمراء الألايات عيد بك محمد ومصطفى بك عبد الرحيم وسليمان بك سامي قواد ٤ جي و٥جي و٦ جي بيادة في طلب أمير الألاي إسماعيل بك صبري قائد ١ جي طوبجية سواحل وقومندان حصون الإسكندرية. وكان عرابي باشا وقتئذ بالترسانة ومعه محمود باشا فهمي وطلبة باشا عصمت قائد حامية الإسكندرية ومحمد باشا كامل وكيل نظارة البحرية. فلما جاء أخبره أن الأسطول الإنكليزي سيضرب حصون الإسكندرية صبح يوم الغد. واستطرد في الكلام فقال: وإن كان المجلس الذي انعقد في سراي رأس التين برياسة الخديو قرر عدم مجاوبة الأسطول إلا بعد الطلقة الخامسة فمن اللازم أن يصدر أمرًا بأن المجاوبة لا تكون إلا بعد الطلقة العاشرة.

وبعد أن تلقى إسماعيل بك صبري هذه الأوامر انصرف هو ووكيله القائمقام محمد بك نسيم ليقابل بكباشية الألاي ويبلغهم الأوامر التي تلقاها وبعد أن أتمم مهمة التبليغ ذهب كل واحد من هؤلاء إلى مركز عمله. فذهب البكباشي عبد العال أفندي أبو العلا إلى قلعة قايتباي والبكباشي سيف النصر أفندي إلى حصن الفنار. والبكباشي محمد أفندي شرمي إلى حصن المكس. أما أمير الألاي إسماعيل بك صبري فقد أخذ تحت قيادته المباشرة حصون المنطقة الثانية وأقام مركز قيادته في حصن الأطة وأرسل وكيله القائمقام محمد بك نسيم لقيادة حصون المنطقة الثالثة وقد جعل مركز قيادته بحصن المكس.

وأصدر أحمد باشا عرابي الأوامر الآتية للمشاة:
  • يجب على ٥ جي بيادة بقيادة أمير الألاي مصطفى بك عبد الرحيم أن يتفرق خلف حصون المنطقة الثانية أي من قلعة قايتباي إلى حصن الفنار مع ٤ جي بيادة بقيادة أمير الألاي عيد بك محمد. وعلى الألاي الأخير أن يقيم بباب شرق بصفة احتياطي.

  • ويجب على ٦ جي بيادة بقيادة أمير الألاي سليمان بك سامي أن يتفرق خلف حصون المنطقة الثالثة أي من حصن طابية صالح إلى حصن العجمي ومعه ٢ جي بيادة بقيادة أمير الألاي خليل بك كامل. وعلى هذا الألاي الأخير أن يقيم بالقباري بصفة إحتياطي.

  • وعلى الأورطتين من ١ جي سواري أن تقوما بواجب الخدمة بصفة مراسلة بين مختلف الحصون والمراكز.

هذه هي الترتيبات التي وضعتها القيادة المصرية.

أما الإنكليز فقد وجه الأميرال سيمور بتاريخ ١٠ يوليه إلى قواد وضباط بوارج صاحبة الجلالة الملوكية بإسكندرية أوامره باتباع الترتيبات التي جاءت في هذا المنشور:

من البارجة أنفنسيبل في ١٠ يوليه سنة ١٨٨٢

إنه في حالة ما إذا لم أتلق جوابًا مرضيًا على الإنذار الذي أرسلته إلى قائد الإسكندرية الحربي أطلب منه فيه أن يسلمني مؤقتًا الحصون القائمة على ساحل الميناء الجنوبي (حصون المنطقة الثالثة، من حصن صالح إلى حصن العجمي) وحصون رأس التين — إذا لم أتلق جوابًا مرضيًا — يغير الأسطول بقيادتي على الحصون عقب ما تنتهي الأربع والعشرون ساعة وهي مدة المهلة التي أمهلت بها المحايدين ليبارحوا في خلالها المدينة. وهذه المدة تنقضي في الساعة الخامسة صباحًا من يوم ١١ يوليه.

وسيكون الهجوم من ناحيتين:
  • (١)
    الناحية الأول: داخل الميناء، وتشترك فيه أنفنسيبل، ومونارك، وبنلوب.
  • (٢)
    الناحية الثانية: خارج حاجز الأمواج، وتشترك فيه سوبرب، وتمرير، وألكسندرا، وأنفلكسبيل.

ويبتدئ القتال عند صدور الإشارة مني. وفي هذه الحالة على السفينة الأكثر دنوًا من ساتر التراب الذي أقيم أخيرًا في طابية الاسبتالية التي بجوار حصن الأطة، أن تصوب قذيفة إلى هذا الساتر.

وعندما تجاوب الحصون الأسطول الخارجي بإطلاق النار يجب على السفن بذل كل مجهودها وتدمير البطاريات القائمة على شبه جزيرة رأس التين خصوصًا حصن الفنار المطل على الميناء. ومتى تم ذلك تتجه سلطان، وسوبرب، وألكسندرا إلى الشرق لتهاجم حصن فاروس (قايتباي). وتهاجم حصن السلسلة إذا كانت مهاجمته في الإمكان.

وتتجه أنفليكسبل في عصر هذا النهار نحو الموقع الذي بقرب البوغاز الصغير والذي عين لها أمس وتستعد لضرب مدافع خط المكس ومساعدة الأسطول الداخلي عندما تعطي الإشارة بالضرب.

وتأخذ تمرير، وسلطان، وألكسندرا في ضرب حصون رأس التين من الجانب.

وتظل السفن الصغيرة في الخارج بعيدة عن منطقة القتال إلى أن تجد الفرصة المناسبة للهجوم على المكس.

ويجب على السفن أن تراعي في تنفيذ هذه التعليمات كلها دواعي الظروف مراعاة كبيرة بمعنى أنها تراعي الحالة التي يجب عليها أن تقاتل وهي فيها. فإما أن تقاتل وهي راسية في مراسيها أو تقاتل وهي متحركة.

وإذا كانت الحالة تدعو إلى قتالها وهي ملقية مراسيها وجب حينئذ أن يزاد حبل من الفولاذ.

وعلى الجنود أن يتناولوا فطورهم في منتصف الساعة الخامسة صباحًا وأن يرتدوا ملابس العمل الزرقاء.

وسيكون الأسطول الداخلي تحت قيادتي الشخصية، والأسطول الخارجي تحت قيادة الكابتن هنت جرب قائد البارجة سلطان.

وتقوم السفينتان هلكن وكندور بوظيفة سفن الإعادة.

وبالجملة ينحصر الغرض من الهجوم في تخريب الحصون وتدمير البطاريات المنصوبة على واجهة بحر الإسكندرية.

ومن المحتمل أن هذا العمل لا يمكن إتمامه في أقل من يومين أو ثلاثة. فيجب استعمال المقذوفات مع الحرص. وعلى كل حال من المرتقب قدوم الباخرة همبر Humber إلى هنا في ١٢ يوليه وعليها مقدار كبير من الذخيرة.
وإذا وصلت البارجة اتشلز Achilles في الوقت اللازم يجب عليها مهاجمة حصن فاروس (قايتباي) والوقوف في الموقف الذي يأمرها قائد الأسطول الخارجي أن تتخذه.

وتقف ألكسندرا على بعد ١٥٠٠ ياردة تجاه حصن رأس التين.

وتقف سلطان على بعد ١٧٥٠ ياردة تجاه منتصف المسافة بين حصني الفنار ورأس التين.

وتقف سوبرب على بعد ١٩٥٠ ياردة تجاه حصن الفنار.

وتقف أنفلكسيبل على بعد ٣٧٠٠ ياردة في الشمال الغربي من المكس.

وتقف تمرير على بعد ٣٥٠٠ ياردة في الشمال الغربي من المكس.

وتقف بنلوب، وأنفنسيبل، ومونارك على بعد يتراوح بين ١٠٠٠ و١٣٠٠ ياردة في الشمال الغربي من المكس.

الإمضاء
بوشامب سيمور
أميرال وقومندان القيادة
ويؤخذ من ترتيب هذه البوارج عدا البارجتين أنفلكسيبل وتمرير ووضعها في هذه المواقف أن الأميرال أراد أن تكون المسافة التي يرمي منها هذا الأسطول مقذوفاته وخصوصًا الأسطول الداخلي، قصيرة قريبة من الحصون على الرغم من بعد مرمى مدافع سفنه الضخمة. ومن هذا نستنتج عدة نتائج:
  • (١)

    أن المخاوف التي كان يخشى منها الأميرال على أسطوله من جراء وضع مدافع في الحصون قبل الضرب، كانت مخاوف مختلفة أراد بها تبرير عمله.

  • (٢)

    أن هذا الأميرال لم يكن يخشى ضررًا كبيرًا من المدفعية المصرية التي في هذه الطوابي. ولذلك دنا منها هذا الدنو الكبير الذي لم يجرئه عليه إلا اعتقاده الجازم بقصر مرمى هذه المدفعية وضعف تأثير مقذوفاتها.

  • (٣)

    أنه كان على علم تام بأن هذه الحصون كلها عدا قلعة قايتباي كانت مدافعها منصوبة في العراء وبلا وقاية تقي جنودها. والدليل على ذلك أنه أمر باستعمال مدافعه الصغيرة خصوصًا المنصوبة منها في الطبقات العليا من سفن هذا الأسطول، وذلك لكي يفتك بجنود هذه المدافع فيسكتها بقتل جنودها وبدون أن يحتاج في إسكاتها إلى ضربها وإتلافها وهذا ما حدث فعلًا في كل هذه الحصون عدا قلعة قايتباي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤