لحظاتٌ مثيرة

قبل أن يعرف الأصدقاء من الذي بداخل السيارة، سمعوا صوت سيارة أخرى تقترب من المكان، ثم تقف على بُعد أمتار من مكانهم وسمعوا أصوات بعض الرجال يتبادلون الحديث فيما بينهم.

قال «تختخ» في صوتٍ مُنخفِض: أعتقد أننا وصلنا إلى حل اللغز، ولكني أخشى أن نكون قد وصلنا بعد فوات الأوان.

مُحب: ماذا تقصد؟ … ومن الذي في صندوق السيارة؟

تختخ: أعتقد أنها «هدى»، وعلينا أن نتصرف بسرعة؛ فإن هؤلاء الرجال هم الذين خطفوها، ولعلَّهم جاءوا لنقلها إلى مكانٍ آخر.

واقتربت أصوات الرجال، فأسرع «مُحب» و«تختخ» و«عاطف» إلى الاختفاء في الظلام خلف شجرة قريبة.

ومن خلف الشجرة شاهدوا شبح رجلين يقتربان من السيارة وهما يتحدثان … وحاول الأصدقاء سماع الحديث، ولكنهم لم يتمكنوا؛ فقد كانت الريح تهبُّ من ناحيتهم، وتأخُذ الأصوات بعيدًا عنهم.

واستطاع الأصدقاء أن يَسمعوا صوت باب صندوق السيارة، وهو يفتح، ثم سمعوا أصواتًا لمناقشات، بدا بينها صوت نسائي رفيع، فقال «تختخ» في همس: إنها «هدى»، والرجلان يحاولان الحصول منها على معلومات، وهي ترفض … وعلينا أن نستعد؛ فقد يحاول الرجلان نقل «هدى» بعيدًا عن هذا المكان، وفي هذه الحالة قد لا نعثر عليها مرةً أخرى.

عاطف: وماذا نفعل؟

تختخ: لننتظر ونرَ.

ومرت دقائق طويلة، ثم سمع الأصدقاء باب سيارة النقل وهو يفتح، فعرفوا أن أحد الرجلين سيقود السيارة بعيدًا عن المكان، فقال «تختخ»: استعدُّوا … سأقترب أنا من السيارة في الظلام وأحاول تعطيلها عن السير … فهذا هو الحل الوحيد.

عاطف: ولكن الرجل قد يراك!

تختخ: لا حلَّ آخر … فإذا اشتبكت معه، فعليكما تقسيم العمل بينكما، أحدكما يتبع السيارة بقدر ما يستطيع، والثاني يذهب بسرعة إلى أقرب تليفون، ويتصل بالمفتش «سامي» ويخبره بما حدث، ويمكن أن يتابع رجال الشرطة السيارة إذا عرفوا أوصافها وماركتها.

وأخذ «تختخ» يزحف على الأرض المتربة، وهو يستمع إلى محاولة الرجل إدارة السيارة، وكان من الواضح أن ماكينة السيارة لا تُريد أن تعمل؛ فهي تدور ثم تقف، ويعاود الرجل المحاولة، فتدور ثم تقف، قال «تختخ» في نفسه: يبدو أن السيارة مركونة منذ أيام، وقد فرغت البطارية، ولن تقوم.

وقد صدق استنتاج «تختخ»؛ فقد سمع صوت الرجل وهو يسب ويلعن لأن السيارة لا تتحرك.

اقترب «تختخ» من السيارة، واستطاع أن يسمع حديث الرجلين بوضوح، كان أحدهما يقول: لا فائدة، لن نستطيع تحريك السيارة من مكانها فالبطارية فارغة … وبالطبع لا نستطيع دفعها، فهي ثقيلة جدًّا.

وسمع حديث الرجل الآخر يقول: وما الحل الآن … إننا لا نستطيع أن نأخذ الفتاة معنا في السيارة الأخرى؛ فهي مكشوفة، وقد يراها أحدٌ معنا، فيتصل بالشرطة … أو قد يشاهدنا أحد رجال الشرطة.

قال الأول: الحل الوحيد أن نعود بسرعةٍ إلى «المعادي» ونحضر بطارية أخرى للسيارة، فبطارية السيارة التي معنا صغيرة ولا تكفي لإدارة هذا الموتور الضخم.

قال الثاني: في هذه الحالة، انتظر أنت هنا، وسوف أذهب أنا وأعود بسرعة.

وشاهد «تختخ» شبح الرجل الثاني وهو يَنصرف مسرعًا، ثم سمع صوت موتور السيارة الصغيرة يدور ثم تَنطلِق.

قال «تختخ» في نفسه: لا بد أن نتصرَّف بسرعة قبل حضور الثاني، وإلا ضاعت فرصتنا في إنقاذ «هدى»، وحل هذه الألغاز.

ثم زحف عائدًا إلى «مُحب» و«عاطف»، فروى لهما بسرعةٍ ما حدث.

قال «مُحب»: أقترح أن نهاجم الرجل، فنحن ثلاثة وهو واحد، ومن الممكن التغلب عليه.

تختخ: لا تنسَ أننا ليس لنا أية صفة رسمية حتى نشتبك في معارك مع الناس، وقد يكون الرجل مسلحًا، وتكون النتائج ضدَّنا، ومن الأفضل في رأيي أن نحاول إبعاده عن السيارة فترة قصيرة، تكفي لأن نخرج «هدى» من السيارة.

وفكر «تختخ» فترةً ثم قال: اذهب أنت يا «مُحب» إلى مكانٍ قريب من الرجل، وأحدث أية أصوات ملفتة، وبالطبع سوف يتحرَّك الرجل لمعرفة مصدر الصوت، فإذا اقترب منك فابتعد، ثم أصدر الأصوات مرةً أخرى، وسأقوم أنا و«عاطف» بفتح باب صندوق السيارة وإخراج «هدى» بسرعة، وسنُطلق صوت البومة لتعرف أننا انتهينا.

وفعلًا اتجه «مُحب» ناحية السيارة في الظلام، وأخذ يصدر أصواتًا كأنها حديثٌ بين شخصٍ وآخر، وصحَّ ما توقعه «تختخ» فأسرع الرجل لمعرفة مصدر الصوت، ولم يكد يتحرك من مكانه حتى أسرع «تختخ» و«عاطف» إلى السيارة، وانتظرا فترةً حتى تأكَّدا من ابتعاد الرجل، ثم اقتربا من السيارة بحذر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤