ملحق بالمقدمة

بقلم  شكيب أرسلان
 جنيف ١٤ جمادى الثانية ١٣٥٢

قد كنت حررت هذه المقدمة منذ أشهر قلائل والملك فيصل في الحياة والأمة العربية تستمد حياتها السياسية من حياته، وتبني معظم آمالها على أصيل آرائه ومنصور راياته، وقبل أن بوشر طبع هذا الكتاب اختار الله هذا العربي الكبير لجواره، وكانت بموته الفادحة التي لم يرزأ العرب بمثلها، وقامت نوادبهم وسالت مدامعهم في كل غور ونجد من أجلها، فلم نشأ أن نغير شيئًا من مقدمة هذا الكتاب بل أبقيناه متوجًا باسمه كما لو كان في الحياة؛ إذ إننا لا نزال نعد فيصلًا حيًّا في القلوب والخواطر وإن غاب بوجهه الكريم عن النواظر، لا سيما أن المرحوم كان قد سمع بخبر هذا التأليف وسألني — وا حسرتاه عليه إذ كان مؤخرًا في برن — عنه وعن مباحثه وعما أمكنني الاطلاع عليه من آثار العرب في القرى السويسرية التي كان انتهى إلى سمعه أنني ذهبت إليها ونقبت فيها، وكان مهتمًا بهذا الموضوع مرتاحًا إلى نشر هذا الكتاب، كما كان مرتاحًا إلى نشر كل أثر عربي، وما كان فيصل رحمه الله إلا رمزًا للقضية العربية، والرمز لا يموت عند قومه، فإذا كان فيصل قد مات فلن يموت تذكاره ولا تمحَّى آثاره، ولنا نعم العزاء في جلالة ولده المعظم الملك غازي الأول الذي نرتقب من هلاله بدرًا ناميًا، ونرجو من كرم الحق تعالى أن يجعله فيصلًا ثانيًا. آمين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤