الفصل الثالث عشر

جيمي يُوَضِّحُ قَصْدَهُ

أَيْنَمَا زَادَ الِاسْتِعْدَادُ قَلَّتِ الْمَتَاعِبُ.

قَالَ جيمي: «بِدَايَةً، أَنَا لَسْتُ ضَخْمًا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟»

أَجَابَهُ الْعَمُّ بيلي مُبْتَسِمًا: «أَعْتَقِدُ أَنَّنِي أَعْرِفُ كَثِيرِينَ يَفُوقُونَكَ حَجْمًا يَا صَدِيقِيَ الظَّرِبَانُ.» كَمَا تَعْلَمُونَ الظَّرِبَانُ جيمي صَغِيرٌ فِعْلًا مُقَارَنَةً بِبَعْضِ جِيرَانِهِ.

وَاصَلَ جيمي قَائِلًا: «كَمَا أَنَّنِي لَا أَمْلِكُ مَخَالِبَ طَوِيلَةً جِدًّا، أَوْ أَسْنَانًا كَبِيرَةً جِدًّا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟»

رَدَّ الْعَمُّ بيلي، وَقَدْ بَدَا أَنَّهُ صَارَ أَكْثَرَ حَيْرَةً مِنْ ذِي قَبْلُ: «أَعْتَقِدُ أَنَّ مَخَالِبِي فِي نَفْسِ طُولِ مَخَالِبِكَ، وَأَسْنَانِي فِي نَفْسِ حَجْمِ أَسْنَانِكَ تَقْرِيبًا.»

وَاصَلَ جيمي حَدِيثَهُ قَائِلًا: «وَلَكِنَّكَ لَمْ تَرَ أَحَدًا يُضَايِقُنِي قَطُّ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟»

رَدَّ الْعَمُّ بيلي: «بَلَى.»

قَالَ جيمي فِي إِصْرَارٍ: «وَالْأَمْرُ نَفْسُهُ يَنْطَبِقُ عَلَى الشَّيْهَمِ الْبَدِينِ بريكلي بوركي؛ إِنَّكَ لَا تَرَى أَحَدًا يُضَايِقُهُ أَوْ يَتَعَرَّضُ لَهُ بِالسُّوءِ أَبَدًا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟»

أَجَابَ الْعَمُّ بيلي قَائِلًا مَرَّةً أُخْرَى: «بَلَى.»

فَسَأَلَهُ جيمي: «لِمَ؟»

ابْتَسَمَ الْعَمُّ بيلي ابْتِسَامَةً عَرِيضَةً قَائِلًا: «أَعْتَقِدُ يَا صَدِيقِيَ الظَّرِبَانُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَنْ يَرْغَبُ فِي التَّعَرُّضِ لَكَ أَوْ لِبريكلي بوركي بِالسُّوءِ. أَظُنُّ أَنَّ مُعْظَمَ سُكَّانِ الْغَابَةِ يَعْرِفُونَ مَا سَيَحْدُثُ لَهُمْ عِنْدَئِذٍ، وَأَنَّ خَيْرًا لِلْمَرْءِ أَنْ يَتْرُكَكُمَا أَنَتَ وَبريكلي بوركي وَشَأْنَكُمَا. عَلَى الْأَقَلِّ، أَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ، فَلَا نِيَّةَ لَدَيَّ لِلْوُقُوعِ فِي الْمَتَاعِبِ مَعَ أَيٍّ مِنْكُمَا؛ إِنَّ كِيسَ الرَّائِحَةِ الصَّغِيرَ هَذَا الَّذَي تَحْمِلُهُ قَوِيٌّ جِدًّا بِالتَّأْكِيدِ يَا صَدِيقِيَ الظَّرِبَانُ، كَمَا أَنَّنِي لَا أَرْغَبُ فِي الِاحْتِكَاكِ بِتِلْكَ الرِّمَاحِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ صَدِيقِي بريكلي بوركي بِوَفْرَةٍ مِنْهَا. أَنَا أَعْرِفُ الْأَصْلَحَ لِي، وَأَعْتَقِدُ أَنَّ الْآخَرِينَ مِثْلِي.»

أَطْلَقَ جيمي ضَحْكَةً خَافِتَةً، ثُمَّ قَالَ: «سُؤَالٌ أَخِيرٌ أَيُّهَا الْعَمُّ بيلي، هَلْ عَرَفْتَ عَنِّي يَوْمًا أَنَّنِي بَدَأْتُ شِجَارًا أَوْ أَنَّنِي اسْتَخْدَمْتُ كِيسَ الرَّائِحَةِ هَذَا دُونَ أَنْ يُهَاجِمَنِي أَحَدٌ؟»

اسْتَغْرَقَ الْعَمُّ بيلي بِضْعَ دَقَائِقَ فِي التَّفْكِيرِ، ثُمَّ أَجَابَ قَائِلًا: «لَا أَظُنُّنِي رَأَيْتُ شَيْئًا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.»

أَوْضَحَ جيمي قَائِلًا: «كَمَا أَنَّكَ لَا تَعْرِفُ عَنِ بريكلي بوركي أَنَّهُ يُحِبُّ إِثَارَةَ الْمَتَاعِبِ، إِنَّ كِلَيْنَا لَا يَتَسَبَّبُ فِي الْمَتَاعِبِ، كَمَا أَنَّ الْمَتَاعِبَ لَا تَأْتِي إِلَيْنَا؛ وَهَذَا لِأَنَّ كِلَيْنَا مُسْتَعِدٌّ دَائِمًا لِلْمَتَاعِبِ، وَالْجَمِيعُ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ. إِنَّ الدُّبَّ باستر لَوْ دَاسَ عَلَيَّ لَسَحَقَنِي، وَلَكِنَّهُ لَا يُحَاوِلُ فِعْلَ ذَلِكَ، وَأَنْتَ تُلَاحِظُ أَنَّهُ يَكُونُ مُهَذَّبًا جِدًّا مَعِي حِينَ نَلْتَقِي. فَأَنَا وَبريكلي بوركي مُسَلَّحَانِ «لِلدِّفَاعِ» عَنْ أَنْفُسِنَا، وَلَكِنَّنَا لَا نَسْتَخْدِمُ أَسْلِحَتَنَا فِي «الْهُجُومِ» عَلَى أَحَدٍ، وَإِنَّ أَحَدًا لَا يُضَايِقُنَا، وَنَحْنُ لَا نُضَايِقُ أَحَدًا. وَهُنَا تَكْمُنُ رَوْعَةُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَعِدًّا.»

ظَلَّ الْعَمُّ بيلي يُفَكِّرُ فِي الْأَمْرِ بِضْعَ دَقَائِقَ، ثُمَّ تَنَهَّدَ مَرَّتَيْنِ.

وَقَالَ: «أَعْتَقِدُ أَنَّكَ وَصَدِيقِي بريكلي بوركي أَوْفَرُ مَنْ عَرَفْتُهُمْ حَظًّا. حَقًّا، إِنَّنِي أَرَاكُمَا مَحْظُوظَيْنِ. أَنَا لَا أَخْشَى أَحَدًا فِي مِثْلِ حَجْمِي، وَلَكِنَّنِي كَثِيرًا مَا يَشْتَدُّ خَوْفِي عِنْدَ لِقَاءِ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ بِعَيْنِهِمْ. لَيْتَ الطَّبِيعَةَ الْأُمَّ الْعَجُوزَ حَبَتْنِي شَيْئًا يَجْعَلُ الْآخَرِينَ يَخْشَوْنَنِي مِثْلَمَا يَخْشَوْنَكَ، فَأَنَا صِرْتُ وَاثِقًا مِنْ أَهَمِّيَّةِ الِاسْتِعْدَادِ بَعْدَمَا رَأَيْتُكَ يَا صَدِيقِيَ الظَّرِبَانُ. نَعَمْ، الْحَقُّ مَا أَقُولُهُ لَكَ. هَلْ رَأَيْتَ بَيْضًا طَازَجًا مُؤَخَّرًا؟»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤